لم تكن "الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية - حق الناس"، التي دشنتها أحزاب التشكيل اليساري في مصر، مساء السبت 10 أغسطس، تتوقع أن يلاحقها جدل صاخب، استحضر مآلات الحركة المدنية الديمقراطية، بعد رسالة علنية أصدرها السياسي محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، ظهر أمس الأحد، حاول فيها بدبلوماسية، دق نواقيس التحذير مما يجري في الكواليس.
رسالة "السادات" الموجهة إلى أعضاء الحركة المدنية الديمقراطية من قيادات الأحزاب والشخصيات العامة، والتي أعقبها سجال في أحزاب الحركة المدنية، دفعت أكمل قرطام رئيس حزب "المحافظين" إلى إعلان - داخل دوائر الحركة - نيته تدشين حركة محسوبة عليه، ليفتح الباب واسعًا أمام الحديث عن كواليس ما تم وأسبابه، ضمن سياق الترتيبات السياسية والانتخابية المقبلة على المسرح السياسي المعارض بمصر.
السبعة اليسارية
في السابعة من مساء السبت الماضي، دشنت سبعة أحزاب من الحركة المدنية الديمقراطية ما أسمته "الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية"، تحت عنوان "حق الناس"، معلنة أنها تستهدف "مواجهة سياسات الإفقار والتبعية"، وذلك على هامش ندوة "بيع أصول الدولة.. ذروة الأزمة".
وقد ضمت أحزاب الجبهة الجديدة: الاشتراكي المصري - التحالف الشعبي الاشتراكي - الشيوعي المصري - العربي الديمقراطي الناصري - العيش والحرية - الكرامة - الوفاق القومي الناصري.
لكن، كيف ولدت الفكرة؟
تقول كريمة الحفناوي، عضو الحزب الاشتراكي المصري، إن التفكير في الجبهة بدأ قبل 3 أشهر، بهدف الدفاع عن العدالة الاجتماعية ومواجهة الإفقار والتبعية، في حضور أحزاب اليسار والناصريين والقوميين والماركسيين، باعتبار هذا الفكر مشروعهم الأساسي.
وأكد البيان التأسيسي إن الجبهة تنطلق من إدراك حقائق الوضع الخطير الحالي، والذي ما يزال يتطلب إيلاء أهمية كبيرة لقضية الإصلاح السياسي، ووقف أسلوب الإدارة الفردية العشوائية الحالية للاقتصاد الوطني، وهو ما تجمع عليها كل القوى السياسية الوطنية.
وتضيف الحفناوي في حديثها لـ"فكر تاني"، أن الأيام المقبلة، ستشهد اجتماعات داخلية لوضع آليات العمل وتفعيل التحركات وكيفية تفعيل الأهداف، والوصول إلى الجماهير في المحافظات، مؤكدة أن اختيار اسم "حق الناس" للحركة لم يأت من فراغ، فالجبهة تسعي لكل حقوق الناس، بلا تفرقة ولا تمييز، في مواجهة سياسات الإفقار والتجويع والتبعية النيوليبرالية والرأسمالية المتوحشة وصندوق النقد الدولي.
تبرر الجبهة تشكيلها بالحاجة إلى "تشكيل أوسع جبهة شعبية تواجه قضية الإفقار الواسع الراهن للجماهير الشعبية، وتعارض وصفة وروشتة صندوق النقد الدولي التي تفرض تلك التبعية، وتتبنى بوضوح رؤية واستراتيجية للعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المستقلة المعتمدة على الذات، بما في ذلك معارضة مجمل نهج التبعية وكامب ديفيد بما تتضمنه من تطبيع مع الكيان الصهيوني".
ودعت الجبهة الجديدة كل القوى السياسة والاجتماعية والنقابية والشخصيات العامة المتفقة معها للانضمام إليها وتدعيم نشاطها وفعالياتها.
تحت النيران الصديقة
مصدر سياسي ، تحدث لـ"فكر تاني" - رافضًا ذكر اسمه - قال إن ميلاد الجبهة بشكلها الحالي الذي يضم أحزاب اليسار والناصريين إنما جاء بعد "صبر طويل" من التيار اليساري والناصري في الحركة المدنية الديمقراطية، على "مناكفات" باقي الأحزاب المحسوبة على التيار الليبرالي، ما أظهر الحركة المدنية بمظهر ضعيف ومرتبك في وقائع عديدة خلال الفترة الماضية، وفق المصدر.
تكشف هذه التصريحات شيئًا من أهداف هذه الجبهة الوليدة، والتي تسعى ضمنيًا إلى وجود ظهير جبهوي لليسار والناصريين، لخلق صوت معبر عنهم مع تصاعد الأزمة الاقتصادية، ووجود تبانيات كثيرة في المنطلقات الاقتصادية لأحزاب الحركة المدنية، تحول دون اتخاذ مواقف حازمة في ملف بيع أصول الدولة والاستمرار في مسار صندوق النقد الدولي.
رسالة "السادات" وحركة "قرطام"
الإعلان عن الجبهة الشعبية الجديدة لاحقه إعلان مواقف من حزبي "الإصلاح والتنمية" و"المحافظين"؛ الأول صدر علنًا ظهر أمس الأحد، وتضمن رسالة من السياسي محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية إلى أعضاء الحركة المدنية كرد فعل على إعلان الجبهة، حيث مهّد في رسالته وبشكل واضح إلى الاتجاه إلى تشكيل تحالف انتخابي يكون أوسع من الحركة المدنية الديمقراطية بشكلها الحالي، مع احتفاظه بمقعده في الحركة.
بينما كان الموقف الثاني داخليًا، وفق مصدر مطلع داخل الحركة المدنية، حيث تحدث أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين، في دوائر تواصل بين مكونات الحركة، عن إعادة إحياء مشروع حركة قديم تحت عنوان "العدالة والمساواة"، بعدما دشن اليسار جبهته الجديدة.
في رسالته المعلنة، يقول السادات: "ترددت كثيرًا قبل الكتابة إليكم، ولكن وبعد مداولات ومشاورات مع قيادات وأعضاء حزب الإصلاح والتنمية، أحببت أن أنقل إليكم وجهة نظرنا فيما يدور من أحداث للمشهد السياسي الداخلي وتأثيرات الأوضاع الإقليمية والدولية".
ويضيف"مع كل التقدير والاحترام للجهد المخلص والمطالب العادلة التي تتقدم بها الحركة المدنية ومواقفها من الحوار الوطنى وأيضًا الاستعدادات المرتبطة بالانتخابات البرلمانية القادمة رغم التباين الواضح في رؤى وأفكار أعضاء الحركة المدنية. ناهيك عن تكوين تحالفات سياسية واجتماعية ذات توجه وأيديولوجية واحدة بما يتعارض مع وحدة الحركة وأحزابها، فنحن نرى أن كل ذلك لن يؤتي ثماره بالنتائج التي نتمنى جميعًا تحقيقها في ظل الظروف والتحديات المعيشية الصعبة ومعاناتنا جميعًا من عدم ممارسة حقوقنا المدنية والسياسية على الوجه الذى ينص عليه الدستور والقوانين المرتبطة به".
ويطالب السادات الحركة بـ"ترك الحرية الكاملة للأحزاب أعضاء الحركة في اختيار وتقدير ما هو مناسب لها لتحقيق أهدافها، وهي ببساطة الحفاظ على تواجدها وتواصلها مع المواطنين وأيضًا البناء على أي مكاسب يمكن تحقيقها لفتح المجال العام في الممارسة السياسية وأيضًا التخفيف عن معاناة الأسر والعائلات التي ما يزال أبناؤها وأزواجها داخل السجون أو بعض من المقيمين خارج مصر على غير إرادتهم".
وبينما يشير السادات إلى "الصدق والوضوح" باعتبارهما "أقصر الطرق لاحترام الذات والحفاظ على مشاعر الآخرين دون مناورة أو مواربة"، فإنه يؤكد: "أرجو أن تتفهموا معنى رسالتي دون مغالاة أو تأويل، وسأظل دائمًا حريص على انتمائي وتواجدي كعضو في الحركة المدنية الديمقراطية كمظلة تجمع معظم أحزاب المعارضة المصرية".
الرسالة وصلت وجاري التعامل
"الرسالة وصلت، وننتظر أول اجتماع لمجلس الأمناء للحركة المدنية، لنناقش ما صدر عن الأستاذ أنور السادات، لنفهم المعنى العملي لبيانه، وما يترتب على حديثه"؛ يقول المهندس أكرم إسماعيل، القيادي بحزب "العيش والحرية - تحت التأسيس"، وعضو مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية وعضو الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية.
وفق "إسماعيل"، لم يُحدد بعد موعد لاجتماع مجلس أمناء الحركة، حيث من المقرر أن تتم مناقشة رسالة السادات والمستجدات الراهنة بكل أبعادها.
هل هي رسالة غير مسبوقة؟
رسالة السادات هذه لم تكن الأولى، فقد سبق أن سجل تحفظه - في اجتماع الإثنين 29 يوليو الماضي - أمام مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية، على تشكيل تحالف انتخابي مستقل للحركة.
وفي بيان صادر عن الحركة المدنية في 3 أغسطس، برر السادات تحفظه على قرار الحركة تشكيل تحالف انتخابي مستقل لها، بأنه لابد من الانتظار حتى "تتضح الصورة بشكل أكبر بالنسبة للقانون وترسيم الدوائر".
وما يضير الحركة؟
على الجانب الآخر، يجادل البعض بأن تأسيس جبهة يسارية جديدة تهتم بالعدالة الاجتماعية لن يؤثر على الحركة المدنية، وما هو إلا تكرار لتدشين ائتلاف"التيار الليبرالي الحر" و"التيار الناصري الموحد".
ففي يونيو 2023، دشنت القوى الليبرالية "التيار الليبرالي الحر"، الذي يتكون من 4 أحزاب، هي: "الدستور - المحافظين - الإصلاح والتنمية - مصر الحرية"، فضلًا عن شخصيات عامة. ووقتها أيضًا دافع الناشر هشام قاسم منسق التيار عن التيار بـ"أنه ليس بديلًا عن الحركة المدنية الديمقراطية"، وإنما هو تجمع للأحزاب الليبرالية فقط". وكذلك، فعلت 4 أحزاب ناصرية يتصدرها الكرامة حينما دشنت "التيار الناصري الموحد" مؤخرًا.
يرحب المفكر والسياسي الدكتور حسام بدراوي، رئيس مجلس الأمناء بحزب "العدل" ومؤسس حزب "الاتحاد"، بميلاد الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية. ويقول في حديثه لـ"فكر تاني": "أهلًا بالجبهة.. أرحب بأي تحالف أيديولوجي، يساري أو ليبرالي أو حتي يميني، طالما يتنبى إطارًا أيديولوجيًا، ويلتزم بالقانون والدستور".
بينما يدافع المهندس أكرم إسماعيل عن التشكيل الجديد، فيقول إنه "يأتي في سياق الحملات المشتركة لعدد من الأحزاب اليسارية المتفقة في قضايا بعينها، خاصة في القضايا الاقتصادية، بما لا يمس تماسك الحركة المدنية الديمقراطية، وليس خصمًا منها على الإطلاق؛ فالحركة ستظل الإطار الواسع للمؤمنين بدولة مدنية حديثة تنتشل مصر من ميراث الاستبداد المتواصل لعقود"، كما يقول.
ويضيف القيادي بحزب "العيش والحرية - تحت التأسيس"، أن أحزاب التيار الليبرالي سبق وأن دشنت التيار الليبرالي الحر، دون أن يؤثر ذلك على الحركة المدنية، مؤكدًا حرص أحزاب اليسار والتيار الناصري على قوة الحركة المدنية واستمرارها في جهود استعادة المسار الديمقراطي بمصر، واستمرار الحد الأدني الجامع للأحزاب في مسار معارضة النظام.
ويدعو "إسماعيل" إلى دعم كل الجهود السياسية التي تُبذل في مختلف الأحزاب للحفاظ على حق الناس في العدالة الاجتماعية، مع صيانة تماسك الحركة المدنية الديمقراطية.
ألم يسبقنا آخرون؟
في السياق نفسه، يؤكد أحمد الصعيدي أمين تنظيم الحزب العربي الناصري، في حديثه لـ"فكر تاني"، أن الجبهة ليست بديلة عن الحركة المدنية الديمقراطية، وأنها إطار جامع لمجموعة من الأحزاب المتفقة على مبادئ واحدة في مواجهة الإفقار والتبيعة، مذكّرًا بتدشين التيار الليبرالي للتيار الحر، بشكل لم يهدد تماسك الحركة المدنية.
"سبق جبهتنا التياران الحر والناصري الموحد، ولم يتحدث أحد عن أنهما دشنا بمواجهة الحركة المدنية، نحن نعمل في أكثر من مكان، وسنواصل التواجد في الحركةالمدنية الديمقراطية التي تجمع كل الأحزاب من أجل أهداف مشتركة في المطالب السياسية والاجتماعية والوطنية"؛ تقول كريمة الحفناوي.
هل انتهت الحركة؟
في المقابل، يرى البعض أن رسالة "السادات" وخطوات اليسار لتدشين كيان جديد، يعززان الانقسام داخل الحركة المدنية ويؤكدان انتهاء دورها.
يتبني هذا الرأي المنسق العام السابق للحركة المدنية مجدي عبد الحميد، الذي يقول لـ"فكر تاني": "من طبائع الأمور أن يحدث تنسيقًا بين التيار اليسار الناصري والماركسي، ولكن أخشى أن تكون هذه الجبهة أداة لتفتيت الحركة المدنية التي كانت تستطيع أن تخدم نفس أفكارها تحت مظلة الحركة الوطنية الجامعة".
ويضيف "عبد الحميد" أنه كثيرًا ما طالب جميع أحزاب الحركة بالوحدة والتنسيق المشترك، وعدم توسيع هوة الخلافات، خاصة وأن الأهداف المشتركة كثيرة بين جميع أحزاب الحركة، مؤكدًا أن من حق التيارات الليبرالية واليسارية الدفاع عن مفهومهم الشخصي عن العدالة الاجتماعية دون تكتلات جديدة يمكن قبولها في أوقات أخرى وليس في هذا الوقت الحرج الذي يتطلب تعاون الجميع لبناء دولة مدنية حديثة تحت مظلة الحركة المدنية.
ويتوقع المنسق العام السابق للحركة المدنية أن تواجه الحركة "انشقاقًا" قريبًا، معتبرًا أن الجبهة الجديدة تعزز فرص الانشقاق والانسلاخ من الحركة، الذي بدأ بخروج 3 أحزاب رأت طريقًا مختلفة للإصلاح السياسي، وهي الإصلاح والتنمية، والعدل، والمصري الديمقراطي.
وفي سياق متقارب، يرى السياسي ياسر الهواري، عضو الحوار الوطني، في حديثه لـ"فكر تاني"، أن الحركة المدنية الديمقراطية أدت دورها، في فترات مهمة من عمر الوطن، وأن الفترة المقبلة تحتاج إلى كيان جديد وتحالفات انتخابات جديدة.
ويضيف "الهواري" أنه مع احترامه لكل أعضاء وقيادات الحركة المدنية، يرى أن المشهد السياسي تجاوزها، وبات أوسع من التعبير عنه عبر الحركة، موضحًا أن عودة بعض السياسيين من الخارج، وخروج آخرين من السجون، يعزز ضرورة البحث عن كيان مناسب للمرحلة في مساحات مختلفة.
وبحسب مصدر سياسي تحدث لـ"فكر تاني" - طلب عدم كشف اسمه - فإن الحركة المدنية إزاء انقسام يشبه انقسام حركة 6 أبريل، عندما تفرعت إلى فرع الجبهة الديمقراطية والحركة الأساسية، مرجحًا أن تشهد الحركة المدنية الديمقراطية جبهة ليبرالية وأخرى يسارية تحت اللافتة نفسها.
ويشير المصدر إلى أن رسالة السادات تكشف تمسكه بالحركة وعضويتها، حتى لا يتركها لقوى اليسار، وفق رأي المصدر.
تحالف الحركة الانتخابي مستمر
بحسب ثلاث قيادات في الجبهة الشعبية الجديدة "حق الناس"، فإن أحزاب الجبهة الجديدة منخرطة في تحالف الحركة المدنية الانتخابي، دون مساس به أو تبديل.
"التحالف السياسي غير التحالف الانتخابي"؛ توضح كريمة الحفناوي موقف الجبهة الجديدة من تحالف الحركة المدنية الانتخابي المستقل.
وتضيف أن أحزاب الجبهة الجديدة متمسكة بتحالف الحركة الانتخابي وتسعى إلى إنجاحه، مطالبةً الجميع بالتفريق بين حقهم الراسخ في تشكيل جبهة سياسية تختص بقضية محددة وبين عمل أحزابهم المستمر تحت مظلة الحركة المدنية وقراراتها، وفي مقدمتها عدم التحالف مع أحزاب الموالاة والالتزام بتحالف الحركة الانتخابي.
وقلّل القيادي اليساري أكرم إسماعيل من المخاوف المثارة في الوسط السياسي المعارض في الساعات الأخيرة حول احتمالية اتجاه اليسار إلى تجميد الحركة المدنية الديمقراطية، وتشكيل تحالف انتخابي يساري ناصري وماركسي، مؤكداً أن تلك المخاوف غير صحيحة ولن تحدث وفق تأكيده.
لكن القيادي الناصري أحمد الصعيدي رجّح إمكانية تحول الجبهة إلى مشروع تحالف انتخابي مستقل لقوى اليسار، في حال استمرت الأزمات داخل الحركة المدنية، والتيقن من عدم القدرة على تشكيل تحالف انتخابي مستقل في وقت مناسب.
يقول الصعيدي: "وارد جدًا أن تتحول الجبهة إلى تحالف انتخابي لليسار، في ظل توافق البرنامج الاقتصادي والرؤية المشتركة القائمة على الاشتراكية، إن لم تنجح الحركة المدنية في توفيق أوضاعها وتدشين تحالفها الانتخابي".
"ثلاثي الحيز المتاح" يتوسع
في المقابل، عززت رسالة "السادات" ما انفردت به منصة "فكر تاني" في 1 يوليو الماضي، عن اقتراب أحزاب "الإصلاح والتنمية" و"المصري الديمقراطي" و"العدل" من تشكيل تحالف انتخابي خاص بهم، بعيدًا عن الحركة المدنية الديمقراطية، فيما عرف باسم "ثلاثي الحيز المتاح".
وبحسب مصدر على علم بترتيبات التحالف، تحدث لـ"فكر تاني"، قائلاً: "إن رسالة السادات تأتي في سياق الاستعداد للفترة المقبلة، وإعلانه المبكر عن تحالفنا، في ظل إصرار بعض أحزاب الحركة المدنية المحسوبة على اليسار على مسار سياسي تصادمي لا يتناسب مع الإصلاح في المرحلة الحالية".
وشدد المصدر، الذي تحفّظ على ذكر اسمه، على أنه في ضوء المساحات المتاحة، سيتم الإعلان عن "تحالفنا الانتخابي" في وقت مناسب، متوقعًا أن ينضم إليهم حزب الدستور في وقت لاحق.
وكان حزب الدستور برئاسة الإعلامية جميلة إسماعيل، قد طلب من مجلس أمناء الحركة المدنية في 29 يوليو إرجاء قرار الحركة بخصوص تشكيل تحالف انتخابي، لحين دراسة الأمر مع شباب التيار المدني وحزبه.
من جانبه، لم يستبعد السياسي ياسر الهواري دراسة المشاركة في تحالف "الحيز المتاح"، مؤكداً أنه عقب الإعلان عن تفاصيل مشروع حزبه الجديد بالشراكة مع رموز سياسية بارزة في المشهد السياسي، سيتم قريبًا دراسة كل مواقف التحالفات الانتخابية.
ويؤكد الهواري أن تحالفات البرلمان القادمة تتجاوز أفق الحركة المدنية، مشددًا على أن مشروع حزبه الجديد قيد الانتهاء، ولكن لن تكون "الحركة المدنية الديمقراطية" مناسبة لتواجدهم تحت مظلة تحالفها الانتخابي.
مظلة واحدة
بعيدًا عن هذا الجدل الصاخب، يعمل المفكر والسياسي الدكتور حسام بدراوي، رئيس مجلس الأمناء بحزب العدل ومؤسس حزب الاتحاد، على مسار تعزيز فرص نجاح تحالف انتخابي واسع.
يؤكد بدراوي، في حديثه لـ"فكر تاني"، أن "تحالف الحركة المدنية بعيد بالكلية عن تحالفه الانتخابي الذي يدعو له".
ويتمنى بدراوي أن يسعى تحالف الحركة المدنية بجد للتفكير في حصد مقاعد برلمانية مناسبة، لأن غير هذا التوجه لا فائدة منه، ويعد "أصواتاً بلا نغم".
ويكشف بدراوي أن تحالفه الانتخابي المنشود يهدف إلى إيجاد تعاون بين عدد من الأحزاب، لطرح أسماء مرشحين في الانتخابات البرلمانية تحت مظلة واحدة، تستهدف تحقيق اندماج بين الأحزاب ذات الأيديولوجية الليبرالية الاجتماعية في وقت لاحق.
ويرى بدراوي أن تحالفًا انتخابيًا لا يسعى لحصد مقاعد في البرلمان، كقوة تشريعية له تحقق أهدافه وبرنامجه، لا يُعوَّل عليه، متمنيًا أن يشهد تحالفه نجاحًا مميزًا.
وحول ما يثار عن التحالف مع أحزاب الموالاة، يرى الدكتور حسام بدراوي أنه لا يوجد ما يسمى "الموالاة"، فإما حزب حاكم، أو حزب معارض، لكن الحديث عن أحزاب موالاة دون تحديد موالاة لمن، غرضه غير واضح.
إعلان مبكر حرك المواقف
في ذلك المشهد المعقد، يشير البعض إلى إعلان الحركة المدنية الديمقراطية المبكر عن تشكيل تحالف انتخابي مستقل، وفق ما جاء في البيان المعروف إعلاميًا باسم “بيان نصف الليل”، والذي صدر في منتصف ليل السبت 8 يونيو الماضي، دفع إلى تحريك المواقف.
ويشير مراقبون مقربون من صناع القرار في الحركة المدنية إلى أن الإعلان المبكر كان مقصودًا به عدم تكرار خطوة تحالف حزبي "المصري الديمقراطي" و"العدل" مع أحزاب السلطة في انتخابات 2020، لتحديد مسار كل فريق قبل فوات الأوان، خاصة مع ضغوط الشباب اليساري والناصري على القيادات لعدم تكرار مسار التحالف مع أحزاب السلطة مجددًا.
يأتي ذلك وسط حديث رائج في أوساط الحركة المدنية عن حرص أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، على قيادة حزبه للتحالف الانتخابي الخاص بالحركة المدنية، وعدم مبالاته بتواجد أحزاب "المصري الديمقراطي" و"العدل" و"الإصلاح والتنمية" به.
يعزز ذلك إطلاق النائب السابق طلعت خليل، منسق عام الحركة المدنية والقيادي بحزب المحافظين، تصريحات إعلامية "حادة علنية" في مواجهة الحزب "المصري الديمقراطي" وحزب "العدل"، في المؤتمر الصحفي بمناسبة الرد على الحكومة، الأحد 4 أغسطس.
وطالب "خليل" حزبي "المصري الديمقراطي" و"العدل" بالرجوع إلى الحركة المدنية، محذرًا من مخالفة قرار الحركة بعقد تحالفات مع السلطة في الانتخابات المقبلة، وهو ما اعتبره البعض أول تلاسن غير معتاد بين أحزاب الحركة منذ فترة طويلة، حيث كانت تتم مناقشاتها بشكل غير معلن ودبلوماسي، وهو ما نفاه خليل في تصريحات سابقة لـ"فكر تاني"، مؤكداً أن من حقه دعوة أحزاب الحركة للعودة واحترام تاريخها السياسي.
"كنت أتمنى ألا يحدث ذلك، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه"، يؤكد المنسق العام السابق للحركة المدنية مجدي عبد الحميد في ختام حديثه لـ"فكر تاني".