تصاعدت حدة الصراع المستمر منذ قرابة العام بين إسرائيل ولبنان بشكل لافت هذا الأسبوع، وفقًا لتقرير جديد نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، أشار إلى المخاوف المتزايدة من اندلاع حرب شاملة بين الطرفين.
وشهدت الأيام الأخيرة سلسلة من الهجمات والضربات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، في وقت يزداد فيه التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. بينما دخلت هذه المواجهات مرحلة جديدة من التطور بمعركة سيبرانية استهدفت أجهزة "البيجر" واللاسلكي، أسفرت عن عشرات القتلى وآلاف المصابين.
يوم الجمعة، تعهد زعيم حزب الله حسن نصر الله بالانتقام، بينما أطلق الحزب موجة من الصواريخ على شمال إسرائيل. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، قُتل قائد وحدة النخبة في حزب الله في ضربة جوية في بيروت، أسفرت أيضًا عن مقتل العشرات.
على مدار أكثر من 11 شهرًا من تبادل إطلاق النار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، انسحب الطرفان مرارًا عندما بدا أن التصعيد يخرج عن السيطرة، تحت ضغوط شديدة من الولايات المتحدة وحلفائها. لكن في الأسابيع الأخيرة، حذّر القادة الإسرائيليون من عملية عسكرية أكبر تهدف إلى وقف الهجمات من لبنان، للسماح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين نزحوا بسبب القتال بالعودة إلى منازلهم القريبة من الحدود.

إسرائيل ولبنان.. ما هي آخر الهجمات؟
نفذت إسرائيل غارة جوية يوم الجمعة أسفرت عن تدمير مبنى شاهق في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث يتمتع حزب الله بنفوذ كبير. أسفرت الهجمة عن مقتل 37 شخصًا وإصابة أكثر من 60 آخرين، في أخطر ضربة إسرائيلية للعاصمة اللبنانية منذ حرب إسرائيل وحزب الله عام 2006.
وقالت إسرائيل إن الغارة استهدفت إبراهيم عقيل، قائد وحدة رضوان النخبوية في حزب الله، بالإضافة إلى عدد من كبار قادة الوحدة. وأكد حزب الله في وقت لاحق مقتل عقيل، مما يعد ضربة قوية لمقاتلي الحزب الأكثر فعالية. وقالت إسرائيل إن عقيل كان يقود حملة الحزب لإطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار والنيران الأخرى باتجاه شمال إسرائيل.
وقد جاءت هذه الضربة بعد صدمة تفجير الأجهزة الإلكترونية، حيث انفجرت مئات من أجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكي التي يستخدمها حزب الله يومي الثلاثاء والأربعاء. قُتل ما لا يقل عن 37 شخصًا، بينهم طفلان، وأصيب حوالي 3000 شخص. في وقت لم تؤكد إسرائيل أو تنف تورطها في الهجوم.
اقرأ أيضًا: مجدل شمس.. إسرائيل ولبنان على شفا جرف هار
إلى ذلك، قصف حزب الله صباح اليوم الأحد مجمعًا للصناعات العسكرية الإسرائيلية شمال مدينة حيفا، بعشرات الصواريخ، في رد أولي على تفجيرات أجهزة البيجر واللاسلكي.
وأوضح الحزب، في بيان، أنه استهدف "مجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل المتخصصة في الوسائل والتجهيزات الإلكترونية، والواقعة في منطقة زوفولون شمال حيفا"، مستخدمًا صواريخ "فادي 1"، "فادي 2"، و"الكاتيوشا".
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن الحزب عن قصفه لقاعدة ومطار رامات ديفيد للمرة الثانية خلال ساعات، مستخدمًا عشرات الصواريخ. وجاء في بيان الحزب: "نعلن وللمرة الثانية خلال ساعتين استهداف قاعدة ومطار رامات ديفيد بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2، ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مناطق لبنانية، وأسفرت عن سقوط العديد من الشهداء المدنيين".
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن حزب الله أطلق نحو 115 تهديدًا جويًا على شمال إسرائيل خلال الساعات الماضية، مشيرًا إلى أن فرق الإطفاء تعمل على إخماد الحرائق التي اندلعت جراء القصف. كما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن نحو 120 صاروخًا أُطلق من لبنان الليلة الماضية.

ما هو الوضع على الحدود بين إسرائيل ولبنان؟
وعد زعيم حزب الله حسن نصر الله بالانتقام لتفجير الأجهزة الإلكترونية، مما أثار مخاوف من تصعيد جديد من قبل الحزب. ومع ذلك، فقد أبدى الحزب حذرًا في تأجيج الأزمة، ولم ينفذ تهديداته بالانتقام بعد مقتل قائده البارز، فؤاد شكر، في يوليو على يد إسرائيل.
يقول حزب الله إن هجماته على إسرائيل تأتي دعمًا لحماس. وقال نصر الله هذا الأسبوع إن القصف لن يتوقف – ولن يتمكن الإسرائيليون من العودة إلى منازلهم في الشمال - حتى تنهي إسرائيل حملتها في غزة.
يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم لم يتخذوا بعد قرارًا رسميًا بتوسيع العمليات العسكرية ضد حزب الله - ولم يكشفوا علنًا عن تفاصيل تلك العمليات.
الولايات المتحدة قلقة
في السياق، نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي، أن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن إدارة الرئيس بايدن تشعر بقلق بالغ إزاء خطر اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان.
ومع ذلك، تأمل الإدارة في استغلال الضغوط العسكرية المتزايدة التي تمارسها إسرائيل على حزب الله للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يتيح عودة المدنيين إلى منازلهم على جانبي الحدود بين إسرائيل ولبنان.
ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلتها إدارة بايدن لعدة أشهر، لم يوافق حزب الله على أي اتفاق يوقف القتال مع إسرائيل قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وتزايدت المخاوف من اندلاع حرب شاملة يوم السبت بعد أن ادعت قوات الدفاع الإسرائيلية أن حزب الله يستعد لرد انتقامي وشيك على سلسلة الهجمات الإسرائيلية في لبنان الأسبوع الماضي.

وواصلت الطائرات الإسرائيلية يوم السبت شن ضربات جوية استهدفت صواريخ متوسطة المدى تابعة لحزب الله، حيث أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تدمير 400 منصة إطلاق صواريخ كانت تستعد للإطلاق.
كما أعلن البيت الأبيض أن هناك خطرًا حقيقيًا باندلاع حرب شاملة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تبذل جهودًا حثيثة لمنع هذا السيناريو.
إيران تحذر إسرائيل من حرب شاملة
من جانبه، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الأحد، إسرائيل من مغبة تصعيد الأوضاع في لبنان، مؤكدًا أن عملياتها العسكرية لن تمر دون رد.
اقرأ أيضًا: “حتمية” الحرب بين صهيون والهدهد
وقال عراقجي، الذي نقلت عنه "الجزبرة"، إن "جرائم الكيان الصهيوني في لبنان لن تمر دون عقاب"، مضيفًا أن "النيران في المنطقة قد تتسع جراء سياسة الكيان الصهيوني، وخطرها قد يطال الجميع". كما أشار إلى أن الوضع الإقليمي أصبح خطيرًا، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات سريعة.
وفي سياق التصعيد العسكري، كشفت إيران السبت عن صاروخ باليستي جديد وطائرة مسيرة مطورة في عرض عسكري.
وأفادت وكالة "إرنا" الإيرانية أن الصاروخ الجديد، المسمى "جهاد"، يعمل بالوقود الصلب ويبلغ مداه التشغيلي 1000 كيلومتر، وهو من تصميم وتصنيع الحرس الثوري الإيراني. كما تم الكشف عن نسخة مطورة من الطائرة المسيّرة "شاهد-136 بي"، التي تتميز بمدى تشغيلي يصل إلى 4000 كيلومتر.
وخلال العرض العسكري السنوي في طهران، أكد الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان أن القدرات الدفاعية والردعية لإيران قد نمت بشكل كبير، مما يجعل أي اعتداء على إيران أمرًا مستحيلًا.
كما أدلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بتصريحات في مؤتمر دولي، حث فيها الدول الإسلامية على استخدام "قوتها الداخلية" لمواجهة الكيان الصهيوني والحد من النفوذ الأمريكي في المنطقة.
إسرائيل تقتحم مكتب الجزيرة في رام الله
وعلى المستوى الفلسطيني، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مكتب قناة الجزيرة في رام الله وأغلقته لمدة 45 يومًا، بعد مصادرة المعدات والوثائق.
وجاءت هذه الخطوة بعد تحريض من مسؤولين إسرائيليين ضد القناة. وقد اعتبرت السلطات الفلسطينية أن هذا الإغلاق يعد "جريمة وانتهاكًا للقانون"، واصفة القرار بأنه "همجي وفضيحة للاحتلال".
استشهاد مئات الكوادر الصحية في غزة
وفي غزة، أعلن وزير الصحة الفلسطيني ماجد أبو رمضان أن نحو 1000 من العاملين في القطاع الصحي استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر.
وأوضح أن قوات الاحتلال اعتقلت أيضًا أكثر من 300 من العاملين في المجال الصحي، ودمرت العديد من المستشفيات وسيارات الإسعاف، مما زاد من معاناة المرضى والجرحى في القطاع.
ورغم دعوات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية لوقف الحرب وتحسين الوضع الإنساني، تواصل إسرائيل حملتها العسكرية على غزة، والتي أسفرت إلى الآن عن أكثر من 137 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، في ظل دمار واسع ومجاعة تلوح في الأفق.