أن تخلع قبعة سوداء وترتدي أخرى زرقاء.. كيف يرى نواب المعارضة بيان حكومة مدبولي؟

تحت القبة معارضة وتفنيد لبيان الحكومة الجديدة، التي ربما تواجه تحولًا ملموسًا في نقد سياساتها خلال الفترة المقبلة، لأسباب عدة؛ أولها: الإبقاء على رئيسها مصطفى مدبولي، رغم كل المآخذ وعلامات الاستفهام العالقة برداء إدارته في السنوات الماضية.

"المصريون شبعوا وعودًا عن حال لا يتبدل، وواقع يؤول للأسوأ دومًا، في مرحلة ضبابية من الإصرار على الاستمرار بالسياسات نفسها، فلا يرون الحكومة الجديدة إلا كمن خلع قبعةً سودءا وارتدى أخرى زرقاء، ثم سأل: ها.. عرفتني"؛ يقول نواب ممثلون لأحزاب القوى المدنية، محسوبين على المعارضة، استطلعت "فكر تاني" آرائهم تعليقًا على البيان الذي ألقاه مصطفى مدبولي، مستعرضًا برنامج حكومته أمام البرلمان، في انتظار إقرار نيابي، غالبًا، سيحصل عليه قريبًا بفعل أغلبية الموالاة داخل مجلس النواب.

4 محاور لبرنامج يستمر 3 سنوات

خلال بيانه الإثنين، طرح "مدبولي" برنامج عمل حكومته الجديدة للسنوات الثلاث المقبلة في أربعة محاور أساسية، تقوم على حماية الأمن القومي، وبناء الإنسان المصري، وتحقيق الاقتصاد التنافسي، والاستقرار السياسي الذي يؤدي إلى التماسك الوطني.

اقرأ أيضًا: هل تعمدت الحكومة التخلص من المستشفيات الحكومية وطواقمها؟

تناول المحور الأول المعني بحماية الأمن القومي وسياسة مصر الخارجية، بما يضمن حماية أمن واستقرار الحدود، ودعم القدرات العسكرية للجيش، وتعزيز أمن البحر الأحمر وقناة السويس، وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود والاتجار بالبشر، فضلًا عن تطوير السياسة الخارجية لمصر، وتعزيز دورها في محيطها العربي والإفريقي والدولي، بالإضافة إلى تعزيز مشاركتها في المنظمات الدولية.

وفي استعراضه للمحور الثاني، وعد "مدبولي" بأن تعمل حكومته على بناء الإنسان المصري وتعزيز رفاهيته، عبر عدة محاور فرعية، تشمل: الحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم، وتمكين الشباب والمرأة، وتشغيل القوى العاملة، والإسكان والمرافق.

وتطرق خلال حديثه عن المحور الثالث لبناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات. ويتضمن هذا المحور ثلاثة محاور فرعية: ترسيخ دعائم النهوض الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، وضبط الأسعار والحد من التضخم. بينما يعني المحور الرابع بـ"تحقيق الاستقرار السياسي والتماسك الوطني" من منطلق أن استقرار الدولة المصرية يعتمد على قدرة مؤسسات الدولة على التكيف مع حركة التفاعلات في المجتمع، ومواجهة التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية الرامية إلى استغلال المجتمع أو فرض أوضاع غير مقبولة عليه.

10 أيام.. ثم منح أو سحب الثقة

خطوة استعراض الحكومة لبيانها هذا، يفرضها الدستور على السلطتين التنفيذية والتشريعية، لذا، أعلن رئيس البرلمان المستشار الدكتور حنفي جبالي، تشكيل لجنة خاصة لدراسة برنامج الحكومة برئاسة المستشار أحمد سعد الدين وكيل أول المجلس، تضم في عضويتها 42 نائبًا، بينهم محمد أبوالعينين وكيل المجلس، ورؤساء اللجان النوعية، وممثلي الهيئات البرلمانية للأحزاب، والأعضاء: سليمان وهدان، وغادة علي، ومصطفى بكري، وإيرين سعيد، وأحمد الشرقاوي، وندى ألفي ثابت، وأحمد فرغل، وأحمد فتحي.

اقرأ أيضًا: أينما تكونوا يدرككم “الظلام”.. كيف تدير الحكومة قطع الكهرباء؟

وقد بدأت اللجنة اليوم الأربعاء اجتماعاتها التي تستمر لـ 10 أيام متتالية، تنتهي إما بالإقرار أو الرفض وعدم منح الثقة للحكومة.

ما الجديد في حكومة مدبولي؟

النائب إيهاب منصور
النائب إيهاب منصور

"ما الجديد؟.. هذه حكومة وعود كاذبة وخطابات الكلام المرسل.. هل من المنطقي تصديقها؟"؛ يقول النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "المصري الديمقراطي"، معلقًا على بيان مدبولي.

"منصور" الذي تحدث لـ"فكر تاني"، عبّر عن خيبة أمل في أن تفي الحكومة بوعودها التي أطلقتها في "بيان نيل الثقة"، ويبرر موقفه بسوابق ممارسات إدارة مدبولي التي أدت بمصر إلى أوضاعها الاقتصادية السيئة، والأزمات الكبرى التي يعيشها الشعب على مستوى كل الملفات.

"مدبولي" يخلع قبعته السوداء ويتردي الزرقاء

في بيان الحكومة، هناك جمل محددة استوقفت النائب أحمد بلال، من الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، في تحليله للخطاب الحكومي.

النائب أحمد بلال
النائب أحمد بلال

يقول في حديثه لـ "فكر تاني"، إن أولى هذه الجمل حديث رئيس الوزراء أن "الحكومة تواصل إنجازاتها"، وهي جملة تكشف العقل الباطن للحكومة، وأن مدبولي "مقتنع تمامًا" بأنه لا يدير حكومة جديدة كما هو المعلن، وإنما هي الحكومة نفسها بالسياسات والأفكار ذاتها. "وهذا ما حذرنا منه حين تكليفه بتشكيل الوزارة مرة أخرى. مدبولي خلع قبعة وارتدى أخرى جديدة.. هذا كل ما في الأمر"؛ يقول.

"حينما يقول رئيس الوزراء عبارة 'استكمال الإنجازات' فإن هذا بلا شك يعني أن لا سياسات جديدة مطروحة في برنامجه، وهو يعترف ضمنيًا بهذا"؛ يضيف "بلال" الذي يستغرب كيف بحكومة جديدة مفترض أن هدف تشكيلها الرئيسي هو معالجة ما أخفقت فيه الحكومة السابقة، يتحدث رئيسها بشعار استكمال الإنجازات؟ فأي إنجازات يقصد هنا؟ انقطاع الكهرباء أم فقدان العملة المصرية لأكثر من 75% من قيمتها؟

"ولهذا، أنت لست من المتفائلين بتكليف مدبولي برئاسة وزراء مصر، لأن سياساته هي التي أفقرت المصريين، وخطابه الأخير لا يشير إلى أي تغيير في هذه السياسات"؛ يتابع .

خطاب مدبولي عام دون تفاصيل وخطة زمنية واضحة

النائبة أميرة صابر
النائبة أميرة صابر

لا ترى النائبة أميرة صابر، عضو الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي، مساحة ممكنة حاليًا لتكوين انطباع حقيقي عن برنامج الحكومة، لأن ما طُرح في بيانها أمام النواب كان إطارًا عامًا غير واضح التفاصيل، وإن ضم بعض الجمل الإيجابية، مثل إلزام الحكومة نفسها بمخرجات الحوار الوطني.

وتقول "أميرة"، في تصريحاتها لـ "فكر تاني": "نتمنى أن نشهد انعكاسات للمطالب الشعبية والحقوقية في برنامج الحكومة خلال الفترة المقبلة، وكذلك ننتظر أن نشهد حلولًا واضحة لأزمات المجتمع المصري، وعلى رأسها أزمة الكهرباء وأزمة تطبيق قانون تأجير المستشفيات.. رأينا خطابًا حكوميًا عامًا بشكل كبير يفتقد لتفاصيل خطط واضحة بتوقيتات زمنية محددة، لكننا ننتظر وفاءً بهذه التعهدات البراقة".

بيان مدبولي.. العبرة بالخطط

هذا التأويل يتفق معه أيضًا النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة رئيس حزب العدل، والذي يصف بيان رئيس الوزراء بأنه "لم يتعدَ الخطوط العامة الفضفاضة".

يقول "إمام"، في حديثه لـ"فكر تاني"، إن هذا الأسلوب من الحديث السياسي يتكرر لدينا منذ عقود، وإن الأهم في الحكم عليه هو الخطوات العملية التي تليه، مضيفًا أنه حزبه ينتظر البيان التفصيلي لبرنامج الحكومة، لدراسته وإعلان موقف الحزب منه على الرأي العام.

ويشير رئيس حزب العدل إلى أن الموافقة على أي بيان حكومي تتطلب خططًا واضحة ومسؤولية دقيقة ومعدلات إنجاز زمنية وكمية، لأن هذه قواعد القياس والحكم ومن ثم الموافقة أو رفض الخطط التي تعرضها الحكومة وتتعلق بمستقبل الشعب المصري.

ولا ينظر "إمام" لإلزام الحكومة نفسها بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بكثير من الأهمية. يقول: "هذا أيضًا وعد فضفاض؛ فالحوار الوطني يتضمن نقاطًا عديدة ومتباينة، مثل قانون الانتخابات الذي يحتوي على تصورات متناقضة، بأي هذه المتناقضات ستلزم الحكومة نفسها؟ هذا أمر يتطلب تدقيقًا شديدًا لتحديد الرؤية التي ستلتزم بها الحكومة".

كفانا تذرعًا بشماعة الظروف الخارجية

النائبة مها عبد الناصر
النائبة مها عبد الناصر

لا ترى النائبة مها عبد الناصر، عن حزب المصري الديمقراطي، التذرع بالظروف الخارجية منطقيًا لتبرير الإخفاقات الواضحة، وهو أمر استخدمته الحكومة كثيرًا سواءً بشكلها السابق أو الحالي.

وتقول: "بيان الحكومة -كما هو المعتاد- علق جميع المشاكل على الظروف الخارجية، دون الاعتراف بالأخطاء الداخلية أو تقديم وعود واضحة بتصحيح المسار، ما يجعل هذا البيان إنشائيًا بامتياز، يفتقر إلى خطط زمنية محددة أو مؤشرات أداء".

وتضيف "مها"، في حديثها لـ"فكر تاني"، أن البيان الحكومي تضمن عناصر جيدة إذا ما حكمنا على إطاره العام، لكن يبقى أن الأهم في مثل هذه الخطابات هو الوثيقة التفصيلية التي ستوضح الخطط الزمنية المحددة لبرنامج الحكومة، ومن ثم تقييمه واتخاذ القرار المناسب بالقبول أو الرفض. إذ أن معايير الموافقة على البيان تتطلب تحديد احتياجات المواطن والتحديات الحالية، ووضع خطط واضحة ومفصلة، مع معدلات زمنية لتنفيذها، وتحديد دقيق للمسؤولية.

الأغلبية مضمونة وإن كان سيناريو الرفض قائم

توقعات المراقبين كلها تفترض أغلبية موافقة من مجلس النواب على بيان الحكومة، ذلك لأن أحزاب الموالاة ستضمن تمرير الحكومة، إلا أنه نظريًا يبقى أن هناك إمكانية لسقوط الحكومة إذا رفض المجلس هذا البيان، وفقًا لنص المادة 146 من الدستور والمادة 126 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب. وفي حالة عدم حصول الحكومة على ثقة المجلس، فإننا سنكون بانتظار الخطوات التالية:

1. يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو مقاعد مجلس النواب (أي أن حزب مستقبل وطن سيرشح اسمًا لتشكيل الحكومة ويقوم الرئيس بتكليفه). ولرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.

2. يعرض رئيس الحكومة الجديدة برنامج حكومته على المجلس ويقوم المجلس بتشكيل لجنة خاصة لدراسة البرنامج وعرض تقريرها على المجلس.

3. يناقش المجلس تقرير اللجنة الخاصة ثم يصوت على برنامج الحكومة بمنحها الثقة أو رفضها.

4. إذا لم تحصل حكومة الأغلبية على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، يُعد المجلس منحلًا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة