نصر جديد للنساء يزعج إيران الثيوقراطية.. السجينة نرجس محمدي تفوز بـ”نوبل للسلام”

من خلف قضبان زنزانتها في سجن إيفين سيء السمعة قرب العاصمة الإيرانية طهران، وصلت الناشطة الصحفية الإيرانية نرجس محمدي البالغة 51 عامًا، إلى نيل جائزة نوبل للسلام، التي أعلن فوزها بها يوم الجمعة، لتؤكد بعدها ومن خلف حجب فرضت على أفكارها أنها لن تتوقف أبدا عن السعي لتحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة في بلدها.

من هي نرجس محمدي؟

عملت نرجس محمدي في مجال الصحافة، بينما بدأت نشاطها الحقوقي قبل 32 عامًا عندما كانت طالبة.

تم انتخابها رئيسة للجنة التنفيذية للمجلس الوطني للسلام في إيران، وهو هيئة تعارض الحرب وتروج لحقوق الإنسان. وفي العام 2011، نالت في جائزة “بير أنجر” التي تمنحها الحكومة السويدية لدعم العمل الإنساني والمبادرات الديمقراطية.

تُعرف “نرجس” بأنها واحدة من الشخصيات البارزة في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المرأة والدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في إيران، ورغم أنها إحدى حبيسات عتمة السجن منذ العام 2010، تحت طائلة عدة أحكام أبرزها تهمة “نشر دعاية مناهضة للدولة”، إلا أنها تمكنت من مواصلة جهودها ضد انتهاكات نظام الحكم في بلادها حتى من داخل سجنها.

تغريدة الاحتفال بفوزها

وكانت تتولى أيضا منصب المتحدث باسم مركز المدافعين عن حقوق الإنسان، المحظور من قبل إيران، وأسسته شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام 2002، والتي غادرت إيران بعد إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق، عام 2009، في انتخابات مثيرة للجدل، أدت إلى اندلاع موجة من المظاهرات الاحتجاجية في الشارع الإيراني، تصدت لها السلطات بقسوة.

نرجس محمدي هي المرأة التاسعة عشر التي تفوز بالجائزة التي تمنح منذ 122 عامًا، والثانية في إيران بعد شيرين عبادي، قالت عنها لجنة نوبل النرويجية إن فوزها سببه نضالها ضد اضطهاد المرأة في إيران وثمرة لجهود مواجهتها سياسات السلطات الإيرانية.

حبس صوتها “مستحيل”

يعيش زوج نرجس، الناشط السياسي تقي رحماني، في المنفى في باريس مع نجليهما، اللذين لم يتمكنا من رؤيتها منذ أكثر من عشرة أعوام.

رغم هذه الظروف الصعبة من سجن وتغريب عن الأهل والولد، لم تكف نرجس عن نضالها، ففي العام الماضي، بعثت برسالة من سجنها، تصف فيها تفاصيل تعرض النساء المعتقلات في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اجتاحت البلاد وقتها، للإيذاء الجسدي والنفسي والجنسي. 

كما كتبت كتابًا بعنوان “التعذيب الأبيض: مقابلات مع السجينات الإيرانيات”، وثقت فيه تجربتها و12 سجينة أخرى في السجن الانفرادي. الأمر الذي عوقبت عليه بزيادة قسوة ظروف اعتقالها، في وقت تقمع فيه السلطات الإيرانية موجة احتجاج ضخمة تفجرت بسبب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 سنة) في 16 سبتمبر من العام الماضي، بعد ثلاثة أيام من توقيفها لانتهاكها وفق شرطة الإرشاد أو الأخلاق قواعد لباس المرأة الصارمة في البلاد.

إيران تُعلق على منح الجائزة

الجائزة التي استحقتها نرجس بتعبير “نوبل” لم ترق لإيران التي عبرت عن غضبها بإدانة منحها الجائزة، واصفةً إياها بفرد أُدين بسبب انتهاكه المتكرر للقوانين وارتكاب أعمال إجرامية، معتبرة اختيارها لنوبل “منحازًا وذي دوافع سياسية”، وفقًا لبيان وزارة الخارجية الإيرانية.

31 عامًا عقوبة لطلب الحقوق

دفعت نرجس تكلفة شخصية كبيرة لجهودها في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن المرأة في إيران، التي اشتعلت العام الماضي بشعار “المرأة – الحياة – الحرية”، رمزًا لاحتجاجات قمعتها السلطة بوحشية، ليسقط نحو551 متظاهرًا قتيلًا، من بينهم 68 طفلًا و49 امرأة، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية، فضلًا عن اعتقال آلاف آخرين.

وتقضي نرجس حاليًا عقوبة السجن لمدة 31 عامًا في إيران، كما تعرضت لعقوبة الجلد 154 جلدة. 

وأخيرًا، حثت ريس-أندرسن، رئيسة لجنة نوبل النرويجية خلال الحفل، إيران على إطلاق سراح نرجس من السجن، حتى تتمكن من حضور حفل توزيع الجوائز في ديسمبر المقبل. وقالت: “إذا اتخذت السلطات الإيرانية القرار الصحيح فسوف يُطلق سراحها حتى تتمكن من الحضور لاستلام هذه الجائزة، وهو ما نأمله في المقام الأول”.

وقالت الأمم المتحدة إن الجائزة تسلط الضوء على “شجاعة وتصميم الإيرانيات وأنهن مصدر إلهام للعالم”. ودعت المنظمة إلى “إطلاق سراحها والإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين في إيران”.

هذه الجائزة وبعد أكثر من عام من الاحتجاجات التي قادتها النساء في إيران، تمثل اعترافًا صريحًا بمئات الآلاف من الإيرانيين الذين تظاهروا خلال العام الماضي ضد “سياسات القمع والتمييز التي يمارسها النظام الثيوقراطي استهدافًا للنساء”.

وقد يؤدي حصول نرجس على هذه الجائزة المرموقة إلى الاعتراف بدورها على المستوى الدولي، وهو ما أشاد به ملايين الإيرانيين إلى جانب نشطاء حقوق الإنسان في شتى أرجاء العالم، بينما لم يُرض السلطات الإيرانية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة