حظر النقاب.. معركة تحسمها الطالبات بالبقاء في المنزل والجدل "أزهري/سلفي"

من أيام، لم يتوقف الجدل حول "بند" غطاء الشعر بالنسبة لطالبات المدارس، والذي تضمنه قرار وزير التربية، والتعليم، والتعليم الفني بشأن "الزي الموحد"، واستدعى مؤيدون، ومعارضون لشرط عدم حجاب الوجه ذاكرة "منع النقاب بالمدارس والجامعات" إبان عام 2010، وما بعدها.

وتضمن القرار الوزاري رقم 167 الصادر عن د. رضا حجازي وزير التربية والتعليم، والتعليم الفني ما يلي" أنه بالنسبة لغطاء الشعر للبنات (اختياري)، ويشترط في الغطاء الذي تختاره الطالبة برغبتها ألا يحجب وجهها، ولا يعتد بأي نماذج أو رسوم توضيحية تعبر عن غطاء الشعر، بما يخالف ذلك، مع الالتزام باللون الذي تختاره مديرية التربية والتعليم المختصة".

ورغم تضمين القرار في مادته الأولى ما يرمي إلى "أن الزي المدرسي الموحد لجميع الطلاب والطالبات داخل المدارس يهدف إلى ترتيب، وتناغم الطلاب، وانضباطهم داخل المدارس، وتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي" إلا أن تركيزًا واسعًا انصب على ما أسماه البعض "حظر النقاب في المدارس".

"شادية صادق"-طالبة بالصف الثالث الثانوي، وتقيم بإحدى قرى جنوب الجيزة تقول لمنصة "فكر تاني": إن قرار الزي الموحد إيجابي، لكن مسألة "منع النقاب" مثيرة للجدل.

وتضيف: بعض صديقاتي يذهبن إلى المدرسة بالنقاب، وبعد هذا القرار لا أدري ماذا سيفعلن؟

تسأل صادق: هل ينقطعن عن الدراسة؟

وفي سياق تقليلها من تأثير القرار على مستوى طلاب الثانوية العامة تقول صادق:" في المرحلة النهائية بالثانوية العامة أغلبية الطلاب، والطالبات لا يذهبون إلى المدرسة، وأظن أن قرار الزي المدرسي لن يحدث أزمة بالنسبة لنا، سواء محجبات، أو منتقبات لأن اعتماد الطلاب الأساسي على الدروس الخصوصية".

وهي هنا تشير إلى أزمة أكبر ترتبط بالعملية التعليمية التي، ورغم كل المحاولات، لا تزال تعتمد على الدروس الخصوصية، بديلًا عن "المدرسة".

تضيف طالبة الثانوية العامة:" لا أظن أن هناك مشكلة لدى زميلاتي، سيبقين في المنزل مدة الدراسة".

اقرأ أيضًا: في “الفجالة”.. حتى حقيبة المدرسة القديمة مطالبة بتحمل الأسعار

ونص قرار وزير التعليم "أن يكون ولي الأمر على علم باختيار ابنته، وأن اختيارها لذلك، قدم تم بناء على رغبتها، دون ضغط، أو إجبار من أي شخص، أو جهة غير ولي الأمر، على أن يتم التحقق من علم ولي الأمر بذلك".

وتعتبر د .ثناء سيد أستاذ الصحة النفسية والتي تعمل في مجال التدريس، قرار الوزارة بتوحيد الزي المدرسي امتدادًا لما كانت عليه المدارس خلال العام الماضي.

وتقول: ليس جديدًا إلزام المدارس بـ"زي موحد" للطلاب، والطالبات حسب رؤية كل مدرسة، ولم يتغير شيء.

لكن قرار حظر النقاب على حد قولها، سيثير جدلًا واسعًا، وكان من الأفضل تجنبه.

وسبق أن منعت وزارة التربية والتعليم النقاب عام 1994 إبان فترة رئاسة "د. حسين كامل بهاء الدين" على الطالبات، المدرسات، والإداريات، وأتبع القرار بدعاوى حول دستورية القرار إلى أن قضت المحكمة الدستورية بـ"دستوريته" في مايو 1996.

ماريان سليمان، ناشطة حقوقية، ترى أن قرار وزارة التربية والتعليم انبثق عن توصيات تقدم بها نشطاء، وناشطات حقوقيات من قبل، معربة عن إعجابها بنص القرار "غطاء الشعر ليس إجباريًا".

وتقول: بعد حظر النقاب في المدارس، نرجو أن يصل الحظر إلى قطاع الصحة بين الممرضات، والطبيبات.

وتؤكد سليمان:" النقاب ليس حرية شخصية للمنتقبات، نظير تأثيره السلبي على التواصل بين الطالب والمدرس.

معارضون لقرار وزير التربية والتعليم بـ"حظر النقاب" استندوا إلى أن الحريات الشخصية لا تتجزأ، فمن يتيح للمرأة لبس ما تشاء كونه خيارًا حرًا لها، لا يمكنه استثناء "النقاب".

بينما يقول أحمد شحتة الذي يعمل مهندس ميكانيكا، ويقيم بأحد أحياء القاهرة: كنت أتصور أن يفاجئنا وزير التربية والتعليم بتطوير المناهج، وإصلاح منظومة الثانوية العامة، وإيجاد حلول لكثافات الفصول في المرحلتين الابتدائية، والإعدادية.

يكمل شحتة: "ننتظر التقدم في العملية التعليمية بعد قرار حظر النقاب!".

ويضيف "م.ع"- ولي أمر طالبة بالثانوية العامة ويقيم بإحدى قرى جنوب الجيزة-: ابنتي ترتدي النقاب بعد خطوبتها خلال إجازة العام الحالي، فكيف يمكنني إقناعها بالعدول عن هذا؟، خاصة وأن الاختيار الآن بين ذهابها إلى المدرسة كاشفة وجهها، أو بقاءها في المنزل.

ويضيف: النقاب ليس فرضًا، لكنها قناعة ابنتي، ولا أستطيع إجبارها على خلعه، وسأنتظر لحين حسم الجدل في هذا الأمر في الأسبوع الأول من بدء الدراسة، بعد أن عقب كثير من أولياء الأمور على الأمر.

وفي السابع عشر من مايو "عام 2006" أحيت وزارة التربية والتعليم قرار "حظر النقاب" بمختلف مراحل التعليم، وفق شروط لارتداء الطالبات للحجاب.

ويتطابق قرار "رضا حجازي" وزير التربية والتعليم الحالي مع ما جاء في قرار وزارة التعليم عام "2006" من ناحية "ارتداء التلميذة غطاء للشعر "لا يحجب الوجه" بناء على طلب مكتوب من ولي الأمر، وأن يكون باللون الذي تختاره المديرية التعليمية".

وفي سياق مختلف يعتبر النائب أحمد حمدي خطاب عضو الهيئة البرلمانية لحزب النور قرار حظر ارتداء النقاب مخالفًا للدستور، الذي أقر بحفظ الحرية الشخصية في مواده، بجانب مخالفته قانونًا لقرار المحكمة الإدارية العليا –دائرة توحيد المبادئ 2008- الذي نص على أن النقاب أمر مباح، وحرية شخصية لا يجوز منعه.

ويضيف: القرار أيضًا مخالفًا لكثير من الأدلة الشرعية، مشيرًا على أن النقاب على الأقل من المستحب حسب أقوال العلماء.

ويستطرد حمدي: قرار الوزير الحالي، سبقه في ذلك وزير التربية والتعليم الأسبق حسين كامل بهاء الدين منذ ثلاثين عامًا –في أوائل التسعينات-، ووقف أمامه شيخ الأزهر الشريف آنذاك "جاد الحق علي جاد الحق"، وأصدر كتابًا في هذا الشأن، مما دفعه إلى التراجع عن القرار.

ويصف "عضو الهيئة البرلمانية لحزب النور" قرار وزير التعليم في هذا التوقيت بأنه يتسبب في زعزعة الاستقرار.

لكن الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف يدعم قرار وزارة التربية التعليم بحظر النقاب داخل المؤسسات التعليمية ويصفه بـ"القرار الصائب".

وأكد كريمة في تصريحات متلفزة في عام 1997:" اتخذ السلطان قابوس، سلطان عمان الراحل، قرارًا بمنع ارتداء النقاب داخل المدارس للطالبات، والمعلمات، وكنا وقتذاك ندرس بالجامعة هناك، وتقبل الجميع القرار، مؤكدًا أن هذا القرار تأخر كثيرًا في مصر".

وينفي "أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف" فرضية النقاب شرعًا قائلًا: النقاب ليس واجبًا، ولا سنة، والواجب هو تغطية شعر المرأة.

اقرأ أيضًا: مصروفات وملابس وكتب ودروس.. بطولة في مواجهة العبء الدراسي

واشترط قرار وزارة التربية والتعليم أن يحدد مجلس إدارة المدرسة بالتنسيق مع مجلس الأمناء والآباء والمعلمين - لون الزي المدرسي المناسب لطلاب المدرسة من البنين والبنات، ويتم اعتماد القرار الصادر من مديرية التربية والتعليم المختصة، على أن يُراعى عند تغيير الزي المدرسي أن يكون في بداية كل مرحلة تعليمية، وألا تقل المدة البينية للتغيير عن ثلاث سنوات، ويترك مكان شرائه اختباريا لولي الأمر.

وتلتزم المدرسة عند تحديد المواصفات المشار إليها بعدم تمييز الزي المدرسي، من خلال اشتراط وضع تصاميم أو أشكال، أو ألوان، أو خطوط أو نقوش معقدة، أو مركبة عليه، بطريقة لا تتيح توافره في أكثر من مصدر والاكتفاء بالألوان المناسبة، مع توفير الشعار الخاص بالمدرسة؛ لتثبيته على الزي المدرسي في حالة اشتراطه من قبل المدرسة.

وتلتزم كل مدرسة بالإعلان عن الزي المدرسي المقرر على جميع الطلاب (بنين وبنات)، بشكل علني ومرئي في مكان ظاهر بالمدرسة، وعلى الموقع الرسمي، ووسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمدرسة، أو غيرها من وسائل النشر، وذلك قبل بدء العام الدراسي بشهرين على الأقل.

ولا يجوز لأي طالب أو طالبة ارتداء زي مخالف ولا يُسمح للطالب أو الطالبة بدخول المدرسة، والانتظام في الدراسة حال المخالفة، ويراعى في جميع الأحوال أن يكون مناسبا في مظهره، وأسلوب ارتدائه مع المحافظة على نظافته.

وتلتزم كل مديريات التربية والتعليم، والإدارات التعليمية التابعة لها، بتنفيذ ما جاء بهذا القرار، ومتابعة هذا التنفيذ.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة