عنف يتم تجاهله عمدًا

 

لأعوام تحملت مها تعليقات زوجها، نظرات من حولها وتساؤلاتهم عن تأخرها في الحمل.

كرهت هند حضور الأفراح، مناسبات السبوع، أعياد الميلاد لأطفال عائلتها والأصدقاء لتعليقات من نوعية “عقبالك، مش هنفرح بيكي، معقوله الرجاله عميوا…”

أما منى فمنذ طفولتها واسمها عند الجميع ” باندا” على سبيل الدعابة والـ”هاهاها” حتى اعتادت الاسم وأصبحت تقابله بابتسامة باهتة.

على الأغلب يُنظر إلى ما سبق على أنه مضايقات وسخافات مجتمعية يتعرض لها النساء.. فهل ستتقبل الآن أن أخبرك أن ما سبق يصنف من الأمم المتحدة كعنف ضد المرأة ؟!

الحقيقة أننا اعتدنا أن يرتسم لكلمة “العنف” صورة ذهنية شائعة ..امرأة متورمة العينين تعاني من كدمات متفرقة كنتيجة اعتداء جسدى من زوج، أب، أو شريك.

إلا أن أنواع العنف تشمل العنف المعنوي والذي بدوره يشمل العنف النفسي، والعنف اللفظي الذي يهدف للحط من قيمة المرأة بإشعارها أنها سيئة، ويكون بسبها، شتمها، لعنها، الصراخ عليها، مناداتها بأسماء حقيرة أو نعتها بألفاظ بذيئة والسخرية منها أمام الآخرين وإبداء عدم الاحترام والتقدير لها، معايرتها بصفة فيها أو بأهلها أو التعرض لها بالمساومة، مما يزعزع ثقتها بنفسها ويجعلها تشعر بأنها منبوذة، فيما يعد أشد أنواع العنف خطرًا على الصحة النفسية للمرأة.

والعنف النفسي هو شكل شائع من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والذي يتضمن أي سلوك متعمد يضعف بشكل خطير السلامة النفسية لشخص آخر من خلال الإكراه أو التهديد.

اقرأ أيضًا:ضائعات في متاهات التشخيص.. إسراء وريهام وتهميش آلام “التعب الُمزمن”

تشمل أمثلة العنف النفسي، على سبيل المثال لا الحصر، الإساءة العاطفية، والسلوكيات القسرية والسيطرة، والمطاردة، والتحرش.

ومن المهم أن نلاحظ أن التقنيات الرقمية يمكن أن تسهل وتضخم العنف النفسي.

وفي محاولة لاستعراض أنماط مختلفة من العنف النفسي يمكن طرحهم في عدد من العناصر:

  • الإساءة العاطفية Emotional Abuse:

وتشمل السلوكيات التي تهدف إلى توليد الأذى العاطفي أو التهديد بالأذى، مثل

التقليل من شأن الضحية أو إذلالها أو تهديدها أو تخويفها.

أمثلة على الإساءة العاطفية

  • الإساءة اللفظية، والتسلط، وإهانة الضحية.
  • تسليط الضوء على الضحية.
  • التهديد بالإيذاء أو إيذاء النفس أو التهديد بأخذ أطفال الضحية بعيدًا عند انتهاء العلاقة.
  • التعقب أو المطاردة Stalking :

الاتصال أو الاهتمام المتكرر وغير المرغوب فيه من مرتكب الجريمة مما يسبب الخوف أو الترهيب.مثل:

  • إرسال رسائل نصية أو رسائل بريد إلكتروني أو رسائل أو هدايا أو رسائل عبر الإنترنت غير مرغوب فيها بشكل متكرر إلى الضحية.
  • متابعة الضحية بشكل منتظم في الأماكن العامة أو الظهور بشكل متكرر في مكان إقامتهم دون دعوة.
  • العبث بالممتلكات الشخصية لشخص ما لجعلها تعرف أنه يتم ملاحظتها.
  • السلوك القمعي المتحكم coercive and controlling behaviors:

السلوك القمعي الذي يهدف إلى السيطرة على الضحايا وعزلهم وإهانتهم وترهيبهم.

أمثلة على السلوكيات القسرية والسيطرة

  • تقييد حركة الضحية خارج المنزل.
  • الحد من اتصال الضحية بأشخاص آخرين، مثل الأصدقاء وأفراد الأسرة وزملاء العمل.
  • المطالبة بالوصول إلى جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الخاص بالضحية، أو مراقبة نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • التحرش غير الجسدي Harassment :

السلوك غير المرغوب فيه الذي ينتهك كرامة الضحية ويخلق بيئة ترهيبية أو عدائية أو مهينة أو مسيئة.

أمثلة على التحرش

  • التشهير بالضحية عن طريق نشر معلومات خاطئة عنهم عمداً.
  • النشر المتكرر لصور غير مرغوب فيها للضحية أو عائلته أو مكان عمله عبر الإنترنت.
  • خرق أمر تقييدي يمنع الجاني من الاتصال بالضحية.

تأثير كل ما سبق على الضحايا يمتد، لعمق الألم النفسي، لآثار مدمرة منها خلق شعور بالخوف وتدني احترام الذات ويمكن أن يعاني ضحايا هذا النوع من العنف من القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة بالإضافة لزيادة خطر الانتحار. ففي عام 2017، انتحرت ما لا يقل عن 1136 امرأة في الاتحاد الأوروبي بسبب العنف النفسي المتكرر من قبل الشريك.

أيضًا، يمكن أن يعيق العنف النفسي قدرة الضحايا على البحث عن خدمات الرعاية الصحية العامة والمتخصصة وتحمل تكاليفها، مما يؤدي إلى تدهور صحتهم البدنية. كذلك ارتفاع معدلات تعاطي الكحول والمخدرات والألم المزمن والتعب الدائم واضطرابات النوم، ويجب ألا نغفل أن جزء كبير من ضحايا الإكراه وسلوكيات التحكم يتم عزلهن عن شبكاتهم الاجتماعية وأصدقائهم وعائلاتهم وأنظمة الدعم الخاصة بهم، حتى يظلوا يعتمدون بشكل كبير على الجناة.

*جميع الاسماء الوارده مستعارة

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة