فوجئ رامي عادل، الطالب الجامعي والخادم بكنيسة العذراء مريم بشبرا، بسؤال من صديقته نجوى السيد، من "شلة" الجامعة، وهم يفترشون حديقة أمام مدخل الكلية: "رامي مش فاهمة لحد دلوقتي ازاي الرئيس بتاع دير أبو مقار يتقتل بالسهولة دي كدة؟ أنتم ناس طيبين جدا.. ليه العنف اللي حصل ده؟ واللي قتله ده خد منه ايه؟".
حاولت السيد أن تتذكر اسم رئيس الدير: "اسمه تقيل مش عارفة أنطقه خالص"، قالت بخجل. سريعًا، أجاب رامي عن السؤال بسؤال: "ايه فكرك بالقصة دي؟ عدى عليها 5 سنين دلوقتي؟".
ابتسم، لأن هناك من لا يزال يهتم بواحدة من أهم الأحداث التي "هزت" الكنيسة والمجتمع المسيحي خلال السنوات القليلة الماضية، وقال: "اسمه الأنبا ابفانيوس.. انطقيه مرة واحدة وبسرعة".
رغمًا عنه يقع دير القديس الأنبا مقار المعروف إعلاميًا بـ"دير أبو مقار" في دائرة الضوء، سواء في فترة الراحل الأب متى المسكين (1969-2006)، أو ما بعدها حين تولى البابا شنودة البطريرك الراحل إدارته عام 2009، بعد أن قرر الرجل القوي الأنبا ميخائيل مطران أسيوط الأسبق –كان الأب الروحي للدير- ترك إدارته، مرورًا برئاسة الأنبا إبيفانيوس للدير عام 2013، وانتهاءً بمقتله داخل الدير في 29 يوليو 2018.
اقرأ أيضًا: "لم يبن حجرًا فقط وإنما بنى قلوبًا".. رحيل "سمعان إبراهيم" من نقش المحبة على حجر "المقطم"
نهضة علمية
البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، يعتبر الدير مركزًا تعليميًا كبيرًا للكنيسة داخل مصر، وخارجها، وذا تاريخ كبير، ومؤثر في الحياة المسيحية، كما أنه يشكل أحد أعمدة الحياة الرهبانية-وفق تصريحاته خلال زيارته الأولى عام 2014.
"ما تودينا الدير يا رامي.. عايزينه نشوفه" تقول رشا السيد وهي تترجى رامي أن يصطحبهم إلى هناك. تُكمل:" قريت عن القصة دي اليومين اللي فاتوا، وكمان عرفت شوية حاجات عن الدير حلوة أوي، مكتبة وزراعة وحيوانات،، نفسي أروح".
قبل 10 سنوات، انتخب الأنبا إبيفانيوس رئيسًا للدير بأغلبية أصوات الرهبان في فترة البابا تواضروس الثاني، ورسم أسقفًا، ورئيسًا للدير عام 2013، بعد فترة فراغ على مقعد رئاسته عقب تنحي الأنبا ميخائيل، وخضوع الدير لإشراف البابا شنودة.
ويعد دير القديس الأنبا مقار الواقع بمنطقة وادي النطرون –المعروفة كنسيًا بـ"برية شيهيت" أحد أقدم الأديرة القبطية، حيث بدأت فيه الحياة الرهبانية في الثلث الأخير من القرن الرابع الميلادي، وتبلغ مساحته نحو 2700 فدان، تشغل البنايات منها حيز أربعة أفدنة، من بينها سبع كنائس، ومكتبة تاريخية، وباقي المساحة مخصصة للزراعة.
وعد رامي أصدقاءه بمحاولة التخطيط لزيارة الدير، وأمسك بهاتفه وبدأ يحكي قليلًا عن تاريخ الدير والراهب المفكر متى المسكين. يرتبط الدير روحيًا باسم الراهب "متى المسكين"، بعد أن أعاد تأسيسه في ستينيات القرن الماضي، تميز بكونه مركزًا ثقافيًا متفردًا في نشر الدوريات الفصلية مثل "مجلة مرقس"، والتي يصدر منها 10 أعداد سنويًا، وتجمع بعض مقالاتها في هيئة كتب مستقلة، يأتي ذلك بجانب إصدارات بحثية، ودراسات للراهب "متى المسكين"، وتلاميذه تزيد عن مائتي إصدار، أغلبها يؤصل لدراسات عقائدية.
فترة متى المسكين
في 1960، صدر قرار من المجمع المقدس بحرمان الأب متى المسكين بعد أن رفض العودة إلى دير السريان بوادي النطرون امتثالًا لتعليمات المجمع المقدس، وظل المسكين محرومًا لمدة 9 سنوات، الأمر الذي منعه من "الترشح" لانتخابات الكرسي البابوي عام71، حيث لم تُحتسب هذه السنوات من فترة الرهبنة المطلوبة للترشح.
وبعد أن أعيد القمص متى المسكين مرة أخرى إلى الرهبنة بقرار من البابا كيرلس السادس عام 1969، انتقل إلى دير الأنبا مقار بصحبة 12 راهبًا من جماعته
وعمل "متى المسكين"-يوسف إسكندر وهو الاسم العلماني له قبل الرهبنة- بالصيدلة قبل الرهبنة حتى عام 1948، من مواليد مدينة بنها التابعة لمحافظة القليوبية، وتخرج في كلية الصيدلة-جامعة القاهرة عام 1944، وتتلمذ على يده العديد من الرهبان أبرزهم الأنبا إبفانيوس آخر رؤساء دير الأنبا مقار.
وتحت رئاسة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط، شارك الراهب "متى المسكين" في تأسيس الدير مرة أخرى، وإعادة تخطيطه، وإدارة شئون الرهبان، العمال، الزراعة، والإنتاج الحيواني.
أخبر رامي أصدقائه أن رحلة الدير سُتحتم عليهم الاستيقاظ مبكرًا جدًا، عليهم أن يلتقوا في تمام السادسة صباحًا، إذا رغب أحد منهم في حضور القداس الصباحي المبكر (6-8) ثم يستمتعون سويًا بالفطور الذي يقدمه الدير، وهو عبارة عن فول من صنع الدير وعيش لا يمكن مقاومة طعمه، يحكي رامي.
الراهب برتي المقاري، أحد أقدم رهبان الدير يقول: "إن الأب متى المسكين حرص في بداية اختياره لمجموعة الإثنى عشر التي رافقته في رحلته إلى دير الأنبا مقار على ضرورة تضمينها الحاصلين على شهادات عليا، ومهتمون بالعلوم الكنسية".
ويضيف –الراهب الذي أمضى نحو 50 عامًا داخل دير الأنبا مقار- أن النهضة الروحية، والثقافية التي اشتهر بها الدير خلال فترة القمص متى المسكين ترجع إلى اجتماعاته الدورية بالرهبان، ومطالبته بضرورة توصيل العلم، بما يعني أن يستفيد الدير من كل التخصصات الموجودة.
البابا شنودة والقمص متى المسكين
ترشح "متى المسكين" لانتخابات البابوية عام 1971، بعد تجربة خاضها في عام 1957، وأبعدته عنها قواعد لائحة انتخاب البطريرك، التي كان منها عدم قضاءه الوقت الكافي في الرهبنة بعد حرمانه 9 سنوات، والتي أعدتها الكنيسة، وعرفت بـ"لائحة 57".
في 1971 تمت هذه الانتخابات التي ضمت إلى جانب المسكين 9 رهبان آخرين مرشحين على الكرسي البابوي من بينهم "البابا شنودة الثالث"، والذي أتت به القرعة الهيكلية، وكان -حتى ترشحه- صديقًا مقربًا للقمص متى المسكين، حتى نشبت بينهما خلافات، لم تحدث من قبل في تاريخ الكنيسة بهذه الحدة، خاصة بعد لقاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتطورت إلى اتهام "متى المسكين" بإفساد العقيدة، وهو أحد المنظرين لقضية إبعاد الكنيسة عن السياسة.
وبدت خصوصية "دير الأنبا مقار" خلال فترة التأسيس الثانية على يد "متى المسكين"، ورفاقه، في انحياز الرهبان لتوجهات الراهب الإصلاحية بعيدًا عن الكنيسة الرسمية، حيث لم يرتد الرهبان "القلنسوة الرهبانية"، غطاء الرأس الذي كان يرتديه الرهبان في الأديرة الأخرى.
غير أن خلافات طالت الدير في أعقاب وفاة "متى المسكين" يونيو 2006، وانقسم الرهبان إلى مجموعتين إحداهما تتمسك بثوابت الراهب، والأخرى حديثة الالتحاق توالي البابا شنودة، أدت في نهايتها إلى تخلي الأنبا ميخائيل عن رئاسة الدير، ودخوله تحت عباءة البابا شنودة الثالث بعد زيارة له عام 2009، وضع خلالها "القلنسوة" على رؤوس الرهبان.
هل كان "إبيفانيوس" امتدادًا لم يكتمل؟
في مرحلة ما بعد "البابا شنودة" أعيد الأمر مرة أخرى إلى "الأنبا ميخائيل" مطران أسيوط، وأكبر الرهبان سنًا آنذاك، والذي سبق أن رفض شغل منصب قائمقام البطريرك في الفترة "من مارس وحتى نوفمبر 2012" التي خلى فيها الكرسي البابوي.
بعدها بنحو عام رسم البابا تواضروس الثاني الأنبا إبيفانيوس أسقفًا، ورئيسًا للدير بتزكية من الأنبا ميخائيل، لكن الأخير لم يلبث إعلان إعجابه، وانحيازه لمدرسة الأب متى المسكين.
ورغم استمرار الخلافات الكنسية بين أتباع مدرستي "شنودة الثالث"، و"متى المسكين"، إلا أن الأنبا إبيفانيوس أمام مؤتمر بأحد الأديرة الكاثوليكية بـ"إيطاليا" لفت إلى أن أثر "الراهب المسكين" يصعب فهمه على غير الدارسين لتاريخ الكنيسة القبطية في العصر الحديث، لافتًا إلى أنه أحدث أثرًا بالغًا في الحياة الرهبانية، وحقل الدراسات الآبائية، والإنجيلية في مصر، بجانب أثره في نظرة الأقباط للكنائس الأخرى.
"إبيفانيوس" الذي تسببت وفاته داخل الدير في هزة عنيفة للحياة الرهبانية بـ"دير أبو مقار"، اعتقد أن كتابات "متى المسكين" أحدثت تغييرًا ملحوظًا في مجال التعليم في الكنيسة القبطية، ويرجع ذلك إلى أنه حصل على مجموعة كاملة لأقوال الآباء مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وانطبع فكر الآباء في تفكيره.
وتأثر دير الأنبا مقار بواقعة مقتل الأنبا إبيفانيوس لدرجة الدهشة حسب تصريحات الراهب "برتي المقاري"، من ناحية عدم اعتياد الرهبان على هذا العنف.
زار رامي من قبل كل أديرة وادي النطرون – التي تسمى كنسيًا برية شهيت- منها دير السريان ودير الأنبا بيشوي ودير البراموس، لكنه أبدًا لم يزر دير أبو مقار الذي شهد واقعة مقتل ابفانيوس بنهاية ظلام الليل وقبل وصوله إلى مقر الكنيسة الأثرية لحضور قداس الصباح.
للحظات، خاف رامي من فكرة اصطحاب أصدقائه – المسيحيين والمسلمين- في رحلة إلى الدير، خاف من رؤية مكان الجريمة البشعة، يقول:" دم أمام باب الكنيسة لأسقف معروف عنه الطيبة.. كيف يمكنني الاقتراب من المكان؟"
وكأن الراهب المقاري يستمع لرامي، يقول"المقاري": "تأثرنا بموجة الأسئلة التي طالت الدير، وطريقة حياة الرهبان، وميزانياته، ومنتجاته، وكل ما يتعلق بتفاصيل الحياة الرهبانية داخله".
بناءً على الواقعة، ووفق قرار بابوي لا يستقبل الدير إلا اثنين من طالبي الرهبنة سنويًا، مفسرًا ذلك بحتمية الرعاية الأكبر للرهبان.
لكن ذلك وفق رؤية "برتي المقاري"-أحد الرهبان المتمسكين بمدرسة "متى المسكين"-لم يمنع من نهضة الدير، وممارسة الحياة الروحية اليومية، وعمل المطبعة التي لم ولن تتوقف.
اقرأ أيضًا:العلمانيون الأقباط ..هل عبر "صوت التيار" نوافذ المقر البابوي؟
قصة المطبعة
وتعد مطبعة "دير الأنبا مقار" إحدى العلامات المميزة في تاريخه المعاصر، ولم تتوقف رغم مقتل "رئيس الدير الأنبا إبيفانيوس"، ويرجع ذلك إلى حرص الرهبان على استمرار العمل داخل الدير.
ويحكي الراهب "برتي المقاري"-الذي يعمل بالمطبعة منذ 44 عامًا – قصة المطبعة قائلًا: في بداية عام 1978 جاء من انجلترا ماكينتين طباعة، إحداهما ذهبت للأهرام، والثانية حصل عليها دير الأنبا مقار.
يضيف "المقاري": كنت أحد الذين اشتغلوا عليها، وكنا نطبع النص باللغات "الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، واليونانية"، لافتًا إلى أن المطبعة ذاتها جرى تجديدها عام 1992، لتواكب الطباعة بالألوان.
رغم غياب خطة مستقبلية لتطوير المطبعة بسبب اعتماد الأمر على "عطاء الرهبان"، وابتعاد الرهبان الجدد عن العمل البحثي، يقول المقاري: "إن الرهبان القدامى اهتموا جيدًا بالعمل البحثي، وتدقيق الكتب ذات النصوص الأجنبية".
في السياق ذاته عن نهضة الدير بعد رحيل الأسقف المغدور، يشير المفكر القبطي كمال زاخر مؤسس جبهة العلمانيين الأقباط إلى أن نهضة الدير الثقافية حاضرة، وبذات التدفق المعهود، لافتًا إلى أن مكتبة الدير شهدت سلاسل متعددة في الفترة الأخيرة تغطي العديد من المباحث اللاهوتية، والكنسية، وتخطت مؤلفات رهبان الدير إلى مؤلفين من خارجه، سواء من داخل الكنيسة الأرثوذكسية، أو من شقيقاتها بالعائلة الأرثوذكسية.
لكن طباعة مؤلفات من خارج نطاق الرهبان يشكل عبئًا على المراجعين وفق ما يؤكده "برتي المقاري"، يأتي ذلك لأن مرحلة الطباعة تسبقها مراحل المراجعة، والتي كان يخصص لها الأب متى المسكين 7 من الرهبان، مرورًا بالتصحيح، وانتهاءً بمراجعة نهائية قبل الطباعة، ويعد ذلك عبئًا على الرهبان في الوقت الراهن –على حد قوله.
أيضًا، يشير "المقاري"-أحد مراجعي كتب متى المسكين- إلى أن معظم التلاميذ الأوائل لـ"الراهب" درسوا اللغات، وعملوا داخل المطبعة في مراجعة النصوص الأجنبية للتأكد من أن "متى المسكين" أخذ نصوص منضبطة.
ويستطرد قائلًا:"وصل عدد الرهبان بدير الأنبا مقار إلى 120 راهب، يحضر منهم محاضرات تاريخ الكنيسة من 10 إلى 15 راهب".
ويعتمد العمل داخل المطبعة على طلب السوق حسب تصريحات "المقاري"، سواء من خلال إعادة طبع مؤلفات متى المسكين التي بلغت 184 مؤلفًا، أو مؤلفات أخرى نفذت طبعاتها بالمكتبات.
ولم يخف الراهب تأثر المطبعة بغلاء سعر الورق في الفترة الأخيرة، بما يعني حرص الرهبان على طباعة السلاسل الدورية، ومؤلفات رهبان الدير، وإعادة الطبعات المطلوبة في الأسواق.
"بطيخ الدير"
بالقرب من ذلك، يحتفظ دير الأنبا مقار بتميز محاصيله الزراعية، في مقدمتها "الزيتون، والعجوة"، ويفسر "زاخر" ازدهار الدير زراعيًا باختلاف مشارب الرهبان، فمن الطبيعي تعدد مواهبهم، فكما أن الدير يحتاج إلى باحثين فإنه أيضًا يحتاج لمن يزرع، ويشرف على مشاريعه، ومن يعمل في أعمال إنتاجية أخرى.
ويشير "برتي المقاري" إلى أن إنتاج الدير موجود، ويورد إلى كل الجهات، لكن التوريد في الماضي كان بنسبة أفضل.
ويتذكر المقاري: عام 1979 لم يكن يوجد في سوق روض الفرج محصول "بطيخ"، لأن الندى في موسم "ديسمبر-يناير" قضى على المحصول، وفوجئ التجار باختفائه، لكن الزرع في دير الأنبا مقار ظل في نموه حتى شهر إبريل، ووزعنا على الأسواق كميات كبيرة، وكان التجار ينادون في الأسواق "قرب على بطيخ الدير".
لكن منتجات الألبان تراجعت قليلًا في الفترة الحالية نظير ارتفاع التكلفة من ناحية، وقلة الكمية المستخلصة والتي تقدر بنسبة 20% -على حد قول الراهب-، بما يدفع إلى وضع الكميات المنتجة في منافذ البيع، لكونه وجبة أساسية في فترة عدم الصوم.
رئاسة الدير إلى أين؟
في حوار بين رامي وأحد كهنة كنيسة شبرا، سأله رامي عن مستقبل رئاسة الدير:"هل سيرأس الدير شخص ما في القريب؟ أم تظل الرئاسة تحت إشراف البابا بنفسه؟"
اقتصرت إجابة كاهن الكنيسة على سؤال رامي: "الله يدبر كل شيء"
كان رامي يحاول جمع كل المعلومات الممكنة قبل اصطحاب أصدقائه إلى الرحلة المرتقبة.
على نحو استمرار نهضة الدير الثقافية، والزراعية وفق إمكانياته المتاحة في الفترة الراهنة، تطل قضية "رئاسة الدير" برأسها بين فترة، وأخرى في أعقاب زيارات البابا تواضروس الثاني للرهبان، والتي بلغ عددها نحو 10 زيارات منذ مقتل "الأنبا إبيفانيوس"-الرئيس السابق للدير.
ورغم مرور خمس سنوات على حادث مقتل الأنبا إبيفانيوس، واعتقاد الرهبان في ضرورة انتخاب رئيس للدير كون ذلك مدعاة للاستقرار، ومتابعة أحوال الحياة الرهبانية عن قرب، إلا أن الراهب "برتي المقاري" يقول: "إن اختيار رئيس للدير له ظروف ثابتة، وهي قضية مهمة للدير بأكمله".
ويدير شؤون الدير حاليًا الراهب "بترونيوس المقاري" بتوافق الرهبان، حفاظًا على سير الأعمال الإدارية، والتنظيمية.
ومع ما يعتبره استقرارًا مؤقتًا للدير تحت إشراف البطريرك الحالي، لكنه يعود موضحًا: "هذا لايمنع وجود رئيس للدير من أبنائه ليصبح أقرب للرهبان".
وينفي "المقاري" طرح الأمر مؤخرًا خلال زيارة البابا تواضروس الثاني للدير، ويستطرد: "هناك نمو روحي في الدير. الزيارات والخلوة متاحين أمام الجمهور في أوقات محددة منعًا للانشغال".
وسبق أن شغل الأنبا ميخائيل موقع رئاسة الدير لمدة 25 عامًا، وغادره معترضًا على خلافات وقعت فيما بعد مرحلة وفاة الأب متى المسكين، وطالب الرهبان بإعادته خلال فترة البابا شنودة دون جدوى، وبعد وفاته، ومع استمرار المطلب عاد مجددًا لرئاسته.
ويرى المفكر القبطي "كمال زاخر" أن الأصل في إدارة الأديرة إسناد الرئاسة إلى راهب من الدير لا تزيد رتبته عن "قمص"، حتى يتسنى تغييره إذا اقتضت الحاجة لذلك، ولعل ذلك سبب تأني البابا تواضروس في هذا، واجتماعه لأكثر من مرة مع رهبان دير الأنبا مقار سعيًا للوصول إلى توافق.
وزار البابا تواضروس الثاني دير الأنبا مقار ما يزيد عن 10 مرات منذ مقتل الأنبا إبيفانيوس، لكن أولى زيارته بعد توليه رئاسة الكرسي المرقسي كانت عام 2014.
دشن رامي جروب خاص بهذه الرحلة على "واتس آب" يضم أصدقائه الذين رغبوا في زيارة الدير، قال في أول رسالة فيه:" الجمعة القادمة سنتجه لوادي النطرون.. استعدوا"