ما حظ الشباب وجيل الوسط في برلمان 2025؟

تُجرى العديد من المشاورات الشبابية داخل عدد من الأحزاب والتحالفات، بمشاركة رموز من جيل الوسط، بشأن فرص المشاركة الشبابية في القوائم الانتخابية ومقاعد الفردي، غير أنّ هذه الجهود تُواجه بعرقلة نتيجة ضبابية المشهد الانتخابي وعدم حسم القوانين المنظمة له، وفقًا لما أكده سياسيون ومصادر مطلعة لـ فكر تاني.

وبحسب مصادرنا، تُجرى مشاورات مكثفة من قِبل جهات التنسيق الانتخابي التابعة للموالاة، لاستقطاب شباب وشخصيات من جيل الوسط في أحزاب المعارضة، تمهيدًا لانضمامهم إلى القائمة الانتخابية الموحدة للموالاة، المتوقع الإعلان عنها بعد صدور قوانين الانتخابات واكتمال المشاورات الجارية في الغرف المغلقة.

وتستهدف القائمة الموحدة رموزًا من جيل ثورة 25 يناير 2011 تحديدًا، وقد رفض بعضهم هذا الطرح من حيث المبدأ، في حين لا تزال الضغوط مستمرة على البعض الآخر لحثهم على قبول العرض المقدم من جانب الموالاة.

شباب حتى 35 سنة

بحسب إحصائيات مجلس النواب الرسمية، بلغ عدد النواب الشباب حتى سن الأربعين، وفق تصنيفات المجلس، 75 نائبًا ونائبة. كما توجد لجنة تُعرف باسم “لجنة الشباب والرياضة”، تضم 20 نائبًا ونائبة.

ويُعرّف القانون “الشاب” بأنه من أتمّ 25 سنة ميلادية في يوم فتح باب الترشح للانتخابات، ولم يتجاوز 35 سنة في التاريخ ذاته، حتى وإن تجاوز هذا السن خلال فترة عضويته بمجلس النواب.

انفوجراف حول مشاركة الشباب في مجلس النواب
انفوجراف حول مشاركة الشباب في مجلس النواب

وبحسب القانون الحالي، تُخصص لكل قائمة انتخابية مئة مقعد، ويُشترط أن تضم القائمة 9 مرشحين من المسيحيين، و6 مرشحين من العمال والفلاحين، و6 مرشحين من الشباب، و3 مرشحين من الأشخاص ذوي الإعاقة، و3 مرشحين من المصريين المقيمين في الخارج، على أن تتضمن القائمة 50 امرأة على الأقل، سواء من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم.

تحركات ومشاورات

وبمناسبة الانتخابات، ظهرت مع مطلع الشهر الجاري مشاورات بعض شباب المعارضة على السطح، بعد العديد من المداولات، بإعلان الحركة المدنية الديمقراطية تأسيس وتدشين “أمانة شباب الحركة”، بمشاركة مجموعة من الشباب المنتمين للأحزاب السياسية والمستقلين، وذلك في إطار مساعٍ لتعزيز دور الشباب في الحياة العامة، وترسيخ قيم المشاركة السياسية والديمقراطية، وفقًا لبيانها الرسمي. وتضم الأمانة العديد من رموز جيل الوسط والشباب مثل: أحمد ماهر (مؤسس حركة 6 أبريل)، وأسماء محفوظ، وإسراء عبد الفتاح، وممدوح جمال، ومحمود هاشم.

شباب التيار المدني ورموز من جيل الوسط في اجتماع مجلس أمناء الحركة المدنية
شباب التيار المدني ورموز من جيل الوسط في اجتماع مجلس أمناء الحركة المدنية

بالتزامن، أطلق مركز بناء الكوادر بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، المحسوبة على الموالاة، بالتعاون مع لجنة التواصل الحزبي، بإطلاق برنامج “بناء قدرات شباب الأحزاب”، مستهدفًا في جولته الرابعة والخامسة برنامجًا تدريبيًا لأعضاء حزب الجيل الديمقراطي المحسوب على الموالاة، وحزب العدل المحسوب على المعارضة.

مجموعة من شباب حزب العدل المعارض في صورة تذكارية بعد تلقي تدريب من تنسيقية شباب الأحزاب - فيس بوك حزب العدل
مجموعة من شباب حزب العدل المعارض في صورة تذكارية بعد تلقي تدريب من تنسيقية شباب الأحزاب – فيس بوك حزب العدل

دخل على الخط حزب الوعي، حيث أطلق اتحاد شباب الحزب ملتقى وطنيًا تحت عنوان “شبابها سندها”، بمشاركة من قيادات شباب الأحزاب السياسية وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين والكيانات الشبابية، بعدة أهداف منها: العمل المشترك من أجل إنجاح الحياة الحزبية في مصر، وتقديم نموذج شبابي يعكس وعي المرحلة.

كما فتحت الهيئة الوطنية للانتخابات ملف المشاركة الشبابية في الانتخابات المقبلة، بتنظيم ندوة تثقيفية في الساعات الأخيرة، توعوية للشباب بمقرها في القاهرة، وذلك ضمن فعاليات بروتوكول التعاون المُبرم مع وزارة الشباب والرياضة.

التواجد الشبابي المعارض

وليد العماري
وليد العماري

في حديثه لـ فكر تاني، يؤكد وليد العماري المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، أن أمانة الشباب هي جزء من الحركة وملتزمة بموقفها الانتخابي، والذي أعلنته عنه قبل شهور أنها ترغب في خوض المعركة الانتخابية، ومهتمة بحق المواطن في انتخابات نزيهة وشفافة وذات ضمانة بداية من وجود قائمة نسبية حتى القدرة على تنظيم الدعاية الانتخابية في الشارع.

ويعلق العماري، موقف أمانة الشباب من الانتخابات، على صدور قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية، لكنه يكشف في نفس الوقت، أنه هناك اتجاه قوي داخل الحركة لدفع كوادر شبابية في الانتخابات المقبلة حال حسم الموقف بالمشاركة.

شباب حماة الوطن

في المقابل، يؤكد الدكتور عمرو سليمان، المتحدث الرسمي باسم حزب حماة الوطن، في حديثه لـ فكر تاني أن الحزب من الأحزاب الداعمة لشريحة الشباب بشكل قوي، وتمكينهم في كل المجالات والمحافل، ودمجهم في العملية السياسية، في ضوء توجيهات القيادة السياسية وما يحرص عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي.

عمرو سليمان
عمرو سليمان

ويشدد سليمان على أهمية تواجد الشباب في البرلمان المقبل، ومساهمتهم في مجلس النواب والشيوخ، مشيرًا إلى أنه من أهم نواب الحزب من الشباب في البرلمان الحالي النائبة مارسيل محفوظ، والنائب محمود فيصل، واللذين يعتبرهما تجسيدًا عمليًا لاهتمام الحزب بشبابه وحضورهم وفعاليتهم.

ويتوقع أن يكون تواجد شباب الحزب في الانتخابات المقبلة تواجدًا قيمًا وكبيرًا ولافتًا، مشددًا على أن ذلك يتماشى مع إيمان الحزب بأنهم طاقة الوطن وقوة الدولة، انطلاقًا من المدرسة السياسية لحزب حماة الوطن، التي جعلتهم رقمًا مهمًا في المعادلة السياسية عبر 27 أمانة للشباب في جميع المحافظات.

عدم وضوح الأفق الانتخابي

من جانبها، تؤكد السياسية أسماء محفوظ، في تعليقها لـ فكر تاني، أهمية مناقشة حضور الشباب في الانتخابات المقبلة، خاصة مع قرب موعد انعقادها القانوني، لكنها تشعر بإحباط مما وصفته بـ”عدم وضوح الأفق الانتخابي” وعدم صدور قوانين الانتخابات ونظامها بعد، ما يجعل المشهد صعبًا التقييم، وفق تقديرها.

أسماء محفوظ - مواقع الكترونية
أسماء محفوظ – مواقع الكترونية

وتضيف أن من أهم التحديات التي تواجه الشابات والشباب وجيل الوسط في الانتخابات المقبلة وجود ضمانات انتخابية حقيقية تشجع على دخول المعارضة والمستقلين في الانتخابات القادمة.

وتقول أسماء: “أي شخص يتمنى أن يشارك أو يخوض الانتخابات القادمة داخل الأطر التقليدية سيظل منتظرًا ولن يتخذ قرارًا في أي خطوة قبل أن يرى المشهد الانتخابي كاملًا، أما عن الأحزاب الموالية أو الأحزاب التي تعمل في الحيز المتاح فلها نصيب كبير من المشاركة الشبابية، ولديها قدرة على تصدير أمثلة نسائية بنسبة أكبر للمشهد السياسي”.

ودعت مؤسسات الدولة إلى العمل على توفير مناخ مناسب من أجل انتخاب برلمان متوازن نوعًا ما يستوعب عددًا أكبر من الانتماءات السياسية المختلفة ويدعم الشباب والشابات على وجه التحديد، الذين لهم فكر ورؤية مختلفة سواء في المعارضة أو المستقلين، بما يضمن خوضهم الانتخابات دون أي أزمات.

غياب النماذج الشبابية القوية

بدورها، ترى السياسية والباحثة في علم النفس السياسي كريمة أبو النور، غياب نماذج شبابية قوية ومؤثرة في المعارضة في الوقت الراهن، بالمقارنة بحالة الزخم السياسي التي واكبت ثورة 25 يناير في الأحزاب والحركات السياسية المعارضة، والتي ضاعت فيما بعد بسبب التضييق على الجامعات والحياة السياسية عمومًا أو بسبب فشل الأحزاب في استقطاب شباب جدد.

كريمة أبو النور
كريمة أبو النور

ومن هذا المنطلق، ترى الباحثة السياسية، في حديثها لـ فكر تاني، أن ضعف العدد يعزز مساحات قلة الاهتمام بفئة الشباب في المعارضة، خاصة مع عدم وجود نسبة ملزمة دستوريًا مثل نسبة المرأة، مؤكدة أن ملف الشباب يحتاج إلى نظرة مختلفة وشاملة وجادة تستطيع استيعابهم من جديد في المشهد السياسي والانتخابي.

وتشدد كريمة على ضرورة الاهتمام بنسب تمثيل المعارضة في البرلمان بغض النظر عن كونهم شبابًا أو غير شباب، مؤكدة أن الإصرار على الكلام عن تمثيل الشباب في البرلمان لمجرد أنهم في سن الشباب سيؤدي إلى وجود عناصر غير كفء، خاصة أن العدد الموجود في الحركات والأحزاب المعارضة لا يكمل أصابع اليد الواحدة، فيما تدعو الباحثة السياسية إلى توفير مناخ مناسب لإجراء الانتخابات المقبلة، بما يعزز حضورًا متنوعًا وصناعة برلمان يسع الجميع.

3 عوائق أمام الشباب

ويرى السياسي مصطفى الحجري، عضو المكتب التنفيذي لمجموعة “دوائر للحلول والسياسات”، في حديثه لـ فكر تاني، أن مشاركة الشباب وجيل الوسط في الانتخابات تواجه نفس التحديات التي تواجهها كافة القوى المدنية للمشاركة الجادة في الانتخابات المقبلة، وعلى رأسها إقامة انتخابات تنافسية عادلة تفرز نوابًا يمثلون أصوات كل المصريين.

مصطفي الحجري
مصطفي الحجري

ويضيف الحجري أن هناك ثلاث عوائق تحاصر مشاركة الجميع بما فيهم الشباب، وهي:

المناخ السياسي: لا يوجد مناخ سياسي يتيح حرية الرأي، والتعبير، والإعلام، والتنظيم، والمشاركة، بل هناك سجون عدة وسجناء رأي.

النظام الانتخابي: حيث إن استمرار القائمة الانتخابية المغلقة المطلقة يعرقل فعالية الانتخابات وترتيباتها، ويتيح لبعض الجهات التدخل في صنع القوائم، رغم ما تم مناقشته في الحوار الوطني من نظم أفضل تتيح استيعاب الجميع والمشاركة، وبخاصة للشباب وجيل الوسط.

ضمانات الانتخابات: حيث نحتاج لتعزيز هذه الضمانات، وفي مقدمتها المراقبة مع استمرار الإشراف الانتخابي على الانتخابات، وملاحقة المال السياسي.

ويشير الحجري إلى أن مجموعة “دوائر”، هي جزء من القوى المدنية، تستهدف تعزيز الضمانات وتحفيز الجهود من أجل مشاركة أفضل للجميع، وتواجد أكبر للشباب وجيل الوسط، مؤكدًا أن حوار المجموعة متصل خلال الشهور الماضية مع العديد من الأحزاب عبر نقاشات مغلقة ومفتوحة من أجل مشاركة واسعة على القوائم والفردي.

اجتماعي شبابي في حزب الوعي - فيس بوك الحزب
اجتماعي شبابي في حزب الوعي – فيس بوك الحزب

ويرى الحجري أن مشاركة الشباب وجيل الوسط هي احتياج مهم يتطلب مساندة من الأحزاب لاستعادة لياقتهم السياسية والتواصل مع الناس، أيًا كانت النتائج الخاصة بالانتخابات. مشيرًا إلى أن أعمار الشباب تجاوزت حدها في هيئات كثيرة مثل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وأمانة الشباب في الحركة المدنية، بعدما بات شبابهم أقرب إلى جيل الوسط من كونهم جيل شباب، في غياب كبير لعناصر شباب الجامعات وما فوقهم.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة