"نسعى إلى خلق خطاب شعبوي قوي، مدعوم بالمعلومات والأبحاث، وأيضًا يمسّ النساء المصريات في جميع المحافظات... ما دمتُ نسوية وأتحدث بطريقة نخبوية، وأستخدم أدوات ورسائل بعيدة تمامًا عن النساء العاديات، فسأظل أتكلم مع نفسي!".
هكذا تؤمن الدكتورة أمل فهمي، المديرة التنفيذية لمركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، بضرورة تجاوز الخطاب النخبوي والانخراط الفعلي في قضايا النساء في مختلف أنحاء مصر. وفي حوار أجرته معها منصة فكر تاني، تناول المشهد النسوي الحالي، تقول إن التعديلات الحاصلة في ملف حقوق النساء لا تزال تجميلية أكثر منها جذرية رغم بعض الجهود.
وبينما تشير إلى ضرورة ضخ دماء جديدة في العمل النسائي لتحقيق التغيير الجذري في المشهد الحقوقي، تضيف أن أحد أهم التحديات التي تواجهها الأجيال النسوية حاليًا مكمنها الخلاف والتنافس بين الجيلين القديم والجديد في الحركة النسوية، وأنه في سبيل ذلك أطلق مركز تدوين برنامج "نسيج نسوي"، الذي يسعى إلى إشراك أصوات نسائية جديدة من خارج الدوائر النخبوية، وبما يعزز من انتشار خطاب أكثر ارتباطًا بحياة النساء اليومية.
حدثينا عن فكرة "نسيج نسوي" وكيف انطلق؟
أولًا هو برنامج وليس مشروعًا، لأن المشروع مرتبط بمدى زمني محدد يبدأ وينتهي، بينما "نسيج نسوي" دعوة مستمرة وفكرة خاضعة للتطوير طوال الوقت.
انطلق في مارس 2023، وهدفه بشكل عام مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر من خلال تكوين "شبكة نسوية" (Feminism Landscape) من مجموعة من المبادرات النسوية المحلية في 8 محافظات مصرية، وتقديم الدعم اللازم لها. وهو رحلة خرجت إلى النور بعد بحث طويل.
واجهنا بدايةً عراقيل، بسبب عدم اقتناع الشركاء بوجهة نظرنا، التي ترى أن استمرارية نجاح مناهضة العنف ضد المرأة تحتاج إلى توسيع رقعة الحقل النسوي، ليكون بمثابة المُولد الذي ينتج مستقبلًا الأفكار، والمشروعات، والخدمات، وحملات التوعية، بحيث تتعاون مبادراته معًا، وتنقل الخبرات، وتصل إلى المجتمعات المستهدفة في المحافظات المختلفة.
وماذا عن الأهداف؟
متعددة، منها: بناء قدرات المبادرات النسوية لتصبح هياكل مستدامة وقادرة على مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، تطوير وتنفيذ استراتيجية شاملة لكل مبادرة نسوية في المحافظات التي تنطلق منها، وتعزيز قدرة المبادرات النسوية على الدعوة بشكل أفضل لإنهاء العنف ضد المرأة من خلال خطاب نسوي شعبوي وليس نخبوي. وأخيرًا، حشد الجهود بين مختلف الأطراف لمناصرة تغيير السياسات على المستوى المحلي.
هل ترين فجوة بين خطاب النسويات وواقع المرأة المصرية ومشكلاتها؟
"طول ما أنا نسوية وأتحدث بطريقة نخبوية، وأستخدم أدوات ورسائل بعيدة تمامًا عن النساء العاديات، سأظل أكلم نفسي!". لم أقصد بالخطاب الشعبوي حديث "المصاطب" غير الموضوعي، لكن يمكننا خلق خطاب شعبوي قوي، مدعوم بالمعلومات والأبحاث، ويمس النساء المصريات في كل المحافظات.
"نسيج نسوي" يسعى إلى فتح المجال النسوي ودعمه بمجموعات جديدة وشابة، بدلًا من تمركز مجموعات محدودة في المشهد النسوي، أغلبها في القاهرة. وهذا ما قصدناه من دعم البرنامج لمبادرات من ثماني محافظات مختلفة.
كانت هناك محاولات مشابهة سابقة لخلق حاضنة نسوية.. ما المختلف الذي يقدمه "نسيج نسوي"؟
استفدنا من التجارب السابقة في لمّ واصطفاف المجموعات النسوية الشابة. ناقشنا خلال الاجتماعات الأولى، مع نسويات شاركن في تجارب مماثلة، وفككنا معًا أخطاء هذه التجارب التي أدت إلى عدم استمراريتها. واكتشفنا من خلال البحث أن الهيمنة على المجموعات كانت على رأس هذه الإشكاليات، بالإضافة إلى عدم الاستقلالية والمركزية، والعمل مع مجموعات قريبة من القاهرة أكثر من تلك الموجودة في الصعيد، مثلًا.
تعلمنا من كل الأخطاء السابقة، وانطلق برنامج "نسيج نسوي" من خلال إطار منهجي تشاركي يتسم بالشفافية، وضعته المجموعات أو المبادرات النسوية الجديدة.
بدأنا بسبع مبادرات، وبعد عامين من العمل، وصلنا إلى 14 مبادرة، منها: جندريست، ياء الملكية، مؤنث سالم، صوت لدعم حقوق المرأة، حقي، أنثى، آمنة، بر أمان، سند، من القاهرة الكبرى، الصعيد، وجه بحري، ومدن القناة.
كيف تسير منهجية عمل "نسيج نسوي" وكيف ساعد "تدوين" كبيت خبرة نسوي، المبادرات الشابة على الانطلاق في المشهد النسوي؟
ضم البرنامج عدة ورش تدريبية، منها: تدريب المبادرات على التخطيط الاستراتيجي، وتعليمهن أسس الحوكمة، التدريب على كتابة المشاريع، والتدريب على الأمان الرقمي. اعتمد المنهج على التدريب العملي والدقيق من خلال نظام الإرشاد (Mentoring)، ونقلنا للمشاركات خبرة تصميم الحملات. كما اشتركت المبادرات مع مركز "تدوين" في الحملة التي أطلقناها "لما روحت القسم" لضمان حق النساء في الإبلاغ.
ما أهمية دعم المبادرات النسوية خارج حدود العاصمة؟
مهم جدًا لزيادة الحقل النسوي أو اللاندسكيب النسوي. ولكن لكي يتحقق ذلك، علينا الاعتراف بالتقاطعية بمفهومها الواسع، وأن اللامركزية ضرورية، ولكن يجب أيضًا الاعتراف بالتعددية من منظور نسوي. لاحظت أن معظم المجموعات النشطة حاليًا على الساحة النسوية تعمل على ملف العنف ضد المرأة، وهو منطلق نابع من تجاربهن ومعاناتهن الشخصية. لا أقصد أن ذلك سيئ، ولكننا بحاجة إلى توسيع الرقعة النسوية بالعمل على موضوعات لا تقتصر فقط على التجارب الشخصية للنسويات.
وبناءً على ذلك، من المهم أن يدرك الناس أن النسوية تتجاوز قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتحرش، وسلامة الجسد، والحقوق الجنسية والإنجابية. صحيح أن العدالة الجندرية من أساسيات النسوية، لكنها ليست كل شيء. ومن ثم، يمكننا استقطاب نساء من مجالات مختلفة للعمل معهن وتعليمهن كيفية استخدام النهج النسوي في تخصصاتهن، مثل: النساء والعمران، البيئة، التجارة، التكنولوجيا، وغيرها. كما أن ملف النساء والتعليم يعد من القضايا الخطيرة جدًا، لكنه لا يحظى بالاهتمام الكافي.
صرحتِ من قبل أن مصطلح "فيمنست" موصوم؟
نعم، وهذا ما قصدته بشأن ضرورة التنوع، وأن النسوية لا تقتصر فقط على الحديث عن العنف الجنسي والتحرش. فقد أصبح مصطلح "فيمنست" وكأنه سُبّة في المجتمع، وكأن النسوية تعني فقط "النساء اللاتي يثرن المشاكل ويتعاركن مع الرجال!". نحن بحاجة إلى تبني النهج النسوي approach feminist. ومع ذلك، فإن الهجمة المضادة على النسوية ليست مقتصرة على مجتمعنا العربي فقط، بل هي ظاهرة عالمية، مرتبطة بسياق أوسع يتعلق بصعود التيارات اليمينية حول العالم.

مع صعود اليمين فى العالم.. نحتاج كمنظمات نسوية لحلول مُستدامة ونتعاون مع مؤسسات مصرية
ماذا عن مشروع حصل على تمويل ثم توقف؟ كيف يمكن للمبادرات النسوية أن تكون مستدامة هربًا من تحديات التمويل؟
هدفنا في المرحلة القادمة هو العمل على الاستدامة من خلال الاعتماد على الحلول المبتكرة واستغلال الموارد الداخلية المتاحة، والتي لا يشترط أن تكون مادية فقط، بل يمكن أن تكون بشرية أيضًا. بدأنا بالفعل في ذلك مع المبادرات أثناء إعدادهن للخطط الاستراتيجية، ولكننا نبحث مستقبلاً عن نموذج أعمال مستدام (Sustainable Business Model) ليكون هذا النموذج فعالًا، ونكمل طريقنا سواء توفر التمويل أم لا.
وأعتقد أننا سنستغل المنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي في هذا العمل. على سبيل المثال، حصلت "تدوين" على تمويل في البداية لتأسيس المدرسة النسوية، لكننا فكرنا في استغلال هذه الموارد المادية لإنشاء منصة أونلاين للمدرسة، بحيث يتم دفع اشتراكها لمدة عشر سنوات، وفي الوقت نفسه يتخرج منها سنويًا نحو 350 فردًا. مثال آخر، عندما توقف التمويل أثناء فترة كوفيد والإغلاق العام، لم نتوقف عن العمل، بل قمنا بتنفيذ تدريبات حول الجندر والسياسات الحساسة للنوع الاجتماعي لبعض الشركات أونلاين، وهكذا استطعنا الاستمرار رغم غياب التمويل.
كيف تابعتِ سياسات ترامب بشأن الدعم الأمريكي عالميًا وقراره إلغاء مصطلح الجندر؟
للأسف، معظم الحكومات الآن يمينية، وأول قراراتها تتمثل في تقليص الميزانيات المخصصة لتمويل الجمعيات الأهلية.
نحن، كمؤسسات مجتمع مدني، بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق، والتشبيك مع شركات مصرية تخصص جزءًا من نفقاتها لمشروعات المسؤولية المجتمعية. وبالتالي، ستتمكن المجموعات من تحقيق الاعتمادية الذاتية.
إذا بدأنا العمل مع المجتمعات المستهدفة نفسها، وتمكنت هذه المجتمعات من إدراك احتياجها للخدمة التي نقدمها عبر إنتاج خطاب نسوي مؤثر وملامس لواقع الناس، فإنها ستساهم بدورها في دعم المجموعات النسوية.
عندما نتحدث عن النسوية الجنوبية، نتذكر وجود قضايا أخرى غير تلك التي تفرضها النسوية البيضاء علينا، مثل قضايا العرق والهوية الطبقية. كيف يشكل ذلك تحديًا لدعم المبادرات الشابة الوليدة؟
نحن في "تدوين" لدينا خصوصيتنا وأيديولوجيتنا، وقد فقدنا منحًا من قبل بسبب رفضنا طريقة عمل الشريك الممول. لكن، كما أكدت سابقًا، نحن لا نهيمن على المبادرات النسوية، بل نوضح للمجموعات أن الاستدامة تتطلب وضوح الأهداف والإخلاص للرؤية، حتى لو واجهت صعوبات في طريق تحقيقها. أما التلون وتغيير الأجندة لتناسب أجندة الممول، فسينتهي بك إلى أن تكون "ميديكور" (mediocre).
عندما تجعل أجندتك على مقاس أجندة الممول تتحول لـ "ميديكور"
ما الذي يميز جيل النسويات الجدد عن الموجات النسوية السابقة؟
"صوتهن أعلى بكثير!" لديهن شجاعة أكبر في التعبير عن آرائهن، ومتحررات من الحساسية التي كنا نتصف بها نحن عند الحديث مع الكبار. في جيلنا، حتى لو رأينا خطأً، كنا نتحرج من الصدام مع شخص أكبر سنًا ومواجهته بأن ما يقوله غير صحيح. أما جيل النسويات الجديد، فهم speak their mind، ولا يخشون المواجهة.
ولكن، كباحثة، أرى أن هذا الجيل يحتاج إلى تأسيس أكاديمي أقوى، وأن يقرأوا ويطّلعوا أكثر. لا يمكن أن تصعد نسوية على المنصة وتتحدث في موضوع دون دراسته وتحضيره جيدًا، وطرح الفكرة بصورة دقيقة من كل الجوانب.
ألاحظ لدى البعض استسهالًا للأمر، وكأن الأمر مجرد "يلا نمسك الميكروفون ونتكلم!"
هل تعتقدين أن هناك فجوة بين الأجيال النسوية المختلفة في مصر؟ وكيف يمكن رأبها؟
علينا الاعتراف بأن هناك نزعة أبوية داخل المجتمع النسوي نفسه، ونجد ظلالها في العلاقة بين النسويات الكبار والجيل الجديد، حيث تتجلى في المنافسة والندية بين الطرفين حول "من يعرف أكثر؟" و"من يجب أن يستمع لمن؟".
لكن من خلال عملي مع النسويات الشابات، أدركت أنهن يرفضن تحمل مشكلات وأزمات الجيل الأكبر، فهن لا يردن "حمل مشاكلنا التي استمرت معنا منذ أيام الثورة." كما لاحظت أزمة ثقة بين الجيل الجديد والجيل الأقدم، حيث تشعر النسويات الجدد أن الجيل الأسبق قد خذلهن خلال الثورة.
مع ذلك، هناك محاولات مستمرة لرأب الصدع واحتواء المبادرات الجديدة ضمن المجموعات والمؤسسات الأقدم، من خلال الاجتماعات الدورية وتنظيم أنشطة مشتركة. نحاول لمّ الشمل، ولكن مع الاعتراف والتقدير للجيل الجديد من النسويات، فبعضهن قدن الحراك النسوي خلال الثورة عبر المنصات الإلكترونية، ولا يمكن إنكار دورهن في ذلك.

لدينا أبوية داخل المجتمع النسوي وهناك ندية ومنافسة بين النسويات الكبار والجيل الجديد
يبدو تفاؤلك بمستقبل الحركة النسوية في مصر؟
نعم، هناك تراكم وإنتاج معرفي يحدث، والحركة تزداد مساحتها، وهذا إيجابي جدًا. في فترات ماضية، كنا أربع مجموعات نسوية فقط تعمل، وأنا متفائلة بالمبادرات النسوية الشابة التي خرجت من نسيج نسوي. سنواصل بدون يأس، وهذا يعطي للحركة النسوية المصرية قوة الآن ومستقبلًا.
كيف يمكن تعزيز مشاركة النساء في المجال العام في ظل المناخ السياسي الحالي؟
بوجود التكتلات النسوية، لا بديل عن الانضمام والعمل معًا، فهذا يُقوي الحركة جدًا. قوة الحركة تضمن الأمان للأفراد، فنجاح الجماعة هو نجاح للأفراد، والعكس صحيح. لا بد أن يعمل الجميع معًا مع ضرورة التنازل عن الأنا والذاتية.
تُعقد هذا العام الجلسة 69 للجنة وضع المرأة (CSW) في الأمم المتحدة.. كيف ترين وضع حقوق المرأة في مصر خلال الاستعراض أمام اللجنة؟
تحاول الدولة طيلة الوقت تقديم ملف مُشرق عن حقوق المرأة في مصر، لكنها تغييرات تجميلية وليست جذرية. لا يشعر الناس بتأثيرها على حياتهم، فمثلًا في العهد السابق، كانت الدولة تتخذ قرارات فوقية مثل قوانين الخلع والطفل. لم يتقبلها المجتمع في البداية، حتى أدرك أهميتها وتأثيرها الإيجابي على حياتهم، فأنقذ قانون الخلع آلاف النساء المتعثرات في الطلاق، بل مكّن المرأة من الولاية التعليمية للأبناء.
ولكن ما يحدث الآن هو تغييرات لا تؤدي إلى تحسين حقوق المرأة، بل مجرد محاولات لتحسين صورة النظام. نجد تغليظ عقوبة الختان ثلاث مرات، ونقرأ في تقرير الحكومة أثناء الاستعراض الدوري لملف حقوق الإنسان (UPR) أنه صدر 171 حكمًا قضائيًا في جرائم الختان. بحثنا عن هذه الأحكام ولم نجد شيئًا، لأن تجاربنا مع الناس تؤكد أنهم لا يلجؤون إلى القانون، وعمليات الإبلاغ ضئيلة جدًا، فالأبناء لن يُجرّموا أهلهم! لذلك، اقترحنا على الحكومة مشروعات للعقوبة البديلة، لكنها رفضت تمامًا. كذلك، هناك تمثيل نسائي كبير في البرلمان، لكن لو حللنا أداء النائبات، فلن نجده مفيدًا لأحد، سواء رجل أو امرأة! "ما الذي استفدته كمواطنة من تمثيل كبير بلا تأثير؟"
ولكن على مستوى التمكين الاقتصادي، نقرأ تصريحات وزارة التضامن الاجتماعي عن أعداد النساء المستفيدات من مشروع تكافل وكرامة ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
لا بد من الاعتراف بغياب شفافية البيانات، فالحكومة تُلقي علينا ليل نهار أرقامًا وإحصائيات دون خلفيات أو دلالات أو سياق لها. هل أخبرتنا وزارة التضامن كيف تحسب أعداد المستفيدات؟ الحديث عن انخفاض معدل الإنجاب في الأيام الماضية والاحتفاء به يعكس زيادة معدلات الفقر، وليس اتجاه الناس إلى عدم الإنجاب! كذلك، الحديث عن انحسار ظاهرة التحرش الجنسي لم يحدث بسبب الدولة وقوانينها، بل كان نتيجة جهود النسويات على مدار سنوات. يجب أن تكون الدولة أمينة في عرضها للانتصارات أمام لجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة، ومتواضعة بالاعتراف بدور الشركاء من المجتمع المدني.
تترأس المملكة العربية السعودية هذا العام أعمال اللجنة 69 لوضع المرأة.. كيف ترين المكتسبات التي حصلت عليها المرأة السعودية حتى الآن؟
أراها سريعة جدًا وقادمة من أعلى. لو كنت باحثة وأعمل في السعودية، فسأبحث أولًا عن مدى تقبل المجتمع لهذه الوتيرة العالية من التغييرات، وتأثيرها على الحراك وعلاقات القوى في المجتمع، وهل هناك مقاومة لها؟ وهل هي حقًا مكتسبات حقيقية أم تجميلية أيضًا؟
يتزامن انعقاد اللجنة 69 مع مرور 30 عامًا على منهاج عمل بيجين.. لماذا فشلت أغلب الدول في تحقيق أهدافه؟
أختلف مع هذا الطرح؛ لأن نصوص منهاج عمل بيجين وتعريفاته أصبحت قديمة جدًا، وفكرة قياس نجاحنا أو فشلنا بناءً على هذه النصوص القديمة تعني كارثة، لأنه من المفترض أن نكون قد تجاوزناها وحققنا أشياء أخرى. لم يعد منهاج بيجين مقياسًا لواقعنا اليوم. نحتاج إلى مراجعة أوضاعنا، وإعادة تقييم ما يخصنا بعد 30 عامًا. حتى لو فشلنا في تحقيقه، فهذا يعني أن السياسات العالمية، بما فيها الأطراف الدولية والأممية، فشلت أيضًا في تحقيق هذه البنود القديمة جدًا.
يحتفل المجلس القومي للمرأة هذا العام باليوبيل الفضي على قرار إنشائه.. إلى أي مدى أنصف المجلس المرأة المصرية؟
سؤال كبير، بلا شك وجود المجلس كآلية وطنية للدفاع عن حقوق المرأة مكسب جيد للنساء المصريات، لكن أداء المجلس اختلف على مدار السنوات. قبل الثورة، كان قريبًا من بعض القضايا، بينما ابتعد عن أخرى. لدي مطلب واحد، وهو أن يلتزم المجلس القومي بدوره كمجلس استشاري يضع السياسات ويعمل مع المجموعات وفق رؤية وخطة الدولة. لكن المجلس غير ملتزم بهذا الدور، بل ينافس الجمعيات الأهلية في التنفيذ! القومي للمرأة جهة غير تنفيذية، وعليه مراجعة سياسته في ذلك.
كيف ترين اختيار المستشارة أمل عمار لرئاسة المجلس القومي للمرأة؟
"معرفهاش خالص"، حتى أبدي رأيًا في قرار اختيارها.
نتابع يوميًا جرائم العنف ضد النساء، برأيك، لماذا تأخر تشريع قانون موحد لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة حتى الآن؟
المشهد حزين وصعب جدًا، فقد شهدنا خلال الشهرين الأخيرين ارتفاعًا جنونيًا في العنف والقتل ضد النساء. لا أعلم أسباب تأخر مناقشة قانون العنف الموحد في البرلمان، رغم وجود أكثر من مشروع سواء من المجتمع المدني أو القومي للمرأة. لست متفائلة بأن يخرج قانون مناهضة العنف أو الأحوال الشخصية من البرلمان الحالي. ولا أعتقد أن سبب التأخير انتقامي ضد النساء المصريات، لكنه ببساطة ليس أولوية تشريعية أمام البرلمان حاليًا، ربما لأنه يتطلب عملًا كبيرًا لجمع كل القوانين المتعلقة بجرائم العنف ضد النساء في قانون واحد.
ولكن حتى صدور القانون، نطالب بأن تكون هناك تعليمات إدارية وتدريب للقضاة، فيما يخص مثلًا استخدام بعض القضاة لمواد "الرأفة"، التي يفلت بها الرجال من العقاب، أو المادة 60 من قانون العقوبات، التي تعطي الزوج حق تأديب الزوجة، وغيرها من القوانين التمييزية ضد النساء.