إعلانات ٢٠٢١ بين الواقع والأمنيات

أحمد ماهر

في 2021 كان فيها شوية قرارات رسمية شكلها حلو جدا، ووقت إعلانها كان مصاحب لحملات بروباجاندا عالية وإحتفاء وإحتفال كبير، وبرامج وتحليلات ومقالات.

كذا قرار ورا بعض الشهور الأخيرة، تبدوا للوهلة الأولى إن خلاص كله هايبقى تمام التمام، والحياة هاتبقى جميلة، أهمها طبعا كان إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

العناوين الرئيسية عظيمة بصراحة زي على سبيل المثال:

الحاجة إلى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان،

 الحاجة إلى تعزيز المشاركة في الشأن العام!

مسار التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان!

الحق في التعبير عن الرأي والحق في التجمع السلمي !

أهو العناوين اللي فاتت دي مش من ضمن ندوة للمنظمات الحقوقية ولا أحزاب المعارضة، لا دي من ضمن الاستراتيجية الوطنية اللي أعلنها رئيس الجمهورية في الشهر الماضي، تم إعلانها بشكل رسمي، ويفترض انها كانت بعد مناقشات كثيرة، ويفترض كذلك إن يكون فيه توجه رسمي لتطبيقها على أرض الواقع.

برضه بالتزامن مع الأيام دي كان فيه احتفالات واحتفاءات كتير بإعلان رئيس الجمهورية إلغاء حالة الطوارئ الموجودة في مصر، وإن أخيرا مصر بدون طوارئ وإن ده جاي بالتزامن مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وتوجه الدولة لدعم حقوق الإنسان.

بجانب طبعا الأفلام الترويجية اللي كلنا شوفناها عن مركز تأهيل السجناء في وادي النطرون، حيث المعاملة الرقيقة للسجناء والمكان العصري النضيف اللي أفخم من الفنادق الفخمة، وإزاي بتتم إعادة التأهيل بشكل علمي مدروس علشان الناس يخرجوا من السجن متعلمين ومؤهلين نفسيا واجتماعيا للإندماج في المجتمع والمساهمة في بناء الوطن.

بصراحة كل الكلام ده جميل جدا ولا غبار عليه، نفسنا من زمان يبقى عندنا إستراتيجية وطنية لحقوق الانسان ، تكون فعلا نابعة عن قناعة تامة بأهمية حقوق الأنسان ، وتراعي البعد الاجتماعي، وتشجع الناي على التعبير عن رأيهم بحرية، والناس تشارك في الشأن العام وتتنافس مع بعض على برامج انتخابية وحلول وبدائل، .

بداية أنا اتفق مع الرأي اللي بيقول إن لما أجهزة الدولة تتكلم علانية عن حقوق الإنسان ودعم ثقافة حقوق الإنسان وإن يتم الترويج ليها علانية على إنها ضرورة وطنية، دا في حد ذاته يعتبر حاجة إيجابية  وتقدم وإن كان طفيف.

ليه تقدم؟ وليه طفيف؟

تقدم لإن فيه إعلان رسمي من السلطة عن فيه حاجة اسمها حقوق إنسان ، وإن دي حاجة عادية مش حاجة عيب ولا مؤامرة خارجية، وكمان بقى فيه كلام رسمي عن حق السجين وإزاي السجون المفروض تكون عاملة إزاي ، صحيح المعايير اللي شوفناها في الأفلام الدعائية مش موجودة غير في النموذج اللي اتعمل في وادي النطرون، بس ده النموذج اللي الدولة قالت عليه، وبالتالي المفروض يتعمم مع الوقت.

الرأي المقابل للمعارضين واللي متشكك في جدية كل الإعلانات السابقة واللي مخلي ناس كتير مش مصدقين… هو الواقع اللي بنشوفه ونسمعه، وإن في التطبيق بيتم الالتفاف على كل تلك الإعلانات والتصريحات والالتزامات..

يعني الكلام على الورق جميل، بس هل ده اللي بيتنفذ فعلا؟ وهل فعلا استراتيجية حقوق الإنسان ناتجة عن قناعة فعلا من السلطة التنفيذية أو الحكومة؟

بعض الكتابات والآراء بتقول إن الإجراءات الأخيرة هدفها تحسين الشكل في الخارج ووقف الإنتقادات الدولية الخاصة بملف حقوق الإنسان.

بس في نفس الوقت نتمنى إن كل الإجراءات والأفكار دي تتطبق فعلا وتكون مفعلة في الحقيقة وليست فقط في الإعلام، مش بس علشان صورة مصر في الخارج أو حتى علشان وقف الانتقادات الدولية المتعلقة بملف حقوق الإنسان… لأ علشان مصر ومصلحة مصر في الأساس.

المفروض إن احترام قيم حقوق الإنسان مش حكر على الغرب فقط ولا الدول المتقدمة فقط، المفروض نطبقها احنا عن قناعة، لمصلحة المواطنين في الاساس قبل ما تكون مصالح استراتيجية مع دول غربية، محتاجين تكون السجون فعليا زي الأفلام الدعائية الأخيرة اللي شوفناها عن تأهيل المساجين في وادي النطرون، وقبل دا كله مايكونش فيه في مصر حد مسجون بسبب رأي أو بسبب اعتراض على شيء.

السؤال اللي لازم صانع القرار يسأله لنفسه ويدور بجد على المعلومة الحقيقية، هل السجون في الواقع زي الأفلام الدعائية الاخيرة؟ هي فعلا هي مكان للإصلاح والتأهيل؟ ولا وضعها الحالي بيساعد على انتشار وزيادة الجريمة؟ وهل فيه نية حقيقية إن السجون تبقى مكان إصلاح حقيقي يساعد على تقليل الجريمة وإصلاح وإعادة تأهيل المواطنين اللي ارتكبوا خطأ في يوم من الأيام؟

وهل فعلا وضع حقوق الإنسان زي ما قيل عنه وقت إعلان الاستراتيجية؟ طيب هل فيه نية حقيقية لجعلها واقع بدون شروط تعجيزية أو عراقيل قانونية أو اطاء في التطبيق؟

هل لدى صناع القرار قناعة بأهمية قيم حقوق الإنسان ؟ مش فقط من أجل الخارج وتقليل الانتقادات (وإن كان ده مفيد بشكل براجماتي)، لكن من أجل إن مايكونش فيه شرخ مجتمعي، أو إن مايكونش فيه قطاع كبير من المجتمع غاضب بسبب الحبس الاحتياطي المطول لعدد ضخم من الشباب اللي بيحب بلده ، والذي لم يتورط في عنف .

نتمنى بالفعل إن الاستراتيجية المعلنة تكون واقع وماتكونش مجرد حبر على ورق، ومايتمش عرقلة تنفيذها عن طريق القوانين واللوائح التنفيذية أو الممارسات .. اللي كتير بتبقى على النقيض تماما من الإستراتيجية أو حتى من الدستور نفسه اللي بيسمح بحرية التعبير والتنظيم.

ونتنمى فعلا إن مايكونش فيه حد محبوس بسبب رأي أو اعتراض ، مش علشان الخارج وصورتنا… علشان مصر اللي نفسنا تكون فعلا تسع الجميع.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة