حقوق الأمهات المصرية في قاع أنهار سويسرا

منذ أيام عُثر على جثمان أم مصرية تُدعى مريم مجدي، في قاع نهر من أنهار سويسرا، وألقت الشرطة السويسرية القبض على زوجها السابق بتهمة قتلها، لماذا قُتلت مريم؟ كانت تبحث عن طفلتيها اللتين خطفن على يد الأب وهرب بهما من مطار القاهرة مسافرا إلى سويسرا، ثم سافرت مريم إلى مصيرها الأخير بحثا عنهما، بعد أن حصلت على حكم محكمة بالحضانة المشتركة قرر المجرم قتلها والتخلص منها للأبد.

ما حدث لمريم هو مصير محتمل  لكل أم مصرية على خلاف مع أب مصري، كيف ذلك؟ دعنا نحكي الحكاية من البداية!

الأم المصرية والتمييز في القوانين

تعيش نساء مصر في صراع دائم – مع القانون أولا ثم مع الشركاء السابقين ثانيا- حول حضانة أطفالها، الأمر الذي  قد يتعارض تمامًا مع ما يروجه بعض الرجال المعارضين لقانون الأحوال الشخصية الحالي، مدعين إنصافه للنساء على حساب الرجال وخاصة في المادة المتعلقة بترتيب أحقية الحضانة للأطفال، حيث يأتي الأب في مرتبة متأخرة بعد عدد من نساء أسرة الأم وأسرة الأب.

اقرأ أيضًا: قيم الأسرة المصرية وقمع النساء

لكن في واقع الأمر، تعيش النساء في صراع مع كل ما يتعلق بحقها المكتسب في حضانة أطفالها، سواء كانت النفقة أو الحق في الولاية أو حق السفر وغيرهم، وفي الواقعة السابقة تُذكرنا الفقيدة مريم مجدي بواحد من محاور هذا الصراع المستمر وهو حق السفر.

تعاني نساء مصر من حرمانهن من حق السفر مع أطفالهن دون موافقة الأب، على عكس الامتيازات المعطاه للأب إذ لا يوجد أي إجراء احترازي من الأب لمنع سفر الأطفال معه وهم  في حضانة الأم وهي القائمة على رعايتهم،  بل ويحذر القانون من خطر إسقاط حق الحضانة عن الأم في حالة السفر دون إذن صاحب حق الرؤية وهو الأب، والعكس ليس صحيح! أي أنه من حق الأب السفر مع أطفال دون موافقة كتابية من الأم أثناء فترة حضانتها لهم، بل يحتاج هذا الحق إلى تنظيم من خلال إجراء تقوم به الأمهات لمنع سفرهم مع الأب وهذا الإجراء تجهله الكثير من الأمهات ولا تعلم عنه شيئا إلا بعد اختطاف الأطفال والسفر بهم بالفعل.

هذا التمييز الصريح لا يخجل منه القانون ولا القائمين عليه، بل وتواجه بعض الأمهات تعنت صريح في الإجراءات الاحترازية أيضا، على عكس ما قد يواجهه بعض الآباء من تعامل سلس جدًا أثناء قيامه بالتعدي على حق الحضانة -المكفول بالقانون- للأمهات.

اقرأ أيضًا: كيف يرى القانون المصري النساء؟

هذا ما واجهته مريم مجدي وغيرها من النساء اللاتي حرمن من أطفالهن، وتستمر معاناتهن أثناء رحلة البحث عن أطفالهن لسنوات طويلة مع استمرار هذا القصور الواضح في القانون، الذي لا يفرض عقوبة على الأب ولا يعتبره خاطف من الأساس!

أصبح هذا الكارت هو الورقة التي يتم التلاعب بها لمساومة أو معاقبة النساء، سواء كان على الطلاق أو غيرها من الخلافات قبل أو بعد الطلاق، مع استمرار تجنب القانون أن يكون طرفًا في هذا الصراع وإيثاره الصمت أمام معاناة النساء، حتى نرى اليوم منهن واحدة فقدت حياتها أثناء محاولتها للوصول إلى أطفالها بعد خطفهم تحت مرأى ومسمع من القانون والمسؤولين الذين سمحوا بتكرار هذه المهزلة مئات المرات.

ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

قد تكون حادثة مريم ليست الأولى، بل نرى في ما حدث لها تصوير واضح لواقع النساء في مصر، حيث تعيش النساء محرومات من حق الحماية من العنف والنجاة، يلاحقها العنف الذكوري حتى في بلاد تكفل لها حقوقها مثل سويسرا، لنرى اليوم جثمان أم مصرية ملقى في أعماق أنهار سويسرا يحكي عما عانته هذه المسكينة من عنف أسري على يد شريك مجرم، حرمها من حق الحياة بعدما وجدت سبيل جديد لها في بلد يحترم آدمية الأم والطفل، لا بلد يبحث فقط عن تمكين السلطة الأبوية بشكل أكبر ومعاقبة النساء الفارين منها للأبد، ليكون مصيرها  إما مقتولة أو محرومة من أطفالها تبكي دمًا حتى تطمئن عليهم.

لا يوجد امرأة هنا في مأمن من بطش هذا الغدر الذكوري، قد أكون أنا الضحية القادمة أو من تقرأ هذا المقال، وجميعنا باحثات عن النجاة إما من تتبع وملاحقة، أومن تهديد وابتزاز، أو تعنيف بدني أو جنسي أو نفسي، وباحثات أيضا عن فرص للعيش بكرامة وأمان إما في الشارع أو خلف جدران البيوت أو حتى على ضفاف أنهار سويسرا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة