تُعكِر مزاج المصريين.. “الأوفربرايس” يضرب أسعار السجائر مجددًا

كشفت الأسعار الجديدة للسجائر التي أعلنتها الشركة الشرقية للدخان “إيسترن كومباني”، مدى سيطرة التجار على السوق وتنامي ظاهرة “الأوفربرايس ”- بيع السلع بأسعار أعلى من قيمتها الأساسية- التي تسربت من سوق السيارات، لتشمل الكثير من السلع المباعة في السوق المحلية.

أعلنت الشركة الشرقية للدخان نهاية الأسبوع الماضي، زيادة أسعار منتجاتها ليبلغ سعر علبة السجائر بوكس “10 سجائر” 20 جنيهًا بدلاً من 15 جنيهًا وكليوباترا-كينج سايز 27 جنيهًا بدلاً من 23 جنيهًا، وكليوباترا-سوفت كوين 27 جنيهًا بدلا من 24 جنيهًا، وكليوباترا بوكس 27 جنيهًا بدلا من 24 جنيهًا، وبوسطن 27 جنيهًا بدلاً من 24 جنيهًا.

ورغم تصدر قوائم الأسعار شاملة الزيادات، إلا أن الأسعار في السوق بعيدة تمامًا عن القوائم التي أعلنتها الشركة، فسجائر كليوباترا بوكس تباع ما بين 50 و55 جنيهًا بفارق يتجاوز 25 جنيهًا عن السعر الرسمي، رغم أن الشركة حددت سعر الربح في الجملة للتاجر بما يتراوح بين  50 قرش و2.5 جنيه في “القاروصة” الواحدة.

بسؤال محمود شندل صاحب كشك لبيع السجائر عن سبب البيع بالأوفربرايس، يقول:” الشركة تقول اللي عايزاه.. عندي تاجر جملة بجيب منه.. التاجر بيديني بسعر أزيد من السعر اللي قالته الشركة مرة واتنين وتلاتة.. وأنا اللي بكسبه ما يزدش عن جنيه في العلبة”.

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 18 مليون مصري يدخنون السجائر، ما يمثل 17.7% من المصريين الذين تقدر أعمارهم بـ 15 سنة فأكثر، وذلك حتى عام 2020

 

تغير شرائح تدخين السجائر

دفع ارتفاع أسعار السجائر أكثر من مرة إلى انتقال الكثير من الطبقات فوق المتوسطة للسجائر الشعبية لتقليل التكلفة، حتى اضطرت شركة “بريتيش أمريكان توباكو” إلى التخارج من السوق المحلية مع انخفاض حاد للإقبال على منتجاتها مرتفعة السعر.

يقول إسلام عبد الرحمن (عامل 40 عامًا):” يجب كتابة الأسعار على السجاير عشان نوقف البيع على المزاج.. ايه لازمة الباركود والمسح بالموبايل طالما الأسعار معلنة، يبقى تتكتب زي الصور المنفرة اللي محطوطة على العلبة ولا كتابة الأسعار عيب”.

جهاز حماية المستهلك قرر منذ يونيو 2022 تعميم منظومة الباركود “كيو أر كود” على كافة أنواع السجائر، بعد ورود الشكاوى من المواطنين بارتفاع أسعار السجائر، واحتكارها من قبل التجار والموزعين.

ويمكن مسح “كيو آر كود” على جميع الهواتف بالنظامين الأندرويد و”أو أي إس” الخاص بهواتف آبل، من معرفة الأسعار، لكن المشكلة في أن غالبية التجار يرفضون البيع بالسعر الحقيقي.

فتح الباب للسوق السوداء

يقول أحمد موسى، صاحب كشك صغير:” الشركة (يقصد الشرقية للدخان) دايمًا تهمش التاجر يعنى متعملش حساب لهامش ربح للتاجر وسايبة ربع جنيه فقط مكسب قاروصة بالكامل بعد ما كان التاجر بيكسب 2,50 جنيه في القاروصة وكان راضي وكانت ماشية ومفيش مشاكل لكن إزاى تمشى لا، لازم نوقفها ونستفاد من وراهم وخليها 25 قرش فقط في القاروصة “.

بالأرقام، يستهلك المصريون نحو 83 مليار سيجارة سنويًا، بتكلفة إجمالية قدرها 73 مليار جنيه، جنبًا إلى جنب مع 50 ألف طن معسل سنويًا بقيمة 3 مليارات جنيه، بحسب الدكتور عصام المغازي، رئيس جمعية مكافحة التدخين وأمراض الصدر.

يقول موسى صاحب “الكشك”: “واحد يدفع 269.75 جنيه في القاروصة عشان يكسب فيهم ربع جنيه ويلمهم 270 جنيه.. والتاجر لو مبعش كده ياخد غرامة تموين طب أنت لو تاجر هتعمل إيه! هتلم السجاير اللي عندك وترميها لبتوع السوق السودة هما يتصرفوا فيها يعطشوا السوق ويبيعوها زى ما يبيعوها وده اللى بيحصل دايمًا”.

يتابع موسى:” الشركات مش بتحط هامش ربح محترم للتاجر.. وده عن قصد عشان في ناس داخل المنظومة بتستنفع من السوق السودة.. ولا كأنها بتبيع ألماظ ويرجعو في الأخر يقولك أصل المشكلة مشكلة تاجر”.

في الوقت ذاته ورغم تدهور الأسعار وتزايد حالات احتكار السلع بطرق شتى، طالب جهاز حماية المستهلك المواطنين حال بيع السجائر بأسعار أعلى من معدلها الطبيعي، التقدم بشكوى رسمية له عبر الأرقام المخصصة أو الصفحة الرسمية له عبر «فيسبوك».

حملات المستهلك حملات لا تكفي

وأعلن جهاز حماية المستهلك، أكثر من مرة، شن حملات مستمرة في كافة المحافظات لضبط عملية الالتزام وعدم التلاعب في أسعار السجائر من قبل المحال التجارية وليس التجار، كما تم استهداف الأكشاك المتواجدة في الميادين العامة بمختلف المحافظات أيضًا.

لكن عبد الرحيم طه، 50 عامًا، يقول: “لتقديم الشكوى وانتظار تحرك الجهاز يكون البائع استهلك قاروصة من السجائر”.

وأضاف طه: “أطالب المستثمر الجديد اللي اشترى حصة بالشركة الشرقية للدخان بعمل أكشاك لبيع السجائر بالسعر الرسمى، وأن يتم البيع لكل عميل علبتين بحد أقصى يوميًا، وإيقاف حصة التجار”.

في سبتمبر الماضي، باعت الحكومة المصرية 30% من حصتها في الشركة الشرقية للدخان “إيسترن كومباني”، مقابل 625 مليون دولار لشركة جلوبال للاستثمار القابضة الإماراتية، في إطار خطتها لبيع أصول حكومية لتوفير عوائد دولارية تسهم في حل أزمة نقص النقد الأجنبي.

لماذا لا نكتب أسعار السجائر؟

قال إبراهيم إمبابي، رئيس شعبة الدخان في اتحاد الصناعات المصرية: “يصعب كتابة أسعار السجائر على العلب بسبب عدم استقرار أسعار الدخان والاحتياج لتغيير الأسعار كل فترة.. نظام كيو آر يفي بالغرض ويمنع تخزين التجار للسجائر وبيعها بأسعار أغلى للمستهلكين”.

وأعلنت الشركة الشرقية، أخيرًا، عن سياسات جديدة بتطوير طرق الانتشار والاعتماد على المركبات الصغيرة المناسبة لعبور الشوارع الضيقة، ما يساهم في تحسين كفاءة نظام التوزيع.

أيضًا، وعدت الشركة بالتطوير المستمر لفروع مبيعات قطاعات التسويق والمكاتب التابعة لها، وكذلك المعلومات التسويقية ونظم التحقق من البيانات بين فروع مبيعات الشركة ووكلائها في جميع أنحاء البلاد، والتي بدورها تسهم في دعم قرارات التسويق.

واقترح إمبابي خطة أخرى للتوزيع تتضمن توزيع الشركات لمحطات البنزين والأكشاك، بدلًا من بيع الكميات الأكبر لكبار التجار منعا للاحتكار، وزيادة إنتاج الشركات لكميات السجائر من أجل زيادة المعروض في الأسواق، خاصة بعد إقرار تعديلات قانون ضريبة القيمة المضافة.

ونشرت الجريدة الرسمية قبل أيام قرار موافقة الحكومة على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة للسجائر، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016، وذلك بعد موافقة مجلس النواب نهائيًا على مشروع القانون الذي يفرض زيادة جديدة في أسعار السجائر والتبغ.

وفرضت التعديلات على كل 20 سيجارة فئة الضريبة 50% من سعر بيع المستهلك النهائية بالإضافة إلى 450 قرشًا للعبوة المصنعة محليًا، والتي لا يزيد سعرها عن 31 جنيهًا، و600 قرش للعبوات التي يزيد سعرها عن 31 جنيهًا ويقل عن 45 جنيها أو المستوردة التي لا تتخطى 45 جنيهًا، و750 قرشا ضريبة على العبوات المحلية والمستوردة التي يتخطى سعرها الـ 45 جنيهًا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة