في مقال نشرته صحيفة “مونيتور” الأمريكية، أمس الأربعاء، تناولت الصحيفة المفارقة بين رغبة البنتاجون في دعم علاقاته العسكرية مع مصر، حيث شارك حوالي 1500 من العسكريين الأمريكيين في مناورات “النجم الساطع” لهذا العام في مصر، في وقت يمارس فيه الديمقراطيون ضغوطًا كبيرة على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لحجب جزء من المعونة العسكرية لمصر، بسبب أوضاع حقوق الإنسان.
ويأتي المقال الذي أعده “جاريد زوبا” – وهو محرر عسكري سابق لدى البنتاجون، وسبق له العمل في القاهرة وبغداد ودمشق – في إطار تغطية المونيتور للمناورات التي انعقدت منذ أيام، وبدأت الولايات المتحدة ومصر تنفيذ سلسلة مناورات “النجم الساطع”، في وقت سابق من الأسبوع الماضي مع انضمام قطر والهند للمرة الأولى، وتسعى واشنطن من خلالها لتعزيز علاقات الدفاع في الشرق الأوسط.
تشمل نسخة هذا العام من التمرين الدوري المنعقد كل سنتين، والذي يعود تاريخه إلى عام 1981 بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، مشاركين ومراقبين من حوالي 34 دولة، مع مشاركة 19 دولة بقوات نشطة.
كما تشمل أيضًا حوالي 1500 من العسكريين الأمريكيين، أكثر من أي تمرين آخر أقيم منذ ثورة مصر عام 2011 وما تلاها من أحداث عام 2013، في أحدث إشارة للتوجه المزدوج لإدارة بايدن نحو الاعتماد المتجدد على القاهرة.
ونقلت الصحيفة تصريحًا للعقيد تروي غارلوك، المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، يقول إن “مناورات النجم الساطع لهذا العام تعد مظهرًا للشراكة الاستراتيجية الأمنية الهامة بين الولايات المتحدة ومصر”.
وأكدت الصحيفة تزايد عدد الأفراد الأمريكيين المشاركين بأكثر من ضعف المناورات السابقة خلال جائحة كوفيد-19 في عام 2021، وفقًا لأرقام القيادة المركزية الأمريكية. لتقترب من ضعف عددهم في إدارة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في عام 2018، التي اتخذت خطوة نادرة بعقد التمرين مرتين على التوالي بعد تعليقه من قبل إدارة الرئيس الأسبق أوباما، التي جاءت ردًا على عزل الرئيس الأسبق “محمد مرسي” عام 2013، وما تلا ذلك من فض اعتصامي رابعة والنهضة.
وألمحت الصحيفة إلى أن الدور الأمريكي المتزايد في “النجم الساطع” يأتي قبل أسابيع فقط من مواجهة إدارة بايدن الموعد النهائي الذي فرضه الكونجرس لتحديد ما إذا كانت ستحجب ما يصل إلى 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لمصر، البالغة 1.3 مليار دولار بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من قبل السلطات المصرية.
ويأتي ذلك في وقت يكثف الديمقراطيون في الكونجرس الضغط على الإدارة لحجب 25% من قيمة المعونة هذا العام، حيث تقول منظمات حقوق الإنسان “إن عفو السيسي عن السجناء السياسيين قد فاقته موجات جديدة من الاعتقالات”، بحسب ما ذكرته المونيتور.
وفي وقت سابق من شهر أغسطس الماضي، كتب مجموعة من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن: “مقابل كل سجين سياسي تم إطلاق سراحه، احتجزت مصر ثلاثة آخرين”. وقال البرلمانيون: “كما يوضح قرار الإدارة بحجب جزء من مخصصات مصر البالغة 1.3 مليار دولار لكل من العامين الماضيين، يمكن الحفاظ على العلاقة الأمنية الثنائية بشكل فعال بمستوى منخفض من المساعدة مع الحفاظ على قيمنا”.
وفي تحليلها للوضع القائم، ذكرت الصحيفة أن الوعد الذي قطعه بايدن أثناء حملته الانتخابية بقيادة سياسة خارجية قائمة على حقوق الإنسان قد ساهم في قرار إدارته بتقليص دورها في الشرق الأوسط من أجل مواجهة الصين الصاعدة. وكلفت الإدارة البنتاغون بتعزيز التعاون الدفاعي والاستخباراتي بين الدول العربية مع إسرائيل كجزء من حصن إقليمي لاحتواء إيران في غياب القوات الأمريكية الرئيسية. وبعد تدهور العلاقات إلى أدنى مستوياتها بعد تولي السيسي شئون الحكم عام 2013.
واعتمدت واشنطن بشكل متزايد في السنوات الأخيرة على النفوذ الدبلوماسي والاستخباراتي المصري لتهدئة الصراعات في ليبيا وبين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل. وفي أواخر العام الماضي، تولت القاهرة مسؤولية القيام بمهام أمنية بحرية حديثة تقوم بدوريات في البحر الأحمر. وفي الوقت نفسه، توفر مصر للبحرية الأمريكية امتياز الوصول إلى قناة السويس، ما يمكنها من الاستجابة بسرعة أكبر للأزمات في الخليج والتي يمكن أن تلحق الضرر بالاقتصاد العالمي وتزيد من تآكل العلاقات الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
واختتمت الصحيفة مقالها بالتأكيد على أن مناورات “النجم الساطع” تعد بمثابة ميدان للجيش الأمريكي لتدريب القوات المصرية على مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد وغيرها من أشكال الحرب غير النظامية والتقليدية مع عرض قدراته الخاصة للدول الأخرى، التي انضمت لأول مرة إلى التدريبات في التسعينيات.
وشاركت إسرائيل في عدد من التدريبات العسكرية مع جيرانها العرب خلال العام الماضي وسط تجدد الجهود للتطبيع من قبل إدارة بايدن، لكنها لن تشارك في حدث هذا العام. وعلى جانب آخر، أرسلت قطر قوات للمرة الأولى هذا العام، في أحدث علامة على ذوبان الجليد بين الدوحة وجيرانها في أعقاب الحصار الذي دام أربع سنوات بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين على البلاد في عام 2017، كما أرسلت الهند أكثر من 500 فرد إلى المناورات، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى جلب القوة الصاعدة في جنوب آسيا إلى تعاون اقتصادي أوثق مع دول الشرق الأوسط في محاولة لتقليص نفوذ الصين المتزايد.