في ساحة انتخابية يرسم خرائطها “المال السياسي” وتتحكم فيها العصبيات القبلية، يقرر النقابي العمالي كرم عبد الحليم خوض معركة يصفها بـ “تكسير العظام”. لا يملك دبابة حزبية أو ملايين الجنيهات، بل يراهن فقط على “دعم الغلابة” وصوت العمال الذين يعتبر أن القوانين والوزارات تخلت عنهم.
في هذا الحوار من حوارات سجال “برلمان 2025″، يفتح عبد الحليم النار على الجميع: من “وزارة العمل التي تحولت لمكلمة” إلى “قانون العمل الأسوأ من قانون أحمد عز”، كاشفًا عن الأسباب الحقيقية التي تدفعه لخوض معركة شبه مستحيلة نحو برلمان يرى أنه “أسوأ برلمان في تاريخ مصر”. فهل يمكن لصوت عامل واحد أن يخترق جدار الصمت؟

“وزارة المكلمة” والقانون السيء
ما هو تقييمك للمشهد العمالي ككل الذي دفعك لهذه المعركة؟
يمكننا القول إن الوضع العمالي الحالي والأزمة التي يعيشها العمال سببها الرئيسي هو أزمة تشريعية تتمثل في عدم تمكين العمال من عرض ومناقشة التشريعات الخاصة بهم، والأهم من ذلك هو غياب حماية الحق في التنظيم داخل مصر، الذي ينص عليه الدستور المصري والمواثيق الدولية، بينما على أرض الواقع، هذا الحق غير موجود.
العمال في مصر يعيشون أزمة حقيقية، وهم بحاجة إلى وجود قوانين عمل منصفة.
عندما تتحدث الحكومة ورجال الأعمال والمشرعون عن أن قانون العمل يجب أن يحقق توازنًا بين صاحب العمل والعامل، هذا كلام غير منصف ولا يجب أن يقال.

القوانين يجب أن تُسن لإنصاف الطرف الأضعف وهو العامل، أو على الأقل لتوفير الحد الأدنى من الحماية له، للأسف التشريعات الحالية تمنح كل الحق لصاحب العمل.
بالإضافة إلى ذلك، لا توجد مظلة نقابية حقيقية تتحدث بصوت العمال وتدافع عن حقوقهم وتتفاوض باسمهم، أو تكون شريكة في صياغة التشريعات التي تخصهم مثل قوانين العمل والتأمينات.
احتجاجات عمالية متصاعدة
شهدت الأشهر الأخيرة احتجاجات عمالية متصاعدة، ما هي أسبابها الجذرية؟
هذه المشكلات هي نتيجة مباشرة لغياب الحق في التنظيم النقابي، لو كان هناك حد أدنى من التنظيم، لما وصلنا إلى هذا الوضع.
لا يوجد شخص مباشر يمكن للعامل التوجه إليه لحل مشكلته، لا الحكومة ولا صاحب المصنع.
الحكومة تتخذ قرارات مثل رفع الحد الأدنى للأجور، ولا تتمكن من تطبيقه على أرض الواقع، هذا بخلاف أن هذا الحد أصلًا غير ملائم لتوفير حياة كريمة في ظل التضخم المتصاعد.

إشكالية الحد الأدنى للأجور تكمن في أن نسب التضخم أعلى بكثير من أي زيادة، فمثلًا، إذا كان العامل يتقاضى 3000 جنيه وسعر قرص الطعمية كان جنيهًا واحدًا، ثم أصبح راتبه 6000 جنيه وسعر قرص الطعمية ارتفع لـ 2 جنيه، فهو لم يستفد شيئًا، وبالتالي الأزمة الحقيقية في التضخم الذي يجعل أي زيادة في الأجر غير كافية.
كذلك، فإن صاحب العمل لا يخضع لأي مساءلة حقيقية، وإن حدثت فهي مجرد مساءلة إدارية شكلية من مديريات وزارة العمل إن تابعت وراقبت. وفي المقابل، نجد مسؤولين في الحكومة يروجون لمصر كدولة ذات “عمالة رخيصة”، ما يشجع أصحاب الأعمال على فصل العمال وتعيين غيرهم دون أي رادع. هذا الوضع هو ما يدفع العمال إلى الاحتجاج والإضراب، وهو آخر وسيلة يلجؤون إليها بعد استنفاد كل طرق التواصل مع الإدارة. الإضراب هو “آخر طلقة في مسدس العامل” إن خرجت لا يوجد شيء بعدها.
بالتأكيد حاول العمال أكثر من مرة، عن طريق إرسال طلباتهم للإدارات أو محاولة التفاوض، ولكن الإدارات “ودن من طين وودن من عجين”، لذلك نجد أن جهات غير منوط بها التفاوض مع العمال هي التي تتدخل، مثل الجهات الأمنية، للضغط على العمال، وهذا ما حدث في مواقع مثل العامرية للغزل والنسيج وعمال المناطق الصناعية بالإسماعيلية ومصنع غزل المحلة في وقت سابق.
في صالح من أن تتدخل الجهات الأمنية نيابة عن الحكومة ورجال الأعمال للضغط على العمال لفض إضرابهم، بل وإدانتهم لصالح المستثمر!
“الإضراب هو آخر طلقة في مسدس العامل، إن خرجت لا يوجد شيء بعدها”
وصفت وزارة العمل بأنها “مكلمة”، كيف تقيم أداءها؟
أعتقد أن وزارة العمل لديها أزمة حقيقية، لقد تحولت إلى وزارة تصدّر بيانات وتتحدث عن إنجازات الوزير وزياراته، وهذا ينطبق أيضًا على المديريات في المحافظات.
الموظف في مديرية العمل ينتظر تعليمات، وليس لديه وعي كافٍ بقوانين العمل أو حقوق العمال.
الإجراءات المتخذة من قبل موظفي المديريات، هى إجراءات روتينية بحتة، وليس لها أي دور حقيقي في مساعدة العمال، وقد وصل الأمر ألا تتدخل إلا بعد فصل العامل. حينها تحوّل شكواه إلى المحكمة.

الأزمة أن وزارة العمل لا تمتلك معلومات كافية عن واقع العمل ومشاكل العمال، وما يصدر عنها من بيانات حول توفير فرص عمل أو تطبيق الحد الأدنى غير حقيقي.
تتحدث عن أن عمال القطاع الخاص يحصلون على حقوقهم وأن هناك ازدهار وهذا غير حقيقي، بل ويتعارض مع ما يحدث على الأرض.
لقد أصبحت وزارة العمل “مكلمة” فعلًا، وبياناتها وتصريحات مسؤوليها مفارقة للواقع، فلم نرَ وزير عمل منذ 2011 يزور موقعًا يشهد إضرابًا عماليًا لحل المشكلة، بل إنه يغض الطرف مرارًا باللجوء إلى جهات أخرى للضغط على العمال.
وماذا عن قانون العمل الجديد الذي يُفترض أن يعالج هذه المشكلات؟
عندما يُسنّ قانون للعمل، يفترض أن يضمن أمرين أساسيين: بيئة عمل آمنة، وأجور عادلة. فهل حقق القانون الجديد أو حتى القديم هذا الهدف؟ بالتأكيد لا.
يمكن القول إن القانون الجديد أسوأ من القانون رقم 12 لسنة 2003 الذي أُقرّ في عهد أحمد عز.
أولى المشكلات تتمثل في تخفيض العلاوة الدورية من 7% إلى 3%، وربطها بالأجر التأميني، وهو ما يُعدّ تراجعًا صريحًا عن مكتسبات قانونية سابقة، بدلًا من تطويرها وتحسينها. هل يُعقل أن يُقرّ المشرّع قانونًا ينتقص من حقوق قائمة بدلًا من توسيعها؟

المشرّع انتقى من قانون 2003 ما يناسبه وتجاهل ما لا يروق له، فجاء القانون الجديد محمّلاً بكل عيوب السابق، سواء فيما يخص بيئة العمل أو الأجور أو الفصل التعسفي. والنتيجة: قانون لا يُرضي أحدًا.
أما عن عقود العمل، فحدث ولا حرج. تقسيم العقود إلى دائمة وسنوية ومؤقتة لا يصب في مصلحة العامل، إذ يسهل فصل العامل في أي لحظة دون رادع، في ظل غياب بنود قانونية تُجرّم الفصل التعسفي.
ويزداد المشهد قتامة حين يروّج مسؤولون كبار للمستثمرين الأجانب بأن “مصر تملك أرخص عمالة في العالم”، وهو بمثابة “كارت أخضر” يسمح للمستثمر بالضغط على العمال دون حسيب أو رقيب. الحقيقة أن مصر لا تملك قوانين فعلية تحمي العمال. وإذا كانت الدولة ترى في تكميم أفواه العمال مصلحة للاستثمار، فإن ما يحدث لا يُسمّى استثمارًا بل استعمارًا.
هل التنظيم النقابي بديل صالح في التفاوض عن وزارة العمل؟
لو توفرت في مصر نقابات واتحادات عمالية حقيقية وفاعلة، لما كانت هناك حاجة ماسة إلى قانون عمل أو حتى وزارة عمل. فالتنظيم النقابي الحر هو البديل الطبيعي، وهو الحل المستدام.
وجود نقابات مستقلة تدافع عن حقوق العمال من شأنه أن يُحدث تغييرًا جوهريًا في معادلة العمل، لكن المشكلة أن هناك رعبًا موروثًا من “تنظيم عمالي يمتلك الوعي”، يُنظر إليه كتهديد لا كضرورة.

الحق في التنظيم النقابي لا يقل أهمية عن الماء والهواء. ولو وُجدت اتحادات حقيقية تمثّل العمال بصدق، لما لجأوا إلى الإضرابات، ولأمكن حل النزاعات في إطار مؤسسي يخدم مصلحة الجميع: العامل، وصاحب العمل، والدولة.
لكن ما يحدث هو العكس. هناك عداء واضح للممثلين الحقيقيين للعمال.
والحديث عن إشراك بعض النقابات المستقلة في مناقشة مشروع قانون العمل الجديد يفتقر إلى المصداقية. فبعض من تمت دعوتهم اكتفوا بتأييد ما يُعرض عليهم دون مناقشة، وبعضهم لم يكن على دراية كافية بتفاصيل القانون، بينما تم استبعاد النقابيين أصحاب الخبرة والمواقف المدافعة عن زملائهم.
المنهج السائد يتعمد إقصاء كيانات وأشخاص بعينهم. كيف يُطلب من العامل تحديث بيانات عضويته النقابية بالحصول على ختم من صاحب عمل لا يعترف أصلًا بوجود هذه النقابة؟! هذا الإجراء ليس فقط غير منطقي، بل يبدو متعمدًا لإفشال التنظيم العمالي.
وزارة العمل، بدلًا من أن تكون مظلة لحماية الحقوق، أصبحت طرفًا في الأزمة. ممارساتها وسياساتها تخالف بوضوح نصوص الدستور، وتنتهك التزامات مصر بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بالحريات النقابية وحق التنظيم.
حوار “بلا جدوى” وبرلمان “بلا صوت”
شاركت في جلسات الحوار الوطني، لماذا لا تراها تجربة حقيقية؟
لقد لبيت دعوة المشاركة في الحوار الوطني انطلاقًا من مبدأ أنه إذا كان هناك خلاف بين طرفين فلابد أن نسعى للمصالحة بينهما، فما بالك بدعوة من الدولة تجمع المؤيدين والمعارضين.
لكن ما حدث لم يكن حوارًا بالمعنى الحقيقي، ورأيي أنه كان “مكلمة” أيضًا.
طُرح كلام جيد جدًا في السياسة والاقتصاد والحق في التنظيم، لكن كل ذلك “انتهى على مافيش”.

على سبيل المثال، كنت عضوًا في لجنة النقابات والجمعيات الأهلية، وفي لقائها الوحيد حول قانون العمل، صوّت أغلب الموجودين، بمن فيهم شخصيات موالية للدولة، ضد إصدار قانون عمل جديد، لأن البرلمان الحالي لا يعبر عن الطبقة العاملة وسيُنتج قانونًا أسوأ من سابقه.
ورغم ذلك، نوقش القانون، وعندما حاولنا حضور المناقشات، مُنعنا من المشاركة. ما تمت مناقشته داخل الحوار الوطني، “نُفذ عكسه تمامًا”.
بعد الحوار، كان البرلمان هو الساحة المفترضة للتغيير.. كيف تقيّم أداء برلمان 2020؟
أعتبره “أسوأ برلمان شهدته مصر”. كان برلمانًا بلا معارضة وتسبب في أزمات حقيقية للناس. بداية من إقرار قانون التأمين الصحي الشامل، الذي يجبر المواطنين على دفع مبالغ كبيرة مقابل “خدمة هزيلة”. ثم قانون التأمينات الاجتماعية، الذي كان يجب على البرلمان تعديله لإنصاف عمال القطاع الخاص الذين خرجوا على المعاش المبكر ووجدوا أنفسهم “في الشارع” بلا علاج أو حماية. وأخيرًا قانون الإيجار القديم، الذي صدر رغم الرفض المجتمعي الواسع له.
“برلمان 2020 الأسوأ في مصر. كان برلمانًا بلا معارضة وتسبب في أزمات حقيقية للناس”
وماذا عن الأحزاب السياسية، هل لعبت دورًا في رأيك؟
“المشهد الحزبي سيء للغاية”. سيطرة أحزاب الموالاة على المشهد تأتي “بتعليمات”، فأي نظام حاكم يحتاج إلى فصيل سياسي يتحدث باسمه. كنت أتمنى لو أعلن الرئيس انتماءه لحزب معين ليصبح هو الحزب الحاكم وباقي الأحزاب في المعارضة، لكن ما يحدث الآن هو وجود عشرات الأحزاب التي تؤيد الحكومة دون أي رؤية نقدية.
“لا أعرف كيف لحزب أن يكون مؤيدًا لحكومة تسببت في كل هذه الأزمات الاقتصادية والديون التي ستدفع ثمنها لأجيال”.

أما المعارضة، فشكلها في مصر “غير مُرضٍ”. الحركة المدنية الديمقراطية، التي يُفترض أنها تمثل المعارضة، لم تقدم رؤية واضحة لمواجهة الانتخابات البرلمانية القادمة.
كل حزب يتصرف بشكل منفرد، ولا يوجد عمل جماعي منظم. “كان لازم الحركة المدنية تقدم تحالفًا مناهضًا لسياسات الحكومة الحالية التي أفقرت الشعب”، وتقدم نفسها كبديل حقيقي.
مواجهة “المال السياسي” بـ”طرق الأبواب”
بعد هذا التشخيص الصعب، لماذا قررت خوض هذه المعركة الانتخابية مجددًا رغم صعوبتها؟
لقد خضت تجربة الترشح في 2020 وكانت صعبة للغاية، خصوصًا لمرشح من الطبقة الفقيرة. لكني أقرر الترشح مرة أخرى لأنه لا بد من وجود صوت للعمال والفئات المهمشة داخل البرلمان.
مشكلتنا الأساسية تشريعية.

خلال السنوات الخمس الماضية، لم يكن هناك صوت حقيقي للعمال داخل المجلس. “من حق العمال يكون ليهم ممثلين في مجلس النواب زي ما رجال الأعمال ليهم ممثلين”. صحيح أن الأمر صعب في ظل هيمنة المال السياسي، لكنه “مش مستحيل”.
لقد شهدنا في الماضي نوابًا مثل البدري فرغلي وأبو العز الحريري ممن كانوا صوتًا حقيقيًا داخل المجلس، “لكن دلوقتي مافيش أي مساحه لصوت مختلف”.
ما هي أبرز ملامح برنامجك الذي تخوض به هذه المعركة؟
برنامجي ينقسم إلى شقين: قومي ومحلي.
على المستوى القومي، سأركز على التشريعات التي تمس حياة المواطن، مثل تعديل قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي الشامل، والدفاع عن الحق في التنظيم.

أما على المستوى المحلي في الإسماعيلية، فهناك أزمات كبيرة تحتاج إلى متابعة وضغط، مثل أزمة المواصلات الداخلية، والاستيلاء على الحدائق العامة، وتدهور الخدمات الصحية، ومشاكل المنطقة الصناعية، وحرمان المواطنين من الشواطئ العامة، كل هذه القضايا تحتاج إلى نائب قريب من الناس ويعبر عن مشاكلهم.
كيف ستواجه تحديات ضخمة مثل “المال السياسي” والتحيزات القبلية بإمكانياتك المحدودة؟
سيطرة المال على المشهد الانتخابي أزمة كبيرة بالنسبة لي، تبدأ من مبلغ التأمين البالغ 50 ألف جنيه، وهو رقم كبير جدًا بالنسبة لي، بينما هو “مبلغ ممكن حد من حزب الموالاه يكون بيصرفه في قاعدة على قهوة”.
اعتقادي أنني لن أستطيع مواجهة ذلك إلا بدعم الناس المقتنعين بي. حملتنا ستعتمد على التواصل المباشر مع الناس، وهو ما نسميه “طرق الأبواب”، وهذا كان اسم حملتنا في 2020.
على مدار السنوات الخمس الماضية، لم تتوقف الحملة عن التواصل مع الناس، وهذا يجعل مهمتنا هذه المرة أسهل. أملنا في الدعم العفوي والبسيط من الناس. “كان بيجيلنا ناس تقول إنها مقتنعه وبتؤيدني بس مافيش في إيده حاجة يقدمها غير دعم أحيانا كيس سكر وكيس شاي”.
أعلم أننا مقبلون على “معركة تكسير عظام”.
“لا يمكنني أن أطلب من أناس فقراء وجائعين ألا يأخذوا رشاوى، لكن ما بيدي أن أفعله هو أن أنزل إليهم وأطلب منهم أن ينتخبوا من يمثلهم حقًا”
وما هي أبرز المعوقات العملية التي واجهتكم سابقًا وتخشون تكرارها؟
واجهنا الكثير من المعوقات، أهمها غياب الحد الأدنى من المال، واتساع الدائرة الانتخابية الذي يتطلب تكاليف ضخمة. هناك أيضًا التكلفة الباهظة للدعاية، فكيف لمرشح مثلي أن يتحمل تكلفة لافتة إعلانية تؤجر بمئات الجنيهات في اليوم؟ يوم الانتخابات نفسه يمثل تحديًا، حيث نعجز عن توفير مواصلات للناخبين غير القادرين، أو توفير الطعام والشراب للمندوبين الذين يراقبون عمليات الفرز حتى نهايتها.
نداء أخير: “التردد يعيدنا إلى الخلف”
في ظل هذا المشهد المعقد، ما تقييمك لانتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة؟
ما حدث في هذه الانتخابات كارثة بكل المقاييس. من أهم مبادئ مجلس الشيوخ تعظيم الديمقراطية والحفاظ على الدستور، لكننا نجد هذه الانتخابات حاربت الديمقراطية وقضت عليها ولم تحترم الدستور.
وجدنا الرشاوى الانتخابية والانتهاكات أمام اللجان، وناخب لا يعرف من هو المرشح ولا دوره ولا برنامجه.

كان هناك أيضًا عزوف بالمعارضة عن المشاركة بسبب عدم جدوى الانتخابات، وانهيار الحيز المتاح في الفردي بشكل مأساوي، حتى خرج بالنتيجة صفر، وهذا كله أعطى انطباعًا بأن من يفكر في الترشح خارج القائمة لن ينجح.
أتمنى أن يكون هناك دور أكبر وحقيقي للهيئة الوطنية للانتخابات، فبالرغم من أهميتها، لم نجد بيانًا وحيدًا بالرغم من كمية الانتهاكات التي حدثت. رغم ما شاهدناه من قلة الأعداد المشاركة، أصدرت الهيئة تقارير بأعداد كبيرة شاركت في الانتخابات، وهذا منافٍ للحقيقة.
في الختام، ما هي رسالتك لمن يفكر في الترشح لكنه متردد، وما هي كلمتك الأخيرة للناخبين؟
نصيحتي لأي شخص لديه ثقة في نفسه وقادر على خوض هذه المعركة، مهما كانت إمكانياته ضعيفة: “لا تتردد”، التردد يعيدنا إلى الخلف.

أما رسالتي للناخبين، فنحن منهم، والتغيير لن يحدث إلا إذا أخذنا خطوة وشاركنا في الانتخابات، وأدركنا أن مسؤوليتنا هي اختيار من يمثلنا حقًا. “لو نزلنا جميعًا إلى صناديق الاقتراع، لن يستطيع أحد أن يسلبنا إرادتنا”. أعلم أن الناس سئمت من كلمة “انتخابات”، لكنها الوسيلة الوحيدة لتغيير واقعنا السياسي والاقتصادي.
