في السنوات الأخيرة، انتشر خطاب الكراهية في المجتمع المصري، وتزايدت حدته، وساعد هذا في انتشار الأفكار السلبية في المجتمع المصري، ما أدى إلى تفاقم التمييز على أساس النوع ومع كل أشكال العنف الأخرى. وهو ما ارتد إلى تنوع المنصات التي تبنت خطاب الكراهية، بين: التصريحات والتعليقات والمحتوى الرقمي الذي يُعبر عن مشاعر سلبية واتجاهات عدائية تجاه أفراد أو مجموعات معينة، بسبب عِرقهم أو دينهم أو أصلهم القومي أو جنسهم أو ميولهم الجنسية أو إعاقاتهم.
اقرأ أيضًا:اسمي فيولا.. عن صداقتي بمسيحية حرمتها الفتاوى
من هنا، جاءت فكرة حملة "صوت ضد الكراهية"، بمبادرة من فريق "هي تفكر"؛ لمواجهة خطاب الكراهية المتفشي في المجتمع المصري، بالتعاون مع عدة مبادرات شريكة مثل "براح آمن" و"بر أمان" و"ترانسات" و"سند"، وبالشراكة مع عدد من الناشطات النسويات المستقلات.
بدأت أولى جلسات حملة "صوت ضد الكراهية" في فبراير 2024، بمقر "فكّر تاني"، حيث تم تناول المفاهيم المختلفة، أولًا، حول خطاب الكراهية والسياسات المتبعة لمواجهته، وثانيًا، حول كيفية كيفية ابتكار وسائل جديدة تحد من انتشار هذا الخطاب، تكون رادعة لمستخدميه، خاصةً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضًا:وإذا شكت عُنِفت.. “تمارا” ورحلتها اليومية في المواصلات العامة
ثم أتبع ذلك، عرضًا لبعض الحالات من الواقع، التي واجهت حملات كراهية مختلفة، واستخدمت أساليب متعددة لمواجهة هذا الخطاب.
وتمحورت الحالات حول خطاب الكراهية الناتج عن: خلع الحجاب، أو ممارستهن للعمل السياسي، أو كونهن من الأقليات الجندرية أو من العابرين/ات جنسيًا.
وخلال الجلسة الختامية للنقاش تبلورت الفئات التي ستتركز عليها حملة "صوت ضد الكراهية"، وهي: "اللاجئين/ات، والنساء، والأقليات الدينية، والأقليات الجندرية".
اقرأ أيضًا:“ارجعوا بلدكم”.. كيف نمت بذرة الكراهية في مصر؟
ومن أهم الموضوعات التي تم نشرها خلال حملة "صوت ضد كراهية اللاجئين/ات"، كانت تدوينة للاجئة سودانية، وصفت رحلتها من الخرطوم إلى الإسكندرية، والمعاناة التي عانتها بدايةً من الهروب من الحرب حتى تواجدها في بلد غريب لم يرحب بها، بل صاروا يلاحقونها وذويها بعبارات كراهية.
وفي موضوع آخر، ناقشنا الإجابة على سؤال: "كيف نمت خطابات الكراهية والخرافات عن اللاجئين، وكيف تم الترويج لتلك الأفكار والعبارات التي رسخت للعنف ضد اللاجئين".
اقرأ أيضًا:ضد اللاجئين.. متى بدأ خطاب الكراهية في “بلد الغريب”؟
ومن أهم الموضوعات التي تم نشرها، ونتج عنها جدال مجتمعي: "الأزمة الاقتصادية وكراهية اللاجئين وكيف حمل المواطنون اللاجئين عبء رفع إيجارات الشقق في ظل الأزمة الاقتصادية".
وقُوبل هذا بحملة مضادة شديدة ضد اللاجئين، فقد انهالت التعليقات على هذا الموضوع، برفض وجود اللاجئين في مصر، وزادت المطالبات بطردهم، ما يؤكد على أننا نحتاج إلى سياسيات أكثر للتوعية بخطر انتشار مثل هذا الخطاب وتوضيح أن الأزمة الإقتصادية الحقيقة ليس سببها اللاجئين.
اقرأ أيضًا:منحرفون ومتحولون.. هكذا ينشر الإعلام الكراهية ضد “الميم-عين”
أما عن حملة "صوت ضد كراهية الميم - عين"، فتم طرح موضوع حول كيفية تناول الإعلام لقضايا مجتمع الميم - عين، وكيف أن اللغة المستخدمة في الوسائل الإعلامية تُساعد في ترسيخ الوصم وملاحقتهم.
كما تناول موضوع آخر فكرة أن العديد من العابرين/العابرات جنسيًا يلجأون إلى عمليات تجميل مكلفة للغاية كي يخفوا هويتهم/ن عن المجتمع لتجنب الأذى.
اقرأ أيضًا:كراهية ووصم العابرات/ين جندريًا.. حكايات من الواقع
وفي حملة "صوت ضد كراهية الأقليات الدينية"، والتي كانت الأكثر قسوة، تطرق أحد الموضوعات إلى قتل الدكتورة نهى سالم، وكيف أن قتلها كان نتيجة حتمية لخطاب الكراهية الذي تعرضت له طوال حياتها. كما ناقش موضوع آخر فكرة الصداقة بين المسلمين والمسيحيين، وكيف كانت محفوفة بدعوات وفتاوى تحريمية من الجانبين.
ومن أهم الحملات التي تبنتها المبادرة هي "صوت ضد كراهية النساء"، التي ناقشت موضوع قطع الكهرباء المتكرر وتأثيره على أمان النساء في الشارع.
كما أبرزت أهم الموضوعات الخلافية على الساحة، وهو دور النساء في المناصب القيادية، وما تتعرض له السيدات من تمييز وخطاب كراهية، مثل: "مديرتي متبقاش واحدة ست".
اقرأ أيضًا:“وعملوها الستات ”.. المناصب القيادية ليست للرجال فقط
وبشكل عام، واجهت حملة "صوت ضد الكراهية" العديد من الحملات المضادة والهجوم المنظم من لجان إلكترونية، وكانت أبرزها ضد اللاجئين والأقليات الجندرية، مما يؤكد أن خطابات الكراهية متجذرة ومنتشرة في المجتمع المصري.
لذا، فإن وجود خطاب مضاد كان كافيًا لجلب سيل من الهجوم علينا، وتُعد أكثر الحملات المضادة التي استهدفت موقع "فكّر تاني" كانت عن شهر الكراهية ضد اللاجئين.
وفي ختام حملة "صوت ضد الكراهية"، تم إنتاج ورقة بحثية بالشراكة مع مبادرة "سند" للدعم القانوني تحت عنوان: "خطابات الكراهية: بين الفراغ التشريعي والعنف ضد الأقليات".
اقرأ أيضًا:قطع الكهرباء المتكرر.. لا أمان للنساء في الشوارع المظلمة
تحدثت الورقة عن خطابات الكراهية كواحدة من مظاهر التعصب الاجتماعي المنتشرة حول العالم، والتي تستهدف غالبًا المجتمعات المهمشة والفئات الأقل نفوذًا في المجتمع.
وتتجلى خطابات الكراهية في مصر من خلال ممارسات منفصلة و/أو متصلة، ومنها: اللغة المستخدمة، الخطابات غير المتجانسة، والممارسات التي تُحرض بشكل مباشر ومبطن على العداء والتمييز ضد فرد و/أو مجموعة من الأفراد بناءً على خصائصهم الفعلية و/أو المتصورة عنهم، مثل الدين، العرق، الجنس، الهوية الجندرية، الميول الجنسية، الخصائص الشكلية، والتعبير الجندري، والأيديولوجيا السياسية.
تهدف هذه الورقة البحثية إلى تناول أشكال خطابات الكراهية في سياقات مختلفة داخل المجتمع المصري، وموقف الدولة المصرية منها وسياقها التشريعي فيما يخص المشكلة. كما تُلقي الضوء على النمطية الاجتماعية تجاه الأقليات العرقية، الإثنية، الجنسانية، والطبقية.
كما تهدف الورقة إلى تحليل مظاهر وأسباب انتشار خطابات الكراهية في مصر، من خلال دراسة العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية التي ساهمت في ظهور وتفاقم المشكلة.
وبالإضافة إلى ذلك، تسعى الورقة إلى استكشاف التدابير الممكنة للحد من تأثير هذه الخطابات وتفكيكها من منظور نسوي تحليلي، في محاولة لطرح حلول بديلة للحد من المشكلة على المستويين السياسي والاجتماعي.
اقرأ أيضًا: ماذا تفعل صباح مع جنون أسعار الفوط الصحية؟
وتأتي أهمية هذه الدراسة في ظل التحديات الحالية التي تواجه المجتمع المصري واستقباله ثقافات وعرقيات متعددة خلال الفترة الأخيرة.
حيث إن فهم جذور وأبعاد خطابات الكراهية يُمكن أن يسهم في صياغة استراتيجيات فعالة لمكافحتها وتعزيز السلم الاجتماعي. من خلال تقديم توصيات مبنية على التحليل الدقيق والمعمق، تسعى الدراسة إلى تقديم إسهام فعّال في الجهود الرامية إلى بناء مجتمع مصري متماسك ومتناغم. وفي هذا السياق، تخلص الورقة البحثية إلى التوصيات الآتية:
- تعزيز المساواة وعدم التمييز وحرية التعبير.
- سن تشريعات ضد خطاب الكراهية.
- إجراء الأبحاث والدراسات الإحصائية لتحديد مدى انتشار خطاب الكراهية في المجتمع المصري.
- إنشاء مفوضية لمكافحة التمييز بما يتماشى مع ما نص عليه الدستور المصري لعام 2014.
- دعم منظمات المجتمع المدني التي تُساهم في التوعية ضد العنف والتمييز وانتشار خطابات الكراهية.
- إنشاء مؤسسات مستقلة لمواجهة التمييز.
- تنظيم وإطلاق حملات تثقيفية في الإعلام لنشر الوعي حول أهمية المساواة وعدم التمييز.
- التعاون مع منظمات المجتمع المدني للتصدي لخطابات الكراهية.
لقراءة الورقة البحثية كاملة اضغط هنا