عودة الأسد إلى الأحضان رغم تركته “الثقيلة” من الدمار

على مدار اليومين الماضيين تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة جمعت بين السياسي المصري حمدين صباحي، والرئيس السوري بشار الأسد، على خلفية اجتماع الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، الذي عقد في دمشق تحت شعار “مع سوريا في وجه الحصار والعدوان والاحتلال”.

جاءت زيارة الرئيس السابق لحزب “الكرامة”، والقيادي بالحركة المدنية الديمقراطية، حمدين صباحي، إلى دمشق، في وقت تتوافق فيه الأنظمة العربية على عودة التطبيع مع النظام السوري برئاسة “الأسد”، بعد قرار الجامعة العربية إعادة سوريا إلى مقعدها بالجامعة.

وفي مايو الماضي، أقر مجلس جامعة الدول العربية عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة في إطار سلسلة من التقاربات العربية مع دمشق. ففي 19 مايو الماضي، وجهت المملكة العربية السعودية دعوة، نقلها سفيرها في عمَّان، إلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لحضور القمة العربية الـ 32 التي عُقدت في جدة، بصفته ممثلا للجمهورية العربية السورية.

وحضر الأسد بصفته ممثل عن سوريا جلسة القمة العربية، لتنفك بذلك عزلة نظام الأسد العربية دون تغيير في الظروف والأسباب التي أدت إلى تعليق عضوية سوريا في الجامعة بالمقام الأول، دون التزامات واضحة بشأن عودة اللاجئين، والكشف عن مصير المعتقلين، وحل الأزمة السورية التي تخطت العشر سنوات؛ وهي الشروط التي طالما تمسكت بها الجامعة العربية إلى جانب الدول الغربية للتطبيع مع النظام السوري.

وبدأت حالة التقارب بين الأنظمة العربية والنظام السوري مع نهاية العام 2021، إذ تكثفت التحركات العربية للتطبيع مع دمشق ومحاولة إعادتها إلى الجامعة العربية؛ حيث قام عبد الله بن زايد، وزير خارجية الإمارات، بأول زيارة لوزير خارجية عربي إلى دمشق في نوفمبر 2021. وفي مارس 2022، قام بشار الأسد بأول زيارة عربية له منذ عام 2011 إلى أبو ظبي.

وعقب زلزال 6 فبراير من العام الجاري الذي ضرب دولتي سوريا وتركيا، وخلف آلاف القتلى والجرحى، توالت الاتصالات بين رؤساء الدول العربية وبين الرئيس السوري، وهو ما ساهم في زيادة حالة التقارب التي بدأ التمهيد العام الماضي. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أجرى في أعقاب الزلزال اتصالا هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد، هو الأول له منذ توليه السلطة في 2014، أعرب خلاله عن تضامن القاهرة مع دمشق.

كما تأتي عودة التطبيع مع سوريا، بالتزامن مع عودة العلاقات السعودية الإيرانية، ومحاولة إيران لتطبيع العلاقات السياسية مع عدد من الدولة العربية التي توترت بها علاقاتها الدبلوماسية خلال السنوات الماضية.

وتأتي عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، على الرغم من عدم تقديم الأسد أية تنازلات تذكر، وفي ظل حالة الشتات التي يعيشها الشعب السوري على خلفية الحرب التي قادها الرئيس السوري ضد المعارضين حفاظًا على نظامه في 2011، وتسببت في تأزم الصراع في سوريا.

وخلفت حالة الحرب في سوريا، مقتل أكثر من ٣٠٠ ألف مدني منذ بداية الثورة عام 2011، بما يعادل 1.5٪ من الشعب، بالإضافة إلى 6.8 مليون لاجئ سوري، بحسب الأمم المتحدة.

كما أُتهم النظام السوري بإخفاء 80 ألف سوري قسريًا، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، كما تم رصد وفاة 18 ألف معتقل في سجون “الأسد” وإعدام 13 ألفا بشكل جماعي في الفترة من 2011 إلى 2015، وذلك إلى جانب تعرض الآلاف للتعذيب في السجون.

وتدعي العديد من الدول العربية بأن تطبيع العلاقات مع الأسد سيسهل من عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وذلك بالمخالفة للقانون الدولي الذي يؤكد أنه من غير القانوني ترحيل اللاجئين إلى مكان قد يتعرضون فيه للاضطهاد. وخلال الشهور الأخيرة الماضية جرى إجبار الآلاف من اللاجئين على العودة بشكل عشوائي. ويُذكر أن هناك أعداداً هائلة من العائدين قد تعرضوا لشتى أنواع الانتهاكات بما فيها التعذيب والاعتقال والاختفاء القسري والتجنيد الإجباري على أيدي النظام السوري.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة