ارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية بشكل ملحوظ خلال يناير الجاري، وسط جدل واسع حول الأسباب. وبينما أشار البعض إلى دور الجمعيات الأهلية في زيادة الطلب على السلع لتوفير مكونات الكراتين والشنط الرمضانية مبكرًا، ألقى آخرون باللوم على ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه واستغلال بعض التجار لتحريك الأسعار في السوق.
تتكون الكراتين الرمضانية من مجموعة من السلع الأساسية، تشمل الأرز، والمكرونة، والسكر، والدقيق، والفول، والعدس، ومعجون الطماطم "الصلصة"، والزيت، والملح. وتبدأ الجمعيات الأهلية بالاستعداد لتجهيزها في النصف الأول من شهر رجب، تحسبًا لزيادة الطلب المعتاد من المصريين على السلع الغذائية خلال شهر شعبان.
بحسب بيانات وزارة التموين، تجاوز حجم إنفاق المصريين على الطعام خلال شهر رمضان الماضي 100 مليار جنيه، مقارنةً بحجم إنفاق شهري يتراوح بين 10 و12 مليار جنيه على السلع الغذائية في الأشهر العادية.
اقرأ أيضًا: ماذا يخبرنا التضخم في أكتوبر عن مستقبل الأسعار والفائدة؟
قفزة كبيرة بأسعار الأرز
حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية، يوضح حجم المشكلة فيقول إن الأرز المحلي سجل ارتفاعًا بنحو 2000 جنيه للطن في يناير (يعادل 2 جنيه للكيلو)، مضيفًا أن وزارة التموين والتجارة الداخلية تدرس حاليًا استيراد الأرز الأبيض من الهند لتلبية احتياجات السوق المحلي.
يأتي ذلك رغم تأكيد وزارة الزراعة أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الأرز بإنتاجية سنوية تصل إلى 4.5 مليون طن، وهو رقم يفوق حجم الاستهلاك السنوي للأرز محليًا، والذي يصل إلى 3.3 مليون طن.
وبحسب المنوفي، تأتي الزيادة في وقت حساس مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي يشهد طلبًا متزايدًا على الأرز من قِبَل السلاسل التجارية، ومحال التجزئة، والمؤسسات الخيرية لتجهيز شنط رمضان.
ويبلغ أدنى سعر لكيلو الأرز في السوق حاليًا 31.6 جنيه للأنواع ذات نسبة الكسر المرتفعة، بينما تصل الأسعار في الأنواع الأكثر جودة (ذات الكسر الأقل) إلى 37.86 جنيه.
وشهدت أسعار الأرز الشعير زيادات ملحوظة منذ بداية عام 2025 بعد فترة استقرار في أواخر 2024، إذ سجل سعر الطن من الأرز عريض الحبة ارتفاعًا بين 18 و18.5 ألف جنيه للطن، ورفيع الحبة بين 16.8 و17.3 ألف جنيه، بزيادة تتراوح بين ألفي جنيه في يناير 2025 مقارنة بديسمبر 2024.
الزيادة تطول السلع الأساسية
رفعت إحدى شركات المنتجات الغذائية العالمية أسعار منتجاتها في مصر، حيث بلغ سعر برطمان صلصة بوزن 360 جرامًا 52 جنيهًا بدلًا من 45 جنيهًا، بزيادة قدرها 7 جنيهات. كما ارتفع سعر صلصة الأكياس الصغيرة "الظرف" إلى 8 جنيهات بدلًا من 7 جنيهات، بزيادة جنيه واحد.
وسجل السكر المعبأ زيادة طفيفة، حيث بلغ متوسط سعر الكيلو 34.9 جنيه، فيما وصل سعر بعض الأنواع الأعلى جودة إلى 35.85 جنيه. كما ارتفع سعر الفول ليصل إلى 55.4 جنيه للكيلو مقارنة بـ54.8 جنيه في ديسمبر الماضي، بينما زاد سعر الفول المجروش من 55.3 جنيه إلى 56.7 جنيه.
تستهلك مصر حوالي 3.3 مليون طن من السكر سنويًا، تنتج منها 2.8 مليون طن محليًا، وتستورد نحو 500 ألف طن لسد الفجوة عبر الهيئة العامة للسلع التموينية. أما بالنسبة للفول، فتعتمد مصر على الاستيراد لتغطية 90% من احتياجاتها، ما يعادل 500 ألف طن شهريًا.
اقرأ أيضًا: خبز وخضروات ودواء.. كيف يشتعل التضخم بأسعار المحروقات؟
وفي قطاع الحبوب، شهد سعر المكرونة (400 جرام) تحركًا طفيفًا إلى 27.2 جنيه مقارنة بـ26.9 جنيه في ديسمبر، بينما ارتفع سعر الدقيق المستورد بمقدار 600 جنيه للطن، مما أدى إلى زيادة سعر الكيلو بنحو 0.75 جنيه.
أما الزيوت، فقد ارتفع سعر زيت عباد الشمس من 85.5 جنيه في ديسمبر إلى 89.6 جنيه في يناير، بينما كان ارتفاع زيت الذرة محدودًا نظرًا لانخفاض الطلب عليه في الكراتين الرمضانية، حيث بلغ سعره 102.8 جنيه مقارنة بـ101.6 جنيه خلال الفترة نفسها.
تستورد مصر 96% من احتياجاتها من الزيوت النباتية وخاماتها لتلبية حجم استهلاك محلي يقدر بنحو 2.2 مليون طن سنويًا. وقد وعدت الحكومة بتقليص هذه النسبة من خلال زراعة 90 ألف فدان من عباد الشمس في عام 2023، وزيادة المساحة المزروعة إلى 250 ألف فدان في عام 2024.
هل تصل إلى مستحقيها؟
قال عبدالنبي عبدالمطلب، وكيل وزارة الصناعة سابقًا، إن البعض يعزو ارتفاع أسعار الزيت والأرز والسكر والفول وغيرها من السلع الغذائية إلى زيادة الطلب عليها لتجهيز شنط وكراتين رمضان.
وأضاف عبدالمطلب أنه إذا كانت هذه الزيادة سببًا رئيسيًا لارتفاع الأسعار، وليس تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الدولار مؤخرًا، فإن أضرار إعداد شنط وكراتين رمضان تفوق منافعها، وأنه قد يكون من الأفضل تقديم قيمة هذه الكراتين نقدًا لمن يستحقونها، بدلًا من توزيعها في شكل سلع.
وأشار إلى أن هناك عاملًا آخر يجب أخذه في الاعتبار، حيث يتعامل البعض مع كرتونة أو شنطة رمضان على أنها هدية وليست صدقة، ما يدفعهم لقبولها حتى إن لم يكونوا بحاجة إليها. أما النقود، فمن الصعب اعتبارها هدية، وبالتالي تصل فعليًا إلى من يستحقون المساعدة في رمضان.
من جهة أخرى، طرحت المجمعات الاستهلاكية كرتونة رمضانية بسعر 400 جنيه، تحتوي على 11 صنفًا من السلع الغذائية الأساسية، من بينها 2 كجم أرز، ونوعان من المكرونة، و2 كجم سكر، وكيلو من الدقيق والفول والعدس واللوبيا بواقع نصف كيلو لكل منها، وعلبتا صلصة وزجاجتا زيت، وكيسان من الملح.
وتحدث عبدالمطلب أيضًا عن جودة السلع التي تُوزع ضمن الشنط والكراتين الرمضانية، مشيرًا إلى شكاوى البعض من انتقاء أنواع أقل جودة، مثل الأرز الذي يحتوي على نسبة كسر مرتفعة أو المكرونة ذات الجودة المنخفضة. كما أشار إلى استبدال بعض الجمعيات سلعًا مرتفعة الثمن، مثل الزيت، بأكياس من زيت النخيل، في محاولة لتقليل التكلفة.