ورقة بحثية تدعو إلى إنشاء كتلة نسوية في برلمان 2025

ناقشت ورقة بحثية جديدة، صادرة عن فكّر تاني، بعنوان” تمثيلًا صوريًا أم تمكينًا حقيقيًا: دراسة حالة على الانتخابات البرلمانية 2025″، ومدى قدرة العملية الانتخابية على إنتاج برلمان يعكس الإرادة الشعبية ويحقق التعددية السياسية، ويضمن تمثيلًا حقيقيًا للنساء والفئات المهمشة، ويؤسس لمسار تشريعي ورقابي فاعل في ظل التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد.

خلُصت الورقة البحثية التي أعدتها المحامية والباحثة الحقوقية وئام قاسم، إلى ضرورة إنشاء كتلة نسوية داخل البرلمان، تضم النائبات من مختلف الخلفيات الحزبية والمستقلة، بهدف تنسيق المواقف التشريعية، وتبني أجندة موحدة في قضايا النوع الاجتماعي، مثل قوانين الأحوال الشخصية، والعنف الأسري، والمساواة في الأجور، والتمثيل في المناصب التنفيذية.

ودعت الباحثة من خلال الورقة، إلى تخصيص لجنة نوعية دائمة داخل البرلمان تُعنى بقضايا النساء، وتُمنح صلاحيات رقابية وتشريعية مستقلة، بما يُعزز من حضور النساء في صياغة السياسات العامة، ويُخرج قضاياهن من دائرة الهامش إلى مركز القرار.

عدد من نائبات مجلس النواب 2020 يتوسطهن رئيس المجلس المستشار حنفي جبالي
عدد من نائبات مجلس النواب 2020 يتوسطهن رئيس المجلس المستشار حنفي جبالي

للاطلاع على الورقة البحثية كاملةً.. اضغط هنا

نحو أجندة تشريعية نسوية فاعلة

أشارت الباحثة، أنه على مستوى الرقابة، فإن النائبات يمكن أن يُقدن جهودًا نوعية في مساءلة الحكومة حول تنفيذ السياسات المتعلقة بالمرأة، خاصة في مجالات الصحة الإنجابية، والتعليم، والتمكين الاقتصادي.

أما بخصوص الأدوات الرقابية، أشارت الورقة إلى إمكانية إنتاج تقارير دورية تصدرها الكتلة النسوية، أو جلسات للمناقشة الاجتماعية مع الجهات المعنية، أو شراكات مع منظمات المجتمع المدني لرصد الأداء الحكومي فيما يتعلق بحقوق النساء. كما أن تفعيل دور النائبات في الرقابة يتطلب تدريبًا متخصصًا في أدوات المساءلة، وتحليل الموازنات، وتقييم السياسات، وهو ما يمكن أن توفره مؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع الجهات التشريعية.

وأوضحت الورقة، أن جوهر المستقبل السياسي يكمن في تلك اللحظة التي يُدرك فيها الجميع أن الديمقراطية ليست منحة من الجهات العليا، بل مسؤولية مشتركة تتطلب التزامًا أخلاقيًا.

كيف تستعد مرشحات برلمان 2025 لمعركة الفردي (تصميم سلمى الطوبجي)

وتناولت الورقة البحثية، ما تواجهه النساء من تحديات بنيوية فيما يخص التمثيل النسائي في البرلمان المصري، وهنا تبرز الحاجة إلى بلورة أجندة تشريعية نسوية فاعلة، تتجاوز حدود التمثيل العددي نحو التأثير النوعي في صناعة القرار.

كما أضافت أن وجود النساء داخل البرلمان، رغم اتساعه النسبي في انتخابات 2025، لا يضمن بالضرورة فاعلية تشريعية ما لم يُقرن بآليات دعم مؤسسية، وتعديلات قانونية، وتغيير في الثقافة السياسية السائدة، ومن هنا، فإن تفعيل دور النائبات في التشريع والرقابة يتطلب أولًا إعادة تعريف موقعهن داخل البنية البرلمانية، بحيث لا يُنظر إليهن كممثلين رمزيين لفئة اجتماعية، بل كفاعلات سياسيات يمتلكن أدوات التأثير والمساءلة.

انتخابات 2025: وعود إصلاحية وحقائق واقعية

بحسب الورقة، فإن التمكين يتحول من هدف تصيغه المصالح إلى مسار مستمر يجمع الجهود نحو أفق أوسع، حيث الإرادة السياسية في بناء وطن يجسد كرامة كل فرد، و تتحول الانتخابات البرلمانية من حدث عابر إلى حدث محوري يساهم في بناء مؤسسات هذا الوطن.

قدمت الباحثة من خلال الدراسة، رصد ديناميات السياسية المصرية الحالية، في محالة للوصول لفهم، إلى أي مدى يمكن للعملية الانتخابية أن تتجاوز طابعها الشكلي لتصبح محركًا للتغيير الجوهري، الذي يُنير مسارات المواطنة الفعالة؟.

وأشارت الورقة إلى أن جوهر الانتخابات البرلمانية لعام 2025 يتمثل في ذلك الجدل المستمر بين الوعود الإصلاحية والحقائق الواقعية، بين إمكانيات التحول الديمقراطي وبين العوائق الهيكلية التي تعيق الرؤية الشاملة، وفي هذا الإطار، لا يقتصر التحليل على الجوانب الكمية أو الإجرائية، بل يركز على جوهر الديمقراطية كعملية ديناميكية، تتفاعل مع إيقاعات المجتمع وتتحدى التقييدات الزمنية والمؤسسية.

المرأة مفتاح إعادة الهيكلية الشاملة

اعتبرت الورقة البحثية، البرلمان ليس ككيان ثابت مشتق من التراث التاريخي، بل كمساحة تُعزز نمو عناصر التمكين نحو العدالة الاجتماعية، و يتجاوز التمثيل النسائي كونه مؤشرًا للتقدم الكمي ليصبح دعوة لإعادة صياغة السردية السياسية بأسرها.

“إن المرأة، كرمز للمرونة والإبداع أمام التحديات الهيكلية، تمثل مفتاحًا استراتيجيًا لفتح أبواب البرلمان ليس للمشاركة فحسب، بل للإعادة الهيكلية الشاملة”، ومع ذلك، لا يتحقق هذا التمكين تلقائيًا؛ إنه يتطلب ديناميات متعددة الاتجاهات، مستمدة من الإرادة الجماعية التي ترفض الاستقرار في الروتين، ومن الوعي النقدي الذي يحوّل كل عقبة إلى فرصة إبداعية للابتكار المؤسسي.

الناخبات المصريات ايقونة بارزة في الحضور الانتخابي - مواقع الكترونية
الناخبات المصريات ايقونة بارزة في الحضور الانتخابي – مواقع الكترونية

وبحسب الورقة، إن الجوهر الحقيقي للعملية الانتخابية يكمن في قدرتها على أن تكون مرآة اجتماعية تعكس التنوع الشعبي بكامله، لا مجرد صورة زخرفية تخفي التناقضات الهيكلية، وهنا، يتحول البرلمان من كونه نقطة نهاية إلى مرحلة انتقالية في مسار أطول نحو بناء نظام يرتكز على المساءلة كمبدأ أساسي، والتعددية كجوهر وجودي.

ولفتت الباحثة إلى أن هذا التحول لا يتحقق بالخطاب النظري وحده، بل يستلزم إجراءات استراتيجية جريئة. حيث ينبغي أن يصبح التمكين عملية مستمرة ويومية، تبدأ بتعزيز الثقافة السياسية التي تُدرك في المرأة ليس ضيفًا عرضيًا، بل مصممًا رئيسيًا للقرارات المؤسسية.

كما أوصت ببناء روابط هيكلية بين البرلمان والمجتمع المدني لتكتسب الانتخابات دلالة أعمق هي ليست حدثًا مؤقتًا، بل انطلاقة لعهد جديد يُعيد تعريف السلطة كخدمة عامة، لا كامتياز نخبوي.

التمثيل النسائي في انتخابات 2025: بين الكم والكيف

طرحت الورقة قضية التمثيل النسائي، في انتخابات مجلس النواب المصري لعام 2025، بوصفها مؤشرًا مركزيًا على مدى تحقق المساواة السياسية والتمكين النوعي داخل النظام التشريعي.

وبينما تشير المؤشرات الأولية إلى ارتفاع نسبي في عدد المرشحات وتخصيص نسبة ثابتة للنساء ضمن القوائم المغلقة، فإن السؤال الجوهري لا يتعلق بالكم بقدر ما يتعلق بالكيف: هل يمثل هذا التوسع العددي تمكينًا حقيقيًا للنساء في المجال التشريعي؟ أم أنه يظل محصورًا في إطار رمزي لا يترجم إلى تأثير فعلي في صناعة القرار؟.

لجنة القوى العاملة بمجلس النواب (مجلس النواب)
لجنة القوى العاملة بمجلس النواب (مجلس النواب)

وتشير بيانات الهيئة الوطنية للانتخابات الأولية إلى أن إجمالي عدد المتقدمين للترشح بالنظام الفردي بلغ 2409 مرشحًا، بينما تقدمت قائمة فقط في 4 دوائر التي نص عليها قانون الانتخابات، كل منهما تضم 40 مرشحًا أصليًا و40 احتياطيًا، تحت مسمى “القائمة الوطنية من أجل مصر” ورغم عدم صدور إحصاء نهائي بعدد المرشحات، فإن التقديرات تشير إلى أن نسبة النساء في القوائم المغلقة ستتجاوز 25%،

ووفقًا للورقة، فإن ما نص عليه قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 وتعديلاته، ألزم بتمثيل النساء بنسبة لا تقل عن ربع عدد المقاعد في القوائم، كما يُتوقع أن تشمل التعيينات الرئاسية عددًا من السيدات، استنادًا إلى ما جرى في مجلس الشيوخ، حيث تم تعيين 12 سيدة من أصل 100 عضوًا، وهو ما يعكس توجهًا سياسيًا نحو تعزيز المشاركة النسائية في المؤسسات التشريعية.

مقارنة لتجارب دولية في التمثيل النسائي البرلماني

استخدمت الباحثة تجارب لدول متعددة لتقدم مقارنة للتمثيل النسائي في البرلمانيات المختلفة، أولها رواندا التي تُعد النموذج الأكثر لفتًا للانتباه عالميًا، حيث تحتل النساء 61.3% من مقاعد البرلمان، وهي النسبة الأعلى عالميًا وفقًا لتصنيف الاتحاد البرلماني الدولي لعام 2024. وقد تحقق هذا الإنجاز نتيجة إصلاحات دستورية عميقة أعقبت الإبادة الجماعية عام 1994، حيث نص دستور 2003 على تخصيص 30% من المناصب المنتخبة للنساء، ليس فقط في البرلمان، بل في كافة مستويات الحكم المحلي والوطني.

أيضا السويد، وهي نموذج مختلف، حيث لم تعتمد على حصص قانونية، بل على ثقافة سياسية راسخة تؤمن بالمساواة النوعية، وتُدمج النساء في كافة مستويات القرار السياسي. وتبلغ نسبة النساء في البرلمان السويدي حوالي 44%، وهي من أعلى النسب عالميًا بين الدول التي لا تعتمد الكوتة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة