“تعبت من السجن”.. علياء عواد تطلب الحرية بعد 9سنوات من الألم

“أنا علياء عواد تم احتجازي للمرة الثانية والتحفظ عليا في إحدى جلسات يوم 23/10/2017 بالرغم من التزامي بالحضور وثقتي بالقضاء.. أعمل مصورة صحفية وأعاني صحيًا ونفسيًا هذه الفترة.. وأطالب بالإفراج عني لكي أتمتع بالحرية”؛ هكذا عرفت نفسها وصاحت مستغيثة لعدم قدرتها على تحمل السجن ووحدته.

علياء وقضية كتائب حلوان

في الساعة الواحدة من مساءً 3 سبتمبر 2014، أُلقي القبض على المصورة المصرية المُستقلة علياء عواد من منزل خالتها في محافظة الإسكندرية، بعد اقتحام منزلها بحلوان.

عُرضت على نيابة أمن الدولة في التاسعة من مساء اليوم نفسه، قبل أن يتم حبسها على ذمة القضية 4459 لسنة 2015 جنايات حلوان، والمُقيدة برقم 451 لسنة 2014 حصر أمن دولة.

اتُهمت “علياء” بالانضمام إلى جماعة مُخالفة للقانون، والتجمهر، طبقًا للبند أربعين من أمر الإحالة. كما وجه إليها اتهام بإذاعة ونشر مقطع فيديو خاص بما يسمى “كتائب حلوان”، وأقرت بأنها صورت الفيديو فعلًا، إلا أنها نفت بشكلٍ واضح أي صلة بينها وبين نشره عبر مواقع التواصل، وأصبحت بعد إدراج اسمها ضمن قائمة المتهمين، الفتاة المتهمة الوحيدة في هذه القضية.

علياء عواد (وكالات)
علياء عواد (وكالات)

ولا تتوفر أرقام مؤكدة حول عدد السجينات السياسيات، إلا أن التقديرات تشير إلى مئات السجينات. يوجد في مصر 8 سجون مخصصة للنساء لمختلف الجرائم وأكبرها سجون القناطر الخيرية وبرج العرب ودمنهور، زاد عدد من خرجوا مؤخرًا من السجناء عن 1000 فرد، بينما لم يتجاوز عدد النساء بينهم أصابعَ اليدين.

الحكم بالسجن 15 عامًا

أُحيلت القضية إلى المحكمة في 19 فبراير 2015، وفي مارس 2016 وتحديدًا في الجلسة العاشرة للمحاكمة،  أطلق رئيس محكمة جنايات القاهرة سراح “علياء” على ذمة القضية لأسباب إنسانية، باعتبارها الفتاة الوحيدة بين المتهمين.

“علياء تواجه الحبس من حوالي 9 سنين.. خرجت بس كام شهر خلال الأربع سنوات؛ الأولى على ذمة القضية حضرت فيها جنازة والدتها، وكانت بتحضر كل جلسات القضية.. وفي جلسة بعد محاولة هروب عدد من المتهمين من القضية، القاضي اتحفظ عليها واتحبست مرة تانية دون النظر لوضعها الصحي والنفسي، وإنها حضرت كل الجلسات”؛ تقول شقيقتها عبير لـ “فكر تاني”.

وفي 23 أكتوبر 2017 تم التحفظ عليها مرة أخرى داخل المحكمة أثناء حضورها إحدى جلسات القضية من قبل إحدى الجهات الأمنية، وظل مكانها غير معلوم، حتى ظهرت بعد خمسة أيام من التحفظ عليها بقسم شرطة حلوان، ونُقلت بعدها لسجن القناطر في أوائل عام 2018.

اقرأ أيضًا: كما جرت العادة.. النساء أقل حظًا فى قوائم الإفراج

وقضت محكمة جنايات القاهرة (الدائرة الأولى إرهاب) في 28 يونيو 2022، على المُصورة الصحفية بالسجن خمسة عشر عامًا حضوريًا، في اتهامها بالانضمام لجماعة إرهابية والترويج لأغراضها، وبنفس الحكم على 11 طفلًا متهمًا بالتجمهر في القضية نفسها.

تدهور حالة علياء النفسية والصحية

خرجت علياء عواد فترة قصيرة جدًا من السجن في خلال سنوات الحبس الأولى، لم يستطع فيها أهلها زيارتها مرة واحدة أثناء تواجدها في سجن القناطر، وبدلًا من أن تتعافى من آثار الحبس ومن السجن. ذهبت لدفن والدتها، وبدأت في استكمال المحاكمة وحضور الجلسات، دون متابعة وضعها الصحي الذي تدهور قبل أن يقرر القاضي التحفظ عليها ثانية.

في خطاب سابق لـ”علياء” بتاريخ 22 يناير 2018، قالت: “تم عرضي على طبيب بمستشفى حلوان العام، ومستشفى سجن القناطر مرة أخرى، وعمل تقرير طبي بأني مصابة بورم على الرحم.. أطالب زملائي من الصحفيين الوقوف إلى جانبي حتى يتم خروجي من هذه المقبرة”.

علياء عواد (وكالات)
علياء عواد (وكالات)

وتذكر شقيقتها  لـ”فكر تاني”: “علياء تعاني من أورام في الرحم وده بتسبب لها نزيف وألم شديد. عملت عملية داخل السجن، وهي إيديها متكلبشة في السرير.. هي محتاجة عناية طبية مستمرة عشان حالتها بتزداد خطورة نتيجة للإهمال الطبي.. العمليات دي دقيقة جدًا ومينفعش تتعمل إلا بمناظير دقيقة ونضيفة وإلا الواحد هيتعب أكتر”.

“عاوزة أشيل الورم بس مشيلش الرحم”.. في إحدى الجلسات وقفت “علياء” تبكي أمام القاضي، وتطلب منه العلاج وإجراء عملية استئصال الورم خارج مستشفي السجن، خاصةً وأن الأطباء في مستشفي السجن كانوا يريدوا استئصال الرحم بالكامل، وهي لا تزال في الثلاثينيات من عمرها، لم تتزوج ولم تُنجب بعد.

نُقلت “علياء” إلى المستشفى أكثر من مرة، وفي النهاية خضعت لعملية استئصال الأورام الموجودة على الرحم. بعدها ظهرت مشكلة صحية أخرى وهي مرضها بالناسور. ورغم أنها أجرت عملية لكي الناسور، إلا أنه لا يزال في حاجة لتكرار العملية بتقنيات أفضل.

تراجع الحديث عن خروج المحبوسين

في خطوة غير مسبوقة منذ تولي الرئيس السيسي حكم البلاد، قررت السلطة دعوة رموز المعارضة على إفطار الأسرة المصرية، وذلك قبل عامين تقريبًا في شهر رمضان المبارك 2022، حيث رحب الرئيس وقتها بالقيادي السياسي حمدين صباحي. وفي كلمة أعلن تفعيل دور لجنة العفو، وأبدى سعادته بإخلاء سبيل قائمة من 40 شخصًا.

وبعد هذا الحديث الذي انتظره كثيرون، بدأت لجنة العفو في ممارسة عملها والتواصل مع أهالي المحبوسين، وتحضير القوائم، التي توالت بأسماء المخلى سبيلهم والمتمتعين بالعفو الرئاسي. ورغم بطئها وقلة الأعداد، إلا أنه كانت هناك بوادر انفراجة، خلقت حالة من التفاؤل في الأوساط الحقوقية، وسار الأمر على هذا النحو فترة، ثم تراجعت الإفراجات، واختفى الحديث عن خروج باقي المحبوسين.

تحتل مصر المركز 168 في تصنيف مؤشر حرية الصحافة لعام 2022، الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود” ويقيم حالة حرية الصحافة في 180 دولة ومنطقة سنويًا.

وفي سبتمبر الماضي، أصدرت منظمة “فيمينا” الحقوقية تقريرًا نددت فيه بـ”التمييز الجندري الممنهج” في إجراءات السلطات المصرية لإطلاق سراح السجناء السياسيين وإقصاء السجينات المُدافعات عن حقوق الإنسان منها. وبحسب المنظمة، فإن خطوة الإفراج عن سجناء مُدانين بالسجن أو بأحكامٍ قضائية مختلفة، بموجب عفوٍ رئاسيّ، لم تشمل أيّة امرأة مدافعة عن حقوق الإنسان رغم كثرتهن داخل السجون المصرية.

“يوم 26 أكتوبر الحالي كانت جلسة النقض لعلياء.. واتأجلت ليوم 11/28.. أتمنى تخرجلنا بالسلامة لإنها تعبت نفسيًا جدًا”؛ تقول شقيقتها.

 

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة