دائمًا ما تدفع النساء ثمن الحروب والنزاعات والانقسامات التي تحدث للشعوب، دائما تتعرض لكافة أشكال العنف من ضرب واعتداء واغتصاب، فهن دائمًا الدافعات لثمن الهيمنة الذكورية الطاغية وهذا القهر المتوارث جيلًا بعد جيل، ويرجع ذاك لعدم محاسبة أي جاني في تلك الحوادث التي ترتكب ضدهن.
تلقي الحرب الجارية حاليًا في السودان بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية خطرها على حياة المدنيين وعلى حياة الأطفال والنساء اللاتي يخاطرن بالخروج من المنزل لتلبية احتياجات أسرهن وبالتالي يتعرضن للكثير من المخاطر، وهذا يرجع إلى أن الأطفال والنساء هما أكثر شريحتين هشاشة داخل المجتمع فتمتد معاناتهما في الحياة اليومية إلى فترات النزاعات والصراعات، فتتعرض النساء إلى اعتداءات جنسية والعديد من الممارسات العنيفة، كالضرب والاعتداء والحرمان من الحقوق، وقد تأتي هذه الممارسات على عدة مستويات من عنف منزلي، أو عنف تمارسه السلطات التشريعية بقوانين غير عادلة، أو بتجاهل العنف الواقع عليهن.
فلذلك نرفض جميعًا نساء العرب بل نساء العالم تلك الانتهاكات، نرفض أن تكون أجساد النساء والطفلات طرقات للعنف ومساحات لتصفيات سياسية، فالاغتصاب من أشرس وأبشع جرائم نظام دارفور من السابق إلى ما يحدث اليوم في الخرطوم، سواء داخل معسكرات النزوح أو داخل المعتقلات أو الاعتصامات والاحتجاجات.
وبرغم كل ذلك نجد منذ البداية أن النساء السودانيات كسرن حاجز الصمت جراء كافة الجرائم الخاصة بالعنف الجنسي الممارس ضدهن التي ارتكبت كأحد أدوات تصفية الحسابات والخلافات السياسية القائمة هناك، حيث نجد في الفترة الأخيرة ارتفاع هذه الممارسات سواء اغتصاب الطفلات أو الفتيات والنساء دون رحمة، ورغم كل هذا ظللن صامدات مناضلات.
ورغم أننا نجد أن ممارسات السلطات لهذا النوع من العنف هو محاولة لكسر النساء بالكامل وكسر إرادتهن، ما زالت النساء في السودان يواصلن حراكهن مثلما فعلوا من قبل في حراكهن للحصول على حقوقهن التي سلبت منهن لعقود زمنية طويلة، والتي كانت تطالب بتحقيق العدالة وضمان عقوبات لكل مرتكبي ومسؤلي العنف القائم على النوع الاجتماعي، فنساء السودان نساء قادرات متبنيات دائمًا لرحلة التغيير للنمط الذكوري والسلطوي التي تقوم عليه أغلب السلطات الأبوية.
أجد أن ممارسات العنف ضد النساء السودانيات تزداد يومًا بعد يوم منذ القدم وذلك يرجع إلي أن غالبية نساء جنوب السودان تزوجن في عمر أقل من ١٨ سنة وهذا خطر جدًا على جسدها لضعف جسدها وعدم نضوجه واكتمال جسدها لتقبل مرحلة الزواج، وهناك نساء يتعرضن للاغتصاب والاعتداء الجسدي والجنسي تحت تهديد السلاح لضمان عدم المقاومة ويهددن بالقتل إذا تم الإبلاغ عما حدث.
تتعرض الأطفال والنساء في السودان إلى أبشع صور الاعتداءات بأشكال وطرق مختلفة، فبينهن من تعرضت للاغتصاب حتى الوفاة، ومن تحمل أولادًا من عمليات الاغتصاب هذه، بخلاف هجر وتجاهل تام من قبل الأزواج والأسر لهؤلاء النساء بسبب ما حدث لهن، فتظل حالة الوصم تحاوطهن من كل جانب.
الانفلات الأمني في منطقة جنوب السودان من قبل السلطات بسبب فساد وسوء إدارة النخبة السياسية منذ السابق في محاولات تحقيق الإصلاح الشامل بقطاعات الأمن، سبب رئيسي في خلق هذه الأزمات والانتهاكات التي تدمر النساء في هذا البلد وحتى الوصول بها للنزاعات القائمة، والتي أدخلوا بها النساء كجزء من النزاع كالعادة في المجتمعات التي تستغل النساء بها أسوأ استغلال لتحقيق أعلى مكاسب لهم.
• على الحكومة وعلى طرفي النزاع أن يضعوا حدًا للانفلاتات الأمنية، وضرورة محاكمة كافة المسؤليين عن تلك الانتهاكات التي حدثت لنساء السودان جراء هذه الحرب التي لا تأتي إلا بثمار الخيبة والحسرة على جميع الأطراف.
• عمل مبادرات تتصدى لأي عنف جنسي في أي مرحلة من مراحل النزاع، واتخاذ كافة الإجراءات لوقف جميع الاعتداءات الجنسية والتسديد ضد النساء والأطفال.
• ضرورة توفير بيوت ومناطق آمنة ورعاية صحية وملابس وخدمات متكاملة وتوفير الدعم المادي للمبادرات السودانية في تحقيق الأمان المطلق لكافة النساء من قبل المؤسسات والهيئات الدولية التي ترعى قضايا النساء المعنفات وخاصة في دول مناطق النزاع والصراع.