في 1 أكتوبر 2023، كان المفترض أن تكون الصحفية دنيا سمير فتحي، بين أطفالها الأربعة بعد غياب طويل داخل السجن، لكن فجأة اختفى اسمها من قوائم المفرج عنهم، بعد أن نشرتها منظمات حقوقية ونقابة الصحفيين في حينه.
تخطت “دنيا” الحد الأقصى المقرر قانونًا للحبس الاحتياطي، بعامين، لتستمر معاناتها حتى الآن، مر عليها أكثر من 27 شهرًا في الحبس الاحتياطي، دون إحالتها للمحاكمة.
وتحتل مصر المركز 170 من بين 180 دولة في تصنيف مؤشر حرية الصحافة لعام 2024، الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود”.
معاناة كبيرة
تعمل “دنيا سمير” صحفية وإعلامية محلية فى محافظة جنوب سيناء، وتؤدي دورها المهني، بشكل ملتزم بميثاق الشرف الصحفي، لكن فؤجئت بالقبض عليها، قبل عامين ويزيد، عقب نشرها فيديو عبرت فيه عن رأيها ومعاناتها الشخصية.
في 27 مايو 2022، بدأت الأزمة، وفق المحامي الحقوقي خالد علي، فيما تجدد الجهات المعنية حبسها على ذمة القضية 440 لسنة 2022 حصر أمن دولة بتهم الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، وسط تجاهل لمناشداتها كأم.
باتت “دنيا” رهن ضغوط نفسية صعبة، بسبب ظروف حبسها في سجن القناطر للنساء، وسط صعوبات في زيارة أطفالها لها في السجن.
يقول محاميها “خالد علي” في تدوينة على حسابه بموقع “فيس بوك” :” تم القبض على (دنيا سمير) من شرم الشيخ، ولديها أربعة أطفال، تطالب برحمتهم وإخلاء سبيلها بأي تدابير من أجل مستقبلهم، فلم تراهم منذ القبض عليها، ولا يزورها أحد بمحبسها”.
تدخلات نقابية وحقوقية
ومنذ حبس” دنيا سمير”، تتابع جهات حقوقية ونقابة الصحفيين قضيتها، ورغم المناشدات الحقوقية وطلبات الإفراج المستمرة لم يستجب أحد بعد للإفراج عنها وإنهاء هذه المعاناة.
وتضم قائمة المحبوسات من الصحفيات، “دنيا سمير” والمصورة الصحفية، علياء نصر الدين، ضمن قائمة سجناء الرأي من نقابة الصحفيين، التي تضم 24 صحفيًا وصحفية، وفق قوائم النقابة.
في 5 يونيو الماضي، تقدمت نقابة الصحفيين بطلبات لإخلاء سبيل “دنيا”، ضمن طلبات تقدم بها الكاتب الصحفي خالد البلشى نقيب الصحفيين إلى كل من النائب العام، ومجلس أمناء الحوار الوطنى، ولجنة العفو الرئاسى.
وفي 24 يوليو الماضي، طالب البلشي، بالإفراج عن “دنيا”، ضمن كلمته أمام اجتماع الحوار الوطني، الخاص بالحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية.
وتضم قائمة الصحفيين المحبوسين بجانب “دنيا” كلاً من: كريم إبراهيم سيد أحمد، مصطفى أحمد عبد المحسن حسن الخطيب، حسين علي أحمد كريم، أحمد محمد محمد علي سبيع، بدر محمد بدر، محمود سعد كامل دياب، ياسر سيد أحمد أبو العلا، و حمدي مختار علي (حمدي الزعيم)، توفيق عبد الواحد إبراهيم غانم، محمد سعيد فهمي، محمد أبو المعاطي، دنيا سمير فتحي، شريف عبد المحسن عبد المنعم محمد إبراهيم، مصطفى محمد سعد، عبد الله سمير محمد إبراهيم مبارك، مدحت رمضان علي برغوث، أحمد خالد محمد الطوخي، أحمد أبوزيد الطنوبي، وكريم أحمد محمد عمر، وكريم الشاعر، وأشرف عمر، وخالد ممدوح.
استهداف مؤسف
من جانبها أدانت حنان فكري عضوة مجلس نقابة الصحفيين الأسبق ورئيس لجنة المرأة بالنقابة سابقًا، استمرار مسلسل حبس الصحفيات والصحفيين، مؤكدة أن استهداف الصحفيات أشد وطأة في ظل ظروف المجتمع التي تقوم فيه بواجبات أخرى.
وطالبت فكري في حديثها لـ”فكر تاني” بوقف التنكيل بالنساء المعارضات فورًا، والإفراج عنهن قائلة:” حتى وإن كانت لغة المرأة في التعبير عن معارضتها قاسية، فلا ينبغي التنكيل بالنساء وبخاصة الصحفيات على رأي معارض، فتلك وصمة عار في جبين أي سلطة، ويسيء لها أمام العالم ولا يصب في مصلحة أي دولة بأي شكل”.
كما طالبت فكري بالإفراج عن “دنيا”، والاستماع إلى شكواها والتي ترددت بشكل متواتر ضد مصدر مسئول، ولم يتم النظر فيها حتى الآن، وفق ما لدينا من معلومات.
وأعربت فكري عن انزعاجها الشديد من أن الصحفيات يتعرضن في المجال العام لانتهاكات ممنهجة من المجتمع الذكوري الذي يستخدم – والكلام لها – النوع الاجتماعي، في ابتزازهن، والضغط عليهن والدفع بهن في السجون بناء على تهم متكررة بلا سند قانوني.
وطالبت فكري بإغلاق ملف حبس الصحفيين والصحفيات وسجناء وسجينات الرأي.
قوائم سجينات الرأي
“دنيا”، أحد الأسماء المتكررة خلال العامين الماضيين، في قوائم سجينات الرأي في مصر.
ومن أبرز السجينات اللواتي ينتظرن إخلاء السبيل: المدافعة عن حقوق الإنسان والمترجمة مروة عرفة، والناشطة السياسية نيرمين حسين، وعضوة المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا المحامية هدى عبد المنعم، والناشطة الحقوقية عائشة الشاطر، والمصورة الصحفية علياء عواد، وسيدة الأعمال، حسيبة محسوب.
ويوجد 8 سجون مخصصة للنساء في مصر، أكبرها سجون القناطر الخيرية، وبرج العرب، ودمنهور، وتلاحقها العديد من انتقادات المنظمات الحقوقية المستقلة، فيما تؤكد السلطات المصرية الالتزام بحقوق السجينات.
وتدور انتقادات واسعة في الوسط السياسي حول عدم إدراج أسماء النساء في قوائم الإفراج أكثر من مرة، التي صدرت في الفترات الأخيرة.