بينما تستمر المداولات البرلمانية حول التوابع التشريعية للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، والذي يقضي بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر رقم 136 لسنة 1981، وسط ترقب شعبي في ظل رفض البرلمان للقانون المطروح من الحكومة، يعطي الحق للمالك في طرد المستأجر بعد مرور خمس سنوات من إقرار وسريان القانون، ما أشعل أزمة تتقاطع فيها اعتبارات العدالة الاجتماعية مع حقوق الملكية والعوائد الاستثمارية.
ومع اقتراب المهلة التي حددها الحكم لإنفاذ الأثر الدستوري في يوليو 2025، هناك سيناريوهات متباينة، وفق خبراء قانون تحدثوا لـ فكر تاني، تبدأ من التوافق البرلماني وتنتهي عند احتمالات تدخل رئاسي مباشر في حالة فشل البرلمان، مرورًا بمسارات قضائية قد تفتح الباب لفوضى في الأحكام وتضارب في تفسير القانون.

ليس هذا ما أقرته الدستورية العليا
يقول الفقيه الدستوري والخبير القانوني عصام الإسلامبولي إن الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا يقتصر على عدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية للوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجارات القديمة، موضحًا أن هذا الحكم لا يُفهم منه “التحرير الشامل” للعلاقة بين المالك والمستأجر، كما رُوّج في بعض الأوساط.
ويوضح الإسلامبولي، في تصريحاته لـ فكر تاني، أن جوهر الحكم يتعلق فقط بإلغاء تثبيت القيمة الإيجارية، مع ضرورة وضع ضوابط قانونية جديدة تضمن زيادتها بشكل تدريجي ومنضبط، بما يحقق توازنًا بين الحقوق الاقتصادية للمالك والاعتبارات الاجتماعية للمستأجر. ويشدد على أن الحكم لا يمس مدة العقد ولا أحكام التوريث، وهي قضايا سبق أن أكدت المحكمة دستوريتها في أحكام سابقة.
ويشير إلى أن البرلمان بات ملزمًا دستوريًا بإنجاز قانون جديد يضبط العلاقة الإيجارية خلال دور الانعقاد البرلماني الحالي، والذي ينتهي في يوليو 2025. وفي حال عدم صدور القانون في الموعد المحدد، فإن الحكم الدستوري يصبح نافذًا اعتبارًا من اليوم التالي لانتهاء الدورة البرلمانية، ما يفتح الباب أمام ثلاثة سيناريوهات رئيسية.

السيناريو الأول، وفقًا للإسلامبولي، هو “الحل البرلماني”، حيث ينجح البرلمان في صياغة قانون جديد يوازن بين حماية المستأجرين وضمان عائد عادل للمالكين، من خلال آلية تدريجية لزيادة الأجرة، بما يضمن استقرار الأسر وعدم المساس بحق السكن، وفي الوقت ذاته يشجع على إعادة ضخ الاستثمارات في القطاع العقاري المجمد منذ عقود.
أما السيناريو الثاني، فهو “التدخل الرئاسي في حال تعثر البرلمان”. وهنا، يشير الإسلامبولي إلى أن الدستور يخول رئيس الجمهورية سلطة إصدار قوانين في حالات الضرورة. وفي هذا السياق، يمكن للرئيس إصدار تشريع بديل بالتعاون مع مستشاري الرئاسة ووزارة العدل، في حال فشل البرلمان في أداء دوره، مؤكدًا أن مثل هذا التدخل لا يُعد تجاوزًا للسلطة التشريعية، بل تفعيلًا لصلاحيات استثنائية تكفلها نصوص الدستور.
ويحذر الإسلامبولي من السيناريو الثالث، المتمثل في لجوء الملاك إلى القضاء بشكل فردي لطلب زيادة الأجرة بناءً على الحكم الدستوري، ما قد يؤدي إلى تفاوت الأحكام بين المحاكم، نتيجة اختلاف تقديرات القضاة للقيمة العادلة، الأمر الذي قد يُربك المشهد القانوني ويؤدي إلى تعطيل العدالة، خاصة مع احتمالات الطعن أو تعليق القضايا لحين صدور تشريع جديد ينظم المسألة بوضوح.
تعديل القيمة الإيجارية دون طرد الملايين
ويؤكد المستشار عصام محمد رفعت القاضي السابق بمجلس الدولة، في تصريحات لـ فكر تاني، أن التعامل مع حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن الإيجارات القديمة يجب أن يستند إلى قراءة قانونية دقيقة، بعيدًا عن الانفعال أو اتخاذ خطوات متسرعة قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واسعة، مشددًا على أهمية الالتزام بروح الحكم دون المساس بحق السكن.
ويوضح رفعت، في حديثه لـ فكر تاني، أن الحكم لم يتضمن أي إشارة إلى “طرد” المستأجرين أو إنهاء العلاقة التعاقدية، بل ركّز على ضرورة تصحيح الخلل في العلاقة المالية بين المالك والمستأجر، في ضوء المتغيرات الاقتصادية الراهنة وارتفاع تكاليف المعيشة، مشيرًا إلى أن الهدف من الحكم هو إعادة تقدير القيمة الإيجارية بما يتناسب مع الواقع، دون أن يمس الأمان القانوني للمستأجرين.

ويشير إلى أن العلاقة الإيجارية، من حيث الأصل، تُعد علاقة تعاقدية قائمة على الإرادة الحرة بين طرفين، ولا تُلغى أو تُعدل بتدخل حكومي إلا في إطار المصلحة العامة. ويستعرض الخلفية التاريخية لقوانين الإيجار القديمة، موضحًا أن الدولة تبنّت هذه السياسات لتحقيق توازن اجتماعي خلال فترات كانت فيها ملكية العقارات صعبة المنال، في ظل ارتفاع تكلفة البناء آنذاك (التي لم تكن تتجاوز 12 إلى 15 ألف جنيه للعقار الكامل) مقارنة بقدرة المستأجرين على تحمل الأعباء المالية.
ويتابع رفعت بأن المشرّع منح المستأجر حماية قانونية ممتدة نظرًا لضعف مركزه المالي مقارنة بالمالك، حيث كان المقابل الإيجاري يعتبر مرتفعًا بالنسبة للعديد من الفئات، خاصة في المناطق الشعبية، وهو ما يستدعي تدخلًا قانونيًا لضمان الاستقرار الاجتماعي.
ويضيف أن التفاوت في مستويات المعيشة بين مناطق مثل المهندسين ومصر الجديدة، مقارنةً بشبرا أو إمبابة، عكس واقعًا اقتصاديًا واجتماعيًا متباينًا، يجب أخذه بعين الاعتبار عند مناقشة أي تعديل تشريعي.
الكارثة المحتملة مع تغيير القانون
ويحذّر المستشار عصام محمد رفعت، القاضي السابق بمجلس الدولة، من المضي في تعديل شامل لقانون الإيجار القديم، كما تقترح الحكومة استنادًا إلى حكم المحكمة الدستورية العليا. ويقول إنه قد يفضي إلى ما يصفه بـ”نكبة اجتماعية” واسعة النطاق، مشيرًا إلى أن تنفيذ هذا التوجه سيؤدي إلى طرد نحو 3 ملايين أسرة، أي ما يقارب 10 ملايين مواطن، متسائلًا: “أين سيقيم هؤلاء؟ وكيف ستُعاد صياغة الخريطة الاجتماعية بين الطبقات؟”.
ويؤكد رفعت أن السيناريو الأكثر توازنًا يتمثل في تعديل القيمة الإيجارية فقط، دون المساس بحق الإقامة أو الدفع نحو الإخلاء القسري، مشيدًا بقرار البرلمان رفض مشروع القانون الحكومي، الذي كان يقضي بطرد المستأجرين بعد خمس سنوات من تطبيقه، معتبرًا ذلك خطوة رشيدة تصب في مصلحة الاستقرار الاجتماعي وتؤسس لمعالجة الأزمة ضمن إطار آمن وعادل.
وينبّه إلى أن طرد المستأجرين من مساكنهم سيؤدي إلى تفجر موجة من الجرائم والانفلاتات الاجتماعية، فضلًا عن إهدار الحق الدستوري في السكن، مشددًا على أن حماية هذا الحق يجب أن تكون أولوية لا يمكن التنازل عنها.
ويضيف رفعت أن عدم التوصل إلى صيغة قانونية توافقية قبل الأول من يوليو 2025، وهو الموعد الذي حددته المحكمة لتفعيل حكمها، سيدفع الملاك إلى اللجوء للقضاء للمطالبة بتطبيق الحكم، ما يفتح الباب أمام موجة طويلة من النزاعات القضائية حول تقدير القيمة الإيجارية الجديدة، في ظل غياب إطار تشريعي جامع.
وفي هذا السياق، يطرح رفعت خيارين بديلين للخروج من الأزمة: الأول، تدخل رئاسي مباشر لرفض مشروع القانون الحالي وتوجيه الحكومة بصياغة قانون بديل يمنع الطرد ويقر رفعًا تدريجيًا للقيمة الإيجارية استنادًا إلى معادلة عادلة تحفظ مصالح المالك وتراعي ظروف المستأجر. والثاني، إقرار فترة انتقالية تمتد إلى 15 عامًا، تتولى خلالها الدولة تنفيذ خطة متكاملة لتوفير مساكن بديلة بمواصفات مماثلة، بما يضمن الحفاظ على التركيبة الاجتماعية وتمكين المواطنين من التأقلم مع التغيرات المحتملة.
ويشدّد رفعت على أن التسرع في إصدار تشريع غير مدروس يهدد النسيج المجتمعي، داعيًا إلى التمسك بحلول متوازنة تضمن تنفيذ حكم المحكمة دون المساس بالحقوق الدستورية أو الدفع نحو الفوضى. وخلص إلى أن المسار الآمن يبدأ من تعديل تدريجي وعقلاني للقيمة الإيجارية، ورفض كامل لفكرة الطرد الجماعي.
6 سيناريوهات لحل أزمة الإيجار القديم
ويرى الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، أن أزمة قانون الإيجار القديم تمثل تحديًا دستوريًا وقانونيًا يتطلب إيجاد حلول متوازنة تراعي حقوق جميع الأطراف، بما في ذلك الحق في السكن والملكية الخاصة، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
ويؤكد مهران، في حديثه لـ فكر تاني، أن الحل الأول والأكثر منطقية يتمثل في الالتزام الكامل بحكم المحكمة الدستورية العليا، الذي شدد على ضرورة إعادة التوازن العقدي بين المالك والمستأجر، دون المساس بحق الإقامة. ويشير إلى أن هذا الحل يتطلب تشريعًا يضمن زيادة تدريجية للقيمة الإيجارية بما يتناسب مع القيمة السوقية الحقيقية للعقارات، مع وضع ضمانات اجتماعية للفئات غير القادرة على تحمل الزيادة.

ويقول إن السيناريو الثاني يتضمن إصدار قرار بقانون من رئيس الجمهورية استنادًا للمادة 156 من الدستور، نظرًا لما تمثله المسألة من حالة ضرورة تستدعي اتخاذ تدابير عاجلة، خاصة مع اقتراب الموعد المحدد من المحكمة الدستورية. كما لفت إلى رفض البرلمان للقانون المقدم من الحكومة.
أما السيناريو الثالث، فيتمثل في تشكيل لجنة وطنية عليا تضم ممثلين عن الملاك والمستأجرين والقضاء والخبراء لصياغة مشروع قانون توافقي يقدم للبرلمان قبل حلول الموعد النهائي.
وفيما يتعلق بالسيناريو الرابع، يقترح مهران إمكانية طلب تفسير تكميلي من المحكمة الدستورية العليا حول آليات تنفيذ حكمها، مع طلب مهلة إضافية لتنفيذ الحكم بشكل تدريجي، مما يضمن عدم حدوث اضطرابات اجتماعية أو سكنية.
أما السيناريو الخامس، فيقترح فيه مهران إنشاء صندوق تعويضات حكومي للملاك المتضررين، مع استمرار العلاقة الإيجارية لفترة انتقالية محددة بشروط جديدة، وهو ما يتماشى مع مبادئ العدالة الانتقالية.

ويشير إلى السيناريو السادس الذي ينطوي على تطبيق نظام التعويض العيني، من خلال منح المالك حقوقًا تنموية واستثمارية في عقارات أخرى مملوكة للدولة، أو إعفاءات ضريبية مقابل استمرار العلاقة الإيجارية بشروط معدلة.
وفي حالة عدم التوصل إلى حل تشريعي قبل الأول من يوليو، حذر مهران من أن القضاء سيكون ملزمًا بتطبيق القواعد العامة في القانون المدني، مع مراعاة الحقوق المكتسبة، وهو ما قد يؤدي إلى تضارب في الأحكام وخلل في المراكز القانونية.
ويؤكد مهران أن مصر ملتزمة بموجب الاتفاقيات الدولية بحق السكن الملائم، مع حماية حق الملكية الخاصة، وهو ما يتطلب إيجاد حل شامل يوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
كما يقترح مهران فكرة إنشاء صندوق للمستأجرين، حيث يمكنهم الحصول على وحدات سكنية بديلة بتيسيرات تمتد إلى 30 عامًا، مع فائدة سنوية منخفضة، مما يسهم في تيسير تمليك المستأجرين لوحدات سكنية بديلة.
عرض شراء الوحدات السكنية على المستأجرين عبر البنوك
ويرى الخبير القانوني صالح حسب الله الجبالي، المحامي بالنقض والدستورية العليا، أن الحل الأمثل لأزمة الإيجار القديم يتمثل في عرض شراء الوحدات السكنية على المستأجرين عبر البنوك، مع تقسيط قيمتها على سنوات طويلة بضمان المعاش أو الوحدة السكنية نفسها.
ويؤكد الجبالي، في حديثه لـ فكر تاني، أن هذه الحلول تضمن تملكًا تدريجيًا للمستأجرين دون المساس بحق السكن، كما توفر فتح باب التفاوض بين المالك والمستأجر بشكل حر، مما يؤدي إلى توافق الطرفين على شروط جديدة وعادلة.

ويقترح الجبالي أيضًا تطبيق قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، والذي ينص على إنشاء اتحاد شاغلين للعقارات القديمة، يكون مسؤولًا عن أعمال الصيانة والتشطيب، بدلًا من استمرار تحميل المستأجر بهذه الأعباء وحده.
ويحذر الجبالي من أن عدم صدور التعديل قبل نهاية دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب قد يؤدي إلى دخول حكم المحكمة الدستورية حيز التنفيذ، مما يعني الفسخ التلقائي للعقود القائمة، ما لم يتفق الطرفان على قيمة إيجارية جديدة، وهو ما قد يفتح الباب أمام سلسلة من الدعاوى القضائية ويؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية.
ويتوقع الجبالي أن مشروع قانون الإيجار القديم الذي طرحته الحكومة مرشح للسحب، نظرًا لعدم اتساقه مع حكم المحكمة الدستورية، خاصة فيما يتعلق بالمبالغة في الزيادات والنص على إنهاء العلاقة بعد خمس سنوات، بينما لا يزال الامتداد القانوني للأجيال قائمًا بحكم 2002.
ويؤكد الجبالي أن قانون الإيجار القديم لعب دورًا تاريخيًا في ضمان سكن ميسور التكلفة لملايين المصريين، ما ساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لفئات واسعة من المجتمع. إلا أن استمرار العمل بهذا النظام، دون مراجعة جدية، حمل أعباء اقتصادية على الملاك الذين لم يتمكنوا من استثمار ممتلكاتهم بشكل عادل بسبب تجميد القيمة الإيجارية لعقود.

ويوضح الجبالي أن الدستور المصري كفل صون الملكية الخاصة وأكد أنه لا يجوز المساس بها إلا في حالات استثنائية، مع مراعاة الوظيفة الاجتماعية للملكية، مثل ضمان استقرار سكني لشريحة واسعة من المجتمع. كما يشير إلى أن استمرار العمل بالقوانين الاستثنائية بعد زوال أسبابها يمثل انتهاكًا لحق الملكية.
ويحذر من أن تطبيق أي قانون بأثر رجعي على العلاقات الإيجارية القديمة يعد خرقًا لمبدأ عدم رجعية القوانين، وهو مبدأ دستوري مستقر، مؤكدًا أن تحميل المؤجر التزامات جديدة غير متفق عليها من قبل يعرض القانون للطعن أمام المحكمة الدستورية العليا، مما يزيد من تعقيد الوضع القانوني.
ويلفت الجبالي أيضًا إلى ضرورة النظر في المبالغ التي دفعها المستأجرون عند تحرير العقود تحت مسمى “خلو” أو “مقدم”، رغم أنها لم تكن مثبتة في العقود ومخالفة للنظام العام في ذلك الوقت. ويقول إن هذه المبالغ كانت واقعة شائعة بين الطرفين، ويجب أخذها في الاعتبار عند إعادة النظر في العلاقة التعاقدية.
مقترح بالتأجيل وطلب مهلة من الدستورية
وتحذر الخبيرة القانونية فاطمة الزهراء غنيم، عضوة مجلس نقابة المحامين السابقة، من أن مشروع قانون الإيجار القديم الذي طرحته الحكومة مؤخرًا يواجه شبهة البطلان الدستوري منذ لحظة تقديمه، معتبرةً أنه يتعارض بوضوح مع الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا، مما يجعله عرضة للإلغاء حال إقراره بصيغته الحالية.
وفي تصريحاتها لـ فكر تاني، تؤكد غنيم أن المشروع لا يقتصر على مخالفة النصوص الدستورية، بل يحمل في طياته مخاطر قانونية واجتماعية فادحة، قد تُفضي إلى أزمة مجتمعية يصعب احتواؤها لاحقًا.
وتوضح أن التطبيق الفعلي لبنود القانون، لاسيما ما يتعلق برفع الأجرة تدريجيًا أو إخلاء الوحدات بعد خمس سنوات، قبل صدور حكم لاحق بعدم دستوريته، سيضع الدولة في مأزق قانوني واجتماعي كبير، ويؤدي إلى حالة من الفوضى في الحقوق المكتسبة.

وتتساءل غنيم عن الموقف القانوني في حال صدور قرارات تنفيذية بناءً على القانون الجديد، ثم إبطاله لاحقًا من المحكمة الدستورية، مؤكدةً أن ذلك من شأنه أن يخلخل التوازن القضائي والاجتماعي، ويطلق موجة غير مسبوقة من النزاعات القانونية.
وتقدّم غنيم تصورًا لحل الأزمة، مقترحةً خيارين أمام البرلمان والحكومة. أولًا، سحب المشروع الحالي وإعادة صياغته بما يتوافق صراحة مع منطوق حكم المحكمة الدستورية، مع تضمينه تعديلات تضمن حماية المصالح المشتركة لكلا الطرفين. أما الخيار الثاني، والذي تصفه بالأكثر واقعية وأمانًا، فيكمن في طلب مهلة زمنية إضافية من المحكمة الدستورية، تسمح بإجراء حوار مجتمعي متكامل قبل صياغة قانون بديل عادل ومتوازن.
وتشدد غنيم على أن الصيغة الحالية للمشروع تعكس انحيازًا واضحًا لرؤية الملاك، في تجاهل شبه تام لمعاناة المستأجرين وحقوقهم في الاستقرار، وهو ما يجعل القانون المقترح مخالفًا لمبدأ العدالة الدستورية ويهدد بفقدانه المشروعية القانونية والاجتماعية.
وتختتم بالتحذير من استعجال تمرير التشريعات التي تمس ملايين المواطنين، داعية إلى التريث وتجنب ما وصفته بـ”سلق القوانين”، مشددة على أن التشريعات المؤثرة يجب أن تُبنى على أسس راسخة من التوازن والتوافق الوطني، لا على حساب الضغوط السياسية.
وتختم فاطمة الزهراء حديثها بالتأكيد على ضرورة التريث وعدم “سلق” القانون – على حد تعبيرها – لأن القوانين المصيرية التي تمس حياة ملايين المواطنين يجب أن تُبنى على أسس من التوازن والعدالة الدستورية، لا على أساس الضغوط والسرعة السياسية.
