- السادات أعاد لمصر التعددية الحزبية بشكل مقيد عبر “المنابر الثلاثة”، وأصدر قانون تنظيم الأحزاب عام 1977.
- حزب مصر العربي الاشتراكي كان أول حزب موالٍ للسلطة، وانضم معظم أعضائه لاحقًا إلى الحزب الوطني بعد تأسيسه على يد السادات.
- نظام مبارك أفسد الحياة الحزبية على مدار 30 عامًا، وجرى تدجين بعض الأحزاب من خلال تعيين رؤسائها في “الشورى” وتقديم دعم مالي لهم.
- نواب “الوطني” مرروا أكثر من 10 آلاف تشريع صبّ في مصلحة النخبة الحاكمة، وأخضعوا البلاد لقانون الطوارئ.
- ثورة يناير أعادت حرية تأسيس الأحزاب وأحيت روح التعددية الحزبية الحقيقية من جديد.
- الحراك الحزبي بعد “الثورة” انتهى بفوز الحزب الموالي للسلطة بالأغلبية مما فرض علامات استفهام حول المزاج العام .
- برلمان 2012 شهد أفضل أداء للأحزاب السياسية منذ عودتها في عهد السادات، ولعبت أحزاب المعارضة دورًا سياسيا محوريًا
- في ظل نظام 30 يونيو، بلغ عدد الأحزاب السياسية نحو 104 أحزاب، لكن معظمها لم يكن له حضور فعلي، وتحولت إلى مجرد ديكور سياسي.
- نظام القوائم المغلقة حرم الأحزاب في مصر من تمثيل عادل، في حين مثل “مستقبل وطن” و”الجبهة الوطنية” و”حماة وطن” أحزاب الموالاة للسلطة.
- فصل أحزاب الموالاة عن الدولة وتغيير القوانين المنظمة للانتخابات من أبرز معالم طريق نهضة الأحزاب في مصر.
تُعدّ التعددية الحزبية أحد أركان النظام الديمقراطي الحديث، حيث تعبّر عن تنوع الآراء السياسية وتمنح المواطنين حقَّ اختيار ممثليهم. وعلى الرغم من أن مصر شهدت محاولاتٍ متكررةً لتفعيل التعددية الحزبية، فإن هذه التجارب كانت في كثيرٍ من الأحيان شكلية، حيث اقتصرت بعض الأحزاب على دعم السلطة دون تمثيلٍ حقيقي للجماهير.
برزت هذه الظاهرة بشكلٍ واضحٍ بعد عام 1970، حين شهدت مصر تحولاتٍ سياسيةً انعكست على بنية الأحزاب وتمثيلها البرلماني. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل أثر أحزاب الموالاة على الحياة السياسية، ومدى مساهمة النظام السياسي في تعزيز أو تقويض التعددية الحزبية، مع تتبع تطورها خلال فترة الدراسة وأسباب العزوف الشعبي عنها.
تدور إشكالية الدراسة حول مدى فاعلية أحزاب الموالاة في مصر منذ 1970 حتى 2025، وهل شكّلت هذه الأحزاب قيمةً حقيقيةً للعمل السياسي، أم أنها ظلت أدواتٍ شكليةً تابعةً للسلطة؟ كما تسعى الدراسة إلى فهم العلاقة بين التعددية الحزبية الشكلية وتأثيرها على الحياة السياسية والبرلمانية في مصر.
تنبع أهمية هذه الدراسة من تحليل دور أحزاب الموالاة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بها مصر، كما تسهم في توضيح مدى تأثير هذه الأحزاب على المشاركة السياسية والتوازنات البرلمانية، وتقدّم فهمًا أعمق لمفهوم “التعددية الشكلية” وأثرها على تحقيق ديمقراطيةٍ فاعلة.
وتعتمد الدراسة على المنهج التاريخي التحليلي لتتبع تطور الأحزاب الموالية منذ عام 1970، إلى جانب التحليلين الكمي والكيفي لبيانات الانتخابات البرلمانية خلال الفترة نفسها، وذلك لتقييم التأثير الفعلي لهذه الأحزاب على الحياة البرلمانية والسياسية.

أولًا: عودة الحياة الحزبية في عهد السادات
شهدت مصر في أواخر القرن التاسع عشر تجربة حزبية محدودة، بدأت مع ظهور تنظيمات لمقاومة التدخل الأجنبي، لكنها انتهت مع الاحتلال البريطاني عام 1882. يُعد عام 1907 نقطة الانطلاق الحقيقية للحياة الحزبية في مصر، حيث تأسست ثلاثة أحزاب مؤثرة: الحزب الوطني (مصطفى كامل)، وحزب الأمة، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية.

لاحقًا، ظهرت أحزاب أخرى، منها ما كان مواليًا للاحتلال مثل “الحزب الوطني الحر” و”الحزب الوطني” (بقيادة حافظ عوض). بين 1919 و1952، كما شهدت مصر ازدهارًا حزبيًا، خاصة مع صعود حزب الوفد، إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين، والأحزاب الاشتراكية، والموالية للملك، والأحزاب النسائية.
تم إلغاء التعددية لصالح التنظيم السياسي الواحد الذي أسسه عبد الناصر، بدءًا بـ”هيئة التحرير”، ثم “الاتحاد القومي”، وأخيرًا “الاتحاد الاشتراكي العربي” [1].
عودة محدودة للتعددية
في عام 1976، بادر السادات بتأسيس ثلاثة “منابر” سياسية داخل الاتحاد الاشتراكي تمثل:
- اليمين: تنظيم الأحرار الاشتراكيين.
- الوسط: تنظيم مصر العربي الاشتراكي.
- اليسار: تنظيم التجمع الوطني التقدمي الوحدوي.
خاضت هذه المنابر انتخابات مجلس الشعب عام 1976، وفي أولى جلساته تحوّلت رسميًا إلى أحزاب سياسية بموجب قانون صدر في يونيو 1977.
أبرز الأحزاب في عهد السادات
- حزب مصر العربي الاشتراكي: حزب موالٍ للسلطة، ترأسه ممدوح سالم. مع تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي في 1978 برئاسة السادات، انتقل إليه معظم قيادات الحزب السابق، واعتمد على العصبيات الريفية والخدمات التي تقدمها الدولة، مقدّمًا نفسه كامتداد لثورة 1952.
- حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي: تأسس برئاسة خالد محيي الدين، وضمّ تيارات ناصرية، ماركسية، وقومية.
- حزب الأحرار الاشتراكيين: برئاسة مصطفى كامل مراد، دعا إلى الليبرالية الاقتصادية، وساند السادات في عدة مواقف، مثل أحداث يناير 1977، وزيارته للقدس.في نوفمبر 1978، أُعلن عن تحالف بين الحزب الوطني وحزب الأحرار لتنسيق السياسات، في خطوة اعتُبرت مؤشرًا على تراجع التعددية الفعلية. لكن في يوليو 1979، أعلن الأحرار إنهاء هذا الائتلاف.

- حزب الوفد الجديد: تأسس عام 1978 كامتداد لحزب الوفد القديم، لكنه توقّف بعد مواجهته للنظام، ثم عاد مجددًا في عهد مبارك.
- حزب العمل الاشتراكي: تأسس عام 1978 برئاسة إبراهيم شكري. رغم تقاربه مع النظام في البداية، تحوّل لاحقًا إلى حزب معارض. حظي بدعم الحزب الوطني في انتخابات 1979، إلا أن موقفه من اتفاقية كامب ديفيد دفع السلطة للتضييق عليه، ما أدى إلى انسحاب عدد من نوابه.
كما يُذكر أن السادات سمح بعودة جماعة الإخوان المسلمين إلى الحياة العامة، لمواجهة المد الشيوعي والاشتراكي، لكن سرعان ما تصادما بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل[2].
الانتخابات البرلمانية في عهد السادات ودور أحزاب الموالاة
أُجريت أول انتخابات برلمانية في عهد الرئيس أنور السادات عام 1976، في ظل نظام المنابر الثلاثة (يمين – وسط – يسار)، وشكّلت تلك الانتخابات لحظة فارقة في التاريخ البرلماني المصري، إذ كانت أول تجربة تعددية حقيقية بعد عقود من هيمنة تنظيم سياسي واحد منذ ثورة 23 يوليو 1952.

رغم اقتصار التنافس على ثلاثة منابر فقط، فقد شهدت الانتخابات أجواء مشتعلة، وشارك فيها الشارع بقوة، وكان الإعلام فاعلًا أساسيًا، فيما لعب المواطن دورًا جوهريًا في عملية سياسية نابضة بالحيوية. وقد أُجريت الانتخابات بإشراف حكومة ممدوح سالم، ونالت إشادة واسعة من المعارضة والمجتمع الدولي، باعتبارها من أنزه الانتخابات التي عُقدت بعد ثورة يوليو.
ورغم سيطرة رموز الاتحاد الاشتراكي على المشهد، فإن النتائج لم تكن محسومة، وشهدت سقوط عدد من الأسماء البارزة، وظهور وجوه جديدة مثل كمال الدين حسين، ومحمد حلمي مراد، ومدكور أبو العز. وتمكّن التيار الوسطي الاشتراكي من حصد نحو 295 مقعدًا من أصل 360، فيما حصل المستقلون على 48 مقعدًا. وأسفرت النتائج عن برلمان نشط، شهد استجوابات، ومعارضة حقيقية، وتمثيلًا نسبيًا لمختلف القوى السياسية، وتم اختيار رئيس المجلس بالتوافق داخل القاعة.
أما انتخابات 1979، فكانت أول انتخابات تُجرى بعد إقرار التعددية الحزبية رسميًا، وظهور الحزب الوطني الديمقراطي بقيادة السادات، الذي تحوّل إلى حزب السلطة الرئيسي. فاز الحزب الوطني بأغلبية ساحقة (347 من 392 مقعدًا)، في حين حصلت أحزاب المعارضة كالتجمع والأحرار على أقل من 10 مقاعد فقط، وسط تشكيك في نزاهة العملية الانتخابية واتهامات بأنها كانت شكلية.
شهدت الانتخابات تخصيص مقاعد للنساء، وبعض التعيينات الرئاسية، وأرست بداية واضحة لاحتكار الحزب الوطني للمشهد البرلماني، مقابل تعددية شكلية غير فاعلة. كما أسهمت اتفاقية كامب ديفيد في تأجيج الجدل السياسي، ما دفع النظام إلى تعزيز قبضة الحزب الوطني على السلطة التشريعية[3].
ثانيًا: عهد مبارك وهندسة الحياة الحزبية لخدمة السلطة
تولى حسني مبارك الحكم في نهاية 1981، ومع بدايات 1982 شهدت الحياة السياسية وعودًا بالإصلاح، إلا أن السنوات التالية كشفت استمرار ثقافة الحزب الواحد، رغم السماح بإنشاء أحزاب جديدة.

فمع أن عدد الأحزاب قبل مبارك كان ستة فقط، فقد تأسس 18 حزبًا خلال فترة حكمه، بدءًا من حزب الأمة عام 1983، وحتى حزب الجبهة الديمقراطية عام 2007،ثم وصل العدد إلى 22 حزبًا في نهاية عهده. لكن هذه التعددية كانت شكلية في معظمها، حيث ظلت الدولة متهمة بالتحكم في هذه الأحزاب، سواء عبر الدعم المالي، أو تعيين رؤسائها في مجلس الشورى، أو التدخل المباشر في صراعاتها الداخلية.
تجلّى ذلك في تجميد نشاط حزب العمل الاشتراكي وإغلاق جريدته “الشعب” عام 2000، بعد تحوله إلى توجه إسلامي واندماجه مع جماعة الإخوان المسلمين. كما دخل حزب الأحرار في صراعات مريرة بعد وفاة مؤسسه مصطفى كامل مراد، انتهت بفرض حارس قضائي وتجميد نشاطه فعليًا.
وتكرر السيناريو مع حزب “الغد” الذي أسسه أيمن نور عام 2004، إذ سرعان ما اندلعت فيه الخلافات الداخلية، خاصة بعد ترشحه ضد مبارك في انتخابات 2005، وحصوله على المركز الثاني. لاحقًا، سُجن نور بتهمة تزوير توكيلات الحزب، ما أدى إلى انشقاقات داخلية، وأفول نجم الحزب.
حتى الأحزاب الكبرى والتاريخية، مثل الوفد، والتجمع، والناصري، صارت تُوصف بـ”الأحزاب المستأنسة”، بعد أن سيطر عليها الشيوخ وغاب عنها الشباب، فتحولت إلى كيانات سياسية ميتة.

أما حزب الجبهة الديمقراطية، فقد دخل مبكرًا نفق الانشقاقات، وتعرّض لمحاولات احتواء حكومية. وبالمثل، واجه مؤسسو أحزاب “الوسط” و”الكرامة” وغيرهم عقبات شديدة في الحصول على تراخيص رسمية، رغم لجوئهم إلى القضاء، الذي رفض طلباتهم في 6 يناير 2007، قبل أن ينجح بعضها لاحقًا.
يمكن القول إن عهد مبارك كان استمرارًا لنهج الحزب الواحد الموالي للسلطة، حيث اقتصر دور بقية الأحزاب على التجميل السياسي. لم تكن هناك نية حقيقية لإرساء تعددية سياسية فاعلة، بل صُممت الأحزاب لتكون ديكورًا سياسيًا بدور هامشي وضعيف في الشارع[4].
الحزب الوطني أداة الموالاة وإغراق مصر في الفساد
مارست نخبة الحزب الوطني الديمقراطي، خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، فسادًا واسع النطاق، وهيمنت على المشهد السياسي لعقود. وقد كان صفوت الشريف، الأمين العام للحزب ورئيس مجلس الشورى، أحد أبرز رموز هذه النخبة.

أما جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع، فقد شغل منصب نائب الأمين العام ورئيس لجنة السياسات، التي تولت رسم سياسات الحزب في مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأصبحت مركز النفوذ الفعلي داخل الحزب، خصوصًا منذ 2002 وحتى اندلاع ثورة يناير 2011.
خلال هذه الفترة، انقسمت قيادة الحزب بين “الحرس القديم” بقيادة الشريف، و”الحرس الجديد” المتحالف مع رجال الأعمال، بقيادة جمال مبارك. وقد تحول الحزب إلى أداة للسلطة التنفيذية، ووسيلة لتوزيع المحسوبية، إضافةً إلى سيطرته على البرلمان، واحتكاره الحياة الثقافية والسياسية، من خلال التعليم والإعلام ولجان مراقبة الأنشطة الحزبية والمجتمع المدني.
وخلال 30 عامًا، أصدر الحزب أكثر من 10 آلاف تشريع، أغلبها صبّ في مصلحة النخبة الحاكمة ورجال الأعمال المحسوبين عليه. كما مرر البرلمان، الخاضع لسيطرته، قانون الطوارئ طوال فترة حكم مبارك.
وسخّر الحزب إعلامه الرسمي، مثل صحيفتي “مايو” و”الوطنى اليوم”، إلى جانب 16 مطبوعة إقليمية وإذاعات، للدفاع عن سياساته والترويج لقياداته[5].
شهدت البلاد، في ظل هيمنة الحزب، قصص فساد وصراعات بين رجال الأعمال وأجهزة الدولة، أسفرت عن بيع أصول الدولة وأراضيها بأسعار زهيدة وبطرق غير قانونية. وقد طالت التحقيقات القضائية شخصيات كبرى، بينما احتمى آخرون بقيادات الحزب.
التحقيقات كشفت عن شبكة فساد ممنهجة، شارك فيها مسؤولون كبار، وسُنت لها قوانين ولوائح تُشرعن الفساد، وسط تجاهل لتأثير ذلك على الدولة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. وقد قُدرت الأموال المُهربة إلى الخارج، بنهاية الثمانينيات، بنحو 160 مليار دولار، كثير منها تم تهريبه تحت سمع وبصر الدولة.
مارس رجال أعمال الحزب الاحتكار في مختلف القطاعات، خاصة الحديد، ما منحهم السيطرة على السوق.
من أبرز قضايا الفساد:
- قضية عبد الوهاب الحباك، رئيس الشركة القابضة للصناعات الهندسية سابقًا، حيث تلقى عمولات بلغت 91 مليون جنيه، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات، وتوفي داخل السجن.
- قضية نواب القروض، التي تورط فيها عدد من نواب الحزب الوطني ورجال أعمال، حيث حصلوا على قروض بقيمة 4.1 مليار جنيه من 5 بنوك، وانتهت بأحكام تتراوح بين 10 و15 عامًا.
- قضية وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، الذي تلقى رشاوى بقيمة 20 مليون جنيه من رجال أعمال، وكشف بنفسه مخالفات سلفه حسب الله الكفراوي، منها تخصيص جزيرة كاملة في مارينا لمجموعة بن لادن وآخرين من كبار المستثمرين.
- في مارس 2010، أسقط نواب الحزب 3 استجوابات حول إهدار 80 مليار جنيه في مشروعات مثل “أبو طرطور والغزل والكهرباء”.
- في نفس الشهر، حاول نواب الحزب التغطية على اختفاء 1.27 تريليون جنيه من ميزانية الدولة، حسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو مبلغ كان يمكن أن يمنح كل مواطن 16 ألف جنيه آنذاك.
- قدر تقرير لمركز الأرض لحقوق الإنسان أن الفساد المالي والإداري تسبب في إهدار 39 مليار جنيه من خزانة الدولة، بالإضافة إلى خسائر بقيمة 231 مليون دولار جراء تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار بخسة[6].
الحزب الوطني والبرلمان
منذ بداية حكم مبارك، سيطر الحزب الوطني على المجالس النيابية المتعاقبة ، 1984 فاز بـ 403 مقاعد من أصل 448 (90%)، في أول انتخابات بنظام القوائم. ظهرت فيه قوى المعارضة، خاصة حزب الوفد بتحالفه مع الإخوان، فحصدت 15 مقعدًا، بينما حصل المستقلون على 30[7].

- انتخابات1987 ، أجريت بعد حل البرلمان السابق، وفاز فيها الحزب بـ 350 مقعدًا (78%)، والمعارضة بـ 70 مقعدًا، والمستقلون بـ 28، معظمهم محسوبون على الحزب[8].
- انتخابات 1990 فازفيها الحزب الوطني بـ 400 مقعد (89%) من أصل 448، فيما حصلت المعارضة على 18، والمستقلون على 30 وكان معظمهم محسوب على الحزب الوطني أيضا[9].
- انتخابات 1995 وصفها المراقبون بأنها شهدت “أوسع عملية تزوير”. ترشح 4040، منهم 439 عن الحزب الوطني ، وفاز أغلبهم[10].
- انتخابات برلمان 2000 كانت أول انتخاباتتتم تحت إشراف قضائي كامل، فاز الحزب الوطنى فيها بـ 388 مقعدًا من أصل 454، والمعارضة بأقل من 20، والإخوان بـ 17[11].
- انتخابات برلمان 200 رغم وعود النزاهة، شهدت المرحلة الأولى فقط شفافية، وفاز الحزب بـ 320 مقعدًا، والإخوان بـ 88، والمعارضة بـ 17، والمستقلون بـ 19.
- انتخابات برلمان 2010 كانتالأكثر تزويرًا في تاريخ البرلمان المصري، وحصل الحزب الوطني على 420 مقعدًا من 454، فيما لم تتجاوز المعارضة 20 مقعدًا. وكان ذلك من أبرز أسباب اندلاع ثورة 25 يناير[12].
ثالثًا: “ثورة يناير” وإحياء التعددية الحزبية الفعلية
عند النظر إلى الخريطة الحزبية في مصر بعد ثورة يناير، يلاحظ أنها شديدة التنوع، وتشمل طيفًا واسعًا من مختلف التيارات والاتجاهات، تبدأ من أقصى اليمين بالأحزاب التي يتبنى أعضاؤها منهج السلفية ، وتنتهي عند أقصى اليسار بالأحزاب الشيوعية. وبين هذين الطرفين، تتنوع الاتجاهات ما بين ليبرالية، وقومية، ويسارية.
في أعقاب ثورة يناير، شهدت مصر إنهاء سيطرة الحزب الواحد على الحياة السياسية، وذلك بعد قرار المحكمة الإدارية العليا حل الحزب الوطني الديمقراطي في 16 أبريل 2011. وقد أدى هذا القرار إلى فتح باب المشاركة السياسية على مصراعيه أمام جميع الأحزاب.

عادت الأحزاب السياسية بعد ثورة 25 يناير لتكون فاعلًا من جديد في الحياة السياسية، وأصبحت التعددية الحزبية واقعًا فعليًا. ومن أبرز سمات هذه المرحلة، تصدّر حزب الموالاة للسلطة – ممثلًا في حزب الحرية والعدالة – المشهد البرلماني، حيث حقق الحزب، ومعه عدد من الأحزاب المتحالفة، أكبر عدد من المقاعد البرلمانية. وقد جرى ذلك من خلال صناديق اقتراع شهد لها مختلف الفاعلين السياسيين بالنزاهة، مما يطرح تساؤلًا جوهريًا حول قناعة الشعب بتأييد حزب الموالاة، حتى في ظل بيئة ديمقراطية.
كما بدأت الخريطة الحزبية في مصر تشهد تحولات واضحة بعد الثورة. فبالإضافة إلى الأحزاب القائمة سابقًا، ظهرت العديد من الأحزاب الجديدة التي سعت إلى التواجد في الساحة السياسية، إلى جانب قوى وأحزاب كانت متواجدة بشكل غير رسمي بسبب رفض لجنة شؤون الأحزاب الاعتراف بها. ومن أبرز هذه الأحزابحزب الوسط ، حزب مصر القوية ، حزب مصر الكنانة ، حزب الحرية والعدالة ، حزب المجد ، حزب مصر الحرة ، حزب أبناء مصر ، حزب الرأي ، حزب ثوار التحرير ، حزب الإصلاح والتنمية ، الحزب الليبرالي ، وحزب النهضة ، حزب التغيير ، وحزب نهضة شباب مصر ، وحزب الاتحاد المصري ، وحزب شباب الثورة ، حزب النهر الجديد ، كما قرر الحزب الشيوعي المصري – الذي ظل محظورًا منذ عام 1924 – ممارسة نشاطه بشكل علني لأول مرة ، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والحزب القومي المصري وتوالى تأسيس الأحزاب بعد ذلك، ليصل عددها إلى ما يقارب 100 حزب، بعد أن كانت 47 فقط عقب الثورة، وسعت جميعها للتواجد في الشارع المصري بهدف التأثير الفعلي، خاصةً أن الفرصة كانت سانحة لجميعها للتحرك بحرية[13].
الانتخابات البرلمانية بعد الثورة وفوز حزب الموالاة
تزامنًا مع أول انتخابات برلمانية بعد الثورة، ظهرت في مصر مجموعة من التكتلات والائتلافات والتحالفات الانتخابية الحزبية التي أحيت فكرة التعددية الحقيقية، وأتاحت الفرصة لكل حزب لاختبار قوته على مستوى الحشد والتنظيم، وكذلك على مستوى الخطاب السياسي. كما مثلت هذه الانتخابات ميدانًا لاكتساب الخبرات السياسية اللازمة.
ومن أبرز هذه التكتلات:
- التحالف الديمقراطي: أُنشئ في يوليو 2011، وضم أحزاب: الحرية والعدالة (المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين)، والغد الجديد (ليبرالي يرأسه أيمن نور)، والكرامة (ناصري يساري)، بالإضافة إلى ثمانية أحزاب أخرى صغيرة.
- الكتلة المصرية: تأسست في أغسطس 2011 كتحالف واسع ضم أربعة عشر حزبًا ليبراليًا ويساريًا، بهدف مواجهة التكتلات الإسلامية. ولكن انشقاقات عديدة قلّصت الكتلة لتخوض الانتخابات بثلاثة أحزاب فقط: المصريون الأحرار (ليبرالي، ويمثل 50% من قوائم الكتلة)، الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط، بنسبة 40%)، وحزب التجمع (يساري، بنسبة 10%).

- التحالف الإسلامي: تأسس في سبتمبر 2011، وهو التحالف الوحيد الذي امتلك مرجعية واضحة (إسلامية). ضم حزب النور، والأصالة (سلفيين)، وحزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية.
- تحالف الثورة مستمرة: تحالف بين الليبراليين واليساريين، يضم حزب مصر الحرية، والتيار المصري (ليبراليان)، والتحالف الشعبي الاشتراكي (يساري).
- الأحزاب غير المتحالفة: أبرزها حزب الوسط (إسلامي)، حزب العدل (وسطي)، الجبهة الديمقراطية، وحزب الوفد (ليبراليون).
- أحزاب منبثقة عن الحزب الوطني المنحل: معظمها يقوده نواب سابقون، ولا تستند إلى برامج أو توجهات فكرية واضحة، بل تعتمد على الروابط القبلية والعصبية، خاصة في صعيد مصر وسيناء[14] .
خاضت هذه التكتلات انتخابات مجلس الشعب 2011/2012، والتي اعتُبرت من أنزه الانتخابات في التاريخ البرلماني المصري. وبلغت نسبة المشاركة نحو 55% من إجمالي من لهم حق التصويت، حيث شارك في الانتخابات حوالي 27 مليونًا و851 ألفًا و70 ناخبًا من أصل 50 مليونًا.
وكانت نتائج الأحزاب كالتالي:
| الحزب | حصيلة المقاعد | النسبة المئوية |
| الحرية والعدالة | 222 | 43.7% |
| النور | 112 | 22.04% |
| الوفد | 39 | 7.67% |
| المصري الديمقراطي الاجتماعي | 16 | 3.15% |
| المصريين الأحرار | 15 | 2.95% |
| البناء والتنمية | 13 | 2.56% |
| الوسط | 10 | 1.97% |
| الإصلاح والتنمية | 9 | 1.77% |
| تحالف الثورة مستمرة | 8 | 1.57% |
| الكرامة | 6 | 1.18% |
| الحرية | 5 | 0.98% |
| مصر القومي | 5 | 0.98% |
| المواطن المصري | 4 | 0.787% |
| الأصالة | 3 | 0.59% |
| التجمع | 3 | 0.59% |
| الاتحاد | 3 | 0.59% |
| الحضارة | 2 | 0.39% |
| غد الثورة | 2 | 0.39% |
| العمل | 1 | 0.19% |
| الإصلاح | 1 | 0.19% |
| مصر العربي الاشتراكي | 1 | 0.19% |
| السلام الديمقراطي | 1 | 0.19% |
| العدل | 1 | 0.19% |
| مصر الحرية | 1 | 0.19% |
| الاتحاد المصري | 1 | 0.19% |
| العربي | 1 | 0.19% |
| جبهة التحرير القومية | 1 | 0.19% |
ويتضح لنا من جدول النتائج السابق ، ان كل الأحزاب التى خاضت الانتخابات حصلت على مقاعد ، بحسب تواجدها في الشارع المصري ، وان حزب الموالاة للنظام الحاكم وقتها المتمثلة في جماعة الإخوان فاز ب222 مقعدا ، بنسبة 43.7% ، وهى تعد أغلبية غير مطلقة[15].
رابعًا: عودة سيطرة أحزاب الموالاة بعد نظام 30 يونيو
في ظل نظام 30 يونيو، بلغ عدد الأحزاب السياسية نحو 104 أحزاب، إلا أن معظمها أصبح خارج المشهد السياسي، ولم يعد لها أي حضور فعلي، بل تحوّلت إلى مجرد ديكور سياسي. بات غيابها عن الشارع أمرًا معتادًا، رغم تصاعد الأزمات التي تتطلب تضافر جهود كافة القوى الوطنية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.
الواقع يؤكد أن المواطن لا يعرف شيئًا عن عشرات الأحزاب، مثل: حقوق الإنسان، والمواطنة، والوعي، والوعد، والمساواة، والتنمية، والحضارة، والإرادة، ونهضة مصر، والنصر الجديد، والريادة.
في هذا السياق، تحولت معظم الأحزاب إلى كيانات موالية للسلطة، وتصدّرت مجموعة منها المشهد البرلماني، على رأسها: “مستقبل وطن”، و”حماة الوطن”، و”الجمهوري الحر”، وأخيرًا “الجبهة الوطنية”، الذي ظهر إلى النور في فبراير 2025.
في المقابل، تراجع دور أحزاب تاريخية مثل “الوفد”، بينما كوّنت بعض الأحزاب ذات التوجهات اليسارية والليبرالية، مثل “التحالف الشعبي”، و”الدستور”، و”الكرامة”، و”العدل”، و”العيش والحرية” (تحت التأسيس)، و”التيار الشعبي” (تحت التأسيس)، ما عُرف بـ”التيار الديمقراطي”، والذي رفع شعار المعارضة وامتنع أحيانًا عن خوض الانتخابات.
وتواجه هذه الأحزاب صعوبات تتعلق بالتمويل، إذ تعتمد على التبرعات واشتراكات الأعضاء، أو دعم عدد محدود من رجال الأعمال، وهو ما لا يضمن لها الاستمرارية[16].
قوائم “مستقبل وطن” و”الجبهة الوطنية” وهيمنة على البرلمان
منذ انتخابات 2015، شهد المشهد السياسي تصاعدًا في هيمنة الأحزاب الموالية. ففي انتخابات ذلك العام (من 17 أكتوبر إلى 2 ديسمبر)، فاز تحالف “في حب مصر” الموالي للسلطة بـ120 مقعدًا من مقاعد القوائم، وكان من أبرز مكوناته حزبا “المصريين الأحرار” و”الوفد الجديد”. ومن بين 555 نائبًا تم انتخابهم (فردي وقوائم)، كان هناك 316 نائبًا مستقلاً (56.9%) و239 نائبًا حزبيًا (43.1%)، معظمهم مؤيدون للسلطة[17] .
أما انتخابات 2020، فكانت الأولى بعد تعديل الدستور في 2019، والذي استحدث مجلس الشيوخ. في هذه الانتخابات، فاز “مستقبل وطن” بجميع مقاعد القوائم المغلقة (284 مقعدًا)، من إجمالي 596 مقعدًا[18] .

وقد حصل “مستقبل وطن” على 315 مقعدًا (55.55%)، يليه “الشعب الجمهوري” بـ49 مقعدًا (8.64%)، ثم “الوفد الجديد” بـ25 مقعدًا (4.40%)، و”حماة الوطن” بـ23 مقعدًا (4.05%)، و”مصر الحديثة” بـ11 مقعدًا (1.94%). كما فاز “المؤتمر” بـ8 مقاعد، و”الحرية” بـ7، و”التجمع الوطني الديمقراطي” بـ6، بينما حصل “النور” على 7 مقاعد (1.23%) بنظام الفردي. أما المستقلون، فحازوا 97 مقعدًا (17.10% )[19] .
وفي انتخابات مجلس الشيوخ 2020، وهي الأولى منذ إلغاء المجلس في دستور 2014، فاز “مستقبل وطن” بـ68 مقعدًا فرديًا من أصل 74، في حين حصلت “القائمة الوطنية من أجل مصر” (وتضم 10 أحزاب) على 59 مقعدًا بالقوائم، ما أدى إلى هيمنة أحزاب الموالاة على المجلس.
وفي انتخابات مجلس الشيوخ 2025، اكتسحت “القائمة الوطنية” مجددًا، وكان لـ”مستقبل وطن” النصيب الأكبر بـ104 مقاعد من أصل 200، يليه “حماة الوطن” بـ44 مقعدًا، و”الجبهة الوطنية” بـ22 مقعدًا[20] .
ويتوقع عدد من المراقبين السياسيين ألا تختلف نتائج انتخابات برلمان 2025 عن نتائج انتخابات الشيوخ الأخيرة، سواء في الأداء أو في النتائج، في ظل استمرار نفس السياق السياسي.
خامسًا: آثار سيطرة أحزاب الموالاة للسلطة على الحياة السياسية والبرلمانية
لا ينكر أحد أن هيمنة أحزاب الموالاة للسلطة على الحياة السياسية والبرلمانية كان لها أسوأ الأثر على المسار الديمقراطي في مصرعلى مدار العقود الماضية ، كما أن تحوُّل معظم الأحزاب إلى مجرد ديكور سياسي، أفرغ الحياة الحزبية من كل فعالية حقيقية في الشارع، وحرمها من الاشتباك الجاد والمسؤول مع مشكلات الوطن.
ومن أهم سلبيات انفراد أحزاب الموالاة بالحياة السياسية ما يلي:
- لعبت أحزاب الموالاة دورًا مركزيًا في دعم السلطة على مدار العقود السبعة الماضية، بهدف ضمان استقرار الأنظمة الحاكمة، مما ترتب عليه تقليص مساحة المعارضة والنقاش الحر، وأدى إلى وجود نظام برلماني محدود التأثير والفعالية السياسية.
- وجود أحزاب الموالاة في مختلف مراحل الدراسة ساعد الحكومات على تمرير القوانين سيئة السمعة بسهولة داخل البرلمان، وأسهم في تغييب الآراء المعارضة وتهميش دورها، حتى وإن كانت ممثلة بشكل محدود.
- انفراد أحزاب الموالاة بالأغلبية في البرلمانات أعطى شرعية لكل القرارات الحكومية، حتى وإن كانت مرفوضة شعبيًا.
- هيمنة أحزاب الموالاة على البرلمانات فرضت قيودًا على الحريات البرلمانية وحرية التعبير، مما حدّ من دور البرلمان كمكان للحوار الحقيقي.

تصميم سلمى الطوبجي – فكر تاني - سيطرة أحزاب الموالاة على الهيئات التشريعية حوّلت البرلمان إلى مجرد أداة تصويت، لا ساحةً للنقاش والتوازن في إصدار التشريعات.
- تميل الأحزاب الموالية للسلطة إلى دعم قرارات السلطة التنفيذية دون نقد أو مراجعة، مما يُضعف دور البرلمان كمؤسسة رقابية على الحكومة، ويقلل من فعالية مساءلتها.
- في ظل هيمنة أحزاب الموالاة، أصبحت النقاشات البرلمانية سطحية أو مجرد تنفيذ لتوجيهات السلطة، ولم تعد تعكس وجهات نظر المجتمع المتنوعة أو حراكه السياسي الحقيقي.
- تزايد هيمنة أحزاب الموالاة على البرلمان أدى إلى فقدان الثقة في المؤسسات السياسية، وزاد من شعور المواطنين بعدم تمثيلهم الحقيقي.
- أدّت سيطرة أحزاب الموالاة على البرلمانات المتتالية إلى برلمانات ذات توجه موحَّد، لا تتيح حوارًا سياسيًا جادًا، مما ساهم في تقويض التعددية السياسية التي تُعبِّر عن نبض المجتمع وتنوع مصالحه.
- سعت أحزاب الموالاة، من خلال هيمنتها على المجال العام، إلى توجيه الرأي العام لدعم سياسات الحكومة وإظهارها بصورة إيجابية، حتى لو أدّت تلك السياسات إلى أزمات أرهقت المواطنين بمشكلات مزمنة.
- المرحلة الوحيدة التي ظهرت فيها تعددية حزبية فعلية كانت في أعقاب ثورة يناير، حيث عاد للأحزاب دورها في الاشتباك الحقيقي مع الأحداث، وسعت إلى الالتحام بالشارع الذي أصبح بيده تقديم حزب أو تأخيره من خلال صناديق الاقتراع.
- رغم أن ثورة يناير أعادت للحياة الحزبية حيويتها، فإن الحراك الحزبي انتهى إلى فوز حزب الموالاة للسلطة في ذلك الوقت، وهو “حزب الحرية والعدالة”، بالأغلبية.
- شهد برلمان 2012 أفضل أداء للأحزاب السياسية منذ عودتها في عهد السادات، ولعبت أحزاب المعارضة دورًا محوريًا في التشريعات والحياة السياسية.
- دعمت أحزاب الموالاة التعدد الشكلي في الحياة الحزبية من باب الديكور السياسي، مع التشديد على محاربة الأحزاب المعارضة وحرمانها من التمثيل العادل في الهيئات التشريعية.
- سعت أحزاب الموالاة، بمساعدة بعض القوى التنفيذية، إلى إضعاف قوى المعارضة، مما قلل من إبراز التعددية السياسية بمعناها الحقيقي.
- أدّى دعم أحزاب الموالاة إلى تركيز السلطة في يد جهة واحدة أو فرد واحد، وهو ما يهدد الديمقراطية ويعزز الحكم الفردي أو الاستبدادي.
- أسهمت هيمنة أحزاب الموالاة على الحياة السياسية في تهميش الحركات والأحزاب المستقلة، مما قلل من تأثير المجتمع المدني وأضعف المشاركة الشعبية في صنع القرار.
- بسبب هيمنة أحزاب الموالاة تراجعت مساحة المنافسة السياسية والتداول السلمي للسلطة.
نخلص مما سبق إلى أن هيمنة أحزاب الموالاة للسلطة على الحياة البرلمانية والسياسية في مصر شكّلت تهديدًا حقيقيًا لمبادئ الديمقراطية، وعرقلت قدرة البرلمان على أداء دوره الرقابي والتشريعي بفعالية. ومن أجل بناء نظام سياسي قوي ومستدام، من الضروري تعزيز التعددية السياسية، وتمكين المعارضة، والحفاظ على استقلالية البرلمان عن السلطة التنفيذية، وتعزيز مشاركة المجتمع المدني. فقط من خلال هذه المعايير، يمكن تحقيق حياة سياسية وبرلمانية صحية تضمن التنمية والاستقرار.
خاتمة وتوصيات
تُظهر الدراسة أن الأحزاب السياسية في مصر لم تكن يومًا فاعلًا مستقلًا ومؤثرًا في المشهد السياسي،إلا في فترات محدودة ، و ظلت في الغالب، أداة ضمن هندسة النظام السياسي، سواء عبر التهميش المقصود أو من خلال التواطؤ الذاتي بحثًا عن شرعية أو حماية.
وقد ساهم غياب الإرادة السياسية في إرساء حياة حزبية حقيقية، إلى جانب هشاشة الأحزاب ذاتها، في تحويلها إلى كيانات رمزية لا تُعبّر عن الشارع، ولا تطرح بدائل حقيقية.

وأوصي بذلك:
- ضرورة إنشاء إطار قانوني يُعزز من استقلالية الأحزاب السياسية.
- تشجيع الشباب والمجتمع المدني على المشاركة الفاعلة في الحياة الحزبية والسياسية.
- تعديل القوانين الانتخابية ، خاصة النظام الانتخابي ومنه “الدوائر المغلقة” ، لتقليل تأثير الأحزاب الموالية للنظام، وتعزيز التعددية الحزبية الفاعلة.
- تطوير أدوات ووسائل الإعلام بما يضمن التنوع والشفافية، مع التشجيع على استعادة الحياة الحزبية لدورها الحقيقي، لا مجرد التعددية الشكلية.
- تحرير المجال العام، والسماح بحرية التنظيم الحزبي والتعبير دون قيود.
- مراجعة قانون الأحزاب بما يضمن استقلالية التمويل وحرية العمل السياسي.
- مراجعة قوانين تنظيم الانتخابات، والتخلّص من قانون القائمة المغلقة الذي حرم كثيرًا من الأحزاب السياسية من التمثيل في البرلمان.
- دعم الأحزاب من خلال الإعلام والتعليم لتعزيز الثقافة الحزبية.
- تشجيع الحياة الحزبية من القاعدة إلى القمة، عبر تفعيل دور المجالس المحلية.
- فصل أحزاب الموالاة عن الدولة، والتوقف عن دعم أحزاب بعينها على حساب أخرى.
ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية مرتقبة خلال الأيام المقبلة، كان يتطلع المصريون إلى انتخابات تعيد تدفق الدماء في شريان الحياة السياسية، وتُتيح تمثيلًا حقيقيًا لكل القوى الحزبية، مع تراجع دور أحزاب الموالاة. ومن خلال ذلك، يمكننا رسم خريطة طريق جديدة لإحياء المسار الديمقراطي في مصر، ولكن المؤشرات الأولية تدق جرس انذار.
[1] “في الذكرى الـ44 لإنشاء الحزب الوطني.. الأحزاب المصرية بين التأثير والتهميش” ، الجزيرة نت ، https://linksshortcut.com/hNkRt
[2] على الدين هلال، كتاب “تطور النظام السياسي المصري” ، 11 نوفمبر 2011 ، https://linksshortcut.com/OdxYX
[3] “الانتخابات البرلمانية في مصر.. من ١٩٧٦ الانتخابات التي غيرت وجه الحياة السياسية .. “انتخابات الصفقات الغامضة”” ، فيتو ، 29 يوليو 2025 ، https://www.vetogate.com/5460227
[4] “تقرير الحالة الصحية لأحزاب مصر في عهد «مبارك»” ، المصري اليوم ، 4 مايو 2008، اhttps://linksshortcut.com/mHklp
[5] د. جلال أمين “الحزب الذي أفسد مصر” ، المصري اليوم،30 مارس 2008
[6] ” إقساد مصر بيد قيادات الحزب الوطني ” ، موسوعة عريق، 12 مارس 2012
[7] “مراحل تطور الحياة النيابية فى مصر” ، المواطنة نيوز، 26 أبريل 2023، http://almowatna.news/?p=278318
[8] “الانتخابات البرلمانية بمصر عام 1990 ” ويكيبيديا ، https://linksshortcut.com/HmAmq
[9] انتخابات برلمان 1995 بمصر ” ، ويكيبيديا ، https://goo.su/7U0aDMN
[10] “ضعف الأحزاب السياسة فى مصر أدى إلى اختفاء الديمقراطية.. برلمان 2000 احتل الحزب الوطنى الأغلبية واستمر حتى 2010.. والحرية والعدالة الإخوانى وصل للأغلبية فى مجلس الشعب 2012” ، موقع برلماني ، 28 يناير 2016، https://linksshortcut.com/euUCw
[11] “عشرون عامًا تحت القبة.. بالأرقام كيف تغيّر البرلمان المصري من 2000 إلى 2020؟ ” ، الموقع السياسي ، 23 يوليو 2025 ، https://linksshortcut.com/NmvEc
[12] “ضعف الأحزاب السياسة فى مصر أدى إلى اختفاء الديمقراطية.. برلمان 2000 احتل الحزب الوطنى الأغلبية واستمر حتى 2010.. والحرية والعدالة الإخوانى وصل للأغلبية فى مجلس الشعب 2012” ، موقع برلماني ، 28 يناير 2016، https://linksshortcut.com/euUCw
[13] “الأحزاب المصرية قبل وبعد ثورة يناير” ، قناة العالم ، ٧ مايو ٢٠١٢ ، https://linksshortcut.com/yHQTy
[14] “الأحزاب المصريّة وانتخابات البرلمان المصريّ 2011/2012” ، موقع المركز العربي، 29 نوفمبر2011 ، https://linksshortcut.com/NsRRg
[15] “أهم المحطات الانتخابية التي مرت بها مصر منذ 2011 ” ، الوكالة الالمانية ، ١٠ ديسمبر ٢٠٢٣، https://linksshortcut.com/IccMq
[16] “أكثر من 100 حزب لا يعرف عنها المواطن شيئًا.. أحزاب ما بعد 25 يناير تتصدر المشهد فى ظل تراجع نظيرتها فى عهد مبارك.. والنور السلفى والوفد يعانيان.. و”مستقبل وطن” فرس الرهان الوحيد” ، اليوم السابع ، 21 فبراير 2017 ، https://linksshortcut.com/zvGft
[17] “انتخابات مصر- أكثرية برلمانية بنكهة الحزب الواحد!” ، الوكالة الالمانية”DW” ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٥، https://goo.su/njZ0ZB
[18] “نتائج المشاركة في الانتخابات البرلمانية بمصر” ، العين الإخبارية، 16 نوفمبر 2020 ، https://goo.su/Ng7B
[19] “14 لونا متنوعا داخل مجلس نواب 2020.. “مستقبل وطن” أغلبية “والنور” يمشي وحيدا” ، الاهرام ، 14 ديسمبر 2020 ، https://linksshortcut.com/Zdbnd
[20] “مصر تنهي انتخابات «الشيوخ» وتتأهب لـ«النواب»” ، العربية ، 4 سبتمبر 2025، https://linksshortcut.com/LfyGU
