حادثة ويل سميث

إيمان الحريري 

الحادثة جرت أثناء حفل توزيع جوائز الأوسكار الأمريكية الشهيرة، وفي حضور كم هائل من نجوم السينما الأمريكية، وتحت أنظار الملايين من المشاهدين في جميع أنحاء العالم، اللذين شاهدوها على الهواء مباشرة. 

تتلخص الحادثة في مزحة سخيفة، وربما تصل إلى حد الاستهزاء، وجهها مذيع الحفل إلى زوجة النجم ويل سميث، والتي كانت حليقة الرأس في الحفل لأسباب طبية معروفة مسبقا للجميع في الوسط الفني والإعلامي بالطبع، والمزحة بها الكثير من السخرية من ظهورها بهذا الشكل.

من المؤكد أن سخرية المذيع مقدم الحفل كانت في غير محلها، فلا يحق له ابدا حتى من باب استجداء ضحكات الجمهور السخرية من مظهر سيدة بسبب المرض، فهي لم تقم بحلق شهر رأسها بغرض لفت الانتباه أو استجداء عدسات المصورين على السجادة الحمراء، لكن هناك سببا مرضيا معلوما مسبقا للجميع.

اندفع ويل سميث نحو المذيع ولكمه في وجهه، ثم عاد إلى كرسيه، وعندما حاول المذيع أن يتجاوز الموقف بكلام مضحك، بادره النجم بالتوبيخ العنيف والسباب.

قانون نيوتن يا سادة يقول إن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، فكما وجه المذيع نيران الاستهزاء والسخرية إلى زوجة النجم، وجه له النجم لكمة قوية في وجهه أمام الملايين، وكما يقولون بالإنجليزية Fair enough، وتعني أن هذه هي العدالة الناجزة.  

حدث ما حدث، ومن بعدها انقسم العالم كله إلى فريقين، فريق الجماهير الشرقية وقليل من الأصوات الغربية صفقوا لويل واستقبلوا رد فعله بالفخر والسعادة، فهذا رجل حامي الدماء لم يتحمل أن يستمع إلى إهانة لزوجته، والمذيع تجاوز الحدود بشدة وأساء للسيدة التي لا ذنب لها، وكان لزاما على الزوج أن يثور لإهانة زوجته، أما الفريق الآخر فهو الجماهير الغربية ومعهم بعض الأصوات الشرقية، حيث استنكر هؤلاء رد فعل النجم واعتبروه غير ملائم، على اعتبار أن العنف اللفظي لا يقابل بالعنف الجسدي أو حتى اللفظي، بل كانت هناك بدائل أخرى كان يمكن للنجم اللجوء إليها بهدوء ومن دون انفعال أو عنف، وأن اللجوء للعنف يعتبر تصرف غير حضارى و غير عاقل و غير مقبول. 

الحقيقة أن لكل فريق أسبابه الجديرة بالاحترام، وإن كان هناك عاملان لم ينتبه لهما أحد من الفريقين، الأول هو أن النجم أثناء الحفل كان في حالة ترقب وتوتر شديدين من اقتراب موعد إعلان الجوائز، والثاني أن مذيع الحفل يجب أن يتمتع بالحرفية والحرص الشديد، فمهمته الأساسية هي تلطيف الأجواء بأسلوب ساخر لطيف وممتع، وأن هناك خيطا رفيعا يفصل بين السخرية والاستهزاء، فالأولى ربما تضفي جوا من المرح وتستدعي الضحك والسعادة على الوجوه، بينما الثانية سلاح بتار يجرح أحيانا وقد يذبح في أحيان أخرى.

* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن وجهة نظر فكر تاني 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة