عبد الخالق فاروق.. السبعيني الذي يُحاكم بلا دفاع

“فى قاعة جنح الشروق المنعقدة فى محكمة القاهرة الجديدة، وقف عضوا من نيابة أمن الدولة العليا ليترافع ضد موكلنا الدكتور عبدالخالق فاروق فى محاكمة غير منصفة، وغير عادلة، لم نُمكّن فيها من أبسط حقوق الدفاع وهو حق الإطلاع”؛ يقول الدكتور على أيوب، المحامى بالنقض وأحد أعضاء هيئة الدفاع عن الدكتور عبدالخالق فاروق.

فاروق، البالغ من العمر 67 عامًا، معروف بكتاباته النقدية للسياسات الاقتصادية والفساد الإداري، وقد أُلقي القبض عليه سابقًا في عام 2018، على خلفية نشره كتابه “هل مصر بلد فقير حقًا؟”، قبل الإفراج عنه لاحقًا.

الدكتور عبد الخالق فاروق (وكالات)
الدكتور عبد الخالق فاروق (وكالات)

قضية جديدة

ألقت قوات الأمن القبض على الدكتور عبد الخالق فاروق المفكر والخبير الاقتصادي، في 20 أكتوبر 2024، من منزله، وحققت نيابة أمن الدولة العليا معه في القضية رقم 4937 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، ووجهت له اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها، وإذاعة أخبار وبيانات وبث شائعات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

تجديد الحبس عن بعد يثير جدلًا قانونيًا وحقوقيًا بسبب تقويضه حقوق سجناء الرأى والسياسة بمصر وفق حقوقيين - مواقع الكترونية
تجديد الحبس عن بعد يثير جدلًا قانونيًا وحقوقيًا بسبب تقويضه حقوق سجناء الرأى والسياسة بمصر وفق حقوقيين – مواقع الكترونية

وقد نشرت الفنانة التشكيلية نجلاء سلامة زوجة الدكتور عبد الخالق فاروق، حينها، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تؤكد الخبر، مضيفةً أن قوات الأمن فتشت بيتهم، وأخذت مسودات كتبه، بالإضافة إلى الحاسوب المحمول الخاص به، وكذلك هاتفين محمولين.

ظروف صحية سيئة

تعرض عبد الخالق فاروق، في حبسه، لأزمات قلبية متكررة خلال فترة احتجازه، ما استدعى نقله إلى مستشفى السجن لتلقي العلاج، حيث يعاني من أمراض مزمنة، من بينها قصور في الشريان التاجي، وفق ذويه، ولم تعلق الجهات المعنية بعد على تلك الشكاوي.

خلال جلسات تجديد الحبس، أشار المفكر والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق إلى الخطر الداهم على حياته في “ظروف حبس لا إنسانية”، مؤكدًا أنه لا يتلقى أبسط حقوقه في العلاج أو التعرض للشمس، وأن الزنازين تُغلق على المحتجزين لما يقارب 23 ساعة يوميًا، مما يترك آثارًا مدمرة على صحتهم الجسدية والنفسية.

صدر حكم قضائي مطلع الشهر الجاري على عبد الخالق فاروق بالسجن خمس سنوات. ذهب بعض المعارضين إلى أنه ذلك عقابًا له على كشفه الفساد الاقتصادي، غير أن الجهات القضائية تؤكد دومًا استقلالها الكامل، وتنفي عادة هذه المزاعم.

ورجّح بعض المراقبين أن سبب حبسه، هو مقالاته الأخيرة التي نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي انتقد في أغلبها مؤسسة الرئاسة، التي تؤكد عادةً على حماية حرية الرأى والتعبير.

موسوعة علمية وعملية خلف الأسوار

وُلِد عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، في القاهرة في 26 يناير عام 1957، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1979، كما حصل على ليسانس الحقوق من الجامعة نفسها عام 1992، وعلى دبلوم في القانون العام من كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1997، ودبلوم في إدارة الجهاز الحكومي القومي من معهد الإدارة العامة باليابان عام 1989.

عبد الخالق فاروق
عبد الخالق فاروق

عمل عبد الخالق باحثًا اقتصاديًا بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام منذ عام 1980 حتى عام 2002 بفترات متقطعة، كما عمل باحثًا اقتصاديًا بمكتب رئيس الوزراء المصري الدكتور فؤاد محيي الدين عام 1982.

كما عمل فاروق باحثًا اقتصاديًا بالهيئة المصرية للرقابة على التأمين التابعة لوزارة الاقتصاد عامي 1983 و1984، وخبيرًا اقتصاديًا بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وشغل منصب عضو المجلس القومي للأجور عام 2011، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر عام 2012، كما عمل مستشارًا لوزير القوى العاملة والهجرة عام 2013.

وحصل الخبير الاقتصادي على جوائز عديدة، وله عدة كتب ومؤلفات كبيرة في مجال الاقتصاد والدراسات الاستراتيجية، وألّف عدة كتب عن الاقتصاد المصري، منها ما تم نشره وما هو تحت الطبع.

منظمات حقوقية تطالب بالإفراج الفوري

وقد أدان عدد من المنظمات الحقوقية الحكم الصادر في 2 أكتوبر 2025 من محكمة جنح الشروق بالقاهرة الجديدة بحق فاروق، بالسجن خمس سنوات، بعد محاكمة قالوا إن العديد من المخالفات الإجرائية والقانونية شابتها، على خلفية اتهامات تزعم نشره أخبارًا كاذبة بسبب آرائه وتحليلاته الاقتصادية. كما طالبت تلك المنظمات بالإفراج الفوري عنه.

ومن هذه المنظمات: إيجيبت ووتش لحقوق الإنسان، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، لجنة العدالة، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مركز النديم، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، المنبر المصري لحقوق الإنسان، منصة اللاجئين في مصر، مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.

مثقفون وسياسيون ينضمون

وقد أصدرت مجموعة من المثقفين والسياسيين بيانًا في وقت سابق طالبت فيه بالإفراج عنه، وجاء في البيان: “نحن الموقّعين أدناه نطالب بالإفراج عن الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق لبطلان الحكم الصادر عليه بالسجن خمس سنوات، حيث تنص المادة (124) من قانون الإجراءات الجنائية على أن للمتهم الحق في الدفاع عن نفسه أو أن يوكل محاميًا عنه، كما تُلزم المادة (289) المحكمة بسماع دفاع المتهم أو محاميه قبل إصدار الحكم، وقد قضت محكمة النقض بأن إغفال المحكمة سماع دفاع المتهم يُعد إخلالًا بحق الدفاع يُبطل الحكم”.

هيثم الحريري- تصوير هيثم محجوب
هيثم الحريري- تصوير هيثم محجوب

ومن الموقّعين على البيان: د. زكي سالم – كاتب، نجلاء سلامة – فنانة تشكيلية وزوجة الدكتور عبد الخالق فاروق، أحمد طه النقر – صحفي، عمار علي حسن – أديب ومفكر، ممدوح حمزة – مهندس، إبراهيم عبد المجيد – روائي، الدكتور عبد الجليل مصطفى – أستاذ جامعي، أحمد دومة – شاعر، نبيل عبد الفتاح – كاتب، إكرام يوسف – صحفية، هيثم الحريري – برلماني.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة