شهدت الساحة العُمّالية سلسلةً من الفعاليات والأزمات الهامة، خلال الفترة من 24 إلى 30 سبتمبر، ترصدها فَكّر تاني في نشرتها العُمّالية، وكان أبرزها وفاةُ ثلاثةِ أطفالٍ وإصابةُ ستةٍ، أصغرُهم في السابعة من العمر، أثناء عودتهم من العمل بإحدى المزارع بمركز منفلوط.
على صعيدٍ آخر، ترأّس محمد جبران، وزيرُ العمل، اجتماعًا للجنة التشريعية المُختصّة بإعداد “مشروع قانون العمالة المنزلية”، ومَن في حُكمهم، بما يتوافق مع الدستور المصري، ومعايير العمل الوطنية والدولية، وحقوق الإنسان.
وطالبت نقابةُ الصحفيين جميعَ الصحف والمؤسسات الصحفية بالالتزام الفوري بتطبيق الحد الأدنى للأجور، بقيمة سبعة آلاف جنيه على جميع الصحفيين العاملين بهذه المؤسسات، دون أي استثناء، تنفيذًا لقانون العمل الجديد الذي بدأ سريانه مع بداية سبتمبر.
وبالتزامن، أنهى صحفيو جريدة “الوفد” وموقعها الإلكتروني اعتصامهم، بعد عقد اتفاقٍ برعاية النقابة، يقضي بزيادة الحد الأدنى للأجور.
أزمات الأسبوع
استمرار التعسّف بعمّال الشوربجي
1 أكتوبر: شهدت أزمةُ عمّال شركة الشوربجي للغزل والنسيج تطورًا جديدًا، بعد أن تجاهلت إدارةُ الشركة الردَّ على الشكاوى المقدَّمة ضدها، وامتنعت عن التعاون مع مديرية العمل، رغم استدعائها رسميًا على خلفية الانتهاكات التي يتعرّض لها أعضاءُ اللجنة النقابية بالشركة. وأكّدت المديرية أنها بصدد تحويل المخالفة إلى قضية، بعد تعمّد الإدارة تجاهل الحضور ورفضها الاستجابة للإجراءات القانونية.

وبحسب دارِ الخدمات النقابية والعمالية، تأتي هذه التطوّرات في سياق سلسلةٍ من الممارسات التعسّفية التي يتعرّض لها أعضاءُ اللجنة النقابية منذ أشهر، حيث بدأ الأمرُ بتعطيل نشاط لجنتهم النقابية، ثم إجبارهم على التوقّف عن العمل بدعوى “مهمة مفتوحة” غير محدّدة المدة أو التفاصيل، وصولًا إلى حرمانهم من استحقاقاتهم المالية، في صورةٍ واضحة من صور التمييز والانتقام من دورهم النقابي.
وكان أعضاءُ اللجنة قد تقدّموا، في 8 سبتمبر 2025، بشكوى رسمية إلى مكتب عمل إمبابة بمحافظة الجيزة ضد إدارة الشركة، التي مارست بحقّهم تمييزًا فجًّا في صرف الحوافز والمكافآت، إذ امتنعت الإدارة عن صرف منحة “حلاوة المولد” البالغة 250 جنيهًا لهم، في حين صرفتها لبقية العمال، وبرّرت ذلك بأن المنحة “مخصّصة للعاملين فقط”، رغم أنهم موقوفون قسرًا بقرارٍ إداري.
كما حُرم أعضاءُ اللجنة من المبالغ التي تقرّر صرفها عقب الإضراب العُمّالي الأخير، والمقدّرة بخمسين جنيهًا عن كلّ يوم عمل، و25 جنيهًا بدل انتقال، بالإضافة إلى استبعادهم من أجر الساعة الثامنة، وهو حقٌّ أصيل للعامل، بما يعكس حملةً منظّمة للتنكيل بممثّلي العمال.
وفاة 3 أطفال وإصابة 6 في مأساةٍ عُمّالية جديدة
2 أكتوبر: مأساةٌ عُمّالية على الطريق الصحراوي الغربي أمام مدخل قرية العتامنة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، بعد انقلاب سيارةٍ ربع نقل كانت تقلّ أطفالًا أثناء عودتهم من عملهم بأحد المزارع، مما أسفر عن وفاة ثلاثة أطفالٍ وإصابة ستةٍ آخرين، وهم:
المتوفَّون: حسين ممدوح محمد (10 سنوات)، مؤمن قاسم محمد (7 سنوات)، أسماء حربي سيد (10 سنوات).
المصابون: يوسف قاسم شعبان (11 سنة – جرحٌ قطعي بالرأس 15 سم)، حسن ممدوح يوسف (12 سنة – اشتباه ما بعد الارتجاج)، عبده علي دياب (13 سنة – جرحٌ قطعي بالرأس 7 سم)، هايدي حربي سيد (8 سنوات – كدمات متفرقة)، بسملة عادل حلمي (10 سنوات – كدمات متفرقة)، معتز حسين حلمي (10 سنوات – كدمات متفرقة).

واستنكرت دارُ الخدمات في بيانٍ، الحوادثَ المتكرّرة التي تحصد أرواحَ أطفالٍ أبرياء، كان مكانُهم الطبيعيُّ مقاعدَ الدراسة، لا سياراتِ النقلِ المتهالكة، ولا العملَ الشاقَّ في المزارع.
وشدّدت الدار على أن تلك المأساة ليست حادثًا عابرًا، بل جريمةٌ مركّبة تكشف عن استمرار الاستغلال الاقتصادي للأطفال، عبر تشغيلهم في أعمالٍ زراعيةٍ شاقة، وتعريضهم في الوقت ذاته لوسائل نقلٍ غير آمنة.
وطالبت الدار بفتح تحقيقٍ عاجلٍ مع أصحاب المزارع المتورّطين في تشغيل هؤلاء الأطفال، وإحالتهم إلى المحاكمة بتهم الاستغلال الاقتصادي وتعريض حياة الأطفال للخطر، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على تطبيق قانون العمل وقانون الطفل، وتجريم أيّ شكلٍ من أشكال عمالة الأطفال، وتوفير برامج حمايةٍ اجتماعيةٍ للأسر الفقيرة التي تُضطر إلى دفع أطفالها إلى سوق العمل.
كما طالبت أيضًا بتشديد العقوبات على المخالفين، بما يشمل الغرامةَ والحبسَ الفعليَّ في حالة تكرار الجريمة، وإطلاق حملةٍ وطنيةٍ شاملةٍ ضدّ عمالة الأطفال.
5 أكتوبر: أنهى العشراتُ من الصحفيين والإداريين بجريدة الوفد والموقع الإلكتروني اعتصامَهم داخل مقرّ الجريدة، بعد الاتفاق على بدء صرف مستحقاتهم المالية بموجب اتفاقٍ عقدته إدارةُ الجريدة مع العاملين، برعاية نقابة الصحفيين، عقب التزام الجريدة بتطبيق الحدّ الأدنى للأجور.

فعاليات الأسبوع
ورشة تدريبية حول التحرش بأماكن العمل
30 سبتمبر: عقدت مؤسسة المرأة الجديدة ورشةَ عملٍ بعنوان “تبادل الخبرات حول سياسات الحماية من العنف في عالم العمل”، ضمن أنشطة تحالف 190 للجمعيات والنقابات الشريكة في مشروع تعزيز قدرات النقابات والجمعيات الأهلية في تفعيل أجندة التنمية المستدامة 2030 من منظور النوع الاجتماعي، وذلك بمشاركة عددٍ من نقابات صغار الفلاحين وبعض الشركات الخاصة، في إطار السعي إلى تشكيل تحالف 190.

قدّمت مي صالح، مديرةُ برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية، نبذةً عن اتفاقية 190، التي توسّع نطاق الحماية من العنف والتحرّش في عالم العمل، وليس فقط في مكان العمل، كما تشمل النساء والرجال، وتتضمّن العاملين/ات والمتدرّبين/ات. وأكّدت على أهمية وضع سياسات حماية في العمل، نظرًا لاختلاف أشكال العنف تبعًا لاختلاف طبيعة كلّ عمل.
ولفتت مي صالح النظرَ إلى أن العنف والتحرّش في أماكن العمل له خصوصية، نظرًا لوجود موازين مختلفة للقوى؛ فهناك رؤساء في العمل لهم سلطة على العاملين/ات، وهناك عملاء قد تُعلَى مصلحتُهم على مصلحة العامل/ة. كما أكّدت على أهمية صياغة سياسات حماية واضحة داخل أماكن العمل.
وتناول التدريبُ أهميةَ وجود آلياتٍ للحماية في أماكن العمل، ومكوّنات سياسات الحماية، إلى جانب عرض الفروق بين سياسات الحماية ومدونة السلوك.
الخدمات النقابية تناقش الحد الأدنى للأجور
1 أكتوبر: عقدت دار الخدمات النقابية ورشةَ عملٍ تناولت قضية “الحد الأدنى للأجور وإشكاليات تنفيذه”، باعتبارها من أبرز القضايا المرتبطة مباشرةً بمستوى المعيشة ومفهوم العدالة الاجتماعية.

استهلَّ كمال عباس، المنسّقُ العامُّ للدار، حديثَه بالإشارة إلى القرارات الحكومية المتكرّرة برفع الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الحكومي، وكان أحدثُها قرارُ رئيس مجلس الوزراء رقم 2594 لسنة 2025، الذي نصَّ على ألا يقلَّ الأجرُ المقرَّر حسب الدرجة الوظيفية عن 7100 جنيه للدرجة السادسة، و8000 جنيه للدرجة الثانية، و8500 جنيه للدرجة الأولى، و11250 جنيهًا للدرجة العالية، و13500 جنيهٍ للدرجة الممتازة.
وأوضح عباس أن هذه القرارات، رغم أهميتها، ما زال تطبيقُها العملي يواجه تحدّياتٍ كبيرة، أبرزُها تجاهلُ مبدأ التدرّج في القطاع الخاص، والتحايُل عليه في قطاع الأعمال العام، بل وحتى في بعض الجهات الحكومية. وأشار إلى أن هذه الإشكاليات تسبّبت في تزايد الاحتجاجات العُمالية وارتفاع عدد الشكاوى، خاصةً في ظلّ الضغوط الاقتصادية الحالية وارتفاع تكاليف المعيشة.
كما لفت إلى أن ضعف آليات الرقابة على المنشآت الخاصة، وغياب العقوبات الملزِمة، جعلا شرائحَ واسعةً من العمال محرومةً فعليًا من الاستفادة من الحدّ الأدنى المعلَن. وأضاف أن الدور الرقابي كان يفترض أن يُسند إلى النقابات المستقلة، إلا أنها ما زالت تواجه عراقيلَ متزايدةً تحدّ من قدرتها على أداء هذا الدور.
العمل تشرع في وضع قانون للعمالة المنزلية
5 أكتوبر: ترأّس محمد جبران، وزيرُ العمل، اجتماعًا للجنة التشريعية المُختصّة بإعداد «مشروع قانون العمالة المنزلية ومن في حُكمهم»، بحضور ممثّلين عن وزارات العدل، والتضامن، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي، فضلًا عن ممثّلي المجالس: القومي لحقوق الإنسان، والقومي للمرأة، والقومي للطفولة والأمومة، واللجنة التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتّجار بالبشر.

اجتماع اللجنة التشريعية لوضع قانون العمالة المنزليةتختص اللجنةُ بإعداد ودراسة مشروع قانون العمالة المنزلية ومن في حُكمهم، بما يتوافق مع الدستور المصري، ومعايير العمل الوطنية والدولية، وحقوق الإنسان.
وشهد الاجتماع عرضًا قدّمته نشوى بلال، الخبيرةُ بمنظمة العمل الدولية، حول الاتفاقية رقم 189 بشأن عمال المنازل، كما تضمّن عرضًا آخر عن نتائج دراسة منظمة العمل الدولية حول الحماية الاجتماعية لعمال المنازل، قدّمته ياسمين رجب وآية جبر من المنظمة.
وقال جبران إن الهدف من وجود تشريع لهذه الفئة يتمثّل في تقديم الحماية والرعاية، وتقنين أوضاعها، ودمجها في سوق العمل الرسمي، وتدريبها وتأهيلها، ومنحها شهادات مزاولة المهنة، والتعامل القانوني مع شركات الاستخدام وأصحاب الأعمال بعقود عملٍ رسمية وتراخيص قانونية.
الصحفيون يطالبون المؤسسات بتطبيق الحد الأدنى للأجور
5 أكتوبر: طالبت نقابةُ الصحفيين جميعَ الصحف والمؤسسات الصحفية بالالتزام الفوري بتطبيق الحدّ الأدنى للأجور، بقيمة سبعة آلاف جنيه على جميع الصحفيين العاملين بهذه المؤسسات، دون أي استثناء، تنفيذًا لقانون العمل الجديد الذي بدأ سريانه مع بداية سبتمبر.

ووجّهت النقابةُ خطابًا عاجلًا وقّعه خالد البلشي، نقيبُ الصحفيين، وجمال عبد الرحيم، السكرتيرُ العام، إلى جميع رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء تحرير الصحف المصرية، دعت فيه إلى الالتزام بما ورد في القانون في هذا الإطار.
ويأتي الخطابُ متابعةً للخطابات السابقة التي أُرسلت بهذا الشأن، واستند النقيبُ في خطابه إلى القرار الصادر عن المجلس القومي للأجور برئاسة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والذي يقضي برفع الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى سبعة آلاف جنيه، اعتبارًا من أول مارس 2025. وشدّد على ضرورة تنفيذ ذلك فورًا على جميع الصحفيين والعاملين بالمؤسسات.
وطالب البلشي المؤسساتِ الصحفيةَ أيضًا بضرورة مراعاة تسوية الدرجات المالية للزملاء الصحفيين، بما يتناسب مع سنوات خبراتهم وفترات عمل كلٍّ منهم.
