ماما بتكرهني!

مريم طارق 

العنف الأسري الموجه ضد الأبناء من أصعب المشاكل الموجودة في المجتمع حاليًا، و ده ناتج عن أسباب كتير أهمها أولًا عدم تصديق الضحية، وتخيل إن اللي بتحكيه شيء أسطوري مش ممكن يحصل في الواقع، وأكيد هي بتألف أو بتقول كدة عشان تكسب تعاطف ما.

وثانيًا الغطاء الديني للموضوع، لأنه في الوطن العربي عمومًا، ومصر بشكل خاص، أي شكوى من أي ابن أو ابنة تجاه أحد أبويه بتتقابل بالجملة الشهيرة (اسمع/ي الكلام ده أبوكي أو دي مامتك و ربنا وصانا عالوالدين وبر الوالدين و لاتقل لهما أف إلى آخر الآية)، متجاهلين تمامًا إن الشرع نازل من عند ربنا عشان يطبق في أحسن الأحوال، يعني بر الوالدين ده يطبق لما يكون الأهل أسوياء وعاملين اللي عليهم ومش بيتعاملوا بعنف، لكن مش منطقي أبدًا شخص يكون حد من أهله مريض سيكوباث(مرض نفسي يؤدي لسلوك عنيف)، وييجي يستنجد نقوله بر الوالدين!

ثالث سبب هو عدم رؤية الموضوع بالأهمية الكافية من قبل الأجهزة المسؤولة. هنفترض إن في شخص ما بيعاني من أهل غير أسوياء، وراح حاول يعمل محضر عدم تعرض لأحد أبويه، ممكن جدًا يقابل تهكم أو استهزاء في المكان اللي رايح يعمل المحضر فيه، وده بسبب الأفكار اللي قلناها فوق، وزيادة تأكيد خلونا ناخد حالة حقيقية جدًا وواقعية جدًا لتقريب الصورة، و هي يمنى أبو السباع، البنت اللي نزلت استغاثة على صفحتها على فيسبوك بتقول فيها الآتي:

(أمي قالتلي انها بتكرهني وانها طول ما هي عايشة أنا لا يمكن أفرح، بالنص كدة. أنا بطلب استغاثة، أنا لو اتقتلت أو انتحرت هيكون بسببها، طول عمري بقولها انها بتكرهني، وكانت بتقولي لأ قسوتي عليكي خوف مش وحاشة.. لكن هي قالتها بالنص الصريح).

وتابعت يمنى: (في رمضان 2017 كنت بقولها اني مش عايزة أغسل الطاسة دي لأنها لسه فيها بواقي أكل، ولما ناكل أنا كده كده هغسل كل المواعين، مع ان ليا أخت أكبر مني، لكن كان كل اللي بتعمله تاكل زي البهايم، فماما حرقت تحت عيني بالملعقة اللي فيها زيت سخن).

بتكمل يمنى: (في سنة 2018 عضتني أكتر من 5 عضات وشوهت جسمي، وبسبب اني رفضت تنمر بنت خالتي عليا دلقت عليا قزازة جاز 1 لتر وولعت كبريت، وبفضل ربنا حرق الملاية وأنا طفتها ببطانية، وساعتها قعدت أكتر من 3 أيام ريحتي جاز).  (وفي رمضان 2019 رفعت عليا سكينة، وصرخت في الشارع وقالت يمنى ضربتني، لمجرد اني مسكت إيديها عشان متغرسش السكينة في رقبتي).

وبتضيف: (دي حجات بسيطة قصاد اللي جرالي منها نفسيًا وبدنيًا. يكفي انها تواصلت مع كل أعمامي وأقاربنا لتشويه صورتي قدامهم، زي اني بعمل حفلات وبروح اتحاد الكتاب وبحضر ندوات في جمعية دار النسر، لكن هي كانت بتقول ان أنا “بصيع” بالمعنى الحرفي. أنا تعبت ولآخر مرة هقول اني بستغيث. الناس كلها مفكرة ان حياتي وردية وان العيلة داعم ليا واني محظوظة وأتحسد على حياتي، أنا تعبت ومش هسكت بعد كده، أنا لو عشت لآخر الأسبوع هكتب ده في الجرايد، وزي ما المجلس القومي للمرأة تواصلت معاه قبل كدة في كذا مرة أنا المرة دي مش هتواصل على اني بحافظ على قضية، لأن أنا القضية).

وختمت يمنى كلامها: (وللعلم أنا كل اللي يعرفني عارف اني مش سيئة الطباع، أو ماشية على حل شعري، أو بتعامل معاها بصورة سيئة، أنا بس معنديش مبرر للي هي بتعمله، ومقولة مفيش أم بتكره بنتها مقولة غلط، لأنها كل يوم بتدعي عليا وبتثبتلي انها بتكرهني، والنهاردة قالتها بصريح العبارة).

نيجي للسؤال الأهم، إزاي في أهالي يقدروا يعملوا كدة ؟

الإجابة المرض النفسي، ودي مشكلة تانية، لأن أي شخص مريض نفسي بيكون معروف عنه قبل الزواج بيكون تعامله مع الناس مش بطريقة طبيعية، و مع ذلك اللي بيحصل هو الجملة الشهيرة بتاعت (جوزه/ا عشان تعقل/يعقل)، وهنا في ملحوظة في منتهى الأهمية، وهي إن المريض النفسي بيتعالج مش بيتجوز، المريض النفسي عالجوه مش جوزوه.

سؤال تاني، لو شخص بيتعرض للتعنيف الأسري و لجألك المفروض تعمل إيه؟

الإجابة لو الشخص ده تحت سن ١٨ سنة هتكلم خط نجدة الطفل 16000، أو تطلب منه هو اللي يكلمهم، أما لو الشخص فوق ال ١٨ عندك حاجة من ثلاثة، يا إما تكلم المجلس القومي للمرأة، لو اللي بيتم تعنيفه بنت أو ست، ورقمهم 15115، أو تكلم مركز قضايا المرأة، ورقمهم 02 37154557، أو تطلب من المعنفة أسريًا تنزل تعمل محضر في أسرع وقت، ويستحسن تعمل تقرير طبي بآثار التعنيف في أقرب مستشفى قبل ما تعمل المحضر في القسم.

الأهم ماتقولش أنا مالي، البنت او الابن اللي بيتعرضوا لتعنيف أسري هما في الغالب بيتعاملوا مع والدين حد فيهم مش سوي نفسيًا، فمهما كان الحل عندك أو عند غيرك عبارة عن (نكلمهم نحاول نهديهم نحاول نعقلهم) فيؤسفني أقولك ده لن يجدي نفعا، لأنك مش بتتعامل مع ناس سوية هيفرق معاهم الكلام، وللأسف طالما الزواج تم من شخص غير سوي مافيش غير اتجاه من اتنين، يا إما يتعالج بعد الزواج، و ده في الغالبية العظمى من الحالات شبه مستحيل، لأن المريض النفسي مش بيشوف نفسه مريض في الغالب، والاتجاه التاني و هو إن مرضه يطلع على الأضعف منه، واللي هو عارف كويس إن ماحدش هيقف معاه ولا هيصدقه ولا المجتمع هينصفه، وأغلب الناس هيقولوا للابن أو الابنة (اصبر/ي بقى و خلاص دي أمك أو ده أبوكي).

أخيرًا وليس آخرًا، بر الوالدين هو أمر من ربنا لما يكون أهلك ناس متوازنة طبيعية، أو أقرب ما يكون للطبيعي، لكن ماتبقاش بتتعرض لأذى بدني ونفسي وحياتك بتبوظ بسبب أحد والديك وتسكت عشان بر الوالدين و (ربنا هيزعل مني)، لأن ربنا نفسه مايرضاش بالظلم، وزي ما الدين فيه بر الوالدين، نفس الدين فيه بر الأبناء، بس مش هتسمع عنه في خطبة جمعة ولا درس ديني، لأن دائمًا المجتمع بياخد الوقوف مع أحد الجانبين في أغلب القضايا.

فلو أنت شخص بتتعرض للأذى من أهلك، قبل ما تفكر في إنهاء حياتك فكر في المواجهة، واعرف إن لك حق، ولو اتكلمت ألف من هيسمعك ويساعدك، بس أنت واجه الظلم اللي بتتعرضله.

ملحوظة ده مش مقال لتقليب الأبناء على أهاليهم، ده مقال عن مشكلة حقيقية وموجودة وبتنتشر وبتؤدي للانتحار، وبعدين نرجع نستغرب (هو الشباب بينتحروا ليه؟ ده جيل مش حمول!).

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة