الإعاقة والحرب.. الحماية المفقودة

الحرب، هي أخطر حالة تواجه الإنسانية عبر التاريخ، المواجهة المباشرة مع الموت المحيط من كل الاتجاهات، الرعب المتجسد في ملامح الاطفال، والبحث عن الفرار من الخطر المجهول، المشاعر المختلطة بين الرعب على النفس والخوف على الأحباب. 

الحرب جريمة ضد الإنسانية مهما كانت المبررات، الحرب الوحيدة المفهومة هي الدفاع عن الحياة والوطن، أما الهجوم علي الشعوب، فهو همجية حتى لو تحججت بالحضارة، وشُنت بأسلحة جبانة نتجت عن علم أحمق باع نفسه للشيطان.

نتابع جميعا حاليًا الحرب على غزة، نفرح بالمقاومة المدافعة عن الحق في الحرية، وتحرير الأرض المغتصبة، ونحزن بعمق على الشهداء الأبرياء المتساقطين تحت قصف الطائرات الجبانة. 

يعاني الجميع من الحرب في البلاد المنكوبة بفلسطين واليمن وغيرها من البلاد بمناطق النزاع المسلح، لكن المعاناة تختلف كثيرًا وتتضاعف بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، فذوي الإعاقة السمعية لن يسمع صوت الانفجار، وذوي الإعاقة الحركية لن يتمكن من الهروب من القصف، وذوي الإعاقة البصرية لن يري ما يحدث حوله، معاناة خاصة تفوق التصور لكنها للأسف تحدث في الواقع، ففي التقرير الصادر عن هيومن ريت وتش عام 2018. رصد التقرير معاناة ذوي الإعاقة بمناطق النزاع المسلح، والذي وصفهم بأنهم غير مرئيين في جدول أعمال الأمن والسلام، لكنهم الأكثر عرضه للخطر اثناء النزاعات والأزمات الإنسانية، ورصد التقرير تعرض ذوي الإعاقة للاحتجاز، والموت لعدم تقديم الحماية الازمة لهم، ورصد الكثير من الوقائع باليمن وإفريقيا الوسطي.

أكدت الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة علي ضرورة توفير حماية خاصة لذوي الإعاقة بمناطق النزاع المسلح، يعني ذلك أن على الدول في مناطق النزاع المسلح. أن توفر حماية خاصة لذوي الإعاقة، ووضع اليات عملية لتوفر الدعم والحماية لهم، لكن الواقع حتى الآن يؤكد غياب تلك السياسة حتي في البلاد الأكثر تقدمًا، فقد رصد تقرير للتحالف الدولي لمنظمات الإعاقة، تعرض أكثر من ثلاث ملايين شخص من ذوي الإعاقة بأكرانيا لخطر جسيم، وعدم تمكنهم من الوصول للخدمات الإنسانية، وتعرض الكثير منهم للموت.

التقارير العديدة التي تتناول أوضاع ذوي الإعاقة بمناطق الحروب، تكشف عن واقع مفزع، عليك فقط تخيل شخص لا يرى، أو يسمع، أو حتى غير قادر على الحركة، يتعرض لقصف طائرات ويواجه الموت بلا قدرة حتي على محاولة الفرار، هذا الواقع المفزع يواجه ذوي الإعاقة في غزة، حيث تتساقط القذائف المدمرة عليهم من السماء، والأكثر قسوة أنهم غير مرئيين، مئات الآلاف من ذوي الإعاقة يتعرضوا للموت بغزة دون قدرة علي الفرار، ودون إمكانات أو مساعدات مجهزة مسبقًا لحمايتهم، يبقى فقط التضامن الإنساني هو الملاذ الوحيد، فالبشر المتعايشين مع الحروب، يقدمون كل ما لديهم لحماية الضعفاء، لكن هذا التضامن يظل عاجز في أغلب الأحوال في ظل الإمكانات المحدودة جدًا، ويتكرر الوضع المرعب باليمن، والعراق، وأوكرانيا، وكل مناطق الحروب.

الحرب، ليست فقط سببًا مباشرًا في الإعاقة، لكنها جريمة مستمرة، فالشخص الذي ينضم لذوي الإعاقة بسبب الحرب، يتعرض أكثر من غيره لصعوبة إعادة التأهيل لحياة مختلفة، كما يعاني من صدمة نفسية تحتاج لدعم نفسي نادرًا ما يتوفر. ويبقى أن نذكّر الجميع أن للأشخاص ذوي الإعاقة الحق في حماية خاصة، حماية يفرضها القانون ويفتقدها الواقع، علينا أن نلقي الضوء على غير المرئيين، وأن نضعهم في الصورة الشاملة، نعم المعاناة من الحرب تطال الجميع، لكن ذوي الإعاقة يتعرضون أكثر من غيرهم لخطر الموت، وغياب الدعم والحماية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة