علشان لازم تقولي “لأ”

مرحبًا عزيزتي التي تنهار يوميًا من كثرة أعبائها، أتمنى أن تكوني مثلي تبحثين عن حلول عملية لإنهاء معاناتك الدائمة مع كل شيء!

سنتعلم اليوم معًا كلمة أجمع الآباء والأمهات ضمنيًا على إزالتها من قاموس اللغة، كلمة تعتبر على مجتمع الفتيات من الموبقات المحرمات، كلمة قادرة على زيادة قوتك وتعزيز ثقتك بنفسك وتحسين نفسيتك، ما هما إلا حرفان خفيفان على اللسان ثقيلان في الميدان ويعرف بهما الشجعان. سنتعلم كيف ولماذا نقول (لا).

كثيرات منا يجدن صعوبة كبيرة في قول هذه الكلمة، حتى وإن أردن ذلك، لا يعرفن كيف يعترضن على تحميلهن أعباء زائدة في العمل، أو القيام بزيارات عائلية ثقيلة على القلب، أو يرفضن طلب أحدهم في أخذ شيء ما من أشيائهن، أو حتى يرفضن شخصًا ما للدخول في حياتهن، فتجدهن في المواقف التي تستدعي رفضًا يبادرن بـ”حاضر”، أو يؤثرن الصمت، الذي وجب تصنيفه بما يتماشى مع عاهات وتقاليد المجتمع في الجملة العقيمة “السكوت علامة الرضا!

كعادتي أعود للوراء لأحاول أن أفهم من أين وكيف بدأت المشكلة، وأفتش عميقًا عميقًا لأرى بوضوح، فأجد أننا لم نتربى على أن لنا حق الرفض أو الاعتراض على أي شيء، فمنذ صغرنا تربينا على الطاعة الكاملة، فالفتاة المهذبة يجب أن تقول “حاضر نعم”، وأن تنفذ كل ما يطلبه منها الكبار بلا أي نقاش أو اعتراض، أما كلمة لا فكانت دائمًا تقابلها صفعة مؤلمة تمنعنا من التفكير في تكرارها، إذا أردنا النجاة والخلاص والفلاح ودعوة الوالدين بالرضا والصلاح، فيجب ألّا نعترض أبدًا وأن  نقول حاضر نعم، وإلا فستلاحقنا “الشباشب” واللعنات والحرمان من المصروف والحبس في المنزل، وإلى آخره من أساليب العنف المنزلي الكارثي اللطيف.

ولأن تلك الثقافة التي تكفل لنا حق الاعتراض على ما لا نرضى لم توّرث معنا، وارتبطت الطاعة والقبول ببقاء الآخرين وحبهم، فكثيرات منا كبرن ولا يعرفن كيف يرفضن ما لا يردن، وكيف يعترضن دون الخوف من فقد الأشخاص وحبهم، فتجدها تقبل بالإهانة في العمل، تقبل بزوج لا تريده، تقبل بالاغتصاب الزوجي، تقبل بتدخل الناس في حياتها وشؤونها، تقبل بأن تقوم بأعمال غيرها بجانب عملها، تقول “نعم”  وألف “لا” تصرخ داخلها.

 فيحملها ذلك فوق طاقتها أضعافًا حتى تُستهلك روحها، وفي كل مرة تفضل الآخرين على نفسها تخسر جزءًا من شخصيتها، حتى تكاد لا تعرف نفسها إلا مهزوزة ضعيفة هشة، ويبدأ العقل الباطن ألعابه المعقدة، ويوهمها بأنها عديمة الشخصية وأنها غير قوية، يكفي – حتى تبقى بأمان وسلام وفي دائرة من الحب – أن تكون تابعًا للأشخاص وليست سيدة موقفها، لتدخل في دوامات من الضغط النفسي والإرهاق البدني وانعدام الثقة وعدم تقبل الذات، وتنتهي بالاكتئاب بدرجاته وتفاقماته.

ولأننا عزيزتي بالتأكيد متفقين على أنه ليس هناك أهم من صحتك النفسية، وأن ذلك الوقت الذي تحققين فيه أهداف أشخاص آخرين هو وقتك الذي يُهدر في غير أهدافك، وأن طاقتك التي تُستنزف في تلبية طلبات الآخرين ومحاولة إرضائهم طاقة ضائعة على غاية لا تدرك، فعليكِ أن تتعلمي أن تحبي نفسك قليلًا، وأن تنظري لها بعين العناية والمدد.

اعلمي أنه دائمًا لك الحق وكامل الحق في قبول شيء أو رفضه، فكري دائمًا واتخذي القرار دون أن تخافي من خسارة أشخاص، لأنك في المقابل تكسبين نفسك، قولي “نعم” فقط لما يرضيكي، لما يسعدك، وارفضي ما لا تقبلينه.

قولي (لأ) حتى يتضح للآخرين حدودهم في التعامل معك.

قولي (لأ) لأن لك حرية الاختيار.

قولي (لأ) كي تشعرين بقوتك وتستمدين ثقتك من داخلك.

قولي (لأ) حتى تخف ضغوطك وتتحسن نفسيتك وتركزين على تحقيق نجاحاتك.

قولي لا.. لأنك تحترمين ذاتك وتقدرين نفسك وتحمين حدودك وتقدسين وقتك، ولأن الأمان والطمأنينة يتطلبان القوة لتحقيقهما. “لازم تبقي تقولي لأ”.

اقرأ أيضاً: الانفصال.. كيف نمر بسلام من هذا الثقب الأسود؟

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة