أي صراع في ليبيا مرشح للانفجار؟

بينما تشتعل المنطقة بحرب غزة المستعرة، وتطورات اتجاه المنطقة إلى حرب إقليمية، وما يعيشه السودان من اقتتال بين الجنرالين الراغبين في إيصال بلدهما إلى الانحدار التام، يدخل الملف الليبي إلى دائرة الصراع المرشح للانفجار مجددًا، وهو أمر يلقي بظلاله على مصير الاتفاق السياسي الذي أُقر في جنيف العام 2021 برعاية الأمم المتحدة.

تحركات للجيش في الجنوب

قبل أسبوع، عزز الجيش الليبي قواته المسؤولة عن تأمين مناطق الجنوب الغربي، خصوصًا عند الشريط الحدودي مع دولة النيجر، وذلك تحسبًا لأي طارئ، بعد ما شهدته مالي من اضطرابات خلال الأسابيع الماضية.

وأوضحت مصادر وفق “سكاي نيوز عربية“، أن الجيش يسعى إلى قطع الطريق أمام عمليات تهريب السلاح وإحباط تسلل مقاتلين أو عناصر إرهابية، ومنع أنشطة الجريمة المنظمة وعمليات الهجرة غير الشرعية.

اندلعت نهاية يوليو الماضي معارك عنيفة بين الحركات الأزوادية وقوات الجيش المالي المدعومة من عناصر “فاجنر” شمال البلاد، ما أسفر عن خسائر كبيرة في صفوف القوات الحكومية و”فاجنر”.

عزز الجيش الليبي قواته المسؤولة عن تأمين مناطق الجنوب عند الشريط الحدودي مع دولة النيجر تزامنًا مع أحداث مالي (الصورة - أرشيفية وكالات)
عزز الجيش الليبي قواته المسؤولة عن تأمين مناطق الجنوب عند الشريط الحدودي مع دولة النيجر تزامنًا مع أحداث مالي (الصورة – أرشيفية وكالات)

وفي وقت سابق، سلطت مجلة “منبر الدفاع الإفريقي” التابعة للقيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا “أفريكوم” الضوء على مسار تهريب الأسلحة من ليبيا إلى شرق مالي، والذي يمر عبر النيجر والجزائر. وأفادت المجلة في تقرير صدر مارس الماضي بأن القوات الحكومية في شمال مالي ضبطت أسلحة حديثة، بما في ذلك بنادق آلية ومدافع هاون وألغام مضادة للدبابات، جميعها مهربة من ليبيا.

وفي بيان مصور نشرته رئاسة أركان القوات البرية الليبية عبر “فيسبوك”، أكد المتحدث باسمها أن تحرك الوحدات العسكرية نحو الجنوب الغربي للبلاد جاء تنفيذاً لتعليمات المشير خليفة حفتر ضمن خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية وتعزيز الأمن القومي. وأوضح البيان أن التحركات لا تستهدف أحداً، بل تهدف إلى التصدي لأي تهديدات تمس سلامة الوطن.

وأشار البيان إلى أن الوحدات العسكرية انتقلت لتعزيز الأمن في مدن سبها وغات وأوباري ومرزق والقطرون وبراك الشاطئ وأدري، حيث تتواجد وحدات تابعة للقيادة العامة.

من جانبها، أعلنت رئاسة الأركان العامة وقوة العمليات المشتركة والجهاز الوطني للقوة المساندة التابعين لحكومة “الوحدة الوطنية الموقتة” في طرابلس رفع درجة الاستعداد والتأهب، رداً على تحركات قوات القيادة العامة.

بدوره، أعرب المجلس الأعلى للدولة عن قلقه البالغ ورفضه للتحركات العسكرية في منطقة الجنوب الغربي، واصفًا إياها بالمشبوهة وغير الشرعية. واعتبر المجلس أن هذه التحركات تهدف إلى زيادة نفوذ قوات حفتر والسيطرة على مناطق استراتيجية، مشيرًا إلى نية تلك القوات السيطرة على منفذ غدامس الحدودي مع الجزائر.

اقرأ أيضًا: حديث القاعدة الروسية وحرب ليبيا الجديدة

في سياق متصل، نفى الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية، وجود أي نية للتحرك نحو طرابلس، مؤكداً التزام الجيش باتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020، وبمخرجات اللجنة العسكرية المشتركة “5+5”. وأعرب عن استغرابه من استنفار ميليشيات حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، مشددًا على أن الجيش لا يهدف إلى التصعيد مع أي طرف داخلي.

مجلس النواب ينهي عمل حكومة الدبيبة

صوت مجلس النواب الليبي، في جلسته الرسمية التي عقدت الثلاثاء (13 أغسطس 2024) في بنغازي، على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية التي تشكلت خلال المرحلة التمهيدية، واعتبار الحكومة المكلفة برئاسة أسامة حماد “الحكومة الشرعية” حتى يتم اختيار حكومة موحدة. كما صوت المجلس، برئاسة عقيلة صالح، على اعتبار الأخير “القائد الأعلى للجيش” نظرًا لترأسه المجلس، في خطوة قد تؤجج الصراع على السلطة.

صوت مجلس النواب الليبي على اعتبار رئيسه عقيلة صالح (وسط الصورة) هو "القائد الأعلى للجيش" بحكم ترأسه للمجلس
صوت مجلس النواب الليبي على اعتبار رئيسه عقيلة صالح (وسط الصورة) هو “القائد الأعلى للجيش” بحكم ترأسه للمجلس

منذ أوائل عام 2022، حجب مجلس النواب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، وكلف حكومة بديلة لم تتمكن من تولي مهامها في العاصمة بسبب رفض الدبيبة تسليم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المؤجلة منذ ديسمبر 2021. وتشمل السلطة التنفيذية في ليبيا، بالإضافة إلى الحكومة، مجلسًا رئاسيًا يتكون من رئيس ونائبين يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة.

من جهتها، وصفت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة قرار البرلمان بإنهاء ولايتها بأنه “رأي سياسي غير ملزم ولن يغير من الواقع شيئًا”، مشددة على أن مهامها لن تنتهي إلا بإجراء انتخابات عامة.

وفي بيان صدر مساء الثلاثاء، أكدت حكومة الوحدة أنها تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي، وتلتزم بمخرجاته التي تنص على إنهاء مهام الحكومة بعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تنهي المرحلة الانتقالية الطويلة في البلاد. واعتبرت أن قرار البرلمان بسحب الثقة “مكرر الشكل والمضمون”، ويهدف إلى “تنصيب حكومة موازية ليس لها أثر ملموس”، ووصفت هذه الخطوة بأنها صادرة من طرف سياسي “يصارع من أجل تمديد سنوات بقائه”.

“حماد” في مصر وحكومة الدبيبة تطلب مغادرة مسؤولين مصريين

وصل رئيس الحكومة الليبية أسامة حمّاد، الأسبوع الماضي، إلى مصر في أول زيارة خارجية له بصفته رئيسًا للحكومة، يرافقه مدير عام “صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا” بلقاسم حفتر، ومدير عام جهاز الإمداد الطبي والخدمات الطبية والعلاجية حاتم العريبي. وكان في استقبالهم رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي في مدينة العلمين بالساحل الشمالي الغربي.

وصل رئيس الحكومة الليبية أسامة حمّاد، الأسبوع الماضي، إلى مصر في أول زيارة خارجية له بصفته رئيسًا للحكومة (وكالات)
وصل رئيس الحكومة الليبية أسامة حمّاد، الأسبوع الماضي، إلى مصر في أول زيارة خارجية له بصفته رئيسًا للحكومة (وكالات)

وبحسب مكتب الإعلام لحكومة حماد، التي تتخذ من شرق البلاد مقرًا لها، فقد بحث الجانبان خلال الزيارة التعاون في عدة ملفات، منها تأمين الحدود، والإعمار والتنمية، بالإضافة إلى القضايا المشتركة بين البلدين. وأشار المكتب إلى أنه سيتم تفعيل عدد من الاتفاقيات وتشكيل لجان وزارية للإشراف عليها.

هذه الزيارة أثارت حفيظة حكومة “الوحدة الوطنية” برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حيث سارعت وزارة خارجيتها بإصدار بيان الأحد الماضي، وصفت فيه الخطوة المصرية بأنها “خروج عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والحرب”، معتبرة أنها تتنافى مع “الدور المصري والعربي والإقليمي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها”.

واحتجاجًا على الدعم الرسمي المصري لحكومة الشرق، طلبت حكومة “الوحدة الوطنية” من مسؤولي الاستخبارات المصرية العاملين ضمن كادر السفارة المصرية في طرابلس مغادرة الأراضي الليبية بشكل فوري. كما تحدثت تسريبات إعلامية عن تسليم حكومة الدبيبة مذكرة احتجاج رسمية للسفير المصري في طرابلس. وأعلنت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية في بيان نشرته على منصة “إكس” رفضها لاستقبال ما وصفتها بـ”الأجسام الموازية التي لا تحظى بأي اعتراف دولي”.

في تعليقه على قرار طرد المسؤولين المصريين، وصف الكاتب السياسي المصري علاء فاروق في حديثه مع “اندبندنت بالعربية” القرار بأنه “مرفوض دبلوماسياً” واعتبره “رداً غير مدروس”. وأشار فاروق إلى أن الدبيبة بالغ في رد فعله، خصوصاً أن حكومة حماد مكلفة من البرلمان ولها تعاملات سابقة مع سفراء دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، كما أن الرئيس السابق للبعثة الأممية في ليبيا عبد الله باتيلي وصف حكومة حماد بالحكومة الليبية دون تسجيل أي احتجاج رسمي من قبل حكومة الدبيبة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة