ماذا قالت “أفتي” عن الانتخابات الرئاسية وحرية التعبير؟

رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير “أفتي”، في تقرير حديث عن الفترة من من 1 يوليو 2023 إلى 30 سبتمبر 2023 ما اعتبرته انتهاكات واسعة النطاق لحرية التعبير خلال المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وتحت عنوان “انتخابات منقوصة الشرعية“، وثق التقرير الربع سنوي الثالث الصادر عن “أفتي” عرقلة كبيرة للحقوق السياسية للمواطنين أثناء عملية الترشيح، بما في ذلك “الاعتداءات الجسدية وإعاقة الوصول إلى المرافق لتأييد المرشحين المحتملين”.

كذلك، تحدث التقرير عن “القيود” التي فرضتها الهيئة الوطنية للانتخابات، وما أثارته من “مخاوف بشأن المنافسة النزيهة واستقلالية العملية الانتخابية”. وذكرت أن ما توصلت إليه “يدفع إلى استكشاف الأثر المحتمل لهذه الانتهاكات على النزاهة الديمقراطية للانتخابات المقبلة”. بينما أشارت إلى التدابير التي يمكن اتخاذها لمعالجة ومنع مثل هذه الانتهاكات في العمليات الانتخابية المقبلة؟

وركزت على كيف يمكن أن تؤثر هذه “الانتهاكات الموثقة” على ثقة المواطنين في النظام الانتخابي والمشاركة السياسية في مصر؟ وأخيرًا، ما هو الدور الذي تلعبه المنظمات الدولية والمجتمع الدولي في رصد ومعالجة هذه “الانتهاكات” لحرية التعبير والحقوق السياسية في مصر؟

منع المرشحين المحتملين للانتخابات

سلط التقرير الضوء على المرحلة المبكرة من الانتخابات الرئاسية في عام 2024، حيث أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات عن إجراءات تنظيمية وجداول رسمية، ما أثار مؤشرات قوية على “رغبة السلطات في السيطرة على نتائج الانتخابات”. الأمر الذي أبرزته -وفق التقرير- ممارسات منع أنصار المعارضة من تأييد المرشحين المحتملين، الأمر الذي ذكر التقرير أنه أشار إلى اتجاه للسيطرة الشديدة من قبل قوات الأمن. وقد أعاق ذلك بشكل كبير الأفراد الذين يطمحون إلى الترشح لمنصب الرئيس.

وفي رصده، قال التقرير إنه منذ اليوم التالي على إعلان الهيئة الوطنية الإجراءات التنظيمية والمواعيد الرسمية الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهورية، بدأت مرحلة تحرير نماذج التأييد الشعبية من قبل جمهور المواطنين لصالح المرشحين المحتملين للانتخابات. وقد خصصت الهيئة الوطنية للانتخابات 217 مكتب شهر عقاري حول الجمهورية لتحرير نماذج التأييد للمرشحين، في حين أن عدد المقرات التي خصصت لنفس الغرض في 2018 وصل إلى 389 مقرًّا.

ومع توافد المواطنين على مكاتب الشهر العقاري رصدت حملات المرشحين “انتهاكات جسيمة” لحق المواطنين في مباشرة حقهم السياسي في تحرير نماذج التأييد. وكان من بين أبرز تلك الانتهاكات؛ “حشد البلطجية” أمام مكاتب الشهر العقاري بهدف خلق زحام شديد ومنع المواطنين من الوصول إليها، حتى أن الأمر وصل إلى الاعتداءات البدنية والتهديد حال الإصرار على تحرير نموذج التأييد.

فريد زهران وأحمد الطنطاوي
فريد زهران وأحمد الطنطاوي

كذلك، أشار التقرير إلى عدم تمكن العديد من المواطنين من تحرير التأييد الشعبي بالرغم من نجاحهم في الدخول في مقر الشهر العقاري بسبب تعنت الموظفين الرسميين، تحت دعاوى تعطل نظام التسجيل الإلكتروني للتأييدات. ذلك فضلًا عن مشاهد استخدام المال السياسي لحشد المواطنين عن طريق المساعدات العينية استغلالًا لعوز وحاجة المواطنين الأكثر فقرًا.

ورصد التقرير كذلك استدعاء عدد من أعضاء حملة المرشح أحمد الطنطاوي إلى مقرات جهاز الأمن الوطني بهدف إرهابهم، فضلًا عن عمليات القبض المتواصلة التي يتعرض لها أعضاء الحملة منذ إعلان الطنطاوي رغبته في خوض السباق الانتخابي، التي وصلت منذ إعلان ترشحه وحتى إعداد التقرير إلى ما لا يقل عن 140 حالة قبض، وفقًا لرصد مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

التجاوزات ضد حملتي الطنطاوي وزهران

‏وقد تعرض مؤيدو ومناصرو المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي لتلك الانتهاكات أكثر من غيرهم، خصوصًا أنه أول المرشحين المحتملين الذي أعلن عن نيته للترشح ودعا أنصاره إلى تحرير نماذج التأييد الشعبية اللازمة لتخطي العتبة الانتخابية حتى يتمكن من تقديم أوراق الترشح إلى الهيئة الوطنية للانتخابات.

كذلك، لفت التقرير إلى حذف محتوى من لقاء إعلامي مع مرشح رئاسي في مجموعة قنوات المتحدة المملوكة للدولة. حيث أعلن المرشح الرئاسي ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عن إذاعة حلقة مسجلة له يوم السبت الموافق 23 سبتمبر 2023، حيث استعرض لأول مرة برنامجه الانتخابي ورؤية الحزب الشاملة، عبر برنامج مساء dmc مع الإعلامي أسامة كمال، إلا أن الجمهور فوجئ بعدم إذاعة الحلقة في الموعد المحدد، ومن ثم أعلن مقدم البرنامج بعد فترة أن المنع حدث لأسباب تقنية تتعلق بالصوت حتى تم إذاعة الحلقة مع عدم إذاعة حديث زهران المسجل كاملًا. ليصدر زهران بعدها توضيحًا يؤكد فيه أن اللقاء المذاع لم يتضمن حديثه كاملًا وأن هناك اجتزاء للحوار، أخل في بعض الأحيان بالمعنى المراد إيصاله.

استهداف حرية التعبير

يذكر التقرير في الجزء الخاص بحرية الرأي والتعبير كيف أن السلطات المصرية واصلت فرض قيود على حرية التعبير، لا سيما في وسائل الإعلام وعلى شبكة الإنترنت. حيث شهدت هذه الفترة (1 يوليو إلى 30 سبتمبر) انتهاكات شملت اعتقال أفراد بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح تحقيقات ضد شخصيات إعلامية بزعم محتوى مسيء. ذلك بالإضافة إلى استهداف الحقوق الرقمية، مع تقارير عن المراقبة والقيود المفروضة على التعبير عبر الإنترنت، بما في ذلك مراقبة الرسائل المشفرة والمواقع الإلكترونية، ما يشير إلى حملة أوسع نطاقًا على حرية التعبير.

وقد أشار التقرير إلى ما اعتبره “اعتقال غير قانوني” لكريم أسعد، عضو المنصة الإخبارية المستقلة “مدى مصر”. فيما فصّل التقرير ما اعتبره “أعمالًا عدوانية ارتكبت ضد كريم”، وسلط الضوء على “الاعتداء الجسدي غير المبرر والاحتجاز غير القانوني الذي تعرض له”.

ورصد التقرير حالات تتعلق باحتجاز صحفيين وشخصيات سياسية أو محاكمتهم بناء على أسس قانونية غامضة، ما أدى إلى انتهاكات لحقوقهم. وذكر على سبيل المثال، هشام قاسم، الناشر والسياسي الليبرالي، الذي واجه حكمًا بالسجن لمدة ستة أشهر وغرامة قدرها 20,000 جنيه مصري، فرضتها محكمة الاستئناف، في حين سجن الصحفي أحمد سمير سنطاوي “ظلمًا” لمدة ثلاث سنوات بسبب نشر أخبار كاذبة مزعومة. وهو ما وصفه التقرير بـ”نمط يؤكد اتباع نهج متعمد لخنق حرية التعبير في مصر، ما يديم مناخ الخوف والترهيب”.

هشام قاسم
هشام قاسم

توصيات “أفتي” لحرية التعبير بمصر

وبشكل عام، رسم التقرير صورة مقلقة لتدهور حالة حرية التعبير في مصر، بما تشهده من “قمع مستهدف، ومراقبة غير قانونية، ومضايقة للصحفيين والناشطين”، خاصة في فترة الإعداد للانتخابات، مشددًا على الحاجة الملحة إلى الاهتمام الدولي بهذه الممارسات وإدانتها، فضلًا عن الدعوة إلى المساءلة والعدالة لضحاياها.

لكنه قدم سلسلة من التوصيات، داعيًا إلى الإفراج عن جميع الأفراد المحتجزين ظلما، وتضخيم الاهتمام الدولي بانتهاكات حقوق الإنسان، وإجراء تحقيق شامل في انتهاكات حقوق الإنسان السائدة في مصر. وتؤكد الوثيقة على الحاجة الملحة لبذل جهود متضافرة لفضح الانتهاكات الجسيمة لحرية التعبير في مصر والتصدي لها.

للاطلاع على التقرير كاملًا.. اضغط هنا

وقد تضمنت هذه التوصيات:

1ـ قيام الهيئة الوطنية للانتخابات بمهامها في مراقبة سير العملية الانتخابية في جميع مراحلها والتفاعل الجاد مع كل الشكاوى التي تصل إليها.

2- على الهيئة الوطنية للانتخابات فتح تحقيق جاد حول الانتهاكات التي شابت المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية.

3- على النيابة العامة الإفراج الفوري عن أنصار وأعضاء الحملة الرئاسية للنائب البرلماني السابق، أحمد الطنطاوي.

4- على أجهزة الأمن المصرية وقف استهداف المواطنين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

5- إسقاط الاتهامات عن كل المحكوم عليهم على خلفية قضايا نشر، وأبرزهم السياسي والناشر هشام قاسم.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة