ما حقيقة العاطفة “المٌعطِلة” التي توصم بها النساء؟

قد يكون من الصعب تعريف العاطفة، لكننا جميعًا نتعرف عليها عندما نستشعرها في الآخرين، فكما قال أفلاطون أحد أعظم الفلاسفة اليونانيين: “كل تعلم له أساس عاطفي”. فكرة أن العاطفة هي أسس التعلم وهي أساس الذكاء العاطفي. الذكاء العاطفي هو المصطلح الذي صاغه عالما النفس جون ماير وبيتر سالوفي، ويشير إلى قدرة الفرد على مراقبة وإدارة وتقييم عواطفه. كان هناك العديد من الباحثين الذين يعتقدون أن الأفراد يمكن أن يتعلموا ويعززوا ذكائهم العاطفي، وادعى آخرون أنها سمة فطرية يولد بها الناس، ومع ذلك فقد اتفق كلا الفريقين على أن العاطفة هي أداة أساسية ضرورية لإجراء تقييمات للعواطف في النفس وعند الآخرين.

هناك فرق بين التأثير العاطفي والتفكير واتخاذ القرار، والأجزاء المختلفة من الدماغ التي تتحكم فيها العواطف تنتج من الأجزاء المركزية في الدماغ، مثل اللوزة الدماغية، وهي تشكل ما تحت المهاد، بينما يتم التحكم في التفكير والقرارات من قبل قشرة الفص الجبهي، والعاطفة التي لا تنفصل عن التفكير هي “التعاطف”، وهو أمر يُعد في مجتمعنا أكثر تطوراً عند النساء ويساعدها على اتخاذ القرارات ويجعلها تتحكم في الانفعالات التي قد تؤثر سلبًا على القرارات والتي تنتج عن رد الفعل السريع، وهذه الاستجابات هي المسؤولة عن أجزاء الدماغ المذكورة

إقرأ أيضًا: تقاطع النظريات النسوية والعلوم المعرفية

التنشئة الاجتماعية بين الجنسين تحدث بشكل مختلف في مجتمعاتنا، لقد سمعنا جميعًا في مجتمعاتنا المقولات التي تقول إن الفتيات يجب أن يكونن “هادئات ومطيعات ومبتسمات وكل الأشياء الجميلة”، بينما “الأولاد لا يبكون” وإلا سيتم وصمهم بالضعف والخنوع. يتم تربية الأولاد ليتوافقوا مع الدور الجنسي الذكري، وتُربى الفتيات ليتوافقن مع الجنس أو الدور الأنثوي. يتوقع المجتمع مواقف وسلوكيات مختلفة من الأولاد والبنات مما يترتب عليه ردود فعل عاطفية مختلفة فالعاطفة ليست أعلى عند النساء والفرق هو في طبيعة العاطفة نتيجة التنشئة الاجتماعية المختلفة بين الذكور والإناث، فمثلًا الحنان والحزن يكون أعلى عند النساء لكن الغضب أعلى عند الرجال، ويمكن أن تؤثر هذه المشاعر على التفكير واتخاذ القرار. ولعل أكثر ما يؤثر سلبًا على التفكير الصحيح هو الغضب، ويكون هذا أعلى عند الرجال، بغض النظر عما إذا كان الاختلاف بيولوجيًا أم لا..

غالبًا ما يتم تفسير المشاعر مثل العصبية بشكل مختلف بين الجنسين.

على سبيل المثال، يوصف الرجل الذي تتقلب مشاعره أثناء حدث رياضي بأنه “متحمس لمتابعة الكورة”. لكن المرأة التي تتغير مشاعرها بسبب أي حدث، حتى لو تم استفزازها، تعتبر “غير عقلانية”

تم عمل اختبار في كلية الطب النفسي بجامعة ميريلاند على ١٤٢ رجلاً وامرأة على مدار ٧٥ يومًا لمعرفة ردود أفعال مشاعرهم اليومية، الإيجابية والسلبية على حد سواء. تم تقسيم النساء إلى أربع مجموعات: واحدة تركب الدراجة بشكل طبيعي وثلاث أخريات تستخدم أشكالًا مختلفة من وسائل منع الحمل عن طريق الفم.

اكتشف الباحثون التقلبات في العواطف بثلاث طرق مختلفة، ثم قارنوا بين الجنسين. لقد وجدوا اختلافات قليلة أو معدومة بين الرجال والمجموعات المختلفة من النساء، ما يشير إلى أن مشاعر الرجال تتقلب بنفس القدر الذي تتقلب به مشاعر النساء، على الرغم من أنه من المحتمل أن يكون ذلك لأسباب مختلفة

وأوضح الاختبار عدم وجود اختلافات ذات معنى بين مجموعات النساء، مما يوضح أن الارتفاعات والانخفاضات العاطفية ترجع إلى العديد من التأثيرات، وليس فقط الهرمونات”.

يقول الباحثون إنه تم استبعاد النساء تاريخيًا من المشاركة في الأبحاث، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الافتراض بأن تقلبات هرمون المبيض تؤدي إلى اختلافات، خاصة في العاطفة، والتي لا يمكن التحكم فيها تجريبيًا.

توفر الدراسات بشكل فريد بيانات نفسية لإظهار أن مبررات استبعاد النساء في المقام الأول (بسبب تقلبات هرمونات المبيض، وبالتالي العواطف) كانت مضللة وغير كافية لمعرفة حقيقة عاطفة النساء مقارنة بالرجال

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة