بعد اغتيال هنية.. إلى أي مدى باتت "الحرب الشاملة" قريبة؟

داخل العاصمة الإيرانية طهران، وفي عملية هي -في صورة منها- تمثل اختراقًا إسرائيليًا كبيرًا يضع علامات استفهام حول القدرة الإيرانية الاستخباراتية على منع التسلل الإسرائيلي إلى داخل الجمهورية الإسلامية، اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بصاروخ استهدف مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في مراسم الاحتفال بتنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. فكيف سيكون الرد الإيراني؟ وما هي مآلات الوضع الراهن؟ وكيف يؤثر هذا على غزة والمنطقة التي باتت أقرب ما تكون إلى حرب شاملة واسعة؟

اغتيال هنية "إذلال" لإيران

"إسرائيل الآن تستعيد ردعها في نظر الإيرانيين"؛ يقول الصحفي الإيراني الإسرائيلي باباك إسحاقي، في حديثه لإذاعة "103 FM" الإسرائيلية، صباح الأربعاء، معلقًا على مقتل "هنية" في طهران. ويوضح أن هذه العملية مثلت "إحراجًا كبيرًا للإيرانيين.. لقد تمكنت إسرائيل بشكل أساسي من إرسال صاروخ إلى غرفة نوم هنية".

حساسية الوضع الراهن تكمن في أن "هنية" اُغتيل في أكثر الأماكن التي يفترض أن تكون آمنة لاستقبال من هو مثله، حيث إيران التي تعتبر الداعم الأكبر لحركة حماس والجهاد الإسلاميين الفلسطينيين، وفق "إسحاقي".

صورة نشرها مكتب الرئاسة الإيرانية، تظهر الرئيس مسعود بيزشكيان، على اليمين، وهو يصافح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بداية اجتماعهما في مكتب الرئيس في طهران يوم الثلاثاء.
صورة نشرها مكتب الرئاسة الإيرانية، تظهر الرئيس مسعود بيزشكيان، على اليمين، وهو يصافح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بداية اجتماعهما في مكتب الرئيس في طهران يوم الثلاثاء.

وفي إجابته على سؤال: هل سترد إيران على مقتل هنية؟، يرى "إسحاقي" أن الانتقام المحتمل من إيران غير وارد، ذلك "لأن إسرائيل لم تتجاوز بعد الخط الأحمر"؛ كما يقول.ويوضح: "لا أعتقد أنه تم تجاوز خط أحمر.. الخط الأحمر هو الهجوم المباشر على الأراضي الإيرانية، مثل ما حدث في القنصلية الإيرانية (في دمشق). بناء على ما رأيناه في الماضي، عندما لا تتحمل إسرائيل المسؤولية عن شيء من هذا القبيل، فإن الإيرانيين لن يردوا".

اقرأ أيضًا: ماذا يعني اغتيال إسماعيل هنية؟

في تقرير لها عن عملية طهران، ذكرت صحيفة "تيليجراف"، أن اغتيال إسماعيل هنية هو "إذلال كارثي للنظام الإيراني"، ويدفع بحرب الظل مع إسرائيل إلى أخطر مراحلها إلى الآن.

وتقول الصحيفة البريطانية إن وفاة هنية ليست صادمة بشكل خاص؛ إذا ما أخذنا في الاعتبار أن إسرائيل تشتهر بقدرتها على اغتيال خصومها في الخارج، وقد وصفته بأنه "رجل ميت يمشي" بعد أحداث 7 أكتوبر.

هل تستجيب إيران بالرد على اغتيال هنية؟

وترى "تيليجراف" أنه ليس هناك شك في أن القادة الإيرانيين سيتعرضون لضغوط هائلة لإطلاق رد غير مسبوق على هذا الاغتيال. أما ما إذا كانوا سيستسلمون لهذا الضغط فهو أمر أقل وضوحًا حتى الآن.

ويمكن القول إن هذا كان هجومًا أكثر جرأة من الضربة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق في وقت سابق من هذا العام، والتي بدورها دفعت طهران إلى إطلاق وابل من الصواريخ بعيدة المدى على إسرائيل. ويأتي الاغتيال بعد أن قالت إسرائيل إنها قتلت قائدًا عسكريًا لحزب الله الأقوى المدعوم من إيران في بيروت.

ومع ذلك، خلال جميع فترات الصعود والهبوط في التوترات المتصاعدة منذ 7 أكتوبر، أظهرت طهران القليل من الرغبة في تصعيد ما يسمى بحرب الظل مع إسرائيل إلى صراع إقليمي مفتوح.

ووفق الصحيفة البريطانية، فحتى وابل الهجمات الصاروخية الإيرانية الهائلة على إسرائيل في أبريل الماضي، ردًا على غارة قنصلية دمشق، كان مخططًا له وعلمت به إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاؤهما، ولم يخلف أي أضرار كبيرة أو وفيات. ما يجعله في المقام الأول استعراض قوة ليس أكثر. أما الآن، فالوضع غير واضح المعالم بعد، ولا يمكن توقع رد الفعل الإيراني على مقتل "هنية".

المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي
المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي

بعد اغتيال هنية.. الحرب قادمة لا محالة

في إيران، اجتمع المجلس الأعلى للأمن القومي في حضور قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في مقر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، لبحث عملية الاغتيال، وتعهد المرشد الأعلى بـ"بعقاب قاس" لإسرائيل، ردًا على مقتل "هنية". حيث قال في بيان نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية: "بهذا العمل مهد النظام الصهيوني الإجرامي والإرهابي الطريق لعقاب قاس لنفسه، ونعتبر أنه من واجبنا الانتقام لدم هنية الذي استشهد في أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

اقرأ أيضًا: من فؤاد شكر إلى إسماعيل هنية و”البرهان”.. ليلة الاغتيالات في منطقة مشتعلة

تقول شبكة "ABC News"، إن احتمال اندلاع حرب شاملة قائم، لكنه سيكون بين إسرائيل و"حزب الله"، وإن هذا السيناريو الذي لطالما سعت الولايات المتحدة إلى منعه، كما لم تكن إسرائيل راغبة فيه مع إدراكها جيدًا أن الحزب يمتلك قوة قتالية أكبر من حماس، وإنها ليست قادرة على المواجهة في أكثر من جبهة، يبدو أنه متوقع أكثر من أي شيء آخر الآن.

العبرة من حرب لبنان 2006

وتشير الشبكة الأمريكية إلى العام 2006، حينما خاضت إسرائيل حربًا مع حزب الله، ولم تثمر تلك الحرب عن نتائج إيجابية للإسرائيليين. والوضع كذلك الآن في غزة، وهو ما يعني أن إسرائيل ستكون في مواجهة وضع صعب إذا ما ذهبت إلى معارك جديدة في الجنوب اللبناني، الذي سيحظى مؤكدًا بدعم إيراني قوي.

وقد أوضح تقرير لجنة فينوجراد، الذي صدر في إسرائيل بعد حرب العام 2006، أن إسرائيل لم تحقق النصر في تلك الحرب. وأعاد التقرير إلى الأذهان عدة عوامل رئيسية، منها أن التضاريس في جنوب لبنان أصعب بكثير من تلك في غزة. إضافة إلى التدريبات والموارد التي يحصل عليها من إيران، مما يعزز قوته بشكل كبير.

فبينما يتم تقليص كمية الأسلحة التي تصل إلى غزة بسبب الحصار المفروض عليها من كل الجهات، لا يوجد مثل هذا التقييد لحزب الله، الذي يسيطر على مطار بيروت الدولي، مما يتيح وصول الأسلحة من إيران بسهولة.

كما أن مقاتلي "حزب الله" يتمتعون بخبرة قتالية عالية، وقد ساعدوا النظام السوري في سحق معارضته، مما زاد من مهارتهم القتالية. وهذا فضلًا عن ترسانة حزب الله من الصواريخ، وهي ضخمة، وفق ما يلفت إليه تقرير "ABC News"، والذي يقدر عدد الصواريخ في جنوب لبنان بما يتراوح بين 120,000 و150,000 صاروخ.

ولم ينجح نظام القبة الحديدية الإسرائيلي في مواجهة بعض صواريخ حماس، وكذلك فشل في صد الهجوم على قرية مجدل شمس في الجولان المحتل، وقبلها في منع الصاروخ الذي سقط وسط تل أبيب. وعليه، فقد تواجه إسرائيل صعوبة كبيرة في التعامل مع كمية كبيرة من الصواريخ -من حزب الله وجبهات أخرى- في وقت واحد، خاصة وأن صواريخ حزب الله أكثر فتكًا من تلك التي تطلقها حماس، وبإمكانها الوصول إلى أي مدينة في الداخل الفلسطيني المحتل، وهو ما يعزز من احتمالية التصعيد، كما تقول "ABC News".

زر إطلاق الحرب الجديدة "لم يُفعّل" بعد

لكن إلى الآن ليست هناك إشارة قوية على ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع فعلًا بعد الهجوم على بيروت واغتيال "هنية". وقد يكون الوقت مبكرًا للحكم على ما هو آت، خاصة وأن إيران إلى الآن لا تزال -رغم التصريحات الرسمية- حذرة في رد فعلها، والأمر كذلك في لبنان، مع حقيقة ارتباط رد فعل "حزب الله" بالتوجيه الإيراني.

هنا، يبقى رد المقاومة الفلسطينية التي تتبع سياسة "الدماء المتساوية" بين قادتها وأبناء شعبها هو الوحيد "قيد التفعيل"، خاصة مع استجابة الصفة الغربية للتطور الخطير الأخير، بدعوة الفلسطينيين إلى الإضراب العام في الداخل المحتل، وإعلان تأييد المقاومة في غزة، وإدانة الرئيس محمود عباس لاغتيال قائد حماس، الذي وصفه بـ"القائد الكبير"، بينما تزداد احتمالات أن تشكل عملية اغتيال هنية دفعًا معنويًا وانتقاميًا أكبر للرد العملياتي للمقاومة على مستوى المعارك ضد قوات الاحتلال داخل غزة.

ويبقى أنه في ظل هذا الوضع، من الصعب رؤية أي نتيجة أخرى غير انهيار محادثات السلام بين إسرائيل وحماس. خاصة وأن "هنية" كان ينظر إليه على أنه الصوت الأكثر اعتدالًا في المفاوضات، التي يبدو أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أراد إفشالها تمامًا، بغرض إطالة أمد الحرب، التي هي منفذه الوحيد للبقاء في سلطة يريد الجميع (الداخل الإسرائيلي والمجتمع الدولي) نزعها منه ومن حكومته المتطرفة.

1 تعليق

  1. هل استبدل الله العرب بالفرس المسلمين ؟
    ليت قومي يقرأون

    وأخرج الترمذي وابن حبان وغيرهما، ما لفظه كما روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، من هاؤلاء الذين ذكر الله إن تولينا استبدلوا بنا ثم لم يكونوا أمثالنا؟ قال: -وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال: فضرب رسول لله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان، قال: هذا وأصحابه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس. وهذا الحديث قد صححه الشيخ الألباني وغيره.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة