أوقفت الشرطة الفرنسية، الثلاثاء، الصحفية في موقع “ديسكلوز” أريان لافريلو، وتم وضعها قيد الحجز الاحتياطي في قضية “انتهاك سر الدفاع الوطني”، تعود إلى يوليو 2022، حيث فتح وقتها تحقيق قضائي بأمر من النيابة العامة. وبحسب الوثائق التي حصل عليها “ديسكلوز“، فإن “القوات الفرنسية قد تكون ضالعة في 19 عملية قصف ضد مدنيين على الأقل بين 2016 و2018 على الحدود المصرية-الليبية”.
وصلت الشرطة إلى منزل أريان لافريلو، فجر يوم الثلاثاء، واحتجزتها بعد تفتيش ممتلكاتها. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية (ا ف ب)، أنه تم استجوابها من قبل عملاء المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI). وذلك قبل أن يُفرج عنها لاحقًا، في تدوينة للصحفية، شكرت فيها داعميها.
وثائق ديسكلوز
كتبت “لافريلو” سلسلة من المقالات المنشورة على الموقع الاستقصائي ” ديسكلوز Discluse” في نوفمبر 2021، واستندت إلى مئات الوثائق السرية المسربة، يُزعم أنها أظهرت كيف استخدمت القاهرة المعلومات المستمدة من عملية مكافحة المخابرات الفرنسية في مصر في “حملة قتل” ضد مهربين يعملون على طول الحدود الليبية، وفق صحيفة “الجارديان” البريطانية.
وصفت ديسكلوز الاعتقال بأنه “اعتداء غير مقبول على سرية المصادر الصحفية”. كما أدانت جمعية الصحفيين في تلفزيون فرنسا ومراسلون بلا حدود استهداف الصحفية. وقالت مراسلون بلا حدود: “نخشى أن تؤدي تصرفات المديرية العامة للأمن والسلامة إلى تقويض سرية المصادر”.
وقالت فيرجيني ماركيه، محامية شركة Lavrilleux and Disclosure، إنهم لم ينشروا سوى معلومات ذات أهمية عامة وأدانت الاعتقال.
وأضافت: “أشعر بالفزع والقلق إزاء تصاعد الهجمات على حرية الإعلام والتدابير القسرية المتخذة ضد الصحفية. إن هذا البحث يهدد بتقويض سرية مصادر الصحفيين بشكل خطير”.
ونقلت وسائل إعلام غربية أن الوثائق المسربة أظهرت أن المعلومات الواردة من المخابرات الفرنسية استخدمت في 19 تفجيرًا على الأقل ضد المهربين في المنطقة بين عامي 2016 و2018. وأظهرت الوثائق أيضًا أن المسؤولين داخل الحكومة الفرنسية حذروا من أن الدولة المصرية يمكن أن تستخدم المعلومات من عملية مكافحة التجسس التي تحمل الاسم الرمزي “سيرلي”، ولكن سُمح للعملية بالاستمرار.
العملية “سيرلي”
والعملية “سيرلي” هي عملية استخباراتية فرنسية تمت في مصر، بداعي “مكافحة الإرهاب”، في حين أنها كانت عملية عسكرية وقع بموجبها “قمع داخلي” بالصحراء الغربية بين عامي 2016 و2019، بحسب الوثائق التي حصلت عليها ونشرتها منظمة ديسكلوز Disclose، مستخدمة اساليب التحقيقات الصحافية الاستقصائية.
وتقدمت وزارة القوات المسلحة الفرنسية بشكوى قانونية بتهمة “انتهاك أسرار الدفاع الوطني” بعد نشر هذه الوثائق. وفتح مكتب المدعي العام في باريس تحقيقًا رسميًا في يوليو 2022، وتم تسليمه إلى المديرية العامة للأمن والسلامة، التي تقول إن المعلومات المنشورة كان من الممكن أن تحدد هوية “عميل محمي”.
كشف تحقيق Discolse أيضًا أن فرنسا التزمت الصمت تجاه تجاوزات عملية “سيرلي” لغرض أهم يتعلق بمبيعات السلاح، فجنبت دبلوماسييها مشهد العلاقات مع القاهرة، بينما تصدر المشهد وزير الدفاع حينها.
وبحسب التحقيق الاستقصائي، كان مهندس هذه الدبلوماسية السرية، وزير الدفاع في حكومة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند، ووزير الخارجية الحالي جان إيف لودريان، وأثمرت جهوده عن إبرام عقود لتوريد أربعة طرادات وفرقاطتين بحريتين، إضافة إلى طائرات رافال، بين عامي 2014 و2015، بمليارات اليوروهات.
ولفت التحقيق إلى أنه طلب من الدبلوماسيين الفرنسيين التزام الصمت بشأن “القمع الذي لا ينتهي”، – بحسب نص التحقيق- ضاربًا مثلًا باجتماع عقد في 26 مايو 2016، كان مخصصًا لبحث طلب بيع 25 ناقلة جنود مصفحة مزودة بأبراج للمدافع بقيمة 34.4 مليون يورو. حينها عارضت وزارة الخارجية طلب التصدير “خوفًا من استخدام المدرعات في القمع الداخلي”، لكن مكتب وزير الدفاع تجاهل المخاوف وأكد أن المدرعات سيتم نشرها في سيناء لمحاربة الإرهاب.