ما لا يقل عن 150 مواطنًا.. محبوسون بتهمة التضامن مع فلسطين

لم يكن يتوقع سيف الدين عادل خريج كلية الهندسة، الشاب الذي لم يكمل عامه الخامس والعشرين، أن ينتهي به الأمر إلى الانضمام لقائمة طويلة تضم ما لا يقل عن 150 شخص آخر، متهمين جميعًا بتهم واحدة ومكررة بالرغم من القبض عليهم في أماكن متفرقة.

لا يعرفون بعضهم البعض، لكنهم جميعًا مارسوا حقهم في التعبير عن رفضهم الإبادة الممنهجة في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وسائر ربوع فلسطين، فكانت النتيجة، تجديد حبسهم في مصر مع استمرار حبس الشعب الفلسطيني خلف أسوار الإبادة والتجويع.

في 20 أكتوبر 2023، خرجت مظاهرات في القاهرة وبعض المحافظات للتنديد بالحرب الصهيونية على قطاع غزة، بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى، فيما ألقت قوات الأمن القبض على العشرات من المواطنين على خلفية التضامن مع فلسطين، بين طلاب جامعات وخريجين، وفق بيانات حقوقية مستقلة لم تعلق عليها السلطات المختصة.

تعليق لافتة تضامنية

بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ألقي القبض على سيف الدين عادل من منزله يوم 13 مايو الماضي، وعلى مدار 21 يومًا لم تتمكن أسرته من التواصل معه أو معرفة سبب القبض عليه أو مكان احتجازه، بينما لم يتم البت في أي من الشكاوى المُرسلة إلى النائب العام بشأن القبض على سيف ومعرفة مكان احتجازه.

حققت نيابة أمن الدولة العليا مع عادل على ذمة القضية 3562 لسنة 2025 حصر أمن الدولة العليا، واتهمته بالانضمام لجماعة إرهابية، وأمرت بحبسه احتياطيًا لمدة 15 يومًا، بعد ضمه لقضية حُبس متهميها بعد تعليق بعضهم لافتات يعلنون فيها تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة.

مظاهرات التحرير لدعم فلسطين 2023 (وكالات)
مظاهرات التحرير لدعم فلسطين 2023 (وكالات)

وقد ألقي القبض على هؤلاء المتضامنين تباعًا، ومن بينهم المحامي سيف ممدوح والذي ألقي القبض عليه من مكتبه الواقع بالشارع نفسه الذي يقطن به سيف الدين عادل، وفق المبادرة.

تضم القضية آخرين من أصدقاء المتهمين المشاركين في تعليق اللافتات الداعمة لفلسطين، كانوا ضمن مجموعة محادثات مغلقة (جروب) على تطبيق التواصل الاجتماعي “واتساب” دون أن يشاركوا في أي شيء.

منذ بداية العدوان على غزة في أكتوبر 2023، واستمرار الإبادة الجماعية الدائرة إلى الآن بحق الشعب الفلسطيني، ألقت الشرطة القبض على 186 شخصًا موزعين على 16 قضية حصر أمن الدولة العليا، جميعهم متهمين بـ “الإرهاب”، وذلك على خلفية إبداء تضامن سلمي مع الشعب الفلسطيني بغزة.

 ليسوا أرقامًا

وفي أحدث توثيق، أكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، استمرار حبس 150 شخصًا موزعين على 12 قضية، مثل القضية 2635 لسنة 2023، والقضية 2469 لسنة 2023 والقضية 2468 لسنة 2023 والقضية 952 لسنة 2024 والقضية 1644 لسنة 2024 والقضية 164 لسنة 2024،  وتضم قائمة المتهمين ثلاثة أطفال على الأقل ألقي القبض عليهم عندما كانت أعمارهم لا تتخطى 18 عامًا.

طالبت المبادرة المصرية النائب العام المستشار محمد شوقي بإخلاء السبيل الفوري لكافة المتهمين المقبوض عليهم تعسفيًا على خلفية إبداء دعمهم لفلسطين، وإسقاط كافة التهم الموجهة إليهم، وحفظ كافة القضايا المفتوحة بهذا الشأن إلى الآن.

وبحسب المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فقد جرى القبض على 186 شخصًا على خلفية دعم فلسطين بينهم 114 شخصا مازالوا قيد الحبس الاحتياطي في إجمالي 20 قضية، وفق احصائيات مطلع العام الجاري، وذلك بعد إخلاء 43 بعد التحقيق معهم، و17 حالة تم إطلاق سراحها بدون محضر أو قضية، وترحيل 6 آخرين خارج مصر.

وأوضحت المفوضية أن أغلب من تم القبض عليهم خلال مشاركتهم في تظاهرات ووقفات احتجاجية سلمية دعمًا لفلسطين، والبعض الآخر تم اعتقاله من منازلهم على خلفية مشاركتهم في هذه التظاهرات أو النشر أو وجودهم ضمن مجموعات لدعم فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحسب آخر توثيق للحالات، لدى المفوضية، فقد جاءت حالات القبض للذكور أكثر من الإناث، حيث بلغت نسبة الذكور 161، فيما جاءت الإناث عددهن 25 سيدة.

تضامن شعبي واسع

وعلى مدار الفترة الماضية، أصدرت العديد من الأحزاب الديمقراطية والشخصيات العامة والهيئات بيانات تطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا فلسطين، فيما قدم البعض التماسات قانونية بذلك.

مجلس أمناء الحوار الوطني في يونيو 2024، تقدم بالتماس إلى الجهات القضائية المختصة، طالب فيه بإصدار قرارات في إطار القانون، للإفراج عن المحبوسين احتياطيًا على خلفية انخراطهم في أنشطة داعمة للشعب الفلسطيني.

مجلس أمناء الحوار الوطني
مجلس أمناء الحوار الوطني

وأشاد المحامي الحقوقي نجاد البرعي عضو مجلس الأمناء في تصريحات وقتها، بموقف أعضاء المجلس وتكاتفهم حول هذا المطلب ، مثمنًا دعم كل من ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني والمستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي للقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان المطروحة داخل مجلس الأمناء، موضحًا أنه قدّم قائمة بأسماء المحتجزين بسبب تضامنهم مع القضية الفلسطينية.

كما أصدر عدد من الأحزاب والشخصيات العامة بياناً جماعي للافراج عن المتضامنين مع القضية الفلسطينية ، وقع عليه كل من حزب الكرامة، وحزب الدستور، والحزب العربي الديمقراطي الناصري، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والحزب الشيوعي المصري، وحزب الوفاق القومي الناصري، والجبهة الوطنية لنساء مصر، وآخرين من الشخصيات العامة أبرزهم حمدين صباحي (الأمين العام للمؤتمر القومي العربي) والنقابية مني مينا، ود. كريمة الحفناوي.

كما نظم عدد من السياسيين وقفات احتجاجية عديدة على مدار العامين الماضيين، أمام نقابة الصحفيين للمطالبة بالإفراج عن سجناء التضامن مع فلسطين.

من جانبها، أدانت منظمة العفو الدولية القبض على المتضامنين المصريين مع القضية الفلسطينية، مطالبة الحكومة المصرية بالإفراج الفوري عنهم.

 

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة