مابين مطرقة الأسعار وضعف الدخول يواجه العمال والموظفين أزمات خصوصًا في الأعياد والمناسبات بالتحديد الدينية التي لها طبيعة خاصة لدى المصريين، حيث يأتي العيد الكبير ولا يستطيع الأباء والأمهات توفير وجبة "الفتة واللحمة" التي لها أهمية واحتفاء أول يوم العيد.
ويظل السؤال الذي لا يجد إجابة منذ سنوات لدى العديد من العمال:"نجيب منين كيلو لحمة ب 450 جنيه؟ هو المرتب فيه كام 450 جنيه؟ بنقضيها وأهو يوم ويعدي".
هذا حال من يتحصل على راتب شهري حتى ولو كان ضعيف، ما بالنا بمن تم فصله من عمله، أو توقفت الشركة لأسباب لا دخل للعمال بها، وأصبحوا بين ساعة وضحاها بدون عمل بدون دخل بدون حماية اجتماعية، حتى فرص الحصول على عمل جديد ليست بالسهلة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي.
موظفو البنك الزراعي:"نعيّد إزاي وإحنا مفصولين"
قالت وهي تبكي وفي شدة الإحر اج والإحساس بقلة الحيلة والعجز في حديثها لـ فكر تاني ، فُصلت بعد 25 عاماً وبدون تحقيق أو تحويللي إلى المحكمة لمحاسبتي إذا كنت مخطئة.
آمال إحدى موظفات البنك الزراعي التي تم فصلها هى وأكثر من 1200 موظف وموظفة على مدار خمس سنوات، دأبت فيها الإدارة على تخفيض العمالة بطريقة غير قانونية ودون دفع مستحقاتهم بالمخالفة للقانون.
تعمل أمال بالبنك الزراعي، منذ 25 سنة، معينة على القانون 79 لسنة 1975، كانت تتقاضى حتى لحظة فصلها في العام 2021، 10 آلاف جنيه، أصبحت الآن بدون دخل، وهى تعول بنتين وولد في مراحل التعليم المختلفة.
تواجه آمال الحياة بدون دخل وبدون زوج يساعد على متطلبات الحياة، بعد أن اضطر زوجها للسفر لليبيا للبحث عن فرصة عمل، ولكنه لم يتمكن حتى الآن بسبب سوء الأوضاع في ليبيا وندرة الفرص، وبالتالي لم يرسل لها أي نقود منذ سفره من شهور.
وتسائلت الموظفة التي لم تجد عمل لها بعد بعد فصلها وهى في سن الـ 49 عاماً "كيف ألبى طلبات أولادي من مصاريف تعليم وأكل وعلاج وإيجار للسكن، مضيفه، أنها طرقت كل الأبواب وكان الرد دائما " اللي في سنك يريح في البيت مايقدرش يشتغل في أي حته".
تعاني آمال من أمراض الضغط والسكر وبعض الالتهابات، وأصبحت بعد فصلها من العمل ووقف تأمينها بدون تأمين صحي، فتضطر أحيانا لصرف نوعيات غير مناسبة لحالتها الصحية، في مقابل أن تكون أرخص ثمناً، هذا في حال توفر بعض الأموال البسيطة، وأحياناً أخرى لا تشتري أدويتها بسبب عدم وجود أي نقود في المنزل.
عمال الشرقية للدخان: "مافيش عيد"
لم يكن حظ عمال الشركة الشرقية للدخان أوفر حظا من موظفي البنك الزراعي، لا يوجد من هو آمن في موقعه، الكل معرض للفصل والتشريد.
قال مصطفى خلف عضو مجلس إدارة السابق للجنة النقابية في الشركة الشرقية للدخان، وعضو مجلس صندوق العاملين بالانتخاب في حديثة لـ فكر تاني، والمفصول هو و6 عمال آخرين تعسفياً، من قبل هاني أمان رئيس مجلس الإدارة، أن "شريان الحياة توقف" بعد فصلهم بسبب اعتراضهم على فرض قبول عرض الشراء البالغ 5 مليارات جنيه، مقابل قيمة سوقية حقيقية تتجاوز 15 مليار جنيه، معتبرًا أن القانون الجديد لم يمنع استمرار مثل هذه الممارسات.

مازال خلف يراوده الأمل في العودة للعمل، وغير متقبل فكرة فصله بدون وجه حق وأن يصبح عاطل عن العمل بعد أن قضى أكثر من 25 عام في الشركة، ومن بين المفصولين من تخطى سنوات عمله 35 عاماً.
يخشى خلف تعثر المفاوضات وأن يتم تحويل الفصل إلى قضية بالمحكمة معللا ذلك " لو روحنا المحكمة هناخد تعويض مش هيوصل ل 10% من حقوقنا، وكمان إحنا مش عايزين نسيب الشغل اللي أفنينا فيه عمرنا".
يشعر خلف بعد الأمان، خصوصا بعد توقف دخله الذي كان لا يتعدى 7000 آلاف جنيه، مشيرا إلى صعوبة الحياة بتلك الدخول فما بالنا بمن فقد عمله ولا يتحصل على دخل شهري.
تساءل عضو صندوق العاملين، بحسرة وضيق "نعيد إزاي في الوضع ده، لا فيه إمكانيات مادية تسمح إننا نشتري لحمة بالمبالغ دي، ولا عندنا نفس بعد ما فقدت عملي علشان بدافع عن حقي وحق زمايلي، صعبان علينا يبقى فيه قانون جديد للعمال وبردو الفصل التعسفي مستمر وماحدش بيقف جنبنا".
أشار العامل المفصول إلى مشاركة خالد عيش رئيس النقابة العامة للصناعات الغذائية في مؤتمر منظمة العمل الدولية بجنيف، للحديث عن الأوضاع الاقتصادية ووضع العمالة والنقابات داخل مصر.
لافتاً إلى أن رئيس النقابة والممثلين عن الوفد المصري سيقدمون صورة مثالية عن استقرار الأوضاع، ولن يتحدث عن دوره النقابي عندما توجهت له لمحاولة حل الأزمة وعودتي وزملائي للعمل، حينها كان رد " ماكنش لازم تعملوا مشكلة وكنتوا عديتوا الموضوع زيكم زي غيركم".
عمال سيراميكا الأمير : لاعيد مع التشريد
أحيانا لا تكون الأزمة فقط المتسبب فيها العمال، واحتجاجهم الدائم لأوضاعهم كما يروج أصحاب الأعمال، تلك المره تسبب تقاعس جون جميل رئيس مجلس إدارة شركة سيراميكا الأمير عن تسديد التزاماته لدى شركة الغاز، مما اضطر الأخيرة إلى قطع الغاز عن الشركة، بعد بلوغ المديونية 100 مليون جنيه، هذا بخلاف مديونية شركة الكهرباء.
تحدث أحد عمال الشركة إلى فكر تاني، عن أن شركة الغاز قامت بقطع الغاز عن المصانع "لابوتيه، ماجيستك" وبالتالي توقف العمل منذ أسبوعين، بسبب تراكم الديون لدى شركات الغاز والكهرباء، وليس لديهم فكرة عن مصيرهم، هل سيكون هناك حل وتستأنف الشركة العمل أم ستعجز الإدارة عن السداد وبالتالي سيفقدون عملهم للأبد.
يتحصل العامل الذي تحفظ على ذكر اسمه، على 7100 جنيه في الشهر، يعمل بالمصنع حوالي 3000 عامل، جميعهم أصبحوا بدون عمل والكثير منهم توجه للبحث عن فرصه تعينه على مصاعب الحياة لحين حل الأزمة.
يؤكد العامل أن مناسبة العيد هذه المره مختلفه، ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار اللحوم وضعف المرتبات، بل لأنهم لم يحصلوا على راتب شهر مايو، بالرغم من انتهاء الشهر قبل حدوث الأزمة و" تقفيل إنتاج الشهر".
عمال ستيا : "اللحمة غالية"
تتشابة كثيرا أزمة عمال سيراميكا الأمير مع أزمة 3000 عامل وعاملة بشركة النصر للغزل والنسيج والأصواف الممتازة بالإسكندرية "ستيا" أبعد وقف تغطيتهم التأمينية الصحية، بعد أن توقفت الشركة القابضة للغزل والنسيج عن سداد حصتها لهيئة التأمين الصحي، مما أدى إلى تراكم مديونية تجاوزت 11 مليون جنيه، وذلك على الرغم من استمرار استقطاع اشتراكات التأمين من رواتب العمال.
هؤلاء العمال تتراوح رواتبهم مابين 3500 إلى 5300 جنيه، يعاني الكثير منهم من أمراض مزمنة.

تقول نادية إحدى الموظفات بالشركة، رواتبهم ضعيفه للغاية ولا تكفي الأكل والسكن والكسوة، خصوصا بعد وقف التأمين فأصبح بند العلاج يأكل من الراتب الجزء الأكبر، مشيرة إلى أن الشركة تصرف لهم منح العيدين ورمضان في شهور معينه، وترفض صرفها قبل الأعياد، وبالتالي لم يحصلوا على منحة العيد حتى يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم.
في حديثها لـ فكر تاني، تشرح نادية طريقة تدبير مصاريف المنزل في ظل ضعف راتبها الذي وصل إلى 5300 جنيه، أي أقل من الحد الأدنى للأجور، تضطر نادية إلى الشراء بالتقسيط على قسيمة شراء من أحد السوبر ماركت الكبيرة لحين صرف المرتب، وتحاسبه بالشهر.
تشير نادية إلى أنها لا تستطيع شراء لحمة في العموم بسبب ارتفاع سعرها الذي تجاوز الـ 450 جنيه، وأنها تتعامل مع مناسبة مثل العيد الكبير" في عيد اللحمة مش نشتري لحمة بأي حاجة بنمشي أمورنا لأن دي ظروفنا ومانقدرش نعمل أكتر من كده".
تضطر نادية إلى استقطاع جزء صغير شهريا من دخلها ودخل زوجها، حتى تتمكن بعد عدة أشهر، من شراء ملابس لها كي تتمكن من الذهاب لعملها يوميا.
عمال طنطا للكتان: " مانقدرش عليها"
يعاني عمال شركة طنطا للغزل والنسيج من ضعف المرتبات مثلهم مثل باقي عمال شركات القطاع العام والأعمال العام، من ضعف المرتبات التي لم تتجاوز الحد الأدنى للأجور 5000 جنيه في أحسن الأحوال.
يشير أحد العمال بالشركة يدعى أحمد جمال "اسم مستعار" أن إدارة الشركة صرفت لهم منحة العيد والتي تصل إلى شهر ونصف بواقع 2000 في العيدين الصغير والكبير ورمضان والدارس.

لفت جمال إلى أن المنح تحسب على الراتب الأساسي، الذي لا يتخطى 1500 جنيه، وهو أساسي 2019، هذا بالإضافة إلى التعنت في من قبل الشركة القابضة للصناعات الكيماوية على حساب الدرجات للعمال، والتي توقفت منذ بيع الشركة للمستثمر عبد الإله الكحكي وعودتها للدولة مرة أخرى. مشيراً إلى أهمية تحديد درجات وظيفية لهم مما يساهم في زيادة رواتبهم.
وبالرغم من ذلك، يقول جمال أن المرتبات ضعيفه ولا تكفي على شراء لحمة العيد، من يستطيع أن يشتري لحمة تكفي أسرة مكونة من ستة أفراد " هنحتاج حوالي 2 كيلو لحمة علشان تكفي وده معناه ألف جنيه، والمرتب ما يستحملش هنكمل الشهر إزاي هو المرتب فيه كام كيلو لحمة"؟.