أي شخص يتابعني في الفترة الأخيرة يعلم أنني مذ تركت مصر في مارس الماضي ملأت صفحتي في أوقات مختلفة "صياحًا" بسبب المطبخ.
إلى جانب مهاراتي السيئة في الطبيخ أنا أيضًا مزاجية تلك الفترة،كأني برج "الجوزاء" مع احترامي لكل الجوزائيين. ورفضي للقوالب الجاهزة أو كما يقول الفرنجة stereotypes.
لكن على أية حال.. بسبب مزاجي المتقلب الذي يرغمني أحيانًا على مقاطعة الجميع والسعي جاهدة لإنهاء علاقتي بالبشر كلهم. فإنني بالتبعية أتوقف عن سؤال أمي وهي "أهل الخبرة" عن كيفية طبخ أكله بعينها…
بالتالي، وبعد أن أتخلى عن أهل الخبرة أجد نفسي لا اختيار أمامي سوى "يوتيوب".
ببحث صغير عن كيفية طبخ الملوخية بالأمس، ظهرت لي عشرات النتائج. بطرق لذيذة وشهية كما يصف أصحابها، وخطوات بسيطة وسريعة كما يدلل عليها آخرون.. كلها تحمل صورًا شهية بصراحة جدًا.. ربما وأتمنى ألا تقرأ أمي هذا، لكن ربما تبدو صورها أكثر شهية من تلك الوجبات التي تعدها أمي.
على أية حال. اخترت بالطبع فيديو يحمل عنوانًا بطريقة سهلة وسريعة. فأنا لا أهتم بالجودة، حين يأتي الموضوع إلى الطعام.
شاهدت الفيديو كاملًا وكتبت المكونات اللازمة لعملها "توم، ملح، كزبره، زيت نباتي، ومرقة". ثم تذكرت أن أمي لم تكن تستخدم كزبرة وأنا أحب طعمها، كما أنني كلما ذهبت للسوبر ماركت هنا في برلين، أعيد تمثيل مشهد "محمد هنيدي" في فيلم "سور الصين العظيم"، واشتري باذنجان وبطاطس وطماطم فحسب من قسم الخضراوات، وأنا أردد: "مش حبا فيكم علشان ده اللي أعرفه هنا".
المهم شاهدت الفيديو.. وحاولت أن أحفظ الخطوات وكيف تنفذ كل خطوة، ووعدت نفسي أن أركز هذه المرة و"أطبخ عدل".
دخلت إلى المطبخ، ففوجئت أنني لا أملك ملوخية أساسًا. إنما هي فقط شهيتي التي قادتني للبحث عن الملوخية لكي أحاول أن أتباهى كأي مصرية أصيلة، وأقول: "عملت شوية ملوخية تاكل صوابعك وراها". لكن هذا التحدي لم يثنيني عن هدفي في التباهي بالملوخية وإقناع الجميع أنني أصبحت أجيد الطبخ.
لذلك، ارتديت ملابسي وذهبت لأقرب متجر للتسوق. وأنا أحمل كل الوسائل التي من شأنها أن تساعدني في ترجمة أسماء الخضار لو صعب علي التعرف على الملوخية.
وقد كان…
في السوبر ماركت وقفت كالبلهاء أمام عشرات الخضراوات… تبدو كلها كالملوخية! حسنًا ليس تمامًا لكن حدثتني نفسي أنه ربما هكذا تبدو الملوخية الأوروبي!
ومن يستخدم تقنية جوجل ترانسليت للترجمة سيعرف حجم الصعوبة التي يواجهها أحيانًا إذا قرر جوجل أن "يستظرف" فكانت ترجمته للحزمة الخضراء التي اختارتها كالتالي "أوراق خضراء" !!
"مطولش عليكم"
كنت قد تعبت وأريد أن أذهب إلى البيت. لذلك قررت أن أشتري على أية حال "شبيهة الملوخية" وأعود للمنزل ثم "يحلها ألف حلال".
في البيت اكتشفت أن ما اشتريته هو "كرفس"!
وبالتالي، أعددت وجبة أندومي وأخرجت الأيس كريم من الفريزر لأقنع نفسي أنني أكلت و"هحلي" وعُدت إلى فراشي.
أعلم أن خبراء الأكل الآن سيملؤون الأرض غضبًا؛ لأن الملوخية لا تشبه الكرافس في شيء…
لكني أقول لهم…
وكذلك الانتخابات الرئاسية المصرية لا تشبه الانتخابات في شيء! وإن كانت تشبه طريقة عملي للملوخية!