في يوم المرأة العالمي..”لا تعطني سمكة”

في يوم المرأة العالمي هذا العام نحب أن نذكركم بالمثل الصيني الشهير “لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها”، بعد سنوات من تكبيل أيادي النساء وتحديد حرياتهن وحرمانهن حقوقهن الأساسية، بحجة أن هناك شخصًا آخر دائما هو الراعي وهو المسئول عنها سواء كان الأب أو الزوج أو الأخ وأن هذا هو التكريم بعينه، أدى إلى حياة تعيشها النساء محرومة من اتخاذ القرارات بحرية وكذلك فرص التمكين والاستقلال الاقتصادي وأصبحن هن الأكثر عرضة للعنف الأسري والمنزلي على يد أحد أفراد الأسرة، أوعلى يد الشريك أصحاب الدور الأساسي في حمايتهن كما أوهمنا المجتمع! لذا؛ في يوم 8 مارس أردنا أن نلقي نظرة على مطالب النساء حتى يتعلمن الصيد بأنفسهن ولا ينتظرن من يعطيهن سمكة مقابل حريتهن.

اقرأ أيضًا: لما روحت القسم..حملة لضمان حق النساء في الإبلاغ

في نقاش بسيط في أي تجمع نسائي أو عائلي ستجد من بينهن صاحبات الرأي الذي يحصر دور النساء داخل المنزل، مؤكدات أن فطرة المرأة لا تتحمل شقاء العمل، والرجل هو المنوط بالإنفاق والحماية “هي دي شغلته” أما هي ” فا تتستت أحسن لها”، غير مدركات ما ينعكس من حديثهن على أوضاعهن وما قد يتعرضون له يوما ما!.

الشكل الاجتماعي الذي خلقه الدين والثقافة، هو السبب الأساسي لافتقار النساء إلى العديد من الفرص التي قد تجعلها تتعلم الصيد كما الرجل، حيث تعيش الفتيات منذ نعومة أظافرهن تحت ضغط المجتمع بكلمة “بقيتى عروسة” حتى تصل إلى سن 18 سنة،-وهذا في المجتمعات الأكثر تقدمية عن المجتمعات التي توافق وتدعم زواج القاصرات-. ثم تبدأ الفتاة في إعداد نفسها لمشوار الزواج بعد التخرج، ويقوم الأهالي بتجهيز العروس وتعليمها أصول الطبخ، وفنون الطاعة!
هذه هي بداية الحلقة المتكررة التي تحرم الفتيات من تطوير ذواتهن، استعدادًا للحصول على وظيفة بعد التخرج، تنشغل في تحضير نفسها لعش الزوجية بمؤهلات تجعلها تحصل على العريس الهمام، مثل تفتيح المناطق الغامقة، وفرد الشعر وتعليمها كل شيء يخص الأعمال المنزلية، حتى تصبح زوجة صالحة!

ثم تدخل قفص الزواج، وهنا تبدأ الحلقة في الاستمرارية حيث تنشغل الفتيات في دورها كزوجة تلبي احتياجات عريس الهنا، يليه دورها البيولوجي وهو الأمومة، فيزيد طفل -على الأقل- في قائمة اهتماماتها الثابتة؛ هذا في الوقت الذي يعمل فيه الرجل ويقوم بدور العائل المادي، الذي يمكنه من حرية التصرف والتخطيط المهني والتطور الذاتي وغيرها من الأدوات التي تحميه مجتمعيًا.

تتمحور مشكلة النساء في هذه المرحلة، في أن المجتمع أوهمهن بأنه لا يوجد مشكلة في هذا الدور بل هو تكريم وتعزيز لأنوثتها، رغم أن القانون لا يكفل لهن أي حقوق مقابل هذه الأدوار التي يفنين عمرهن بالكامل في تأديتها بالمجان! بل يمجد المجتمع والدين هذا الدور ويزرع في عقول النساء أن من يشجعهن على التغيير، هن العوانس و خرابات البيوت.

تأتي تبعيات ما نتحدث عنه عند طلاق النساء في ظل القوانين غير المنصفة، فيجدن أنفسهن أمام خيارات محدودة بسبب مبالغ النفقات الضئيلة التي يحصلن عليها، كما أن هناك بعض النساء تخسر حقوق أساسية في حالة “الخلع” بسبب تعنت الزوج. ثم تنحصر اختياراتهم إما في اللجوء إلى أهلهن للحصول على الدعم المادي مما يشكل عبء إضافي على الأسرة، ويعطيهم مفتاح “سلطة جديدة” على هذه المسكينة، أو محاولة الحصول على وظيفة حتى تكتشف -في هذه اللحظة- أنها لا تعلم كيف تصطاد ولا أحد تركها تتعلم.

إن حرمان النساء من فرص التعلم والتطور المهني والذاتي، يضعهن داخل إطار وظائف محدودة الأجر، ذات ساعات عمل أطول، غير متناسبة مع دورها الإنجابي والأمومي، وهو ما يجعلها تتسرب بشكل متكرر عن الوظيفة أو البحث طويلا عن فرصة إن وجدت، لتبحث من جديد وتحاول أن تصطاد سمكة دون تعلم، وهو ما يطرح سؤالا في يوم المرأة العالمي، لماذا يحرص المجتمع على حرمان النساء من التعلم والتطوير، ويحصرهن في أدوار لا تنفعها ولا تسمن ولا تغني من جوع!؟

الأسباب عديدة ومتنوعة، ولكن يبقى قاسمها المشترك إصرار المجتمع على الاحتفاظ بسلطته على النساء، من سلطة مالية في الميراث وتكوين الثروات وغيره، إلى سلطة اجتماعية حيث حرية القرارات والاختيارات.

في يوم المرأة العالمي، ننادي بحرية النساء في التعلم والتطوير، واسترجاع ما فقدهن من أدوات وإمكانيات وقدرات بسبب حصرهن في دور بلا مقابل، وإجبار قطاع كبير من النساء على انتظار السمكة دائما، وتوفير بيئة عمل صديقة للنساء ولأدوارهن الأمومية، وكذلك تمكين الدولة للنساء اللاتي حرمن من فرص التعلم والتطوير، مما يعيق بينهن وبين الحصول على حياة كريمة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة