لعقود من الزمان كان الاعتقاد بأن النساء أكثر عاطفية من الرجال، أحد أكثر القوالب النمطية الجنسانية التي تشكلت في نظام من العلاقات والمعتقدات والقيم، فقد تمت قولبة السمات التي يُنظر إليها على أنها "أنثوية" أو المتعلقة بالمرأة كالعاطفة والحنان ليتم التقليل من شأنها لوصم الفتاة بأنها "ليست عقلانية"، في حين أن السمات العقلانية تعتبر "رجولية".
هل هناك تعارض بين العاطفة والعقل؟
الثقافة والأدوار الجنسانية لها تأثير أقوى على التعبير العاطفي مقارنة بالعوامل البيولوجية. وقد استنتج من الأدلة التجريبية إلى أن الفتيات يتم تكوينهن اجتماعيًا ليكونن أكثر تعبيرًا عن مشاعرهن، في حين يتم تنشئة الأولاد اجتماعيا ليكونوا غير عاطفيين وعدوانيين وموجهين نحو الإنجاز ومعتمدين على أنفسهم، في حين أن العاطفة لا تتعارض إطلاقًا مع "العقلانية" والقدرات الدماغية أو الذكاء بكل أنواعه.
نحن نرى العاطفة بشكل غير صحيح على أنها نقيض "العقلانية"، على الرغم من أن علماء الأعصاب يعرفون منذ فترة طويلة أن العاطفة هي ما تدفع التفكير الذكي، فيمكننا القول إن العاطفة دائما في حلقة العقل، العاطفة هي استجابة تكيفية، وهي جزء من العملية الحيوية للتفكير الطبيعي واتخاذ القرار. إنها إحدى أعلى مستويات التنظيم الحيوي للكائن البشري ولها تأثير هائل على الحفاظ على التكيف، وتعتبر العاطفة أمرا بالغ الأهمية للتعلم والذاكرة.
الاختلافات البيولوچية بين الجنسين من حيث القدرات العقلية
يعتبر الاختلاف بين الجنسين في الدماغ ذا أهمية كبيرة، لأنه يُعتقد أنه يكشف عن الأساس "الحقيقي" أو المحدد مسبقا بيولوجيًا للاختلافات بين سلوك الرجل والمرأة. ومع ذلك، فإن أبحاث علم الأعصاب الحالية لا تدعم هذا المفهوم.
أولًا تُعزى معظم الاختلافات بين دماغ الذكور/ الإناث إلى حجم الجسم؛ وبالتالي، فإن جميع هياكل الدماغ أكبر بنسبة 10٪ في الذكور، ولكن عند استبعاد الاختلافات الهيكلية من حيث الحجم، فإن الجنس/ النوع يفسر فقط حوالي 1٪ من التباين الكلي. الاختلافات الأخرى، مثل ارتفاع نسبة اللون الرمادي: المادة البيضاء، وكثافة الاتصال بين نصفي أدمغة النساء، وجدت أيضًا أنها ترجع إلى حجم الدماغ بدلاً من الجنس في حد ذاته.
ثانيًا، لم تكشف المقاييس الوظيفية لنشاط الدماغ عن اختلافات موثوقة في الدوائر العصبية التي تعالج المعلومات اللفظية والمكانية والعاطفية، على الرغم من أن الرجال والنساء كمجموعات يؤدون بشكل مختلف في مثل هذه المهام.
أخيرًا، من المهم أن ندرك أن بنية ووظيفة الدماغ تتأثران بالخبرة أو المرونة العصبية لذلك حتى عندما يتم تحديد الاختلافات الصغيرة، لا يمكن تحديد ما إذا كانت ناتجة عن "الطبيعة" (الجينات المتمايزة جنسيًا ومستويات الهرمونات ) أو "التنشئة". بشكل عام، تُظهر مقاييس بنية ووظيفة الدماغ تداخلًا أكبر بكثير من الاختلاف بين الذكور والإناث.
على الرغم من الضجيج الكبير، لا تفسر نتائج الدماغ الحالية أيًا من الاختلافات بين الذكور والإناث في السلوك أو الاهتمامات أو الصحة العقلية فإن أدمغتنا ليست ثابتة كذكر أو أنثى عند الولادة، ولكنها بدلا من ذلك ذات مرونة تتغير باستمرار طوال حياتنا وتتأثر بالعالم الجنساني الذي نعيش فيه
العاطفة والسلوك
تتمحور العاطفة حول ثلاثة أجزاء أساسية: الخبرات الذاتية والاستجابات الفسيولوجية والاستجابات السلوكية.
إن بعض السلوكيات الجنسية/ الجنسانية، بغض النظر عن الجنس المحدد عند الولادة، يمكن أن تحفز التغيير الهرموني (على سبيل المثال، السلوك العدواني يزيد من هرمون التستوستيرون، السلوك الأقل عدوانية يقلل من هرمون التستوستيرون). كما أن الاختلافات البيولوجية القائمة على الجنس تتأثر بالاختلافات الاجتماعية والثقافية مثل التعبير السلوكي فقد قدم علماء الأعصاب العديد من التوصيات المتعلقة بالافتراضات المعرفية وطرق البحث المستخدمة لإجراء تحقيقات علم الأعصاب المتعلقة بالجنس/ النوع التي سوف نتعرف عليها في المقالات المقبلة.