النساء الأكثر قلقا والأقل إسهاما في تغير المناخ

في استطلاع أجراه معهد السياسة العامة في كاليفورنيا يوليو الماضي، قالت حوالي 86٪ من النساء اللائي شملهن الاستطلاع، إن معالجة تغير المناخ العالمي هي مصدر قلق كبير أو واحدة من العديد من الاهتمامات الرئيسية، بينما شعر أكثر من ثلاثة أرباع الرجال بالشيء نفسه.

وهناك مجموعة متزايدة من الأبحاث تظهر أن الإناث، بشكل عام، أكثر قلقًا بشأن تأثيرات تغير المناخ من الذكور، كما أنهن أكثر استعدادًا لاتخاذ إجراءات شخصية ودعم السياسات العامة لمحاربتها.

تغير المناخ يضر بالنساء والفتيات أكثر من غيره بسبب عدم المساواة بين الجنسين والتفاوتات الطويلة الأمد والمستمرة في الوصول إلى المعلومات والتنقل وصنع القرار والموارد والتدريب.

كما يؤدي تغير المناخ إلى تكثيف معدلات العنف والتشرد والفقر التي تواجهها النساء. وبعد وقوع الكوارث المناخية، تصبح النساء والفتيات أقل قدرة على الوصول إلى الإغاثة والمساعدة ، مما يخلق حلقة مفرغة من التعرض  للكوارث في المستقبل.

النساء الأكثر قلقا وتأثرا والأقل إسهاما

ورغم أنهن الأكثر قلقا فهن الأقل إسهاما في الانبعاثات الناجمة من الغازات الدفيئة حيث تعتمد النساء أساليب حياة تنجم عنها انبعاثات من غازات الدفيئة أقل من الكميات المتأتية من أنماط حياة الرجال، وفي نفس الوقت فآثار التغير المناخي طالت النساء أكثر من الرجال، وفق مقالة لعالمة الاقتصاد الفرنسية أوريان فيغنر في صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية اليومية في مارس الماضي.

وتابعت عالمة الاقتصاد الفرنسية “مع أن الانطباع الأول هو أن التغير المناخي يؤثر على السكان جميعهم بصورة متساوية، إلا أنّ دراسات سلطت الضوء على وجود تفاوتات بين الجنسين لناحية التصرفات التي تشكل مصدراً لانبعاثات الغازات الدفيئة والآثار الناجمة عن التغير المناخي”.

واستندت “فيغنر” في مقالتها إلى دراسة سويدية تعود إلى العام 2021، لتؤكد أن “تصرفات الرجال الاستهلاكية تشكل مصدراً لمعدلات من انبعاثات غازات الدفيئة أكثر بـ16% في المتوسط من الكمية الناجمة عن تصرفات النساء”. ويعود هذا التفاوت إلى أنّ الرجال يميلون إلى استهلاك مزيد من السلع والخدمات التي تتسبب بانبعاثات كميات عالية من غازات الدفيئة، كاستهلاك الوقود مثلا.

كذلك، يلعب النظام الغذائي دوراً في تفاوت الأرقام بين النساء والرجال، إذ يتسبب “اعتماد نظام غذائي فيه كميات محدودة من اللحوم في انبعاث كميات قليلة” من غازات الدفيئة. وتوصل استطلاع أُجري عام 2021 في فرنسا إلى أنّ ثلثي الأشخاص النباتيين (67%) هم من النساء.

وأضاف المقال “نلاحظ أن المبالغ التي تنفقها النساء مرتبطة بسلع وخدمات تتسبب بانبعاثات محدودة، وتحديداً تلك المتعلقة بالرعاية والصحة والأثاث والملابس”.

 وإذا كان النوع الاجتماعي معيارا “مهما” لشرح التفاوتات لناحية كمية الانبعاثات، فإن “مستوى الدخل غالباً ما يلعب دورا أهم”، بالإضافة إلى مكان الإقامة سواء كان في المدينة أو الريف، على حد قول “فيغنر”.

النساء ومناصب صنع القرارات المناخية

حذر الخبراء والمعنيون من ضعف تمثيل النساء في القرارات المناخية، ومن ثم فإن السبيل لإيجاد الحلول الدائمة لأزمة المناخ من دون تضمين أصوات نصف سكان العالم يجعل خطط الحكومات عرضة للفشل. فضعف تمثيل النساء في صنع القرار المتعلق بالمناخ، يؤدي إلى عمليات تتجاهل احتياجاتها الخاصة وإسهاماتها الحاسمة.

وقالت إحدى المتخصصات في دراسات النوع الاجتماعي إن عدم مراعاة احتياجات المرأة في استراتيجية التخفيف والتكيف مع تغير المناخ هي أحد أوجه غياب العدالة المناخية، لذا هناك حاجة إلى العمل مع النساء ومن أجل النساء، وهو ما يعني وجود نساء في مناصب قيادية. كما أن “تغير المناخ يؤثر في النساء بشكل مختلف عن الرجال، سواء أكان ذلك في المدينة أم المناطق الريفية وكذلك المهاجرات والنساء ذوات الإعاقة”.

إدراج النساء ضمن خطط العمل الوطنية للمناخ، كانت واحدة من مواضيع النقاش في مؤتمرات الأطراف المناخية السابقة التي أكدت ضرورة أن تتبنى الدول ضمن خطط العمل الخاصة بالمناخ مسألة تمكين النساء من الأدوار القيادية، ووفقا لما ذكرته المتخصصة “آنا دورانغريتشيا”  لموقع صحيفة “اندبنديت” البريطانية: “للأسف على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الأقل، لم يلتزم سوى عدد محدود من الدول بهذه المسألة، كما أن عدداً قليلاً من الدول وضعت تدابير وتمويلاً لدعم المرأة في مجال المناخ”. وأضافت أن “هناك حاجة إلى تضمين النساء في خطة العمل الوطنية لتغير المناخ وإشراكهن كجزء من لجان اتخاذ القرار، إضافة إلى التمويل والاستثمار لدعم النساء العاملات في الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق بما يتضمنه هذا الاقتصاد من جميع القضايا المتعلقة بتغير المناخ”.

أخيرا، لا يزال ضمان تمثيل عادل للنساء على صعيد استراتيجية الأمم المتحدة للمناخ يمثل تحدياً كبيراً، ففي طاولات المفاوضات يبقى تمثيل المرأة ضعيفاً وكذلك في جميع صناديق واستثمارات المناخ بخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة