جيل الأمل والسحر والأوهام

عن عمر يناهز 82 عامًا، توفي السير مايكل جامبون ممثل شخصية دمبلدور ناظر مدرسة هوجورتس لسحر في عالم هاري بوتر السحري، سادت حالة من الحزن على منصات التواصل الاجتماعي بسبب وفاته.

ويأتي هذا التعلق بشخصية دمبلدور وعالم هاري بوتر للسحر من أبناء هذا الجيل بسبب تعلقهم بالعوالم الخيالية بشكل أكبر من كل الأجيال الأخرى حيث نؤمن بالسحر والنهايات السعيدة وطاقة الحب القادرة على الانتصار في وجه كل الشرور مهما تعاظمت قواها، فيبقى الأمل وتمسكهم بالخيال.

هذا التعلق والعقل المؤمن بالخيال والعوالم السحرية والأوهام يجعل هذا الجيل الحالم أكثر عرضة للإحباط والانكسار والخزلان أمام واقعية وقسوة الحياة وبشاعة المادية الواقعية. لم تكن الحياة بجمال ما نشأنا عليه من أفلام وقصص وروايات، التي تتحدث عن الحب الذي فيه الحبيب يحارب عالم مصاصي الدماء بأكمله من اجل حبيبته في ملحمة Twilight التي تعد أيقونة هذا الجيل المعبرة عن الرومانسية.

لم تكن الحياة منصفة بالشكل الذي تكون فيه محبة الأم قادرة علي الحفاظ علي أطفالها من الموت علي أيدي الأشرار ولم نجد الناظر دمبلدور الراعي الحارث و الأب الروحي سيرس بلاك والعائلة البديلة مثل عائلة ويزلي دون الطمع في شهرة أو ثروة هاري والأصدقاء الخالدون الذين لا يرحلون ليتركونا لنشعر بالوحدة وفراغ القلب يبتلعنا، لن ينجو البطل من الأشرار بقوة المحبة مرة وراء مرة ، و هذا الهوبيت الصغير لن يكون قادر علي هزيمة أقوى قوى الشر بالصدق و الحب والصداقة و بعدم انقطاع الأمل بداخله و لن تنتظرك حبيبتك بنت ملك الجان حتي تعود من حروبك منتصرا لتتزوجوا في نهاية سلسلة lord of the ring .

بعد هذه الطاقة انطلقنا إلى العالم بكل الإيمان بالعوالم السحرية والحب والأمل فتجرعنا الخذلان والهزائم وانصدمنا بمادية الحياة حتى صرنا نخشى الأمل. هذ الأمل الذي جعل بيلا تقرر أن تتحول إلى مصاصة دماء لتكون بجوار حبيبها ادوارد مصاص الدماء بل صرنا من اليأس والخوف الذي يجعلنا عندما ننخرط في الحب لا نتذكر أفلامنا الجميلة وعوالمنا السحرية بل نتذكر الخذلان وندوب أرواحنا فنخشى الاندماج والتمادي في الحب

لم تكن الحياة مثالية معنا، ومع الوقت أدركنا أنها لم تخلق لتكون مثالية وأن خطيئتنا الكبرى هي انتظارنا أن تكون الحياة منصفة ومثالية وأنه من السذاجة أن نقع في فخ الأمل كل مرة دون النظر إلى العواقب و التبعات، وأن تشوهات روحنا نحن من صنعناها بخيالتنا و إيماننا بالعوالم السحرية الوهمية فنحن المسؤولين أمام أنفسنا علي تشوهاتنا و علينا أن نعيي حجم هذا التشوه ونتعامل معه معامله الناجين من الأمل، ومثل الناجي من تجربة الإدمان علينا بالابتعاد قدر الإمكان عن الدوائر التي تقربنا من إدماننا وأن نحترم فكرة أن نصبح على عكس طبيعتنا مرضى بالقلق والتشكك وأن نصنع آلاف النهايات الحزينة في البداية قبل أن ننظر إلى النهاية السعيدة التي يدعيها الناس من حولنا

لذا على الأقل لا تسخر من حزن هذا الجيل على وفاة السير مايكل جامبون على هذا الوهم الطفولي بداخلنا بأننا سنواجه الشر دون تدخل منه بالحماية أو النصيحة، وصدمتنا في حقيقة أننا لسنا هاري بوتر ولا نملك هرموني أو رون ويزلي ودمبلدور قد مات وأوهامنا وندوبنا وجراحنا حية لا تموت ..

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة