جيل رقائق الثلج

هناك عدة مسميات لهذا الجيل  -جيلZ –  المتكون من مواليد 1997 و حتي 2012 ، الجيل الذي لم يعِ الحياة قبل الانترنت والتكنولوجيا بشكل عام، ولكننا سنذكره دائما بأنه الجيل الذي اتهمنا بالعجز و الشيب، ونحن في عز شبابنا – من وجهة نظرنا علي الاقل – فاتهمناه بدورنا بالتبجح ومارسنا عليهم هوايتنا المفضلة في التنظير وأسميناهم العديد من الأسماء، أكثرها تأدبا هو جيل رقائق الثلج، كنوع من أنواع “المعايرة” بكونهم جيل رقيق لا يتحمل ضغوط الحياة وأساليب المعيشة، وأنهم جيل هش لن يقوى على ما قوينا عليه، نحن جيل الربيع العربي والثورات، أصحاب الندبات وعلامات المعارك في أجسادنا، وأثار الأصفاد على معاصمنا،  كيف يتجرأ علينا هذا الجيل بهذا الشكل؟
نحن جيل انجازنا في في تجربتنا، وأثرها في أنفسنا وما تسببت له لنا من نضج وتطور، فتجربتنا مهما كان تأثيرها النفسي علينا وتأثيرها الجيد داخل قلوبنا ومشاعرنا، لكن على مستوي التقييم الخارجي الموضوعي فهي تجربة فشل ذريع. من وجهة نظر الجيل اللاحق هي ببساطة
تجربة شباب أضاع أهم 12 عاما من أعمارهم في معركة لانهاء فساد جزئي لنظام الحكم في مصر، من أجل الوصول لحالة أسوء اقتصاديا واجتماعيا و سياسيا، مع دفعهم أعمارهم بالقتل والسجن، بالاضافة إلى تشوههم سواء المعنوي والنفسي أوالمادي من اصابات وندوب وأطراف وعيون مفقودة.
بنظرة مجردة حيادية فنحن عبرة، حتى لمن لا يعتبر، في تجربة المواجهات غير المحسوبة المبنية على المشاعر والأفكار دون التنظيم والتخطيط الكافي. إلى جانب نظرتهم لنا بأننا جيل أرعن مغرور، بالرغم من الفشل المذل نتكلم كالطواويس و نملأ وكالات الأنباء والجرائد والمواقع بنظرياتنا وتحليلاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية كخبراء، بتبجح عجيب – من وجهة نظرهم على الأقل – وهذا في منتهى المنطق، حيث يطلق علينا “gen me” للتعبير عن احساسنا المبالغ .فيه بالذات
 يذكرني هذا بصراعنا مع جيل انتفاضة الخبز في السبعينات، الذي ظل يعاملنا دائما أننا جيل “بايظ” على حد تعبيرهم، وظل صراعنا معهم دون قبولنا للتعلم منهم أو احتواءهم، هو أفتنا الكبرى التي جعلت منا جيل سياسي يتيم أو مٌيتم بعنده واستعلاء جيل الأباء. وبالرغم من سخريتنا الدائمة من جيل السبعينات وتماهيه مع انتفاضه الخبز واستحضارها في كل حديث وكل حدث، نحن نتحول لنسخة منهم بالتفصيل، ننبذ الجيل التالي ونتعالى عليه ونمارس هوايتنا المفضلة في التنظير دون أن نحاول أن نندمج و نعترف أنهم هم الجيل القادم القادرعلى فعل كل شي. كلما نتحدث نستحضر الثورة و انجازنا الساحق منذ 12 عام و نتناسي أن دورنا في المشهد أصبح فرعا.

 فهل سيكون انتقالنا من دور البطولة و”نجم الأفيش” والشباك،  انتقال سلس ولين لدور مساعد البطل والبطل الثاني والظهور المميز وضيف الشرف، ونعي ن هذا هو مكاننا الصحيح الذي لمنا من سبقونا على عدم قيامهم بهذا الدور.

إنها سنة الحياة، ولكن إما أن نكون جيل الفرسان الداعم للأبطال الصاعدين، أو أن نظل الجيل الذي يجترالذكريات ويطحنها ويعجنها، دون أي منتج نهائي غير شعورنا الذاتي بأننا كنا في يوم من الأيام فرسان المعارك.

 انظر إلى أثار الندوب في جسدي يا ولد، قبل أن تسخر من هزيمتي.

اقرأ أيضاً: مراجعات سجين سابق.. الضحية والبطل

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة