حركة الأشخاص ذوي الإعاقة في معركة الدستور

 

بعد الخسارة النسبية لحركة الإعاقة في معركة المجلس القومي لشئون الإعاقة، وإنشاء المجلس بطابع حكومي علي غرار المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة، تراجعت   الجبهة التي ناضلت من أجل مجلس ديمقراطي مستقل، وتصدرت الجبهة القريبة من الدولة المشهد. خسارة التيار الديمقراطي أنتجت انقسام حاد داخل الحركة، وأصبحت الجبهة الأكثر جذرية المتمثلة في ” معاقين ضد التهميش ” و ” عايز حقي ” تتهم الجبهة الأصغر التي تبنت طريق التفاوض مع الحكومة والقبول بالحد الأدنى بخيانة مطالب ذوي الإعاقة.

كانت الحركة قد بدأت بالفعل في الانحصار والتراجع، وارتبط ذلك بتراجع الحركة السياسية في مصر بعد 2013. وفقد الأمل تدريجيا في حدوث تغيرات كبيرة علي المستوي الوطني، بعد أن أدي الصراع مع سلطة الإخوان المسلمين إلي استنفاذ الجهد، وانقسام الحركة السياسية، وبدء الدولة صراعها العنيف مع الإخوان، وانتشار الخوف من الإرهاب، ومطالبة قطاعات واسعة من الجماهير بعنف الدولة لحسم هذا الصراع.

جاءت معركة دستور 2014. بعد أن خسرت حركة الإعاقة الجزء الأكبر من جمهورها، وأصيب الأغلبية بالإحباط بعد خسارة معركة المجلس القومي، وتوجه عدد آخر نحو تأسيس منظمات مدنية تقليدية بعيدة عن المنهج الحقوقي حتي وإن رفعت شعارات حقوقية، طبقت المنظمات الجديدة منهج التنمية وركزت علي محاولات توفير فرص عمل، وتنظيم تدريبات تأهيلية لدمج ذوي الإعاقة بسوق العمل، وتقديم بعض الخدمات مثل المساعدة في استخراج كارنيه الإعاقة أو إجراءات الكشف الطبي، واختفت تدريجيا منظمات الإعاقة الدفاعية التي تستخدم آليات حقوق الإنسان في رصد الانتهاكات ومواجهتها، وتواكب ذلك مع حصار منظمات حقوق الإنسان في مصر، وتحملها مسئولية الفوضى، واتهام بعض المنظمات الحقوقية الكبيرة بالعمالة والمطاردة الأمنية للكثير من الحقوقيين، حتي أصبح مصطلح حقوق الإنسان سيء السمعة ومصدر للخوف من اتهامات جنائية.

اقرأ أيضًا:كمال زاخر في حوار خاص: الرهبنة في عصر البابا شنودة كانت بابًا خلفيًا لـ”الترقي الاجتماعي”.. و”الأحوال الشخصية” علامة استفهام

مثل ذوو الإعاقة في لجنة إعداد الدستور الدكتور. حسام المساح. الحاصل علي الدكتوراة في القانون الدولي، وهو واجهة مشرفة لذوي الإعاقة لكنه من خارج الحركة ولم ينخرط في أنشطتها، والحقيقة أنه قام بدوره بشكل جيد علي المستوى القانوني، واعتمد على مطالب ذوي الإعاقة من الدستور بعد تنظيم لقاءات عديدة مع منظمات الإعاقة وبعض الشخصيات الفاعلة في مجال الإعاقة، لكن واقعيا تم استبعاد الشخصيات التي كانت تضغط لوجود فصل خاص بالدستور لحقوق ذوي الإعاقة، وصدر الدستور متضمنا 9 مواد متفرقة أهمها 53 الخاصة بمناهضة التمييز، ولم تشهد فترة إعداد الدستور أي احتجاجات ترفع مطالب أكثر جذرية.

وصدر الدستور وسط ترحيب كبير من ذوي الإعاقة، فلأول مرة يحصلون على اعتراف دستوري بوجودهم بالمساواة مع الجميع، وأصبح لهم مقاعد في البرلمان والمجالس المحلية، وبصرف النظر عن قيمة وعلاقة الدستور بالواقع، لكن يجب الاعتراف أن الوضع الدستوري جاء نتيجة نضال حركة الإعاقة علي مدار عشر سنوات، وأنه مثل مكسب علي طريق نيل حقوقهم بالمساواة وتكافؤ الفرص.

 

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة