في اليوم الثاني للأسبوع الثالث للحوار الوطني، عقد المحور الاقتصادي اجتماعات لجنتى أولويات الاستثمارات العامة وملكية وإدارة أصول الدولة وتمويل الاستثمار العام ودعم الزراعة والائتمان والديون. وحضر اللجنتين عدد من الخبراء والشخصيات العامة وممثلي الأحزاب.
أولويات الاستثمارات العامة وملكية وإدارة أصول الدولة:
قال الدكتور محمود سامى، المقرر المساعد للجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة، إن محور الاستثمارات العامة من المحاور المهمة التى بذلت فيها الدولة مجهودات كبيرة، حيث ضخت الكثير من الاستثمارات العامة خلال السنوات الماضية.
وأضاف «سامى» أن الحكومة عقدت العديد من المؤتمرات الاقتصادية المهمة خلال الفترة الماضية، بحيث يحوز الاستثمار الخاص على أغلبية الاستثمار الكلى، منوها بأنه تم التركيز خلال الجلسة على دور الصندوق السيادى ووثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأوضح أحمد جلال، منسق الحوار الاقتصادى، وزير المالية الأسبق، أن الجلسة شديدة الأهمية لأن أولويات الاستثمار العام تكون بمبالغ كبيرة جدًا وتكلفتها مرتفعة، خاصة فى دولة مواردها محدودة، متسائلًا: «هل الدولة تؤدى دورها المطلوب فى الاقتصاد أم لا؟».
وأضاف «جلال»: «ليس من الضروى أن ما يسمح فى الحالات أو الظروف التى مررنا بها بعد 2013 يصلح خلال الفترة المقبلة، فمن الأهمية إعادة النظر فى دور الدولة فى الاقتصاد، لأن هناك بعض الأمور تتطلب دخولها، وهناك بعض الأمور تترك للقطاع الخاص»، لافتًا إلى أهمية إعادة النظر فى وثيقة ملكية الدولة، خاصة أن القائمين عليها متقبلون لذلك.
من جانبه، أشار الدكتور منير فخرى عبدالنور، الخبير الاقتصادى، وزير التجارة والصناعة والسياحة الأسبق، إلى أن تخارج الدولة من بعض قطاعات الاقتصاد جزء من السياسة المعلنة للحكومة، وفقا لوثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأضاف «عبدالنور» أن الوثيقة حددت آليات تخارج الدولة من النشاط الاقتصادى سواءً بشكل كلى أو جزئى لتشجيع القطاع الخاص، والتى تختلف بدورها من قطاع اقتصادى لآخر، ومن أصل عام مملوك للدولة إلى آخر، كما تختلف كذلك بحسب الهدف من مشاركة القطاع الخاص فى ملكية الأصول العامة.
ونوه «عبدالنور» بأن تأخر التخارج سينعكس على تصنيف الاقتصاد المصرى، وحال النزول فى التصنيف سيؤثر ذلك على حجم الاستثمارات، ومن ثم يجب سرعة التخارج وفقا لما تم إعلانه بالوثيقة التى استعرضت آليات تخارج الدولة من النشاط الاقتصادى، سواءً بشكل كلى أو جزئى لتشجيع القطاع الخاص، والتى تختلف بدورها من قطاع اقتصادى لآخر، ومن أصل عام مملوك للدولة إلى آخر، كما تختلف كذلك بحسب الهدف من مشاركة القطاع الخاص فى ملكية الأصول العامة.
ولفت «عبدالنور» إلى أنه إذا تأخر التخارج أكثر من ذلك وأكثر مما هو متفق عليه فى شهر يونيو، سينعكس بالفعل على تصنيف الاقتصاد القومى.
من جهته قال إسلام عبد المجيد ممثل حزب العيش والحرية- تحت التأسيس- أحد مكونات الحركة المدنية، أنه بالرغم من أهمية الاستثمار في البنية التحتية والمدن الجديدة، نرى أن التوسع في الاستثمار في هذه القطاعات على حساب الاستثمار في التعليم والصحة بما يسهم في رفع قيمة العمل النوعية يعتبر أحد أهم أسباب الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأضاف، بخاصة أن الحكومة اعتمدت على القروض الدولية بغرض تمويل الاستثمارات في البنية التحتية مما أسهم مباشرة في ارتفاع الدين الخارجي لحدود خطرة وما انتج عن ذلك من آثار أبرزها تخفيض قيمة الجنية أكثر من مرة بشكل أدى لارتفاع معدلات التضخم وهو ما كان ذي كلفة اجتماعية فادحة.
وتابع ممثل العيش والحرية، لقد نهش التضخم وارتفاع الأسعار أجساد الغالبية العظمي من المصريين في الوقت الذي مازالت الدولة عاجزة أن إجراء اصلاح ضريبي شامل يحقق العدالة الضريبة ولهذا يجب أن تتحمل الطغمة المالية، التي ساهمت بقوة في صناعة الأزمة الاقتصادية، بل وتعاظمت أرباحها في شروطها، مسؤوليتها تجاه أغلبية المجتمع وأن تدفع نصيبها العادل من الضرائب.
وتابع، نرى أن وثيقة سياسات ملكية الدولة تدشن موجه ثانية من الخصخصة تتخارج فيها الدولة من الأنشطة الخدمية والمرفقية وهو ما يعتبر منعطفا في علاقة الدولة بمنظومة الاقتصاد يعكس وجه آخر من أوجه الأزمة الإقتصادية. وإذ نشجع على تحسين شروط المنافسة الاقتصادية وتعديل قانون تعاقدات الدولة بما يحد من التعاقدات المباشرة ونظام الممارسة المحددوة إلا أننا في نفس الوقت نرفض اختزال الأزمة في تنامي اقتصاد الجيش بل نراه عرض من أعراض الأزمة لا سببا مباشرا لها.
وأختتم قائلاً نؤمن بضرورة تنوع اشكال ملكية المشروعات الرأسمالية بما فيها ملكية القطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية، كما نرى ضرورة في إعادة هيكلة المشروعات المملوكة للدولة وتمكين العمال من المساهمة النشطة في إدارتها وتملك حصص فيها
مؤكدا على أن الديمقراطية الاقتصادية هي السبيل لسيطرة المجتمع على منظومة الاقتصاد وإخضاعها للأولويات الاجتماعية. منوهاً إلى قلق عمال بعض الشركات في قطاع النقل البحري المعروضة للبيع او طرح جزء من حصصها في البورصة، مثل شركة الرباط وأنوار السفن وشركة بورسعيد من مستقبلهم في تلك الشركات وغيرها. ومطالبا الحكومة بضمان أمنهم الوظيفي وحقوقهم المالية.
وفي السياق ذاته أوصى الدكتور محمد عطا الله ممثل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي؛ بأن تظل الدولة دوماً هي المٌنظم والمُراقب والمُصحح كلما لزم الأمر لخطة التنمية الإقتصادية لأن الرقابة أحياناً تكون أكثر أهمية من الملكية. وعلى دورية القياس لمؤشر الإنجاز KPI للإطار التنفيذي لعدم التقليل من قيمة الوثيقة المطروحة ومدي جدية الدولة نحو تنفيذ سياستها بما يضمن تحقيق المُستهدف منها في الوقت المحدد.
بالإضافة إلى :"إعادة النظر في أولويات المشروعات القومية القائمة والمُزمع القيام بها وتحديد جدواها الإقتصادية والإجتماعية بما يتماشي مع توجه الدولة نحو تقليل الفجوة التمويلية ويُعطي الفرصة لمزيد من الدعم التمويلي لقطاعات أخرى، وضرورة تطبيق مبادئ العدالة الجغرافية دون تمييز في توزيع خطة التنمية الإقتصادية مما يساهم في تعزيز متوسط نصيب الفرد من إجمالي الإستثمارات العامة بشكل عادل نسبياً، وتوسيع دور صندوق مصر السيادي من مُرتب للصفقات الي مُهيكل للأصول المًعطله و التوسع في عدد الصناديق الفرعية له".
واختتم عطالله بأنه يجب أن يتبنى الإطار التنفيذي لسياسة ملكية الدولة منظومة المتابعة والتقييم وقياس الأثر الكلي في التطبيق ونؤكد علي أهمية حصر مطالب واحتياجات القطاع الخاص لتعزيز تواجده في القطاعات التي سيتم التخارج منها حيث أن وثيقة ملكية الدولة ليست رؤية للتنمية فقط و لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة لتحقيق نمواً مُستداماً لهذا الوطن .
واقترح النائب فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إعادة النظر فى المنظومة الضريبية كاملة، موضحا أن تخفيف الأعباء الضريبية يسهم فى زيادة الحصيلة، وتدعيم مناخ الاستثمار بمنظومة جديدة موحدة بمفهومها الواسع.
كما اقترح «الفقى» بإعادة النظر فى صياغة استراتيجية إدارة الدين العام، ما يجعل الدين العام أكثر استدامة، منوها بأن هناك وحدة لإدارة ووضع استراتيجية لإدارة الدين العام موجودة منذ ٢٠١٨ لـ ٢٠٢٢، وحان الوقت لإعادة صياغتها، وطالب كذلك بإعادة النظر فى منظومة الخبز والسلع التموينية، لافتا إلى أن الأزمة العالمية ألقت بتداعياتها السلبية على مصر.
وشهدت اللجنة مناقشات موسعة بشأن إنشاء مجلس وطنى اقتصادى بيئى، يكون مجلسا له صفة الإلزام أو يكون استشاريا لمجلسى «الشيوخ والنواب».
فيما تساءل الدكتور ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطنى، عن ماهية المجلس المقترح وكيفية إنشائه، قائلا: «عايز أعرف بس كمواطن عادى بيقبض وبيصرف المجلس ده هيبقى دوره إيه وإيه حدود صلاحياته وهل مقترح إنه يبقى تابع لرئاسة الجمهورية فهيبقى رئيسه يوازى رئيس الحكومة ولا لأ، خاصة أن المجلس ده لم ينص عليه الدستور؟».
وتابع رشوان: «الأفكار تحتاج لتفكيك عشان نقدر نفهم بعض بشكل كبير وكمان يبقى تفسيرها واضح وآلية عملها ملموسة».
الزراعة والأمن الغذائي:
قال النائب هشام الحصري مقرر لجنة الزراعة في الحوار الوطني، إن الزراعة هي الأساس لتوفير الأمن الغذائي، وإن الدولة احتاطت لذلك قبل وقوع الأزمة الروسية الأوكرانية، موضحا أن القطاع الزراعي من أفضل القطاعات التي يمكن الاعتماد عليها في الاقتصاد.
كما أضاف مقرر لجنة الزراعة، خلال كلمته في جلسة لجنة الزراعة، أن العاملين في الزراعة يمثلون 25 % من الموجودين بسوق العمل، كما أن الرئيس اهتم بمشروعات أدت إلى نهوض القطاع الزراعي منها مشروعات قومية اشتملت ملايين الأفدنة.
وأوصى الحصري بإعادة هيكلة الوزارات وتعديل القوانين الزراعية والاهتمام بالعنصر البشري وإعداده للنهوض بالقطاع الزراعي وتنميته، كما يجب التعاون بين الوزارات كافة فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية خاصة التي تمس الأمن الغذائي، بالإضافة إلى ذلك التركيز على الزراعة الخضراء والنظيفة وفقا لتوصيات مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، بجانب توفير قروض بفوائد تسهل وتشجع الاستثمار الزراعي.
من جهته قال جوده عبدد الخالق عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، إن دستور ٢٠١٤ أولى القطاع الزراعي أهمية كبيرر من خلال المادتين، المادة ٢٩ التى تنص علي ان الزراعة هي عمود الاقتصاد القومي و ان تلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وتنمية الريف ورفع حياة سكانه وتنمية الثروة الحيوانية وان تقوم بشراء الحاضلات الزراعية بسعر مناسب وحماية الثروة السمكية. بالاضافة إلى المادة ٧٩ التى أعطت حقوق للدولة على المواطنين بتوفير غذاء صحي أمن. ولكن بالرغم من تلك الاستحقاقات الدستورية التي ترجم بعضها في سياسات وقوانين ولكن الجزء الأكبر غاب تنفيذها علي أرض الواقع.
وأوضح عبدالخالق، أن التنمية الزراعية هامة للغاية، والحكومة تلزم الفلاح بتوريد كميات من الحاصلات ولكن ليس بسعر عادل. وأضاف أنه لابد من ترجمة الاستحقاقات الدستورية في سياسات وقوانين فعالة، خاصة أن الزراعة المصرية تتعرض لمخاطر جمة؛ و لابد من العمل على تعديل المسار وتحديد أولويات الدولة برفع شعار الأمن الغذائي والأمن المائي كركيزة أساسية للتنمية الزراعية.
وأوضح عبدالخالق، أن تنمية القطاع الزراعي من خلال عدة محاور تتمثل في زيادة نصيب القطاع الزراعى من الاستثمارات العامة للدولة، خاصة أن حجم الاستثمارات حاليا لا يتناسب مع أهمية هذا القطاع، وإعادة العمل بترتيب الحاصلات الزراعية وفقا للدورة الزراعية، حيث أن الوضع الزراعي الحالي أدى الى فوضى كبيرة وأجهد القدرات الزراعية للارض، والعمل على تصحيح الخلل الذي أصاب قطاعات الانتاج الزراعي.
وأشار إلى أهمية العودة إلى تقديم خدمة الارشاد الزراعي التى اختفت حاليا، و استعادة قدرات مراكز البحوث الزراعية في استنباط سلالات زراعية جديدة تتحمل الظروف المناخية.
وطالب عبد الخالق، الحكومة بوقف العمل بالتوريد الإجباري للمحاصيل الزراعية، الذي عاد مرة أخرى حيث ظهر في إلزام الفلاحيين بتوريد الأرز هذا العام، مشددا على اهمية ان تستبدل بسياسة تعمل على تحفيز الفلاحين على التوريد، مضيفا بضرورة جعل "عيد الفلاح" عيدا قوميا، حيث يمر كأنه لم يكن، كما طالب بتنفيذ التعداد الزراعي، حيث كان أخر تعداد في ٢٠١٠ حتى يكون لدينا خريطة كاملة حول وضع القطاع الزراعي.
في السياق قدم محمد شيخون أمين حزب العدل بمحافظة أسيوط، ممثل الحزب بالجلسة، عددا من التوصيات الخاصة لتحقيق الأمن الغذائي، وتقليل الفجوة الغذائية، تتمثل في:"العودة إلى نظام الدورة الزراعية القديم والتوسع الرأسي -زراعة الصوب، الاستفادة القصوى مما لدينا من أراضي وموارد لزراعتها وتعديل أنظمة الري من الغمر إلى الرش والتنقيط، والاستفادة من الأماكن الصحراوية للزراعة على أمطار الساحل الشمالي وسيناء، وضرورة الاهتمام بالعامل الزراعي، وتأهيله، وتوفير حماية اجتماعية وتأمينية وصحية".
بالإضافة إلى :"الاستفادة القصوى من ثروات البحيرات المصرية على سبيل المثال بحيرة ناصر، والاستفادة من طمي النيل بها وتعبئته واستخدامه في تسميد التربةالزراعية في الصعيد والدلتا ونقله عن طريق النقل النهري، وكذلك التعاقد مع شركات صيد عالمية متخصصة لتطوير إنتاج البحيرة من الأسماك، وكذلك شركات متخصصة في صيد التماسيح من البحيرة للاستفادةبأسعارها الدولية، وكذلك توفير كمية الأسماك التي تتغذي عليها التماسيح، وهي كميات كبيرة مع مراعاه اشتراطات الأمن القومي في هذه التعاقدات".
كما أوصى:" بالاستعانة بشركات الاستثمار الزراعي، وتعميم وتشجيع الزراعات التعاقديه المسبقة.
7- رفع أسعار المحاصيل الاستراتيجية، للتشجيع علي زراعتها والتوسع في الاستصلاح الزراعي وتشجيعه.
9- توفير التمويل اللازم لكل ما سبق ذكره بعودة بنك التنمية والائتمان الزراعي إلى دوره الائتماني التنموي، وعدم جنوحه إلى طابع البنوك التجاريه الاستثمارية. وعودة الدور الفعال للتعاونيات بتشريع متكامل وفعال. والتوسع في استيراد السلالات الحيوانية المدرة للألبان واللحوم وتهجينها مع السالالت البلدية".