قانون العمل الجديد.. خبراء يناقشون ما بعد “وقوع الفأس في الرأس”

“الفأس وقعت في الرأس”.. وفق ما يراه معارضو قانون العمل الجديد، الذي ظلت تؤجله الحكومة منذ عام 2014، فيما صدّق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في احتفال عيد العمال 1 مايو الجاري، بعد إقراره من مجلس النواب، ونٌشر في الجريدة الرسمية أمس الإثنين 5 مايو.

جاء ذلك بالتزامن مع ندوة نظمها مشروع حلول للسياسات البديلة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بعنوان: “قانون العمل الجديد.. ضمان لحقوق العمال أم امتياز لأصحاب الأعمال”، والتي تناولت عدة محاور منها، أوضاع العمال وسوق العمل، والتحديات المرتبطة بهم مثل البطالة، وضعف فرص التشغيل، والعنف ضد النساء، وفعالية القوانين والتشريعات في ضمان حقوق العمال.

قدم الندوة محمد بصل مدير تحرير جريدة الشروق، وتحدث فيها  إيهاب منصور عضو مجلس النواب، والدكتورة أمل عبد الحميد مديرة برنامج المرأة بدار الخدمات النقابية والعمالية، وفي حضور قيادات عمالية على رأسهم صلاح الأنصاري، وكمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية، وحسين مصري، ووفاء عشري، وإيهاب عبد العاطي مستشار وزير العمل.

حدود الحماية

محمد بصل منسق لجنة الحريات والتشريعيات بالمؤتمر السادس للصحفيين
محمد بصل منسق لجنة الحريات والتشريعيات بالمؤتمر السادس للصحفيين

“ما يزال النقاش مستمرًا حول ما إذا كان هذا القانون يحقق التوازن المطلوب بين العمال وأصحاب الأعمال أم لا، رغم إقرار البرلمان المصري لقانون العمل الجديد وتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه”.. كما أوضح محمد بصل.

وتساءل بصل ، عن حدود الحماية، التي يوفرها قانون العمل الجديد لكل طرف، خاصةً في ظل تغيرات اقتصادية واجتماعية يشهدها سوق العمل المصري، والتغييرات الجوهرية التي يحملها القانون وانعكاساتها المتوقعة على مستقبل العمل، وأهم التوصيات التي ينبغي أن تتضمنها القرارات التنفيذية القادمة، لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق العمال؟

“الإضراب من حقك.. ومن حقنا ننسفه”

وقالت الدكتورة أمل عبد الحميد:” إن القانون الجديد صدر بعد عشرين عامًا من القانون القديم، لكنه يعيد إنتاج السياسات نفسها، ويعطي امتيازات لصاحب العمل، على حساب العامل، ويحمل في جوهره حوالي 40 مادة من القانون القديم”.

د.أمل عبد الحميد
د.أمل عبد الحميد

وأكدت الدكتورة أمل: “القانون الجديد صدر دون حوار مجتمعي حوله، ونحن نعرف رأي العمال فيه من خلال عملنا معهم في المصانع والشركات، فالقانون رغم إقراره بحق العمال في الإضراب إلا أنه يتضمن بنودًا تنسف هذا الحق”.

لكن مديرة برنامج المرأة بدار الخدمات النقابية والعمالية قالت، إن القانون رغم عيوبه فقد ألغى استمارة 6، والفصل التعسفي، وأدخل تعريف دور المفاوض العمالي، وخصص مكانًا للمحاكم العمالية، وألغى التمييز بين العاملات في القطاع الخاص والقطاع الحكومي.

“دورنا الآن، بعد صدور القانون مراقبة المحاكم العمالية، وربط الحد الأدني للأجور بالأسعار بوضع سياسات جديدة”.

إيهاب منصور: لست راضيًا عن قانون العمل الجديد

بدأ النائب إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي بمجلس النواب، كلمته متسائلًا: “هل أنا راضٍ عن قانون العمل الجديد؟، لست راضيًا، لكن السؤال: هل يأتي يوم نجد فيه قانونًا يلبي طموحاتنا، فالقانون الجديد يضم 298 مادة من بينها مواد تخص العمالة غير المنتظمة، وهم فئة مجهولة العدد من العمال، لا نعرف عددها بالضبط، فنحن نحتاج لحصرها، إذ كيف نقدم لهم خدمات، ونحن لا نعرف عددهم”.

النائب ايهاب منصور في الحلقة النقاشية - فيسبوك
النائب ايهاب منصور في الحلقة النقاشية – فيسبوك

وأكد عضو مجلس النواب أن القانون الجديد ينص على تخفيض العلاوة الدورية إلى 3%، فقط، وكان على القانون أن ينص على توافر أجور تتناسب مع الأسعار، وطالب منصور الحكومة بتقديم الدعم البشري والمادي لدور الرقابة، وتفعيل القانون للقضاء على الفساد”.

هديّة للعمال.. يمنع التحايل

قال إيهاب عبد العاطي مستشار وزير العمل في مداخلته :”أنا عايز صاحب العمل يكسب، فلا يذهب باستثمارته خارج مصر، فهذا ضرر للجميع”، مؤكدًا أنه تم عقد حوار مجتمعي بين العمال وأصحاب الأعمال والحكومة على قانون العمل الجديد، ونعتبر هذا القانون هدية للعمال في عيدهم”.

إيهاب عبد العاطي، مستشار وزير العمل متحدثا - فيس بوك
إيهاب عبد العاطي، مستشار وزير العمل متحدثا – فيس بوك

وأضاف عبد العاطي: “القانون الجديد ألزم أصحاب الأعمال بتوثيق جميع إجراءات التوظيف، أو إنهاء الخدمة في عقود العمل الرسمية، وهو ما يمنع التحايل القانوني، ويعزز شفافية العلاقة بين العامل وصاحب العمل”.

العاملات بالزراعة

أما عن حقوق المرأة في قانون العمل الجديد فقالت القيادية بحزب العيش والحرية -تحت التأسيس، وفاء عشري لـ فكّر تاني: “معيار الأمن والسلامة لا يعني فقط الجوانب المادية، مثل الحماية من الحوادث والإصابات، بل يشمل أيضًا السلامة النفسية والمعنوية، وهذا معترف به في اتفاقيات العمل الدولية، مثل اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190، بشأن القضاء على العنف والتحرش في العمل، فالتحرش والابتزاز الجنسي يعرضان العاملات لمخاطر نفسية شديدة كالقلق والاكتئاب والشعور بعدم الأمان”.

“التحرش والابتزاز الجنسي قد يدفعان العاملات للانسحاب من سوق العمل، أو القبول بظروف مهينة خوفًا على رزقهن، لأنهما  يؤديان إلى بيئة عمل غير آمنة، تعرقل الإنتاج وتؤثر على الصحة العامة للنساء، وبيئة العمل الآمنة يجب أن تمنع كل أشكال العنف والتحرش، وتوفر آليات للشكوى والحماية تضمن محاسبة المتورطين، سواء كانوا أصحاب عمل أو زملاء، ويجب أن تضع له الدولة وصاحب العمل تدابير وقائية واضحة ضمن سياسات الأمن والسلامة”.

وعن المادة 60 من قانون العمل الجديد، في باب تشغيل النساء ألزمت الدولة فيها أصحاب العمل بإنشاء حضانه عند عدد لا يقل عن ١٠٠ عاملة فقط، تقول وفاء، هنا تواجه العاملات بالزراعة مشكلة، فلا توجد رقابة حقيقية على هذه المنشآت، ومن ثم لا بد أن تذكر اللائحة التنفيذية نصًا صريحًا بهذا، ونصًا صريحًا آخر يضمن التزام صاحب العمل، ومن قبله شركات الاستخدام، ومقاولين الأنفار، بحقهن في إجازات الرضاعة والإنجاب، دون تضييق أو تسريح.

وتُعلق القيادية وفاء عشري: “كل هذا يجعلنا نرى أن العاملات بالقطاع الزراعي، وهن نسبة كبيرة، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حوالي ٣٢% سيواجهن معاناه لتطبيق هذا القانون عليهن”.

فلسفته جذب الاستثمار.. كيف يعطي العمال حقوقهم؟

وعن مساوئ قانون العمل الجديد، وأضراره التي تقع على كاهل العمال، قال القيادي العمالي صلاح الأنصاري لـ فكّر تاني: “القانون الجديد يؤكد على إعطاء صاحب العمل الحق، لظروف اقتصادية، في تسريح العمال، فالقانون يعترف أن فلسفته جذب الاستثمار لا حقوق العمال، ففي صدر القانون جاء ما يبين الغرض منه فى تقرير مقدم لمجلس النواب، وهى فلسفة النظر إلى القانون كأحد الأدوات التى يمكن تفعيلها فى سبيل توفير مناخ جاذب للاستثمار، وربط الأجر بالإنتاج لا بالأسعار، لطمأنة المستثمر الوطنى والأجنبى”.

القيادي العمالي صلاح الأنصاري - تصوير داليا موسى - فكر تاني
القيادي العمالي صلاح الأنصاري – تصوير داليا موسى – فكر تاني

ويضيف الأنصاري ، أن قانون العمل الجديد يكرس نفس عيوب القانون القديم، فهو  يعمل على تقييد حق الإضراب، الذي كفله الدستور، كما أنه ينتقص من العلاوة الدورية، ويعطي الحق لصاحب العمل في إنهاء الخدمة من طرفه، فكل ما عليه أن يخطر العامل وينتهي الأمر.

القانون يظلم العامل لصالح صاحب العمل

كماس عباس
كمال عباس

من جانبه، قال المنسق العام لدار الخدمات النقابية كمال عباس: “قانون العمل القديم كان يتضمن علاوة للعامل بنسبة 7%، أما هذا القانون فعلاوة العامل فيه 3% فقط، والقانون بصيغته الحالية، لا يحقق التوازن المطلوب في علاقات العمل”.

وكانت دار الخدمات النقابية رفضت قانون العمل الجديد، مؤكدة رفضها القاطع لقانون العمل الجديد، والمطالبة بفتح حوار اجتماعي حقيقي يضمن التوازن بين أطراف العملية الإنتاجية، بحضور مجموعة من نواب البرلمان وقيادات عمالية، وممثلين عن الأحزاب.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة