أحمد خالد توفيق.. حقائق ضائعة بين  لغز الغرفة 207 وممر الفئران

0
189

من الوهلة الأولى كان لقائي بكتاباته عبر منصات التواصل الاجتماعي، وقبل ذلك كنت قد التقيته في مكتبة مصر العامة، لكن لم تتح لي فرصة الحديث معه، ربما لشدة إعجابي به لم أجرؤ على الاقتراب منه، وربما لكوني كنت لا أزال طالبًا جامعيًا لا أجيد فن الحوار مع  قامة وعرّاب مثله، فضَّلت النظر إليه من بعيد، كانت ملامحه بسيطة مألوفة تحس أنك تعرفه أو التقيته منذ زمن، لم يكن من محبي ربطات العنق فنادرًا ما كان يرتديها، هندامه لا يوحي أبدًا بالفخامة أو المظهرة  بل هي أقرب إلى البساطة والأناقة، إنه الأديب والروائي والدكتور والمترجم وكاتب الشباب والمقالات الصحفية أحمد خالد توفيق، لُقِّب بالعرَّاب؛ الذي يبدو أنه لم يكن يروقه فاعترض على هذا اللَّقب، فهو كما قلت بسيط في تفكيره لا يحب التفخيم ولا الإطراء عليه حد التقديس والتبجيل، اشتهر العرَّاب بأدب الرُّعب بدأت بسلسلة ما وراء الطبيعة لتليها سلسلة فانتازيا وسفاري ودبليو دبليو، يوتوبيا، إلى جانب روايات أخرى مثل رواية السنجة، ايكاروس، ورواية في ممر الفئران التي كتبها قبل وفاته بعامين. ترجمت العديد من رواياته إلى عدة لغات أجنبية.

كتاباته تلامس قلوبنا، حياتنا، تفاصيل أمورنا ومشاعرنا المتأرجحة بين  الكثير من الخوف، الارتباك، الأمل، الحب، السَّعادة، الانزعاج، الحزن أحيانًا، حتى أسلوبه من السهل الممتنع، ما أن تبدأ في قراءة الصفحة الأولى من مؤلفاته حتى  تسترسل فيها، ثم تندفع وأنت تسابق الزمن لإكمال أحداثها الشَّيقة أحيانا والمرعبة والمخيفة أحيانًا أخرى.

أعلم – عزيزي القارئ- أن الأديب أحمد خالد توفيق نار على علم، لكنني من خلال هذا المنبر أردت أن أتطرق إلى اقتباسات من معظم أعماله الأدبية علَّها توقظ فينا الوعي بحب المطالعة والاطلاع على المزيد من إبداعاته المتفردة التي تسافر بك إلى بحر الخيال والواقع معًا، هذه أهم مقولاته التي اخترتها لك من بعض رواياته.

ما وراء الطبيعة

عرض أحمد خالد توفيق أغوار الحياة الزوجية، وعن مختلف التفاهمات والاختلافات التي تعتريها، وهذا مقتبس ممَّا كتب:

دعني أقل لك إن (تشابه) الطباع لا يخلق زيجة ناجحة، (تآلفها) هو الذي يفعل ذلك، لا أفهم، حسن عندنا فيلسوف.. يقول هذا الفيلسوف إن الزواج الأمثل، هو الذي يتم بين رجل لا يحب صدر الدجاجة وامرأة لا تحب سوى صدر الدجاجة، هل تفهمني؟ لو أن كلا الزوجين يحبان صدر الدجاجة لغدت حياتهما جحيمًا.

–  أنا أحب صدر الدجاج.

–  وأنا كذلك.. هل فهمت المشكلة؟ إن طباعنا متماثلة .

 – لكن سأتنازل لك عن كل صدور الدجاج في العالم لو غدوت زوجتي!

–  على كل حال يمكن دائمًا تقسيم صدور الدجاج إلى نصفين.

مرحبًا بك في القرن الواحد والعشرين

مرحبًا بك في القرن الواحد والعشرين»، حيث الجنس الحرام مجاني والحلال مكلف جدًا. حيث وصول البيتزا أسرع من وصول الإسعاف والأمن. حيث فقدان الهاتف أكثر ألمًا من فقدان الكرامة، والملابس تحدد قيمة الشخص، مرحبًا بك في هذا العصر الأسود، حيث أصبح الكذب موضة والخيانة ذكاء والفقر عيب.

حكاية الغرفة 207

وعن سحر وجمال وجاذبية الأنثى قال:

كانت فضولية.. لا أحد ينكر ذلك. بالنسبة لي  كنت أعرف هذا لكني كنت أقبله.. ثمة نقاط ضعف وقوة تحتشد معًا لتصنع ذلك الكائن الغامض المدعو الأنثى، وبالنسبة لي كنت أقبل هذه العيوب كما أقبل المزايا.. هذا الاختلاف قد يزيدها سحرا في الواقع..إنها ليست أنت ولا زميلك ولا بن عمك.. هذا ساحر في حد ذاته.

وعن الحياة وصروفها وتقلباتها كتب أيضًا:

الحياة لا تدلِّلنا ولا تقف بانتظار أوامرنا وأوهى رغباتنا.. هذا يحدث في المطاعم  الفاخرة، حيث يتم معاملتك كزبون، بينما الحياة لا تعتبرك زبونًا يجب إرضاؤك في كل الأوقات.. إن لم يرق لك المطعم يمكنك أن ترحل ولسوف يأتي غيرك فورًا. وما نعطلكش بأه.

في ممر الفئران

لم تغب عن بال كاتبنا مواضيع الحرية وقمعها والظلم والاستبداد ومختلف المشاكل التي تعانيها المجتمعات من جهل وتحقير وإذلال ممنهج، وهذا مقتبس مما كتب:

من العسير أن نمارس حريتنا وهناك من يحسب كل خطوة نقوم بها ألعوبة قذرة أو نوعًا من الوقاحة السافلة الدنيئة.. الشعور المزمن بالذنب دون أن أقترف ذنبًا!

إذن هي تجربة فريدة صُنف فيها مؤلفنا كأول كاتب رعب عربي، عالج فيها مختلف المواضيع بأسلوبه الخاص والشيق الذي تراوح بين الخيال، الرعب، الحقيقة، والحقيقة المرعبة أحيانًا، استأثر من خلالها بقلوب قرائه في كل أقطار الوطن العربي، على أن للكاتب روايات ومؤلفات أخرى خاصة بقصص التشويق والشباب  -لا يتسع المجال لذكرها- تستدعي منَّا الوقوف عليها من باب التثقف والقراءة  والمطالعة أو من باب النقد والإثراء.

المقالة السابقةالتغيرات المناخية والاقتصاد الأخضر وأثرهما على مظاهر الحياة المختلفة
المقالة القادمةبعد إضرابهم عن العمل.. موظفو بي بي سي مصر يطالبون بربط أجورهم بالدولار

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا