في لحظات معينة من التاريخ، ساد الاعتقاد بأن النساء أكثر عاطفة من الرجال واعتقد الفيكتوريون أن النساء أكثر عاطفة ويميلن إلى الهستيريا، ولكن ما جذور فهم العاطفة عبر التاريخ؟
متى ظهر مفهوم العاطفة بشكله الحديث؟
صاغ توماس براون كلمة "عاطفة" في أوائل عقد ١٨٠٠، وفي حوالي عقد ١٨٣٠ ظهر المفهوم الحديث للعاطفة لأول مرة في اللغة الإنجليزية. صنف براون " الشهية" "المشاعر" و "الشغف" تحت فئة واحدة: العاطفة. كانت كلمة "عاطفة" مستخدمة بالفعل على نطاق واسع، ولكن في محاضرات توماس براون، التي نشرت لأول مرة في عام ١٨٢٠، اتخذ المصطلح دورًا نظريًا منهجيا حديثًا في علم الدماغ The Science of Mind وكان أول كتاب علم نفس يتكلم عن العاطفة ويوضح أن العاطفة هي الاسم المستخدم لفهم كل ما تفهمه المشاعر، واللذات، والآلام.
تنظيم المشاعر والتحكم فيها يختلف باختلاف التنشئة الاجتماعية
هناك حاجة ماسة لفهم كيف تشكل التنشئة الاجتماعية السلبية والإيجابية المسارات التنموية للاتصال الوظيفي بين المناطق العصبية داخل شبكات الدماغ. وهذا يعني أنه بالنظر إلى الأدلة الأولية على أن سلوكيات الأبوة والأمومة السلبية قد تسرع من نمو اللوزة-الفص الجبهي أثناء الطفولة التي بدورها (اللوزة) تنظم الاستجابات السلوكية والفسيولوجية وبالتالي يؤدي إلى تنظيم المشاعر، وأن الأبوة والأمومة الإيجابية تدعم نمطًا مشابهًا للنمو العصبي "التكيفي" للاتصال خلال فترة المراهقة، فمن المهم تتبع كيفية ارتباط الاختلافات المعيارية في السلوكيات الإيجابية والسلبية للتنشئة الاجتماعية بالاختلافات الفردية في المؤشرات العصبية والسلوكية للعمليات المتعلقة بالإخصاب.
هناك أدلة متزايدة على أن الاختلافات المعيارية في أسلوب/جودة الأبوة مرتبطة بالاختلافات الفردية في بنية / وظيفة الشبكات العصبية المرتبطة بمعالجة المشاعر وتنظيمها للأطفال والمراهقين وأن التنشئة الأبوية تساعد على تشكيل التطور العاطفي.
فيما يتعلق بالاتصال الهيكلي للشبكات العصبية، يقترح الباحثون أن الأبوة والأمومة السلبية مرتبطة بالتغييرات في مساحات المادة البيضاء التي تربط المناطق الأمامية وتحت القشرية التي تعمل على التفاعل العاطفي للشباب وتنظيمها.
تجادل بعض النظريات، لا سيما في علم النفس، بأن بعض المشاعر، مثل الخوف والحب الأمومي، موروثة وغريزية، وهي آثار لماضي الإنسان التطوري. في حين أن البعض الآخر يتم تعلمه ثقافيًا في مرحلة الطفولة. في الآونة الأخيرة، ذهب معظم العلماء يقترحون أن أغلب المشاعر يتم تعلمها وأن الاستجابة البيولوجية هي رد فعل مدروس. هذا لا يعني أن رد الفعل الجسدي ليس حقيقيا، بل هناك وعي متزايد بمرونة الجسم المادي. تميل مثل هذه التفاهمات إلى الاعتماد على علم الأعصاب لنمو الطفل، والذي يوضح الطريقة التي تعمل بها الدماغ في السنوات القليلة الأولى من الحياة ويمكن أن يختلف بين الناس وعبر الثقافات. لقد وصلنا إلى فهم أن آلية الدماغ غير متطابقة عبر الزمان والمكان، ولكنها نتاج ثقافات. نحن نعلم أن الكثير من شكلنا البدني (الطول، متوسط الوزن، إلخ) هي نتاج وجباتنا الغذائية وأنواع النشاط البدني الذي نقوم به، وكذلك الچينات. وبالمثل، يتم تدريب الدماغ على العمل بطرق معينة تتجلى في أعماله البدنية. إن العاطفة ليست نتاجًا لا مفر منه لعلم الأحياء، لكننا نحصل على تعليم ومفهوم محدد عن العاطفة يقوم بدوره بتدريب أجسامنا على الاستجابة بطرق معينة لمحفزات معينة. نتيجة لذلك، تصبح العاطفة معتمدة "تاريخيًا وجغرافيًا" وتشكلها الثقافات التي يولدها الناس وينشئون فيها.
وعي الإنسان وأفكاره المغلوطة تؤثر على فهمه للعاطفة
هناك ارتباط بين "العاطفة" و "اللا عقل" بالنسبة للمرأة في الدراسات المنشورة. مثلًا، في مجلة علم نفس المرأة الفصلية قرأ المشاركون في الدراسة حوارًا بين شخصين يختلفان، أثناء النزاع، طُلب من المرأة والرجل أن "يهدآ". عندما طُلب من المرأة أن "تهدأ"، صنف المشاركون حجتها في الخلاف على أنها أقل عقلانية بكثير ولكن عقلانية الرجل لم تتأثر عندما يتم تصنيفهم على أنهم "عاطفيون" أو يُطلب منهم الهدوء أثناء النزاع وكتب الباحثون أن المشاركين صدقوا التقييم العاطفي عندما كان موجهًا نحو النساء، لكنهم لم يصدقوه عندما كان موجهًا نحو الرجال. على وجه التحديد، عندما تم وصف كل من النساء والرجال بالعاطفة في ظروف متطابقة، كان يُنظر إلى الشخصيات النسائية (في الخلاف) على أنها أكثر عاطفية من الشخصيات الرجالية.
الأفكار المغلوطة عن عاطفة المرأة قديمًا في علم النفس
في بريطانيا، طرح جيمس كريشتون براون طبيب نفسي وطبيب أعصاب، المؤسس المشارك للمجلة الشهيرة، برين، آلية دماغ المرأة في عام ١٨٧٩ في دراسة شهيرة تستند إلى ٤٠٠ عقل تشريح. لاحظ كريشتون براون : في البشر، كانت أدمغة الرجال أثقل في المتوسط من أدمغة النساء. من هذا المنطلق، استنتج أن حجم الكتلة الدماغية يشير (في رأيه) إلى القوة الفكرية. فإن النساء، اللواتي كان من المعروف أن لديهن عضلات أقل من الرجال، كن محرومات في قدراتهن من العقل فإن هذه العوامل المذكورة -من وجهة نظره- تبرر بوضوح الإشارة إلى النساء على أنهن "الجنس الأضعف".
وأخيرًا أرى أن الوعي الحقيقي بالأشياء -كعاطفة المرأة المقترنة باللا عقل مثلا- يتطلب "طريقة موضوعية" تتميز بالانفصال عن وجهات النظر التي اعتدنا عليها، فالتعلق أو وجهة النظر قد تتداخل مع الحقيقة العلمية التي نرغب في معرفتها وأؤمن أن لدينا طريق طويل لدحض وجهات النظر حول مفهوم العاطفة/اللا عقل المرتبط بالمرأة.