"حين توفى زوجي، ظننت الناس حولي سوف يسندوني، لكنني وجدت نفسي أنكسر على يد من ظننته سندًا"..
في لحظة محورية -رغم كل ما بذلته من جهد وتضحية- تجد نفسها فجأة مطالبةً أن تثبت جدارتها وولايتها. تُدفع إلى أروقة المحاكم تنتظر الموافقة على طلبها وهي تتوسل حقها. كأن حياتها وحياة أطفالها، لا تعني شيئًا إلا إذا تقدمت بطلب رسمي يعترف بوجودها كأم قادرة على رعاية شؤون أطفالها ماليًا.
"تزوجي شقيقه كي أوافق".. حين تتحوّل الولاية المالية إلى أداة ابتزاز ضد أم أرادت، فقط، تربية أولادها. بدأت تحكي والكلمات تتسرب من جرح لم يُغلق، نظراتها شاردة في بلاط الغرفة، ودمعة معلقة في زاوية العين، لم تسقط بعد.

اسمها أمينة، أرملة في التاسعة والعشرين من عمرها من محافظة قنا. فقدت زوجها في حادث أثناء عمله وهو يجمع محصول القصب، لتبقى من بعده وحيدة تحتضن طفلين، وتحاول أن تستعيد توازنها وسط خراب لم يخبرها به أحد، كما لم يخبرها أحد أن القادم أشد قسوة من الفقد ذاته.
تقول أمينة لـ فكّر تاني، إن والد زوجها لم يمدّ لها يد العون، بل تسلط عليها مستندًا على القانون الذي منحه الولاية الشرعية على حفيديه، فصار المتحكم الوحيد في أموالهما، وأوراقهما الرسمية، وتعليمهما، وحتى علاجهما.
"كلما قصدت جهة رسمية لإنهاء أوراق تخص أولادي، مثل شهادة ميلاد أو تحويل دراسي، أو حتى صرف المعاش، يقولون: لا بد من توقيع الجد. لكنه يرفض، لأنني لم أوافق على الزواج من ابنه الآخر!".
وتتابع أمينة -اسم مستعار- أن الجد فور وفاة ابنه، بدأ في الضغط عليها ماديًا ونفسيًا. رفض التوقيع على مستندات المعاش، ومنعها من بيع قطعة أرض كانت تنوي أن تبني عليها بيتًا صغيرًا، بل صرّح بنيّته: "إذا أردتِ أن تعيشي بكرامة، فتزوجي شقيقه. نحلّها بالحلال، ويبقى الأطفال في بيت العائلة، ساعتها، أوافق على كل شيء!!"
العرض كان صريحًا ومؤلمًا: زواج مقابل الحقوق الشرعية لأبنائها: "أنا لست ضد الزواج، لكن هل يُعقل أن أُجبر على الاقتران برجل لا يطيقني، فقط لأن والده يريد أن يُبقي الأطفال تحت سيطرته؟!"
وتضيف، أن الجد تعمّد تعقيد كل ما يتعلق بالطفلين، فرفض التوقيع على أوراق التأمين الصحي، وعرقل نقلهما إلى مدرسة حكومية قريبة، واشترط حضوره الشخصي في كل معاملة مالية.
"حتى عندما حصلت على تقرير طبي يُثبت حاجة ابني للعلاج على نفقة الدولة، رفض التوقيع، وقال لي بالحرف: الزواج يحل كل هذا".
تقول أمينة إن الضغط النفسي كان أقسى من أي ضائقة مادية. شعرت كما لو كانت فاقدة الأهلية، رغم أنها الأم، والمربية، والعاملة التي تقضي يومها بين طوابير الجمعيات والخياطة في البيوت لتؤمن الحد الأدنى من احتياجات طفليها.
"كنت أعمل عشر ساعات يوميًا، وفي النهاية ما بيدي لا يكفي، وأعجز عن الوصول لما يخص أولادي، لأن الولي الشرعي يرى أنه صاحب سلطة لا صاحب مسؤولية".
على مدار عامين، طرقت أمينة أبواب المحاكم سعيًا لنقل الولاية المالية لها، لكن المسار القضائي معقد وبطيئ، يميل غالبًا لصالح الرجل الأكبر سنًا، حتى وإن غاب عن حياة الأحفاد.
"هو لا يراهما، لا ينفق عليهما، ولا يسأل عنهما، لكنه يمسكهما مثل ورقة الضغط. وأنا، الأم التي لم تتخل، باتت محاصرة داخل قانون لا يعترف إلا بالنوع الاجتماعي، لا بالفعل".
تختم أمينة حكايتها بجملة تختصر وجعها الطويل: "أصعب ما في الأمر أن تكوني من تُربي وتخاف وتتوجع، ثم تجدي نفسك بلا قرار، فقط لأنك لستِ وليًا، رغم أنكِ كل يوم تكونين الأم، والأب، والسند!!".
اقرأ أيضًا:اسم الأم.. “خانة” غائبة عن البطاقة حاضرة في معاناة النساء
بين نارين
لا تقتصر معاناة النساء في المجتمعات المصرية، في ممارسة أبسط حقوقهن، لا سيما حين يتعلق الأمر بإدارة الأموال الخاصة بأبنائهن بعد وفاة الزوج أو غيابه، على وضعهن القانوني فحسب، بل تمتد إلى تأثيرات مجتمعية قاسية تضعهن في مواضع لا تحسد عليها.
يقول صلاح الطحاوي المحامي بالنقض وأستاذ القانون الدولي والمحكم بوزارة العدل، أن الولاية الطبيعية على الأبناء تكون للأب طوال حياته، إلا أن الأم تُمنح ولاية تعليمية بحكم قضائي حال حدوث منازعات بينها وبين الزوج، خاصة بعد وقوع الطلاق، حيث تصبح هي الحاضنة، وتؤول إليها الولاية التعليمية بموجب قرار من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الأسرة.
ويوضح الطحاوي لـ فكّر تاني: "الولاية الشرعية تنتقل إلى الجد للأب بعد وفاة الأب، ما لم يتنازل عنها لصالح الأم أو الأرملة، وهنا تُمنح الأم وصاية على أموال أبنائها القُصر بلا أجر، وتُسمى "وصاية بلا أجر"، وهي نابعة من أحد المذاهب الإسلامية المعتمدة في الشريعة".

ويشير إلى أن الأم في هذه الحالة تتقدم للنيابة الحسبية التابع لها محل إقامتها بطلب الوصاية، وتُرفق معها شهادة وفاة الزوج. وإذا وُجد الجد للأب، فيمكن أن يتنازل عن الولاية لكونه متقدمًا في السن وغير قادر على إدارة شؤون القُصر، ليصدر قرار من النيابة بإسناد الوصاية للأم.
"النيابة الحسبية هي الجهة الأصلية المشرفة على أموال القُصر، ولا يجوز للأم التصرف في أموال أو ممتلكات أبنائها إلا بإذن مسبق من النيابة، سواء كانت أموالًا نقدية أو عقارات. وفي حال وجود ممتلكات غير مُدرة للعائد، يجوز للأم التقدم بطلب لبيعها لمصلحة القُصر، ويتم ذلك بعد تقييم العقار من قبل خبير تنتدبه النيابة، على ألا يقل ثمن البيع عن القيمة المقدّرة".
اقرأ أيضًا:وصمة الألم.. نساء يُعِدن اكتشاف أجسادهن
ويشدد الطحاوي على أن هذه الإجراءات تهدف لحماية حقوق القُصر وضمان عدم إساءة استخدام الأموال، خاصة في الحالات التي قد تتزوج فيها الأم بعد وفاة الزوج، ويكون الزوج الجديد غير أمين على أموال الأبناء. مضيفًا: "هذه هي فلسفة المشرّع المستمدة من الشريعة الإسلامية، وتتوافق مع الدستور وتصب في مصلحة الأبناء القُصر".
ويؤكد أن الأم بصفتها وصية بلا أجر لا تستطيع الإنفاق من أموال أبنائها على أي بند –التعليم أو الغذاء أو الكسوة– دون الحصول على إذن مسبق من النيابة الحسبية، بما يضمن الرقابة وحسن التصرف في الأموال.
"يتيح القانون حلولًا واضحة لحالات تعنت الجد في منح الولاية، حيث يمكن للأم التقدم بشكوى للنيابة الحسبية لطلب إسقاط ولاية الجد حال وجود خلافات حادة أو تعسف يؤثر على الأبناء، وفي هذه الحالات تقوم النيابة بالتحقيق وسماع الشهود وفحص الأدلة، وإذا اقتنعت بوجود تعنت يصدر قرار بنقل الوصاية للأم".
ويوضح المحامي، أن النيابة تنتدب خبيرًا لتقييم العقارات غير المدرة للدخل حال طلب بيعها، ويودع ثمن البيع تحت إشرافها في أحد البنوك لصالح الأبناء.
وفيما يتعلق بالمقارنة بين القانون المصري وغيره من الدول، يقول صلاح الطحاوي، أن قانون الولاية على المال في مصر يستمد شرعيته من الشريعة الإسلامية، وفقًا للمادة الثانية من الدستور، التي تعتبر الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع: "لا يجوز مقارنة الوضع في مصر بدول أخرى مثل فرنسا أو المغرب أو تونس، التي لا تطبق الشريعة الإسلامية بشكل كامل في قوانين الأحوال الشخصية، لأن القياس هنا سيكون مجحفًا".
ويختتم الطحاوي بالإشارة إلى أن فلسفة القانون المصري تهدف إلى تحقيق المصلحة الفضلى للقُصر، من خلال تنظيم دقيق للوصاية المالية وضمان وجود رقابة قضائية حقيقية تحول دون التلاعب أو الإضرار بمستقبل الأبناء.
جدير بالذكر أن المغرب يضمن حق المرأة في طلب الطلاق لأسباب متعددة، وهو ما يميزها عن عديد من الدول العربية الأخرى.
"المال في البنك.. لكننا جوعى"..
في غرفة ضيقة فوق سطح منزل قديم بإحدى قرى الصعيد، تجلس منى، أم لثلاثة أطفال، تتابع الغروب من نافذة مكسورة، بينما توزع بقايا طعام بسيط على أبنائها. تدرك تمامًا أن آلاف الجنيهات مودعة باسمهم في البنك، لكنها لا تملك حق التصرف فيها.
تقول منى -اسم مستعار- لـ فكّر تاني: "جوزي كان بيشتغل في الخليج، وموفر لولاده كل حاجة، لكنه رجع في كفن. وساب لنا رصيد محترم باسمه واسم العيال. بس بعد ما مات، اكتشفت إن الفلوس دي كأنها مش موجودة، لأنها مش في إيدينا!!".
بعد وفاة الزوج، وجدت منى نفسها محاصرة بقانون الولاية المالية، الذي يمنح الجد –والد الزوج المتوفى– الحق في إدارة أموال الأطفال القُصَّر، رغم أنها الحاضنة الوحيدة والمسؤولة عنهم.
"أول سنة، كنا بنصرف من اللي باقي معايا، ولما الفلوس خلصت، رحت أطلب من جدهم يصرف حاجة من حسابهم علشان المدرسة.. رفض، وقال: أنا حر!".
لم يكتف الجد برفض الإنفاق على مصروفات الدراسة، بل امتنع عن التوقيع على أوراق تخص التأمين الطبي للطفلة الصغرى، ورفض تقديم كشف حساب يوضح كيف تُدار أموال الأطفال. تحوّلت الولاية إلى أداة صامتة لعقاب الأم، دون وجود قانون يردع هذا الاستخدام القاسي للسلطة.
"أنا مش طالبة حاجة لنفسي، دول ولادي! وكل شوية يقول الجد: ماليش دعوة، انتي اللي مخلفة، اتصرفي!"
تقول منى إن العلاقة بين عائلتها وعائلة الزوج توترت بعد الوفاة، وهو ما انعكس على سلوك الجد، الذي –بحسب روايتها– قرر معاقبتها بحرمان الأطفال من أبسط حقوقهم المادية.
"بعت تليفوني وجهاز العروسة اللي كان لسه متغلف، علشان أشتري كتب المدرسة.. وأنا عارفة إن فلوسهم موجودة في البنك، بس بتتحكم فينا ورقة عليها اسم الجد".
لجأت إلى محامي في محاولة لرفع دعوى لضم الولاية المالية، لكنه أخبرها بأن الإجراءات معقدة، وتتطلب إثبات إهمال جسيم أو ضرر مباشر على الأطفال، بل أكد المحامي أن المحكمة لن تُسقط عنه الولاية بسهولة، فيجب أن يتم إثبات الضرر.
بمرور الوقت، تعثر تعليم الأطفال، واضطربت حياتهم اليومية، لا علاج منتظم، ولا طعام كافٍ، ولا حتى ملابس شتوية مناسبة، الأم تُربي وتُعيل، لكنها لا تملك القرار.
"بنتي سألتني مرة: ماما إحنا فقرا ليه؟ أنا قلت لها إحنا مش فقرا، إحنا متحاصرين بتوقيع واحد بس.. توقيع جدك!"
وتتساءل منى: لماذا تُنتزع سلطة القرار المالي من الأم الحاضنة، وتُمنح لمن لا يشارك في المسؤولية، بل يستخدمها أحيانًا سلاحًا ضدها؟

لكل ذلك، الكاتب والباحث في العلوم الجنائية الدكتور عمرو عبد الرازق تعلب، يطالب في حديثه مع فكّر تاني، بتعديل قانون الولاية على المال بما يتيح للأم مباشرة حق الوصاية المالية على أطفالها بعد وفاة الأب دون الحاجة إلى تقديم طلب رسمي، ما لم يكن هناك مانع قانوني أو نزاع قائم يمنع ذلك، مؤكدًا أن النصوص الحالية تمنح الولاية بدايةً للأب ثم للجد الصحيح، في حال لم يعيّن الأب وصيًا على أموال القاصر.
ويشير عبدالرازق، إلى أن القانون القائم يمنح الولي الطبيعي صلاحيات واسعة لا تتطلب إجراءات مسبقة، بخلاف ما يحدث في حالة وصاية الأم، إذ تُلزَم بتقديم طلب رسمي وانتظار البت فيه، رغم عدم وجود منافس أو مانع قانوني. ويرى أن هذا الإجراء يعكس تمييزًا ضمنيًا ضد الأمهات، ويحمّلهن أعباء إدارية إضافية دون مبرر موضوعي.
اقرأ أيضًا:التهابات شهر العسل.. حين يبدأ الطلاق في الفراش
يعرض المقترح التشريعي الجديد عددًا من التعديلات الجوهرية، أبرزها النص صراحة على أن تكون الوصاية للأم في حالة وفاة الأب، على أن تُعطى الجهة المتضررة حق الطعن أمام القضاء. وتقوم نيابة شؤون الأسرة بمراجعة الطلبات ذات الصلة، بما يضمن توازنًا بين سهولة الإجراءات وحماية المال العام والخاص للأطفال القُصر.
يدعو هذا المقترح إلى تحديث إجراءات النيابة الحسبية والمجلس المختص، لا سيما فيما يخص تسريع صرف الأموال المخصصة للعلاج الطارئ أو العمليات الجراحية أو استخراج الأوراق الرسمية أو تغطية نفقات التعليم والتأمين الاجتماعي للأطفال، مستندًا إلى التعديلات التي طرأت بموجب قانون رقم 176 لسنة 2020، والكتاب الدوري رقم 3 لسنة 2020 الصادر عن النائب العام.
ويؤكد عبد الرازق على ضرورة تعزيز ثقة الدولة في الأمهات بوصفهن مؤهلات لتحمل مسؤولية إدارة أموال أطفالهن، من خلال منح الأم الوصية ذات الصلاحيات التي يملكها الولي الطبيعي. وتخفيف القيود المفروضة على الأم بصفتها وصية، مع مراجعة الرسوم المفروضة على قضايا التركات، والابتعاد عن الأحكام المسبقة المبنية على النوع الاجتماعي، مؤكدًا أن معيار تقدير الطلبات يجب أن يرتبط فقط بالمستوى المعيشي للقصر دون النظر إلى الخلفية الشخصية لمقدمي الطلبات.
اقرأ أيضًا:باسم “السُترة”.. الأمثال الشعبية تُكرس العنف ضد النساء
طعنة الجد
تجلس سهام في ركن الغرفة، تحت صورة قديمة لزوجها الذي رحل قبل خمس سنوات حين عمل بإحدى دول الخليج. تحمل بين يديها فنجان شاي بارد، وحولها صمت ثقيل يشبه فراغ الأرض التي لم تعد لها ولا لأولادها.
"جوزي مات وهو مسافر، وساب لنا أرض.. كنت بحسبها هتبقى ضهر لولادي.. طلعت للآخرين"..
تلقت سهام صدمة مضاعفة بعد وفاة زوجها، تعيش ذات الـ 42 عامًا في محافظة قنا. وإلى جانب ألم الفقد، وجدت نفسها بلا ولاية مالية، عاجزة أمام قانون يمنح والد زوجها –الجد– حق التصرف الكامل في أملاك أطفالها القُصر.
"أنا عندي ولد وبنت على وش جواز، ولسه شايلة طفلين صغيرين، لحمة حمرا.. ومش قادرة أفتح بيت، وكل ما أفكر أبيع حتة أرض نصرف منها، وألاقي ألف باب مقفول".. تقول سهام -اسم مستعار- لـ فكّر تاني.
العادات في قريتها شكلت حاجزًا أمام أي محاولة للتحرك. فهي "امرأة"، والكلمة النهائية للرجال: الأب أو الجد، حتى بعد الوفاة. لم يكن مسموحًا لها أن تبيع أو تدير أو حتى تسأل عن الحق.
"الناس بتقول لي: عيب، ما ينفعش تبيعي، دي أرض العيال، والجد ماسكها، وبيحافظ عليها.. طب وأنا؟ أنا مش أمهم؟!".. فكانت تأخذ شهريًا مبلغًا زهيدًا من والد زوجها، بالكاد يكفي الطعام، دون أن تعرف مصير الأرض أو أموال زوجها. لا تملك مستندًا، ولا حتى إذنًا بالسؤال.
"كنت بروح آخد من الجد فلوس، يديني كأننا بنشحت. وكل شوية يقول لي: متخافيش، الأرض محفوظة، وأنا أمين عليها".
لكن الحقيقة كانت أبعد من كل هذه الكلمات. ففي أحد الأيام، اكتشفت سهام، عبر أحد الجيران، أن الأرض التي كانت تعتقد أنها ملك أبنائها قد بيعت بالكامل، ووزعت حصصها بطريقة جعلتها لا تملك سوى بقايا غير قابلة للتصرف.
"لقيت الأرض اتباعت، واتفرطت حتة حتة، واللي باقي ما يتلمّش.. حاجات متوزعة على أطراف وأسماء، ما تقدرش تبيع، ولا تبني، ولا حتى تزرع".
لم تُستأذن ولم تُبلَّغ، ولم تُمنح حتى فرصة للاعتراض. وقف القانون في صف الجد، بينما ظلت العادات في صف الصمت، وهي وحدها التي تُسأل عن مأكل أولادها ومصاريف مدارسهم.
تختم سهام كلامها، وعيناها تتجنبان النظرات:"دلوقتي ولادي على وش جواز، ومعنديش لا دهب أبيع، ولا أرض أتصرف فيها، ولا حتى كرامة أروح أطلب بيها حاجة من اللي باعونا بإيديهم!! كان بيقولي بحافظ على حقهم.. وأنا اللي كنت بحافظ عليهم، وهو اللي باعهم!".