حكايات الستات

 

رحاب متزوجة وتعيش في قرية ريفية، زوجها فارض رأيه عليها طوال الوقت بالإضافة للضغط عليها دائمًا بأن لا تخرج إلا بزي معين، وهي لا ترغب في ارتدائه، لكن زوجها غير قابل للتفاهم تمامًا، المشكلة الأكبر أن والدتها تقف مع زوجها قلبًا وقالبًا تشجعه دائمًا أن يتعامل معها بدون تقدير وإذا اشتكت الابنة تقول الأم “عنده حق هو الراجل”، لدرجة إن المشكلة الأخيرة التي حدثت بين رحاب وزوجها، والدتها بصقت في وجهها وحرضت زوجها عليها عندما شعرت رحاب بالضيق من تصرف زوجها واعترضت عليه.

تقول الكاتبة (برينيه براون) في كتابها ” فهم الخزي والتغلب عليه “، الخزي هو ذلك الشعور المؤلم جدا أو التجربة أو الاعتقاد بأننا سيئون معيبون، ومن ثم غير جديرين بالحب والانتماء.

سميرة بتحكي إن جوزها دايما بيشككها في رأيها ويقولها إنت متعرفيش تقولي رأي صح، ولما تشترك في قاعدة فيها قرارات مهمة خاصة بالبيت أو الأولاد يقولها رأيك مش مهم، أنا الراجل اللي أقرر وأقول، ولكنها همست علي استحياء وقالت إن الرأي اللي بقوله هو اللي بيكون صح وجوزي بيعمل بيه، لكنه ميعترفش إنه رأيي وإني ممكن أقول حاجة صح.

اقرأ أيضًا:فساد داخل الوزارة.. علي مصيلحي على “كف عفريت”

الخزي تجربة صعبة للغاية، وله تأثير كبير على الحياة اليومية للنساء فهو يؤثر علي علاقاتهم بمن حولهم بشكل كبير، فالنساء التي تتعرض لأشكال مختلفة من العنف يتولد لديها شعور كبير بالخزي، لأن ثقافة المجتمع تحملها مسئولية تعرضها للعنف بأنه خطئها هي وليس خطأ من مارسه ضدها، أو لأنها لم تستجب لكلام زوجها، أو لأنها رفضت أمر معين لأنه لا يناسبها، أو قررت أن تشارك برأيها أو تعمل في وظيفة ترغبها، أو حتي تمارس حقها الطبيعي في التعرف علي شاب من أجل الزواج وهكذا من الأسباب والمبررات التي تبيح للمجتمع ممارسة العنف ضد النساء، حتي أن النساء أنفسهن ونتيجة لشعورهن بالخزي يبررن لمن يمارس العنف ضدهن أفعاله ويتقبلون وجهة نظر المجتمع بأنهن السبب فيما يحدث لهن، ولذا وجب عليها أن تتحمل للحفاظ على أسرتها، وسمعتها، وتربية أولادها، وبالتالي ولأنها هي المخطئة فهي لا تجرأ أن تطلب المساعدة، إذا شعرت بالضيق أو ساءت حالتها النفسية.

شابة من إحدى قرى صعيد مصر تبلغ من العمر 25 عاما متزوجة ولديها أطفال وحالتها المادية هي وأسرتها جيدة من ضمن مهامها اليومية تقديم الطعام للماشية التي يملكونها وفي يوم من هذه الأيام وأثناء تقديمها الطعام لأحد الماشية قام (العجل) برفسها في عينها فحدث نتيجة ذلك انفصال شبكي بالعين، قامت بعمل عملية أولية للعين، والحالة استدعت أكثر من عملية لإنقاذ العين ، وهنا اعترض الزوج ورفض عمل المزيد لإنقاذ عين الزوجة، وعند سؤال الزوج قال بمنتهي الوضوح أنه يريد عمل قومسيون طبي للزوجة لإثبات أنها لديها عجز جزئي للحصول علي معاش، وللأسف الشديد رضخت الزوجة لما قرره الزوج .

وهناء منذ تزوجت وهي تعيش حياة تعيسة من سوء معاملة زوجها لها أغلب الوقت، لا يعترف بحقها في أخذ قرارات الحياة معه، دائما يقول لها تفهمي إيه انت، ناهيك عن الشتائم المستمرة لأتفه الأسباب، والضرب، والإهانة، غير تخليه عنها عندما تحتاجه هي والأولاد، حتي حينما استطاعت أن تدبر أمورها من أجل الانتقال إلى سكن أفضل، عانت فيه معاناة شديدة بمفردها من توضيب وتنظيم وكل ما يخص هذا الأمر حتي استقروا جميعا في المنزل الجديد، وتنتظر منه أن يبارك ما فعلت ويُسمعها كلمات التشجيع، ولكنه تعمد أن يشعرها بعدم قيمة ما فعلته وأن ما سبق كان أفضل مما قامت به وبأنها لم تفعل شيئا ولا تفهم شيئاً، وهي تعيش في هذا الحال منذ سنوات عديدة.

أما خلود فهي فتاة عشرينية تعيش في القاهرة، حاصلة علي مؤهل عالي، عملت منذ تخرجها في عدة وظائف واكتسبت خبرات مختلفة، أسرتها تسمح لها بالسفر والتنقل إذا تطلب العمل ذلك، ولكن وحينما تعرفت خلود علي شاب مثل الكثير من الفتيات بغرض الزواج، وعرفوا أهلها بالأمر قبل أن تخبرهم هي، انقلبت حياة خلود رأسًا علي عقب، فتم معاقبتها بشدة وحُكم عليها ألا تغادر المنزل وتترك عملها الذي هو مصدر الرزق الوحيد لها، وقام أخوها بالتعدي عليها بالضرب بموافقة الأم مع عدم مراعاة أنها الأخت الكبري، ولم تستطع خلود صاحبة الشخصية القوية أن تقف أمام هذا الغضب الجام من الأسرة عليها، ورضخت لما حدث لها بسبب لا يتطلب كل هذا الغضب والعزلة التي فرضتها عليها الأسرة.

تقول الكاتبة (برينيه براون)، “أن من ضمن أسباب الشعور بالخزي هو القولبة والتصنيف”، أي أن المجتمع يسند سمات وسلوكيات معينة إلى النساء بناءً على جنسهن وغالبًا ما تكون هذه السمات والسلوكيات نمطية وغير دقيقة، ولكنها تؤثر على جميع جوانب حياتها فهي تؤثر علي تعليمها وعملها وعلاقاتها، فتقل فرص الفتيات في التعليم أو في اختيار التعليم المناسب لها، وكذلك عدم إيجاد فرص عمل مناسبة لطموحاتها، أيضا الصعوبة في إقامة علاقات صحية ومرضية وقائمة علي التكافؤ بين الطرفين، والنتيجة الأكيدة لكل ذلك هو العنف والتمييز ضد النساء.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة