أصدرت وزارة الداخلية المصرية منذ قليل، بيانًا، شددت فيه على التصدي لأية مخالفات تخل بالأمن العام، في ضوء ما يردده بعض مؤيدي أحد المرشحين المحتملين في الانتخابات الرئاسية للعام 2024. وجاء في البيان الذي نشر على الصفحة الرسمية للوزارة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “صرح مصدر أمنى بأنه في ضوء ما تلاحظ من ترديد بعض أنصار أحد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية من دعوات للقيام بأعمال مخالفة للقانون وتحركات تخل بالأمن، فإن وزارة الداخلية تؤكد أنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية بكل حسم تجاه من يخالف الضوابط القانونية الموضوعة من الهيئة الوطنية للانتخابات أو أي مخالفات تخل بالأمن العام”.
8 محبوسين بتهمة تزوير توكيلات
وتابعت الداخلية في بيان لاحق، تم ضبط 8 أشخاص بمحافظات (الإسكندرية، والجيزة، والفيوم، والسويس) أثناء قيامهم بتحرير توكيلات وصفتها بـ “المزورة” لصالح أحد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية، ووضعهم توقيعات عليها للادعاء بأنها صادرة من مكاتب الشهر العقاري. وعثرت بحوزتهم على إجمالي عدد (596 نسخة) من التوكيلات المزورة خالية البيانات، كما أمكن تحديد وضبط صاحب المطبعة التي قامت بطباعة التوكيلات “المزورة”، ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وعرضهم على النيابة العامة.
من المقصود؟
في السياق نفسه، انتشرت تكهنات حول المرشح المقصود في بيان الداخلية، خاصة وأن ما ذكر في البيان يتطابق مع دعوة المرشح الرئاسي المحتمل أحمد الطنطاوي وحملته الانتخابية، للمواطنين، بتحرير توكيلات عرفية مماثلة في صياغتها لتوكيل الشهر العقاري، للتوجه بها لاحقًا إلى الهيئة وطلب توثيقها، وجاء في منشور على الصفحة الرسمية للمرشح أنه: “بعد كل ما شهد عليه الشعب على مدار أسبوعين من عمليات قمع ومنع لراغبي تحرير التوكيلات، أدعو كل مواطن ومواطنة يرغب في توكيلي للرئاسة للانضمام لهذه الدعوة. ومن الممكن طباعة نموذج الاستمارة المعلنة ويملأ البيانات بالجزء الأعلى مع توقيعه، ويرسلها للحملة بإحدى الطرق المبينة؛ إما عن طريق اليد أو التسليم عن طريق البريد”.
“لم ندعو للفوضى”
يجيب علي أيوب، منسق الحملة الانتخابية للمرشح المحتمل الطنطاوي في محافظة أسوان، وهو أحد محامي الحملة أيضًا، بأن أي من أعضاء الحملة لم يدعو إلى فوضى منذ بداية العملية الانتخابية، وأن أي مخالفة تم رصدها تقدمت الحملة بشكوى بشأنها إلى الجهات المعنية والهيئة الوطنية للانتخابات. مؤكدًا أن كافة طلبات المرشح تتفق مع القانون والدستور وقرارات الهيئة المنظمة، وقد “سلكنا الطرق القانونية لرفع الدعاوى أمام المحكمة الإدارية العليا، فلماذا لم تتدخل وزارة الداخلية لتمكين المؤيدين لمرشحنا من تحرير التوكيلات وحمايتهم من أعمال البلطجة التي مورست بحقهم خلال الأيام الماضية. لقد تركت الساحة لهم لمنع المؤيدين من ممارسة حقهم الدستوري في الاختيار الحر لمرشحهم، بالمخالفة لقرارات الهيئة الوطنية للانتخابات”.
ويضيف: “إن ما دعت إليه إدارة الحملة هو الالتزام بالقانون وأي دعوات للتوجه لمقر الهيئة الوطنية للانتخابات غرضه تفعيل قراراتها، وإزالة أي موانع أمام المواطنين المؤيدين لترشح الطنطاوي، ولا يوجد بيننا كمؤيدين أي داع للفوضى أو التظاهر أو الإضرار بالأمن العام، وعلى العكس كان ما يحدث من بعض أجهزة الدولة خلال الأيام الماضية هو نفسه الذي يكدر الأمن والسلم العام ويضر بمصالح المواطنين”.
ويشير “أيوب” إلى أن بيان الداخلية يستهدف بشكل واضح الطنطاوي وحملته ومؤيديه، لأنه المرشح الأبرز والأكثر شعبية بين باقي المرشحين. مؤكدًا أن الدعوة لتحرير توكيلات عرفية رمزية غير مخالف للقانون، طالما استمرت محاولات منع المواطنين المؤيدين من تحرير التوكيلات وفق النموذج المعد من الهيئة المعنية؛ لذا من حقهم أن يحرروا توكيلات شعبية وفق ذات النموذج؛ كي تتمكن الحملة من وضعها أمام الهيئة لبيان تأييد المواطنين لمرشح الأمل. مختتمًا: “سنستمر في الإجراءات التي أعلنت عنها الحملة، وهي التوجه للهيئة الوطنية للانتخابات لإبلاغها بالانتهاكات وتقديم التوكيلات الشعبية.
توكيلات “الطنطاوي” شعبية وحق
جمال عيد المحامي الحقوقي يشير إلى أهمية التفريق بين “التوكيلات الشعبية” وهي أمر غير مُجرم قانونًا، وحدث في التاريخ المصري، وبين “التوكيلات المزورة”، وهو ما أبعد ما يكون عن حملة الطنطاوي، الذين يعملون بإخلاص من أجل جمع توكيلات الترشح للانتخابات
ويصف “عيد” التوكيلات التي دعا الطنطاوي وحملته لجمعها من المواطنين، بأنها توكيلات شعبية لا تمثل أي التزام قانوني، وبالتالي، وبسب عيد، كان يجب على وزارة الداخلية ألا تتدخل وتقبض على المواطنين، فهي مجرد توكيلات شعبية غرضها إظهار الدعم للطنطاوي.
كما أوضح عيد أن الطنطاوي لا يمكنه تقديمها للجنة العليا للانتخابات كمستندات رسمية، ولكنها تبقى مجرد عملية غرضها إبراز التأييد الشعبي في ظل عمليات القمع التي تلاحق الحملة.
ودعا عيد إلى تحييد دور وزارة الداخلية في العملية الانتخابية، ولا تمارس ضغوط على مرشح لصالح آخر، قائلًا:” تقرير مدى قانونية التوكيلات العبية أمر يعود للهيئة العليا للانتخابات”، وفي الوقت ذاته كان يجب على الداخلية توفير الحماية للراغبين في تحرير توكيلات للطنطاوي.
يتفق ممدوح جمال المحامي مع حديث عيد، بأن اللجنة العليا للانتخابات هي المنوط بها تحديد مدى قانونية هذه الإجراءات، وليس وزارة الداخلية، ويصف جمال بيانات الداخلية بهذا الشأن بأنها رد فعل ممنهج لمنع الطنطاوي وحملته من استكمال التوكيلات اللازمة للترشح، مضيفًا أن الدستور المصري ينص على حق المواطنين في المشاركة دون انتقاص منه.